24-11-2024 12:51 PM بتوقيت القدس المحتلة

"مفتى أستراليا "يطرح أدوات للتعامل مع مشكلة الفيلم المسىء

أن فى الوجدان الإنسانى مناطق ذات حساسية خاصة تثير الإنسان وتغضبه إذا مسها الآخرون بنقد أو تجريح

قدم الدكتور إبراهيم أبو محمد، المتعارف عليه بأنه "المفتى العام للقارة الأسترالية"، عدة مقترحات بآليات جديدة للتعامل مع الأزمات بعد الفليم المسيء، موضحا أن فى الوجدان الإنسانى مناطق ذات حساسية خاصة تثير الإنسان وتغضبه إذا مسها الآخرون بنقد أو تجريح، مضيفاً أن غضب الإنسان وثورته يزداد إذا انتهكت، لأنها تمثل له هو على الأقل محميات طبيعية لا يجوز اقتحامها أو العدوان عليها ولو بمجرد النقد حتى لو كانت باطلة فى نظر الآخرين.


الدكتور إبراهيم أبو محمدوأشار مفتى أستراليا، فى بيان أصدره الثلاثاء، إلى مكانة المقدس وما له عند الإنسان من قيمة فى مقدمة ما تحتويه هذه المناطق الوجدانية الخطرة، مشدداً على أنه وخلال السنوات الأخيرة سلطت على المسلمين كل مثيرات الاستفزاز والغضب بداية من كتاب تافه أراد به صاحبه أن يروج له، وأن ينال به شهرة عالمية وهو كتاب آيات شيطانية، ثم تجهيز الساحة لاحتلال العراق وما صاحبه من مآس وفضائح سبقت الاحتلال وتسببت فى قتل ما يقرب من مليون طفل ضحايا الحصار القاتل نتيجة نقص الحليب والغذاء والدواء، بالإضافة لإذلال العرب والمسلمين بعملية النفط مقابل الغذاء، ومرورا بفضيحة سجن أبو غريب ثم استعمال المواد المشعة والفوسفور المخضب، ثم الفيلم الكرتونى المسيء ثم حرق المصحف والتبول على جثث القتلى فى أفغانستان، وأخيرا هذا الفيلم الساقط الذى لا ينتمى لا للفن ولا للأدب.  وأكد أبو محمد أن تراكم الإساءات ربما يفسر لنا انتشار حالة الغضب الإسلامى التى عمت كل البلاد، بينما كشفت ردود أفعالنا مناطق الضعف والإثارة لدينا، وقدمت لهم الوسائل لإثارة الغضب المبرر ولكنه كان غير محسوب بدقة.


ولفت مفتى استراليا، إلى أن عشوائية الردود عادة تحول الأنظار من الفعل المجَرَّمِ أصلا إلى النتائج والآثار وتحور القضية الأساسية لتصبح مناقشة المبالغة فى غضب المسلمين كلما تعرضت مقدساتهم لنقد يصدر من مجتمعات حرة تفتح الأبواب على مصراعيها لنقد كل شيئ عندهم حتى المقدس، ثم إنهم فى واقع الأمر لا مقدس لديهم، وكل شىء يمكن أن يخضع للتجريح والنقد، أما مصطلح حرية التعبير عندهم فهو مطاط وفضفاض ولا يخضع إلا لمعايير المصلحة باعتبارها وحدها القيمة السيادية وكل القيم بعدها قيم تابعة بما فيها العدالة والحرية وحقوق الإنسان. وتابع المفتى، إن خريطة الوعى بدأت تتغير وظهر مع هذا التغيير أن عناصر الضغط لم تعد حكرا على طرف واحد، بل أضحى الضغط متبادل وحجم الخسائر يمكن أن يكون موجعا حتى للطرف الأقوى فى المعادلة.


وأوضح مفتى أستراليا أن أفضل الردود تتمثل فى مجموعة من الخطوات هى.. أولاً: أن نؤمن أولا أن مثل هذه الأمور تشكل أزمة تحتاج إلى مهارة فى إدارتها ومن ثم لابد على مستوى مؤسسات المجتمع المدنى من تكوين هيئات متخصصة لإدارة مثل هذه الأزمات لأن الرد الذى ينتج عن ذلك بالقطع سيكون موجعا لأنه ناتج عن عمل مؤسسى وظف القوة الناعمة فى المجتمع لخدمة قضاياه وفى نفس الوقت أعفى حكومته من حرج الملام السياسى ومارس عملية ضغط المصالح بلغة يستوعبها الطرف المسيء جيدا.
ثانيا: التعبير عن الرأى فى شكل التظاهر الحضارى بعيد عن الصخب والفوضى وتدمير الممتلكات العامة أو التعرض بالأذى لبعض الأشخاص ولو كانوا ممن أساءوا.


ثالثا: الارتفاع بوعى الشارع وضبط إيقاع حركته عند الإثارة والانتقال من الهياج العاطفى فى التظاهر إلى الخبرات القانونية للاستفادة بها فى جرجرة المتسببين إلى المحاكم وتطبيق العقوبات القانونية عليهم.
رابعاً: هنالك أيضاً أساليب أخرى تتم على المستوى الاقتصادى للشركات الخاصة يمكن أن تكون موجعة ومؤلمة ومؤثرة فى تهديد مصالح الآخرين، وذلك نوع من العقاب العرفى على المستوى الشعبى لا يحرج الحكومة ولا يجعلها تتحمل مسؤولياته بل ربما يكون وسيلة لتبرير مواقفها تجاه رفض الإساءة بشدة.
خامساً: التفوق العلمى للمسلم والأداء الحضارى المتميز وانضباط السلوك الأخلاقى وفق المعايير الاسلامية هو من خير الوسائل فى الرد على الإساءة، ومن خير الرسائل أيضا التى يمكن أن يبعث بها المسلم للطرف الآخر.