08-11-2024 05:31 PM بتوقيت القدس المحتلة

حزب الله شـريك في الزيـارة البابـوية «ولو كـره المعارضـون»

حزب الله شـريك في الزيـارة البابـوية «ولو كـره المعارضـون»

عندما قرّر حزب الله إطلاق تحرّكه المندّد بالإساءة الأميركية ـ الإسرائيلية للنبي محمد،أخذ في الحسبان أن زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر قد انتهت،وأن قوى وشخصيات لبنانية معه أو ضده ستقدّر ذلك.

نبيل هيثم 


السيد نصر الله عندما قرّر حزب الله إطلاق تحرّكه المندّد بالإساءة الأميركية ـ الإسرائيلية للنبي محمد، أخذ في الحسبان أن زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر قد انتهت، وأن قوى وشخصيات لبنانية معه أو ضده ستقدّر مراعاة الحزب للزيارة والحرص على إنجاحها، حتى لو كان حجم الإساءة كبيرا ولا يمكن الســكوت عنه.وبرغم هذا الحرص الذي تبلّغته بكركي ودوائرها، فإن «فريق 14 آذار» أصرّ على الربط بين إطلاق تحرّك «حزب الله» ومحاولة التشويش على نتائج زيارة البابا، برغم حرص الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله على جعل موقف الحزب جزءا من موقف إسلامي ـ مسيحي موحّد في رفض الإساءة للمقدسات.
وقطعا للطريق على كل ما يمكن أن يقوم به الأميركيون في خانة «الإشغال» عن القضية الأساس، قرّر «حزب الله» ألا يُستدرج الى سجال مع أحد في الداخل، وأن يتجاهل بعض الأصوات التي ارتفعت في الداخل بالتزامن مع مسيرة «الضاحية» أو قبلها أو بعدها، سواء عن سوء نيّة من قبل من يصفهم الحزب بـ«المتأمركين»، أو عن حسن نية من قِبَل بعض المتسرّعين الذين لم يحسنوا قراءة ما تعنيه قضية بمستوى استهداف المقدسات، أو من قبل بعض من يوصفون ايضا بـ«العالقين في زواريب السياسة الداخلية... فكان أن صوَّبوا عشوائيا على الحزب باتهامه بمحاولة إخماد وهج الزيارة البابوية».القضية في نظر «حزب الله»، «هي حرب مفتوحة» حدّد نصرالله خطوطها الحمراء بوصفها «معركة لا يمكن التسامح فيها او العبور عنها»... ولعل الإجراءات الاحترازية التي اتخذت في محيط السفارتين الاميركية والفرنسية، ليست سوى الدليل على أن الرسالة ـ

التحذير من «تداعيات خطيرة جدا جدا» قد وصلت الى الاميركيين والفرنسيين ومن يعنيهم الأمر.أفصحت «مسيرة الضاحية» عن مجموعة رسائل يلخّصها قيادي بارز في «حزب الله» على الشكل الآتي:

اولا، أظهرت المسيرة تكاملاً بين قيادتي «حزب الله» و«أمل» وقدرة على التحشيد في أقل من 24 ساعة، في مقابل جهوزية شعبية للتجاوب مع نداء التظاهر والالتزام بسلميّة المسيرة من دون أن تشوبها شائبة، وهذا ما يعتبره القيادي في «حزب الله» مظهرا من مظهر القوة «في مواجهة المسيئين وليس في وجه الشريك المسلم والمسيحي».

ثانيا، قدّم «السيد» في خطابه وحدة الموقف السني الشيعي على ما عداها بتأكيده أن الاساءة للرسول لا تعني فئة بعينها من المسلمين وأنه مع عنوان «كرامة الرسول» تصبح وحدة المسلمين واجبة.

ثالثا، أبرز «السيد» في خطابه وحدة الموقف الاسلامي ـ المسيحي من خلال تأكيده على التعايش والتكامل والتآلف بين المسلمين والمسيحيين أمام عدو يكيد لهما ويستهدفهما شعبا وقضايا ومقدسات وحرمات ويشكّل خطرا وجوديا عليهما، وتحت هذا العنوان الوطني الجامع جاءت الدعوة الى تمتين أواصر الالتقاء في ما بين هذه الاطراف المستهدفة بدءًا من لبنان وعلى امتداد كل الشرق.

رابعا، إن دعوة «السيد» الى تحصين التعايش الإسلامي ـ الإسلامي والاسلامي ـ المسيحي كانت منسجمة ومتقاطعة مع روحية ومواقف ومناخات زيارة الحبر الأعظم للبنان، لا بل أنها جاءت مكمّلة لموقف «حزب الله» الحريص على وجود المسيحيين ودورهم وتفاعلهم الحضاري ليس في لبنان فحسب بل في كل المنطقة.

خامسا، ليس خافيا على أحد أن «حزب الله» أعطى زيارة البابا أبعادها كاملة من خلال تفاعله معها ومشاركته الجماهيرية والقيادية وخاصة في لقاء بعبدا وقداس الواجهة البحرية. وليس خافيا على أحد أيضا أنه كان في إمكان «حزب الله» أن يقوم باطلاق تحركات غاضبة خلال وجود البابا، الا أنه أصرّ على التصرّف بلياقة مع الحبر الأعظم وحرص على أن تأخذ زيارته كل مداها من الاهتمام والتفاعل والمتابعة، ومارس ضبط النفس أمام قضية الإساءة المستفِزّة، وتجنّب أية خطوة يمكن أن تسرق من زيارة البابا حتى بعض وهجها الإعلامي، وانتظر الى ما بعد إقلاع طائرة البابا من مطار بيروت، ليطلّ «السيد» من بعدها مطلقا التحرّك ضد الاساءة.

سادسا، انتهت مسيرة الضاحية كما بدأت بكل هدوء وقدمت مشهدا حضاريا للاحتجاج لم يسبق أن شهدته عاصمة عربية واسلامية، وبرغم ذلك، قرر البعض في «فريق 14 آذار» أن يوجّه سهامه اليها.

سابعا: ثمة سؤال برسم المنتقدين: لقد برزت قضية الفيلم المسيء الى النبي محمد عشية زيارة البابا الى لبنان، هل هي مصادفة، وألا يُحتمل أن يكون الهدف من تظهير الفيلم المنجز منذ شهور في هذا الوقت هو التشويش على الزيارة البابوية و«الإرشاد الرسولي الى مسيحيي الشرق» واذا صحَّ أن التظهير يستهدف الزيارة، من قام به ومن تولّى البث في بعض العواصم العربية عبر الشاشات الصغيرة، قبل تعميمه بـ«اليوتيوب».


موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه