يفتخر الأكاديمي الحاصل على خمس شهادات دكتوراه في القانون والسياسة بأنه لم يكن ممن التحق بالثورة في خواتيمها، بل أنه سبقها في معارضته للعهد السابق. ويستطرد في الحديث عن وصول الاخوان للرئاسة
أصعب المقابلات هي تلك التي تُجرى مع دبلوماسيين، حيث للكلمة ألف وجه ووجه، واعتبارات لا تخرج عن حسابات المصالح وميزان العلاقات الدولية.
عبد الله الأشعل، واحد من أبرز الدبلوماسيين والأكاديميين السياسيين والقانونيين في القاهرة، ترشح للانتخابات الرئاسية المصرية عام2011، وقد عمل قبل ذلك كسفير ومساعد لوزير خارجية مصر في العهد السابق. أستاذ قانون دولي في الجامعة الأميركية ومفكر إسلامي، كما يُعد من خبراء الإستراتيجية البارزين المتخصصين في القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي.
الاعتبارات حاضرة في مواقف الأشعل، منها ما هو متعلق بالدبلوماسية التي يتقنها، وأخرى تتحكم فيها حسابات لم تكن بعيدة عن طموحاته حتى الأمس القريب. فالمرشح السابق للرئاسة المصرية، يقر بأنه سيعيد الكرة في أي دورة مقبلة.
يفتخر الأكاديمي الحاصل على خمس شهادات دكتوراه في القانون والسياسة بأنه لم يكن ممن التحق بالثورة في خواتيمها، بل أنه سبقها في معارضته للعهد السابق. ويستطرد في الحديث عن وصول الاخوان إلى سدة الرئاسة في مصر، متوقفاً حول ما يُثار عن مسألة إلغاء أو تعديل ما يُسمى باتفاقية السلام بين الجانبين المصري والصهيوني والمعروفة بـ "اتفاقية كامب ديفيد". العلاقات المصرية –الايرانية يفندها، تماماً كما يوضح الموقف الأميركي من تولي الاخوان زمام السلطة في البلاد. وفي حديثه حصة لما تشهده سورية، أما الأزمة البحرينية.. فيتناولها الأشعل ليعيد إلى ذهن محاوره صورته كدبلوماسي أولاً وأخيراً.
في لقاء خاص مع الموقع الالكتروني لقناة المنار، يُسهب الدكتور عبد الله الأشعل في الكلام عن وصول محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة، التابع لجماعة الاخوان المسلمين إلى سدة الرئاسة في مصر. ويشرح حجم تمثيل منافسيه على الساحة المصرية، مقراً بأن أياً من المرشحين للرئاسة لم يقدم برنامجاً انتخابياً، بل أن ضخ الأموال لعب دوره في تجيير الأصوات لصالح المرشحين إضافة إلى عوامل أخرى.
حمدين صباحي، رجل مهووس بتجربة وبشخص الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر ويحاول أن يستنسخها، بهذا الايجاز يصف الأشعل المرشح الذي حل في المرتبة الثالثة بحسب نتائج الانتخابات. يقدم صبّاحي نفسه على أنه قومي، وهو ما ساهم في صب أصوات القوميين في رصيده، كما نجح في كسب أصوات الليبراليين والمناهضين لوصول الاسلاميين للحكم.
أحمد شفيق، هو رجل المجلس العسكري ومرشحه، حملته الانتخابية مولتها السعودية، تماماً كما موّلت هي وغيرها حملات المرشحين الآخرين. يقول الدبلوماسي المصري إن المجلس العسكري حاول أن يأتي بشفيق بكل السُبل طمعاً في إجهاض الثورة.
محمد مرسي، الشخصية الأبرز لا لكونه بات الرئيس وحسب بل لأنه مرشح عن جماعة لها امتداد شعبي واسع في الساحة المصرية. يُقّر الدكتور عبد الله الأشعل أن الحملة الانتخابية للاخوان مُوِّلت بشكل رئيسي من قبل قطر، وهو ما ازعج السعودية القلقة أصلاً من صعود نجم الاخوان في المنطقة. ورغم ذلك، فقد قدمت المملكة العربية السعودية مساعدات مالية لحملة مرسي.
"وصول التيار الاسلامي إلى سدة الرئاسة لا يعني تسلم الإسلاميين زمام الحكم" حسبما يعتبر، ويوضح أن الشارع المصري تحكمه إنقسامات سياسية وحالة من العداء بين التيارات الموجودة.
"التيار الإسلامي يخوض أول اختبار له في هذا المجال"، ما يعني فقدان الخبرة. والتجربة المصرية –بحسب رأيه- إن نجحت فستنجح معها التجارب الأخرى، وإن فشلت فستعيد المنطقة إلى عصور سحيقة، مقراً بوجود تعقيدات وتحديات كبرى داخلياً وخارجياً.
وفيما يدعو إلى التريث في الحكم على الاخوان، يعتبر أن "مرسي لا يتصرف بذهنية وطنية -حتى الآن- بل بذهنية زعيم إخواني"، وأن المشروع في مصر لا ينبغي أن يكون إسلامياً بل وطنياً يتصدى للتحديات الداخلية ويحقق انجازات على هذا الصعيد.
كامب ديفيد.. بين التعديل والإلغاء
وعما يُثار حول ما يُسمى بـ "إتفاقية السلام" بين مصر و"إسرائيل"، فللأشعل رأي في هذا المجال.
يجزم السياسي المصري أن "المزاج الشعبي في مصر معادٍ لإسرائيل.. وكرِهها أكثر بعد حكم مبارك والانبطاح الرسمي الكامل أمامها. هو يرفض أي علاقات معها". وعن الاخوان يُذكّر بأن الجماعة كانت ممن حارب عصابات الصهاينة عام 1948، وبالنقيب في الجيش المصري أحمد عبد العزيز، المحسوب على الاخوان، والذي عمل على تجهيز وتدريب فدائيين فلسطينيين.
ويقرّ الأشعل بوجود تناقض وجودي بين المصريين والصهاينة، مشيراً إلى أن الاخوان المسلمين في مصر لا يصرحون عن حقيقة مواقفهم من العلاقات مع الكيان الصهيوني، نظراً لما يتعرضون له من ضغوطات خانقة ولكونهم لم يتمكنوا من تدعيم حكمهم حتى الآن.
وفيما يتعلق ببنود الاتفاقية، يعتبر أن فيها ما هو لصالح مصر، وبرأيه فإن ما ينبغي فعله هو تعديل الشق الأمني وبعض الملحقات المرفقة بالاتفاقية.
يقول إن الصهاينة أيضاً يطالبون بإجراء تعديلات على الاتفاقية، بغية استحصال توقيع الرئيس المصري محمد مرسي على اتفاقية معدلة بين الطرفين. فالاسرائيليون برأيه يجدون أن توقيع مرسي على هكذا اتفاقية هو بحد ذاته مكسب، وهو ما يرفضه مرسي، الذي يعمل على تعديل بعض البنود عملياً.. لافتاً بذلك إلى دخول الدبابات المصرية سيناء عقب الأحداث الأخيرة، وهو ما يتعارض مع الاتفاقية.
الاطاحة برموز العسكري: "توافق إرادات"
يرفض د. عبدالله الأشعل وصف إقالة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان بأنها صفقة جرت بين الاخوان والأميركيين، مصوباً أن هناك ما يمكن وصفه بالقبول أو الرضى الأميركي بهذه الخطوة، مصححاً أن ما جرى عبارة عن "توافق إرادات" بين مرسي والأميركيين تحاشياً للاصطدام مع رغبات الاخوان وسعياً لاسترضائهم، نظراً للنفوذ الشعبي الذي يتمتعون به.
"الانقلاب الأبيض" كما يصح وصفه جاء خدمة للصالح العام المصري. ويتابع الأشعل موضحاً أن المجلس العسكري لم يكن سوى ورقة نفوذ أميركية في مصر، وعلى صلة وثيقة بجهاز الموساد الاسرائيلي، لهذا فإن المساس به كان خطاً أحمراً إلا أن تبدلت الظروف. ولم يكن من الممكن لعناصر القوات المسلحة أن تصل إلى مراكز القرار فيه، لأنها كانت حكراً على شخصيات معينة.
وبحسب الأشعل فإن العسكري عمل جاهداً على إجهاض الثورة، إلى أن جاءت أحداث سيناء لتساهم في الإطاحة برموزه بعد ما تبين من تقصير، فلم يحدث ذلك اي ضجة.
وحول تبرير الرضى الأميركي، يعلل الدبلوماسي المصري أن الولايات المتحدة أدركت عجزها عن الوقوف بوجه الاخوان بما يملكون من قاعدة شعبية، فقررت اسناد السلطة لهم. "أميركا تريد للإسلاميين أن يصلوا إلى السلطة حتى ينبذهم الشارع نفسه، لأن الاسلاميين سيكونوا عاجزين عن مواجهة التحديات وإيجاد حلول ومخارج للأزمات الداخلية، هذا عدا عن العراقيل التي ستضعها أميركا في طريقهم."
كيف ينظر الأشعل إلى ما تشهده سورية من أحداث؟ وماذا عن مواقف مرسي من النظام السوري؟ الأزمة البحرينية كيف يقاربها؟ ولماذا يعتبر أن اقتحام السفارة الأميركية في القاهرة ورفع أعلام القاعدة، استنكاراً للفيلم المسيء للرسول الأكرم (ص)، فيلم من إخراج أميركي؟
أسئلة سيجيب عنها د. عبد الله الأشعل في الجزء الثاني من المقابلة التي أجراها معه الموقع الالكتروني لقناة المنار.
لقراءة المقابلة باللغة الإنكليزية إضغط هنا