هلا ساوت حكومة تصريف الأعمال اللبنانيين العالقين في ساحل العاج بمحمد زهير الصديق الذي وضعت تحت تصرفه الطائرات الكبيرة للتنقل بين بيروت والرياض وماربيا وباريس؟..
كتب نضال حمادة
لا تزال مأساة اللبنانيين في دولة ساحل العاج دون حل لحد الآن، وكأن الانتماء إلى دولة الطوائف غير المسؤولة هو قدر أي لبناني يقع في أزمة جراء الاغتراب الكبير في أنحاء العالم بحثا عن لقمة عيش كريمة، وعن أموال طالما كانت الرافد الأساس للدخل العام اللبناني من العملات الصعبة بعد توقف عجلة الإنتاج، وتحكم عصابات النهب في مفاصل الدولة اللبنانية طيلة العقد الماضي، وتدخل صندوق النقد الدولي عبر باريس-1 وباريس-2 التي ملأت جيوب من سعى إليها ووقعها في عمليات نهب منظمة دون رقيب أو حسيب ظهرت بعض علاماتها في مبلغ الـ 11 مليار دولار المفقود في حسابات حكومات السنيورة الحريرية منذ العام 2005.
في ساحل العاج جالية لبنانية متواضعة من حيث العدد، ومهمة من حيث النفوذ والتواجد خصوصا في المجال الاقتصادي الذي يعمل به اللبنانيون، والذي يقر أهل البلد بفضل هؤلاء على بلدهم الذي تدور عجلته الاقتصادية بفضل التواجد اللبناني لا غير.
وفي ساحل العاج أيضاً تواجد إسرائيلي قوي ليس بجديد، ولكنه خفي يتخذ من الشركات الغربية، وخصوصاً الفرنسية منها غطاء له.
غير أن الجديد في الوجود الإسرائيلي في هذا البلد هو التواجد السياسي والبشري عبر العلاقة الوطيدة التي تربط الرئيس الجديد الموالي للغرب، الحسن وتارا، مع اليهود في إسرائيل وفي أوروبا.
واتارا متزوج من يهودية، وتقول مصادر فرنسية إنه عند ترشحه للانتخابات الرئاسية في ساحل العاج أبلغ اللوبي الإسرائيلي في فرنسا عن عزمه فتح باب علاقات جيدة ومتينة مع إسرائيل، واعداً الشركات الفرنسية وخصوصا شركات الإعمار والبنى التحتية، مثل شركة بويغ، بالحصول على غالبية عقود إعادة الإعمار في ساحل العاج في حال وصوله لسدة الرئاسة.
في النفوذ الإسرائيلي أيضاً، وبحسب معلومات مؤكدة حصل عليها موقع المنار من مصادر في باريس فإن الطاقم الإسرائيلي الذي غادر موريتانيا بعد قطع العلاقات الموريتانية – الإسرائيلية، نقل بأكمله إلى ساحل العاج، نظرا للأهمية التي تشكلها أفريقيا السوداء - وخصوصا المسلمة للسياسة - للاستراتيجية الإسرائيلية، فضلا عن وجود إمكانية كبرى للتحرك في هذا البلد ومنه.
من هنا نجد أن الوجود المغترب اللبناني في ساحل العاج مستهدف بشكل مباشر من قبل إسرائيل واللوبي التابع لها. فالوجود الاقتصادي والنفوذ السياسي الإسرائيليين يقتضيان، لتثبيت وجودهما، إبعاد الجالية اللبنانية في بلدان مثل ساحل العاج وبنين وحتى في الكونغو على بعد ألفي كلم من هذين البلدين.
بعض الجهات الفرنسية تبرر عدم تدخل القوات الفرنسية في ساحل العاج لحماية اللبنانيين وتأمين خروجهم من أبيدجان بالقول إن فرنسا تهتم بداية بسلامة الفرنسيين المقيمين في بلدان الأزمات، وفي حالة ساحل العاج فإن الأولوية كانت لحماية وإجلاء الفرنسيين، وقد تم إجلاء لبنانيين يحملون الجنسية الفرنسية.
وتضيف هذه الجهات أن فرنسا في مأزق دقيق حاليا نظرا للتاريخ الإستعماري الفرنسي في أفريقيا، وأن "لوران غباغبو" قد لعب على هذا الوتر لاستثارة غضب الأفارقة ضد التدخل العسكري الفرنسي، وفرنسا تعرف أن إثارة "السود" واستنهاضهم ضدها في ساحل العاج تعني نهاية كل شيء لها في هذا البلد، إبتداء من "الحسن وتارا" وصولاً إلى الوجود الفرنسي في هذا البلد. لذلك أرادت باريس أن تبقى بعيدة عن الحساسيات المحلية في ساحل العاج وأن يبقى تدخلها العسكري مغلفاً بشعار الأمم المتحدة وحماية المصالح الغربية والجالية الفرنسية هناك.
وفي كل الأحوال يبقى حال لبنانيي ساحل العاج خطيراً ومهيناً في آن معاً.
الخطر يبقى على حياة هؤلاء وعلى سلامتهم وسلامة عائلاتهم بداية، ومن ثم على لبنان الذي يعيش على أموال الاغتراب اللبناني.
أما الإهانة فهي لطبقة سياسية لبنانية وقفت شامتة بأوضاع هؤلاء اللبنانيين وهي لا ترى ماذا يحصل إلا من باب الخلافات اللبنانية الداخلية. لبنانيو أبيدجان بحاجة لطائرة تنقلهم من خطر الموت هناك إلى لبنان، فهلا تساويهم حكومة تصريف الأعمال بالشاهد الزور (في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري) محمد زهير الصديق الذي وضعت تحت تصرفه الطائرات الكبيرة للتنقل بين بيروت والرياض وماربيا وباريس؟..