وأعلنت لجنة نوبل امس منحها جائزة العام 2012 للطبيبين الأميركيين روبرت ليفكويتز وبراين كوبيلكا لإكتشافهما "أجهزة الاستقبال الذكية"
حصلت الكيمياء المتعلقة بالطب والعلوم البيولوجية (البيوكيمياء) هذا العام على جائزة نوبل السنوية المخصصة للعلوم الكيميائية. وأعلنت لجنة نوبل امس منحها جائزة العام 2012 للطبيبين الأميركيين روبرت ليفكويتز وبراين كوبيلكا لإكتشافهما "أجهزة الاستقبال الذكية" الموجودة في خلايا الأجسام والتي تسمح لهذه الخلايا بترجمة الأوضاع المحيطة بالأجسام حسيا ومعنويا الى مكونات الجسم التي بدورها تحول طبيعة الجسم الى وضعية تتكيف مع المتغيرات المحيطة. فالشعور بالألم او بالخطر او الخوف له ترجمة خاصة وتتعامل معه خلايا الجسم بطريقة مغايرة عن الشعور بالأمان وراحة البال وما الى ذلك من اختلافات في الاحاسيس والضغوط النفسية وغيرها من الأمور التي تؤثر على حياة البشر.
واكتشف ليفكويتز وكوبيلكا من خلال ابحاثهما ان "اجهزة الاستقبال هذه ملتصقة بالبروتين ج الموجود في الخلايا. وعندما تتغير الاحوال المحيطة بالإنسان فإن هذه الاجهزة تستشعر الجو العام وتترجمه الى خلايا داخل الجسم التي بدورها تصدر افرازات تتكيف مع احساس الإنسان في اوانه وبالتالي تمكن الإنسان من التكيف سريعا مع محيطه والمستجدات الحياتية". وقالت الاكاديمية السويدية للعلوم في بيانها "جسم الانسان هو منظومة متشابكة من الاتصالات والتفاعلات بين مليارات الخلايا. وكل خلية تحتوي على اجهزة استقبال واستشعار تمكنها من معرفة الأجواء المحيطة بها وبالتالي التكيف مع اي تغيرات طارئة".
وليفكويتز (69 عاما) هو بروفسور طب وبيوكيمياء يعمل في معهد هاورد هيوز في ضواحي واشنطن وفي جامعة ديوك في ولاية كارولاينا الشمالية، أما كوبيلكا (57 عاما) فهو بروفسور في الطب وعلوم الجزيئات والخلايا في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا. وفي شرح لابحاثهما قالت لجنة نوبل "في اعيننا وانوفنا وافواهنا لدينا اجهزة لاقطة للضوء والرائحة والذوق. وفي اجسامنا خلايانا ايضا مزودة باجهزة مشابهة ترصد الجو العام المحيط بنا الذي يؤثر مباشرة على الهورمونات والجزيئات التي تحمل خصائص ترسل اشارات معينة داخل الجسم كالأدرينالين والسيروتونين والايستامين والدوبامين. خلال تطور الحياة البشرية بقيت هذه الخلايا تستعمل الطريقة نفسها في قراءة محيطها وهذه الطريقة هي التصاق اجهزة الاستقبال والاستشعار بالبروتينات ج. وبقي هذا الامر لغزاعلميا الى الآن".
وبدأ ليفكويتز التوصل الى نتائج ايجابية في ابحاثه منذ العام 1968 حين استخدم الاشعاع الناشط (راديواكتيف) لرصد وجود هذا النوع من الاجهزة فقام بلصق نظائر (ايزوتوب) مشعة من اليود على كمية كبيرة من الهورمونات. بفضل هذه التجربة تمكن من التعرف على عدد اكبر من هذه الاجهزة وتحديدها ولا سيما الموجود منها في الادرينالين وهو الهورمون المسؤول بشكل رئيسي على الضغط في شرايين القلب.
ثم خطت الابحاث خطوة جديدة في الثمانينات من القرن الماضي عندما انضم كوبيلكا الى ابحاث ليفكويتز وتمكن من عزل جينة مسؤولة عن الترجمة والاستشعار في الادرينالين. وبعد دراسة خصائص الجينة تبين انها تعمل بالطريقة نفسها لأجهزة التقاط الضوء الموجودة في العيون وهذا ما اكد بما لا يدعو للشك وجود عائلة او سلالة معينة من هذه الجينات المستقبلة لمحيط الانسان تعمل بطريقة مشابهة على سطح جسم الانسان وداخله، وان اختلفت نوعية ما تلتقطه ومضمون ما تترجمه لشقيقاتها في المنظومة المعقدة التي تشكل جسم الانسان.
وفي العام 2011 تمكن كوبيلكا وفريقه من التقاط صورة لجهاز استقبال "بيتا ادرينرجيك" في اللحظة التي كان يقوم فيها بإلتقاط رسالة يترجمها ويرسلها بدروه الى داخل الخلية. هذه الصورة هي سابقة في علم الجزيئات وهي نتيجة عقود من الابحاث المضنية لفهم الآلية التي يعمل عبرها جسم الإنسان.