لم ترَ قناة MBC MAX في أحداث فيلم «دابليو» لأوليفر ستون، إلا أنّه يقدّم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، رجلا أحمقا سكيرا من دون الالتفات إلى أخطر ما فيه، وهو منحه "أسباب إنسانية" في حربه على العراق
لم ترَ قناة MBC MAX في أحداث فيلم «دابليو» لأوليفر ستون، إلا أنّه يقدّم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، كرجل أحمق سكير، أدمن المخدرات في شبابه.. رجلٌ بليد وغير حاضر البديهة خلال فترة رئاسته. تم إنتاج العمل عام 2008، ويتناول فيه ستون السيرة الذاتية للرئيس الأميركي السابق جورج بوش «الابن». وعبر موقع «أم. بي. سي.» روّجت القناة للعمل، من دون الالتفات إلى أخطر ما فيه، وهو منحه حرب بوش على العراق «أسبابها الإنسانيّة السامية».
كتب ماهر منصور في جريدة السفير :
عرضت القناة العمل يوم الجمعة الفائت، وكانت فرصة لنستعيد أحد مشاهد الفيلم المفصليّة: تستلقي لورا بوش على سريرها، وبيدها الجريدة، بينما يؤرق النوم الرئيس الأميركي (الأحمق). يشكو لزوجته ظلم هذا العالم، وأنّه لم يشنّ كلّ تلك الحروب إلّا من أجل «نشر السلام والأمان في العالم»، مشيراً إلى أنّه كان على العالم أن يعلم بأنّ الخير لا بدّ من أن ينتصر، وأنّه وجنوده يخوضون الحرب من أجل تحقيق هذا الخير. يروي بوش ذلك في لحظة انكسار، ويبدو فيها وقد فقد الأمل من العالم حوله الذي لا يفهمه، وقد أثقل هذا الهم حياته حتى أرقه وحرمه من النوم. هكذا تدعوك الدراما الأميركية للتعاطف معه، وتقدير عدالة قضيته في العراق أكثر مما تدعوك للضحك من حماقته. وربما هي تؤكد «حماقة الرجل»، لتبرِّر أي حماقة ارتكبها الأميركيون في العراق.
كشف حماقة دابليو بوش وبلادته هو جزء من رسالة السينما الأميركيّة، الموجّهة للمشاهد الأميركي. وهو بقدر ما يدين بوش ويعيب عليه طباعه، فهو يدين أيضاً الشعب الأميركي الذي انتخب «أحمق» مرتين (ترى من الأحمق هنا حقاً؟). أما رسائل الفيلم الأخرى، ولا سيما تلك التي تتعلّق بالتبرير الإنساني للحرب، فذلك جزء من عقد أميركي غير معلن، يرسم الأميركيون من خلاله جزءاً كبيراً من ملامح صورتهم العالمية، ومنها بطبيعة الحال صورة الجندي الأميركي البطل المقدام الذي غادر أسرته، أو حبيبته، لينتقل آلاف الأميال من أجل إرساء العدالة ونشر الديموقراطية ومقاتلة الأشرار، ونشر السلام في العالم..
وتلك الصورة لم تغب عن فيلم W. يكذب الأميركيون كذبتهم في حربهم على العراق، بينما نأخذ، نحن العرب، على عاتقنا شراء الفيلم، وترجمته، والترويج لكذبتهم. إن لم يكن هذا ما تفعله «أم. بي. سي.» في عرضها الفيلم، فهي على الأقل تقف على الحياد مما يطرحه. وهي بذلك تقف على الحياد من الدم العراقي المسفوك على ايدي المحتلين الأميركيين. وإن كنا هنا لا نطالبها بموقف بوصفها قناة عربية، فعلى الأقل لتأخذ موقفاً أخلاقيا تجاه الفيلم والكذبة التي يروّج لها، خصوصاً بعدما أقرّ العالم بأسره بخديعة «بوش الأحمق» في حرب العراق، وبعد مئات الصور التي سربتها الإدارات الأميرّكيّة المتعاقبة، عن سجن أبو غريب ومذابح الفلوجة وسواها. لكن MBC MAX لم تلحظ كلّ هذا، واكتفت بالتهليل لـ «حماقة» دابليو بوش، كما رآها أوليفر ستون.