08-11-2024 02:02 PM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 20-10-2012: وسام الحسن شهيداً.. والسلم الأهلي في خطر

الصحافة اليوم 20-10-2012: وسام الحسن شهيداً.. والسلم الأهلي في خطر

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت عدة مواضيع كان أبرزها الإنفجار الذي وقع في الأشرفية شرق بيروت وذهب ضحيته العميد وسام الحسن وعدد من المواطنين شهداء إضافة الى عشرات الجرحى..


تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت عدة مواضيع كان أبرزها الإنفجار الذي وقع في الأشرفية شرق بيروت وذهب ضحيته رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن وعدد من المواطنين شهداء إضافة الى عشرات الجرحى..


السفير
وسـام الحسـن شـهيداً ... والسـلم الأهلـي فـي خطـر

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة السفير تقول "غداً، لن يشبه الأمس. اغتيال وسام الحسن، لن يكون عابراً. سينقل لبنان، من حقبة انتظار الأسوأ، إلى العيش في أسوأ المخاطر وأفدحها. اغتياله، الشبيه إلى حد كبير باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أدخل لبنان في المجهول السياسي والأمني والمذهبي، بلا كوابح أو ضوابط.

الأمن الذي كان ما زال ممسوكاً ولو بهشاشة، قد يفلت من عقاله، ولنا في الساعات الأخيرة الكثير من العينات، في ظل انقسام سياسي خطير، يزداد يوماً بعد يوم، على وقع نزاعات داخلية، وأزمة سورية متفجرة، وقضايا دولية، شديدة الصلة بقرارات مجلس الأمن والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

وكالعادة، فإن الخوف أن يجر التوظيف السياسي للجريمة الى الدخول في المجهول. ولقد تبدى الفرق واضحاً بين اتهام الرئيس سعد الحريري «بشار حافظ الأسد» وبين الاتهام ذاته الذي ساقه وليد جنبلاط وإن اشترط حصر الرد بالسياسة.

رجل الأمن الذي «كان يعرف أكثر مما يجب»، لم يكن شخصية عابرة. لم يكن موظفاً برتبة، بل كان ناسج خيوط. مكتشف عوالم. حرفياً بامتياز، لاعباً مدركاً لتأثير الأمن والمعلومات على السياسة اللبنانية وربما على سياسات الإقليم. ولأن لبنان، كان منقسماً ومنشطراً منذ اغتيال الحريري، فقد حسبه فريق سياسي على «فريق 14 آذار».

الأمني الأول، الإشكالي، «المطوَّب» من فريق و«المطلوب» من فريق آخر، لم يكف يوماً عن العمل. إنجازاته تفوق إخفاقاته. لعل مقتله بهذه الطريقة، دليل على إخفاقه في حماية نفسه. بعدما نجح مراراً في إنقاذ البلد من خلال مساهماته في اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية، و«الرسائل» الإقليمية الملغومة.

الرجل الذي كان يعرف، ترك اللبنانيين على مفترق لا يعرفون معه إلى أين هم ذاهبون. من يستطيع غداً أن يوقف هجمة الانفعالات وسيل الاتهامات التي قد تطال أطرافاً داخلية، كما ألمح بعض قادة السياسة في لبنان؟ من يستطيع أن يلم الشارع الملتهب بالغضب والانتقام والاتهام؟ من بإمكانه أن يغلق أبواب الجحيم التي فتحت أبوابها في أكثر من مدينة وبلدة وحي وشارع من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بالعاصمة والبقاع والجبل؟

ما من قوة في لبنان، قادرة على لجم التدهور ووقف التداعيات، إلا اذا ظل الاستقرار مطلباً دولياً وإقليمياً، لعل «حزب الله» أكبر حماته، بوصفه القوة  القادرة من جهة، والمقتنعة بالتواضع والحماية والتحصين الوطني، من جهة ثانية.

الحكومة المتحصنة بعقيدة الحفاظ على الاستقرار، والتي تعتبر الاستقرار مرجعيتها الأكيدة، باتت اليوم أمام السؤال الكبير: أي استقرار سيصمد، بعدما تمكنت يد الإجرام من رسم خطة اغتيال محكمة، أودت بالاستقرار، وأخذت لبنان إلى الخوف الكبير؟

أي حكومة وأي موالاة وأي معارضة تقدر على الإمساك بخيوط الحوار الواهية، لنسج حالة أمنية جديدة؟ وهل ما زالت مواعيد طاولة الحوار صالحة؟

التجربة اللبنانية مع الاغتيالات أسست لحياة سياسية قائمة على الشكوك والاتهامات، وعلى المنازلات اليومية، بلغة الوعيد والتهديد، وهي اللغة التي تسبق مواعيد العنف.

لم يعد لبنان مثلما كان في الشهور الأخيرة، منكشفاً أمنياً في مناطقه الحدودية المتاخمة لخطوط التماس السورية اللبنانية، ولقد دفع اللبنانيون ثمن ذلك ضحايا وشهداء وأرزاقاً. وكان أمنه الداخلي رخواً، يتفاخر أهل الحل والربط فيه بما يرتكب في طرقاته وبعض مناطقه من خروق وخطف وتقطيع أوصال.

اليوم، بات لبنان منكشفاً بالكامل. لبنان بات منكشفاً.. وللجريمة وظيفة، مثلما كان لكل جريمة سياسية وظيفتها منذ ثماني سنوات حتى يومنا هذا. ولعل وظيفة هذه الجريمة لا تشبه في ظروفها، إلا جريمة اغتيال الرئيس الحريري.

نعم، فقد سقط الحريري شهيداً، يوم أقصى نفسه أو أقصي عن السلطة، فكان الاستشهاد قوة دفع جعلت عمر كرامي يستقيل من رئاسة الحكومة، مع ارتفاع أول صوت في مجلس النواب منادياً باستقالته، لتكر بعدها سبحة انهيار «سلطة الوصاية» و«أجهزتها» اللبنانية!

لم تنفع كل إبر الدعم السياسي من «8 آذار» وامتدادها الإقليمي في ثني عمر كرامي عن عناده بالاستقالة، ومن بعده سقوط الأجهزة، قبل أن يُرمى قادتها في غياهب السجن لأربع سنوات.

انتقلت السلطة السياسية من يد «الفريق السوري» الى يد «فريق وسطي»، بقيادة نجيب ميقاتي، مظللا بدعم عربي ودولي يفوق الدعم الحالي. كانت المهمة محددة: «الانتخابات الآن» وهي العبارة التي لطالما رددها كل من جيفري فيلتمان وبرنار ايمييه طيلة أسابيع سبقت الانتخابات النيابية التي نقلت لبنان من مقلب سياسي الى مقلب جديد.

تقدم الى الواجهة الأمنية والقضائية تحديداً، فريق جديد، كان الضابط وسام الحسن أحد أبرز عناوينه اللاحقة. حارس رفيق الحريري وظله لسنوات طويلة، صار حارساً للهيكل السياسي الجديد، بكل امتداداته الإقليمية والدولية، الســياسية والاستخباراتية.

هذا سرد يقود للاستنتاج الآتي: لا وظيفة سياسية للجريمة إلا ما كشفه بيان منتصف الليل الذي أصدرته «قوى 14 آذار» من «بيت الوسط»: اتهام نجيب ميقاتي شخصــياً، وهو المتباهي بسنيته، أكثر من عمر كرامي، ومطالبته بالخروج من «السرايا» ومعه حكومته...

المطلوب من ميقاتي أن يستقيل اليوم قبل الغد. هذا هو لسان حال «فريق 14 آذار»، لكن لعله سها عن بال هذا الفريق، أن ميقاتي في هذه اللحظة السورية والإقليمية والدولية، هو عنوان لاستقرار لبناني ممنوع مسه طالما أن الأولوية هي للأزمة السورية، بكل تداعياتها المحتملة، وهي غير محدودة، من دون إغفال حقيقة أن من حمى وسام الحسن وأشرف ريفي وسعيد ميرزا هو نجيب ميقاتي وليس «عضلات» معارضيه.

نعم هي جريمة لا تشبه بردود فعل الشارع كل الاغتيالات السابقة، ما عدا جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

بعد جريمة الحريري، وقعت جرائم سياسية كثيرة، وبعدها كلها، لم ينزل الناس الى الشوارع في كل لبنان ولم تقطع الطرق ويطلق الرصاص ويتوافد الشباب الى ساحة الشهداء. هذا وحده يحصل مع جريمة اغتيال وسام الحسن. هذه وظيفة للجريمة، بأن تستدرج الفتن: الفتنة السنية ـ السنية، السنية ـ العلوية والسنية ـ الشيعية وأن ترتفع الجدران بين لبنان وسوريا أكثر فأكثر. كيف لا، وسوريا اليوم ضعيفة أكثر مما كانت ضعيفة في العام 2005 ولذلك، لن يكون مفاجئاً أن ينادي البعض، ليس في «14 آذار»، بل في مجلس الوزراء، بقطع العلاقات اللبنانية السورية وطرد السفير السوري وسحب السفير اللبناني من دمشق وإصدار مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وعلي المملوك وبثينة شعبان الخ!

نعم للجريمة وظيفة سياسية، والمتضرر الأول هو الدولة. وسام الحسن ليس ضابطاً يخص طائفة أو حزباً ولا هو تصرف على هذا الأساس برغم ملاحظات كثيرين عليه. لقد لاحق الرجل وفريقه حوالي مئة شبكة استخباراتية إسرائيلية في لبنان، ليصبح صاحب السجل الأنصع بين كل قادة الأمن في لبنان والمنطقة ممن يجعلون إسرائيل تدفع ثمناً غير مسبوق في حروبها الأمنية مع العرب؟

من يعرف وسام الحسن، ورفيقه الدائم أشرف ريفي، يدرك أن هذين الضابطين تصرفا من منطلق وطني بحت، وليس بفعل إملاءات خارجية أو حزبية.

نعم وسام الحسن ومن قبله وسام عيد وفرنسوا الحاج هم شهداء لكل اللبنانيين وليسو ملكاً لفريق دون سواه، مع التقدير لشهادة كل القادة الشهداء من دون استثناء.

للجريمة وظيفة. أن تستقيل الحكومة ويقع البلد في فراغ تصريف الأعمال مقدمة لتطيير الانتخابات النيابية، فمن هو صاحب المصلحة في ذلك، ومن يعتقد أنه في ظل الواقع السياسي الحالي، يمكن أن تتشكل حكومة انتقالية كما يتوهم البعض لحسابات ثأرية مع ميقاتي أو حباً بالسلطة.

للجريمة وظيفة، فإذا كان المطلوب من قتل وسام الحسن، طي صفحة أمنية، فإن الشهيد كان جزءاً من مؤسسة ما زالت صامدة وثابتة القدمين، وها هو مديرها العام اللواء أشرف ريفي يتمسك بحق «فرع المعلومات» في أن يحقق ويلاحق المجرمين. قال ريفي «لن نستسلم ولن نتراجع، ولن نترك البلد مكشوفاً لمن يريد العبث باستقراره».


الأخبار
وسام الحسن: شهيد تليـق به الحياة

وكتبت صحيفة الأخبار تقول "وسام الحسن شهيداً. ليس هيناً على عارفي الرجل المثير للجدل أن يقولوا هذه العبارة، رغم أن من بنى جهازاً أمنياً استثنائياً خلال السنوات الماضية، كان يتوقع القتل كخاتمة لحياته. جريمة أمس فتحت على لبنان باباً لا يُعرَف أوان إقفاله.

يوم أمس، رُقي وسام الحسن إلى رتبة لواء. ربما يكون أصغر ضابط برتبة لواء في الجمهورية، لكنه حمل رتبتين: لواء وشهيد. كان منتظَراً أن يحمل الرتبة الأولى وحدها في العام المقبل، ويصبح مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي. وعندما كان يسمع مزاحاً من يستخدم تلك الرتبة في مخاطبته، كان يرد مبتسماً: لا تضعني في صراع مع القدر. ما أقوم به مصيره واحد من ثلاثة. إذا كان حظّي جيداً، فالمنفى أو السجن، وإلا فالقبر.

لم يختر وسام الخيار الثالث بإرادته. فاجأه الموت وهو قاصد مكتبه. غادر ذلك المنزل المشؤوم في الأشرفية. وهذا المنزل لم يحمل لوسام سوى سوء الطالع. قبل أشهر، عرف الحسن أن منزله السري في الأشرفية قد انكشف. صار البيت «ساقطاً أمنياً»، لكنه لم يغيّره. ولم يبدل عاداته اليومية. قال له كُثر: المنزل مكشوف. اتركه، لكنه لم يكن يعير هذه النصائح أي اهتمام. ويوم أمس، وبعد عودته (في اليوم السابق) من زيارة عمل إلى العاصمة الألمانية، خرج من منزله وحيداً. لم يسر قبله موكب وهمي. ولا استقل سيارته المصفحة. اكتفى بسيارة وحيدة، فيها مرافقه الشهيد أحمد صهيوني. وفي نقطة موت محتوم، خطفه قاتل لئيم. لم يُجد وسام الحسن، الصياد الماهر، التعامل مع كونه في الجانب الآخر من منظار القناص. بدا أمس في موقع الغزال الذي حنّطه ووضعه إلى جانب أسد وفهد في مكتبه. هناك، حيث يظهر جزء من دور الرجل. الضابط الشاب حمل بين يديه ملفات لم يحملها أحد أبناء سلكه في لبنان. من مقر الاستخبارات الأميركية في لانغلي، وصولاً إلى قصر المهاجرين في دمشق. وبينهما، صلات لا تنقطع مع البريطانيين والفرنسيين والروس والأتراك، وبالتأكيد، مع الدول الخليجية والعربية كلها. كان وسام الحسن الابن الشرعي لنظام ما بعد الانسحاب السوري من لبنان. لم يُخفِ يوماً موقفه السياسي وموقعه. هو في صلب الفريق الاستشاري المحيط برئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لكنه ليس من أولئك الذين يطأطئون الرأس قائلين «أمرك شيخ». ربما كان أكثرهم عقلانية. في حرب تموز 2006، رفع الصوت مطالباً بعودة الحريري إلى لبنان. وقبل السابع من أيار، عارض «مسخرة» الشركات الأمنية وتسليح بعض تيار المستقبل، ثم نصح بألا تأخذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى قراريها الشهيرين (تفكيك سلاح الإشارة التابع للمقاومة، وإقالة العميد وفيق شقير من رئاسة جهاز أمن المطار). وعندما اندلعت المواجهات العسكرية في ذلك اليوم المشؤوم، سعى قدر الإمكان إلى تحييد مناطق عن الصراع، بعدما تحول مع اللواء أشرف ريفي وصديقه العقيد حسام التنوخي إلى قناة التواصل الوحيدة بين الحريري وحزب الله. ورغم الثقة المفقودة بين الحسن والحزب، لم يتوقف التنسيق الأمني بينهما، في مكافحة التجسس الإسرائيلي، وفي غيره. وكما التنسيق، كذلك تضاعف الإعجاب المتبادل بالأداء الأمني للطرفين. في إحدى خزائن مكتبه، يعرض وسام بندقية كلاشنيكوف ذهبية اللون. سئل عنها بقصد المماحكة يوماً: هل هي من صدام حسين؟ أجاب بابتسامة طفل بعد فترة صمت: هي هدية من سماحة السيد. لا يتحدّث عن الأمين العام لحزب الله إلا ويستخدم هذه الصفة.

فكما الرئيس رفيق الحريري، لم يكن وسام الحسن يقطع صلته بأحد. يحفظ جيداً عن الأخير ما قاله له عن «لبنان الذي يطحن التاريخ وصانعيه». الرجل مطبوع بالحريري الأب. أدار مكتبه منذ عام 1995. وعندما خرج الحريري من الحكم عام 1998، نفي الحسن إلى معهد قوى الأمن الداخلي، قبل أن يعيده غازي كنعان إلى إدارة مكتب الحريري، بناءً على طلب الأخير. وعندما خرج الأخير من الحكم في المرة الثانية (عام 2004)، استقال الحسن، قبل أن يعود عن استقالته ليتعامل مع التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري كما لو أنها قضية شخصية إلى أبعد الحدود. وانطلاقاً من هذه القضية، بنى الحسن الجهاز الأمني الأقوى في دولة ما بعد الطائف. كان يمكن زوار الحسن الدائمين أن يصادفوه أحياناً قليلة في اجتماعات مع مجموعة من الشبان الذين لا يربطهم أي شبه بالصورة النمطية لرجال الاستخبارات. يبدون من أولئك الذين يقضون وقتاً طويلاً خلف كيبورد الكومبيوتر. علاقتهم به تلقائية. هم في ذلك كضباط رفيعي المستوى، لكنهم في الحقيقة مجندون. منح الحسن أعضاء فريق عمله ثقة وحماية كبيرتين، وخلق لهم «عصبية» جعلتهم فخورين بأنفسهم وبما يُنجزون. كان يعرف مكامن الخلل في جهازه، وخاصة خارج دائرة القرار الضيقة. سعى إلى إصلاحها، «لكن الجود من الموجود».

في علاقاته الأمنية الخارجية، لا يخفى موقعه على أحد، لكنه لم يعتد أيضاً الانحناء امام استخبارات الرجل الأبيض، كعادة معظم رجال الاستخبارات العرب. وأحياناً، لم يكن يفكّر مرتين قبل أن يرفض ما كان يريد بعض «أصدقائه» أن يفرضوه عليه.

لوسام الحسن أعداء كثر. ليس هذا القول ذريعة لإضاعة دمه بين القبائل، لكنه كان يعرف أن رأسه مطلوب من دوائر كثيرة، وهو الذي «لم تترك له هالشغلة صاحباً»، لكن الرجل لم يعد يعير أي اهتمام عملي للخطر الأمني خلال السنتين الماضيتين. «قول الله». عبارة ينهي بها أي كلام حريص بشأن استهتاره الأمني. أراد وسام الحسن أن يعيش حياة شبه طبيعية. والحياة كانت تليق به.


اللواء
وسام الحسن شهيداً من أجل العدالة والسيادة
غليان في كل لبنان و14 آذار تحمّل ميقاتي المسؤولية وتدعوه للإستقالة
المعارضة تشدّد على تسليم المتّهمين باغتيال الحريري إنقاذاً للشراكة .. وإشتباكات في طرابلس

كما تناولت صحيفة اللواء انفجار الأشرفية وكتبت تقول "مضى اللواء وسام الحسن (47 عاماً) شهيداً كبيراً على الطريق نفسها التي مشاها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، طريق السيادة والاستقلال والعزة الوطنية في الرابع عشر من شباط 2005.

وفي لحظة وطنية واقليمية بالغة الحراجة، فقد لبنان الضابط الوطني والشجاع الذي لم تثنيه الحملات ولا التهديدات عن مواصلة عمله الامني، في تفكيك عشرات شبكات التجسس الاسرائيلية، والقاء القبض على رموزها وافرادها وزجهم في السجون لحماية ظهر المقاومة والامن الوطني اللبناني ككل.

ولا منعته التهديدات والحملات من متابعة عمله المهني لمواجهة السيارات الملغومة والعبوات الناسفة حيث كان له الدور الاكبر في تفكيك الخلايا المرتبطة بالنظام في سوريا، بعد ما ادت انتفاضة الاستقلال التي اعقبت استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى اخراج نظام الوصاية جيشاً ومخابرات من كل الاراضي اللبنانية.

القضية المقدسة بالنسبة لوسام الحسن كانت العدالة من اجل لبنان والسيادة من اجل جميع اللبنانيين، فخرَّ مضرجاً بدمائه الزكية وهو الفارس المقدام في عز عطائه في اكثر الظروف حراجة، حيث تدعو الحاجة اليه والى امثاله من الضباط ورجال الامن الذين عاهدوا الله والوطن الذود عن سياجه، وبذل الغالي والنفيس من اجل هذه المهمة النبيلة.

بين السابعة مساءً، لحظة العثور على مسدس اللواء الشهيد من النوع الاميري، ايقن جميع اللبنانيين ان حادثاً جللاً اعاد بالذاكرة الى الجريمة الزلزال الذي اودى برئيس حكومتهم واحد ابرز الشخصيات الوطنية والعربية الكبيرة، وبين ما قبل منتصف الليل اكفهرت الاجواء في لبنان، وبدت خشية الاخضر الابراهيمي من ان الازمة السورية اذا لم تعالج ستأكل الى الاخضر واليابس في المنطقة وتمتد الى دول الجوار ومنها لبنان، قضية واقعية وليست من باب التهويل او «التخريف»:

غليان في كل لبنان، قطع طرقات، اعتصامات اطلاق نار في الهواء.. الكل في الموالاة والمعارضة وضعوا ايديهم على قلوبهم خشية «الفتنة الكبرى» على تعبير بيان 14 آذار، او العواصف الهوجاء الآتية من جحيم المعارك شرقاً وشمالاً، وهناك اتجاه لنصب خيم في ساحة رياض الصلح في بيروت، في اشارة الى مطالبة رئيس الحكومة بالاستقالة.

ومع هبوط الليل كانت قيادات 14 آذار التي هالتها الجريمة الهائلة تتداعى لاجتماع في بيت الوسط، وتقلب الموقف على كل الاحتمالات وتتدارس ما يمكن القيام به من تحركات سلمية وديمقراطية لإسقاط مشروع القتل وإيقاف ما وصفته «بالمخطط الجهنمي».

وكان ثمة اتفاق أن الجريمة التي ذهب ضحيتها اللواء الحسن هي بتوقيع «نظام بشار الأسد وحلفائه الاقليميين وادواته المحلية»، مؤكدين أن استدراج لبنان إلى فتنة كبرى لن يمر، عاقدين العزم على إسقاط السياسات المعلنة لإنقاذ النظام السوري على حساب لبنان ووحدته الوطنية.
وحدد بيان هذه القوى الخطوات بأربع:
 - تحميل الرئيس نجيب ميقاتي المسؤولية السياسية والاخلاقية عن دماء اللواء الحسن والأبرياء الذين سقطوا في تفجير ساحة ساسين في الأشرفية، ودعاه للاستقالة فوراً.
 - واعتبر أن الشراكة الوطنية يستحيل أن تستمر وتعيش على وقع مسلسل الاغتيالات والتغطية التي يوفرها البعض لهذه العمليات، معتبراً أن تسليم المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى المحكمة الدولية هو المدخل لإنقاذ الشراكة من الخطر (في إشارة إلى فريق الموالاة الحاكم وحزب الله).
 - الطلب من العرب والمجتمع الدولي فهم ما جرى في الأشرفية، وأن هذين المجتمعين لن يسلما بنظام العنف والفوضى والإرهاب والقتل الذي يريده له بشار الأسد، وقبله حلفاؤه الاقليميون.
 - تشكيل لجنة للمتابعة ودعوة اللبنانيين إلى مواكبة الخطوات المقبلة.
 
وقبل البيان، التقت مواقف كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع على اتهام الرئيس السوري بشار الأسد شخصياً بالوقوف وراء اغتيال الحسن.
 ورغم أن الاتصالات مع الرئيس الحريري ركزت على التنبه «للرياح السياسية العاصفة» بحسب تعبير جنبلاط، أو التعزية وإبقاء الخطوط مفتوحة كما حصل في اتصال الرئيس نبيه برّي، فان صياغة لطيفة لبيان 14 آذار، لكنها قاطعة في محل آخر، ارادت إيصال رسالة واضحة لحزب الله بأنه لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال.
 وأعلن الرئيس الحريري لشبكة سي.ان.ان الأميركية بأنه مقتنع بأن نظام بشار الأسد سيسقط في آخر المطاف، رابطاً بين اغتيال الحسن وكشف مخطط الوزير السابق ميشال سماحة الذي تم ضبطه بالجرم المشهود.
 
أما الرئيس ميقاتي المعني مباشرة ببيان 14 آذار، وبمناخ الشارع الاسلامي والوطني الرافض لاستمراره في رئاسة الحكومة، فهو عقد سلسلة اجتماعات ليل أمس في منزله، وجرى التداول خلالها بموضوعين:
 1- ما يمكن أن يطرح في جلسة مجلس الوزراء التي اتفق مع الرئيس ميشال سليمان الذي أصدر بياناً بالغ التأثر والاستنكار، على عقدها في العاشرة صباح اليوم في القصر الجمهوري لاتخاذ الاجراءات المتعلقة بإحالة الجريمة إلى  المجلس العدلي، وتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا ومنازل المنطقة التي ضربها الانفجار الخ..
 2- أما الموضوع الثاني فهو يتعلق بالخيارين اللذين يناقشهما الرئيس ميقاتي البقاء على رأس الحكومة أو الإستقالة.

وقالت أوساطه ليلاً لـ «اللواء» أنه بات يشعر بأنه يحمل «كرة نار»، وأنه سيدعو كل الأطراف للتفاهم على حكومة وحدة وطنية تنقذ البلاد من هذا الانقسام الخطير، والاصطفاف السياسي والطائفي في البلاد.

وكشفت المصادر أن اتصالات كثيرة جرت معه لثنيه عن كتابة بيان الاستقالة وإعلانه بعد الجلسة، خصوصاً وأن الوزراء الطرابلسيين الخمسة ليسوا بإمكانهم أن يتحملوا وزر هذه المسؤولية الشعبية لاعتبارات أخلاقية وسياسية ووطنية ومناطقية.

أما  «حزب الله» الذي كلف النائب حسن فضل الله اعلان موقفه من الجريمة، فقد تقاطع مع النائب جنبلاط في وضع خطوط سياسية عند خطوط التماس بين اطراف الداخل وتمنع اشعال الحريق الذين يريده الأسد وفقاً لمصدر في الحزب التقدمي الإشراكي.
ويلخص موقف حزب الله بالآتي:
 - تنديد واستنكار للجريمة.
 - دعوة الدولة لتحقيق جدي وفعال لكشف القتلة.
 - ترك الدولة تقوم بمهامها.
 - تكوين مظلة وطنية لتحقيق داخلي يؤدي إلى نتائج.

صدور بيان عاجل عن مجلس الأمن يدين الجريمة ويطالب بسوق القتلة إلى العدالة، فيما كانت الولايات المتحدة وفرنسا تنددان بالجريمة وتدعوان الحفاظ على استقرار لبنان ووحدة ابنائه، في وقت تدرس فيه إيران جوياً ابفاد وزير خارجيتها علي أكبر صالحي إلى بيروت في زيارة خاطفة لساعات.

لكن مصدراً ديبلوماسياً توقع ان يؤدي بيان 14 آذار إلى ارجاء التفكير بالخطوة.

قضائياً، عاين المدعي العام التمييزي القاضي حاتم ماضي مكان الجريمة، وبدأت التحقيقات الأيلة إلى كشف الجناة، على أن يتولى فرع المعلومات دور الضابطة العدلية.

أما أمنياً، فحول مقر قوى الأمن الداخلي إلى خلية نحل،  حيث أكد اللواء أشرف ريفي والضباط رفاق السلاح للشهيد، ان المهم ان تستمر المسيرة، وان لا شيء يثني فرع المعلومات عن متابعة دوره، وفق الاستراتيجية التي وضعها الشهيد الحسن.

ولم يحسم بعد مكان دفن الشهيد بين أن يكون إلى جوار الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة الشهداء، أو في مسقط رأسه بلدة «بتوارتيج» في الكورة، إلا انه تأكد ان التشييع سيكون غداً الأحد في بيروت، على أن يكون تشييعاً وطنياً وشعبياً حاشداً.

وكان الرئيس ميقاتي قرر أن يكون اليوم يوم حداد وطني تنكس فيه الأعلام اللبنانية.

وأكد في بيان «أن الجريمة النكراء بحجمها ونتائجها الفادحة تشكل مصدر ألم وحزين شديدين كما لسائر اللبنانيين، وتستوجب منه التعامل مع هذا الحادث الجلل بما يناسب من قرارات خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم.

يشار إلى انه كان يفترض أن يصدر عن رئاسة الحكومة بيان نعي للواء الحسن، لكن تأجيل حدود نتائج فحوصات لحمض النووي إلى اليوم، أرجأ هذا البيان، خصوصاً وانه لم يتم العثور على جثمان الشهيد، سوى بعض الأشلاء..

وكان انفجار ضخم بسيارة ملغومة قد أودي بحياة اللواء الحسن، فيما كان متوجهاً بسيارة عادية من نوع «أودي» إلى مكتبه في مقر المديرية المجاور للشارع الذي حصل فيه الانفجار، وهو شارع متفرع من ساحة ساسين في الأشرفية، ومعه مرافقه المؤهل أحمد محمود صهيوني، وذلك بعد بضع ساعات من عودته إلى بيروت مساء أمس الأول من ألمانيا، وحصل الانفجار في وقت الذروة بالنسبة للسكان، حيث يعودون عادة إلى منازلهم، وأسفر عن سقوط ثمانية شهداء ونحو 80 شخصاً.

وبعد الانفجار هرع السكان في هلع للبحث عن أقارب لهم بينما ساعد آخرون في حمل الجرحى إلى سيارات الاسعاف. ودوت صفارات عربات الاسعاف التي نقلت المصابين إلى عدة مستشفيات حيث انتظر أطباء وممرضون وطلبة المصابين عند الأبواب. ودعت المستشفيات المواطنين إلى التبرع بالدم.

 


المستقبل
الغدر يضرب الأشرفية ويغتال الحسن و8 أبرياء ويوقع مئة جريح

صحيفة المستقبل تناولت تفجير الاشرفية وكتبت تقول "بعد أن اعتقد اللبنانيون أن "شبح" مسلسل التفجيرات والاغتيالات السياسية قد توقف لأسباب عديدة أهمها أن "القاتل" منشغل في ترتيب مسائل بيته الداخلية، عاد هذا "الشبح" ليهيمن على لبنان، ويطل بعد ظهر أمس في ساحة ساسين في الأشرفية، حيث استهدف رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد الشهيد وسام الحسن ومرافقه، وأدى لسقوط ثمانية شهداء مدنيين وإصابة نحو مئة بجروح جسيمة بالمباني السكنية والمتاجر في المنطقة إلى جانب تضرر سنترال الاتصالات في المنطقة.

وكانت سيارة مفخخة بعبوة ناسفة قدرت زنتها بنحو 30 كيلوغراماً من المواد شديدة الانفجار قد هزت محلة ساحة ساسين - الاشرفية بعد انفجارها أمام مبنى سكني من خمس طبقات مقابل مكتبة الفرح على بعد 200 متر من بيت الكتائب. وقد ألحق الانفجار أضراراً هائلة بالأبنية السكنية والمحال التجارية في دائرة يبلغ قطرها حوالى 500 متر.

وبعيد وقوع الانفجار وقبل أن تتضح عملية الاغتيال، عادت الأسئلة نفسها التي شغلت بال اللبنانيين بين العامين 2004 و2008 لتُطرح بقوة من جديد: متى يتوقف مسلسل التفجيرات الدموية؟ لماذا على لبنان واللبنانيين أن يكونوا دوماً ضحية تقاتل الآخرين على حسابهم؟ غير أنه وبعد جلاء الصورة و"اكتشاف" هوية الضحية المباشرة للتفجير، تغيّرت الأسئلة وطرحت نفسها بقوة: هل بدأ بشار بتنفيذ تهديده بتفجير لبنان؟ هل سيتأثر لبنان بتداعيات الأزمة السورية؟ هل ستصدق التنبؤات بوقوع الفتنة؟.

لكن القاسم المشترك لردود الفعل كان أن اغتيال الشهيد الحسن جاء انتقاماً مباشراً من دور رئيس فرع المعلومات الساهر على الأمن بفضح مخطط ميشال سماحة و"رؤسائه" في سوريا العميد علي مملوك والعقيد علي عدنان، وما تخبئه الأيام عن تورط مستشارة الأسد بثينة شعبان بهذا الملف أيضاً. وبما أن توقيف سماحة اعتبر ضربة مباشرة "تحت الزنار" للساعين إلى نقل الفتنة إلى لبنان، فإن اغتيال الحسن كان رسالة بأن "لدينا أكثر من سماحة واحد في لبنان". واعتبرت قوى "الرابع عشر من آذار" التي عقدت اجتماعاً استثنائياً في بيت الوسط أن "اغتيال العميد الشهيد وسام الحسن هو إعلان أن قوى الشر والإرهاب مصممة ومستمرة في محاولة إنجاز ما بدأته في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". ودعت إلى "تشييع وطني شعبي للعميد الشهيد والاستعداد للخطوات التي ستلي لتصحيح المسار الخطير". واعتبرت أن "أحد الأهداف الأساسية للجريمة هو استدراج لبنان إلى فتنة كبرى" محمّلة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "شخصياً مسؤولية دماء العميد الشهيد ودماء الأبرياء الذين سقطوا" وأن "الشراكة الوطنية يستحيل أن تعيش وتستمر على وقع هذا المسلسل الرهيب من الاغتيالات السياسية".

على الصعيد الرسمي، أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بيان، أن "عودة أسلوب القتل والتدمير تطاول أولاً المواطنين الأبرياء الذين هم دائما العنوان الأول لمثل هذه الرسائل التفجيرية التي تستهدف الأمن والاستقرار". واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "الانفجار على أبواب عيد الأضحى يدل على تعمق الجريمة في نفوس الفاعلين". وقدم برّي لميقاتي التعازي باستشهاد الحسن كما اتصل بالرئيس سعد الحريري معزياً وأجرى اتصالاً بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي معزياً إيّاه وقيادة قوى الأمن الداخلي.

وشدد رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة على أن "حادث التفجير الإجرامي الذي استهدف المواطنين الآمنين الأبرياء في منطقة الأشرفية مستنكر ومرفوض بكل المقاييس وهو يستهدف الأمن والسلام والاستقرار في لبنان" وشدد على أنه "كما فشل المجرمون سابقاً في النيل من صمود اللبنانيين وقوتهم وتمسكهم بوطنهم فإن الفشل هذه المرة سيكون من نصيب من سبق أن واجه الفشل عينه".

ودان قائد الجيش العماد جان قهوجي الجريمة وقال في بيان إن "العلاقة القريبة والصداقة التي كانت تربطني بالشهيد وعمليات التنسيق والتعاون القائم بين جهازه وقوى الأمن والجيش كانت كبيرة جداً، وهذا التعاون ساهم في محطات كبيرة بتخليص البلد من مخاطر كبيرة"، معتبراً أن "الشهيد خسارة لكل لبنان وليس فقط لعائلته ولا للعسكر، الشهيد نذر حياته كلها للبنان واستشهد من أجل لبنان".

من جهته، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "إنني مصاب بما جرى على المستوى الشخصي وأوجه نداء الى اللبنانيين كي يروا أين هو الشر في هذا البلد ومن يستشهد فيه. نحن في عز دين مسلسل الاغتيالات لكن ذلك لن يفيدهم".

ودان "حزب الله" بشدة في بيان "الجريمة النكراء التي استهدفت العميد وسام الحسن مما أدى الى استشهاده مع عدد من المواطنين اللبنانيين وجرح العشرات فضلاً عن الأضرار الجسيمة في الأبنية والممتلكات".

بدوره عبر رئيس "التيار الوطني الحر" ميشال عون عن إدانته الشديدة لاغتيال العميد وسام الحسن وقال "ندين بقوة هذا الإجرام ورحمة الله على الحسن وشهداء الأشرفية".