وفي وقت كانت الشاشات تبثّ صور اقتحام السراياكان المعلّقون على «فايسبوك» يسألون إن كان قطيش يحضّر نفسه لدور سياسي يشبه دور عقاب صقرأو فارس خشّان. وكتب أحدهم: «لو كنّا في بلد محترم لزجّ نديم قطيش بالسجن
تمّ تداول اسم نديم قطيش في اليومين الماضيين، أكثر مما تمّ تداوله طيلة مسيرته المهنيّة. يبدو أن الإعلامي الشاب اختار أن يسلك الطريق ذاتها التي سلكها قبله إعلاميون كانوا في واجهة مشروع 14 آذار السياسي منذ العام 2005. ظهر قطيش في اعتصام ساحة الشهداء يوم السبت الماضي، وتولّى أمس دعوة الحشود لغزو السرايا الحكومية، خلال تشييع اللواء وسام الحسن. انتقل الصحافي من موقعه المهني، إلى موقع الخطيب، والمحرّض، بعدما ارتدى ثوب المحلّل السياسي على امتداد أشهر في برنامج «دي أن آي».
كتبت جوي سليم في جريدة السفير:
بالأمس، تخلّى عن بزته الكحلية، وعن شاشة «الأوتو كيو»، وراح يرتجل. رفع صوته داعياً الشعب اللبناني للطلاق مع حزب الله «حتى العدالة». اتهمّ النظام السوري باغتيال العميد وسام الحسن والشهيدين، وملأ مواقع التواصل بدعوات النزول إلى الشارع، من دون أن يجد مشكلة في استخدام عبارات نابية لهذا الهدف. ثمّ، بلغ به الأمر حدّ دعوة المشاركين في التشييع، إلى اقتحام السرايا لإسقاط الحكومة. وفي وقت كانت الشاشات تبثّ صور اقتحام السرايا، كان المعلّقون على «فايسبوك» يسألون إن كان قطيش يحضّر نفسه لدور سياسي يشبه دور عقاب صقر، أو فارس خشّان. وكتب أحدهم: «لو كنّا في بلد محترم لزجّ نديم قطيش في السجن».
وكان قطيش قد أمضى الأشهر الماضية، في اختبار طاقاته في الدعاية السياسيّة، ضمن برنامج «دي أن آي» أو «التحليل السياسي اليومي». كلمة «تحليل» عموماً تدفع للتفاؤل. فمن يرفض التحليل؟ خصوصاً في ظلّ التعقيدات السياسية المحلية والدولية، حيث يكون الشرح والتوضيح ضرورةً لا غنى عنها. لكنّ أي تحليلِ قدّمه قطيش؟ شاهدناه يجلس على كرسيّ عالٍ بجانب طاولةٍ عليها أوراق كثيرة. يمسك القلم، ويطلق العنان لحديثه. لا تقاطعه سوى بعض مقاطع الفيديو التي تخدم الموضوع الذي تطرحه الحلقة. يبدأ مونولوج نديم قطيش، ويستمر لربع ساعة. يقرأ تحليله المعدّ عن شاشة الـ«أوتو كيو»، حيث يمكننا ملاحظة ارتباكه أحياناً في تحديد نبرة جملته بسبب تقطيع النص. يحرّك يديه باستمرار ولا يبتسم إلا نادراً، فارضاً علينا هيئة المحلل الجدّي.
يقدّم قطيش نفسه على «فايسبوك» كخبيرٍ في شؤون الشرق الأوسط مع اهتمام خاصٍ بإيران. وفي برنامجه DNA، يحصر تحليلاته بمواضيع ثلاثة نادراً ما تتغيّر: النظام السوري، «حزب الله»، و«التيار الوطني الحر». يحاول قطيش إضفاء تطعيم تحليله بنبرة ساخرة، لا يفهمها سوى من تبنّوا رأيه السياسي مسبقاً. اللافت، أنّ البرنامج يحظى بشعبية على موقع «يوتيوب». ولا نكاد نجد مقطعاً واحداً يخلو من التعليقات المذهبية والشتائم المتبادلة بين من يوافق على خطاب البرنامج ومن يرفضه.
وتحصد حلقة حول تظاهرة «حزب الله» ضدّ الإساءة للرسول مثلاً، أعلى نسبة مشاهدة على الموقع، حيث يعلن الإعلامي أنّه «لا يجوز لـ «حزب الله» التظاهر دفاعاً عن الرسول، في مقابل عدم الاعتراض على أفعال النظام في سوريا». وحده نديم قطيش يعلم الرابط بين الأمرين!..
وفي حلقة مخصصة للتعليق على خطاب السيد حسن نصر الله الذي تبنى فيه طائرة «أيوب»، بلغ قطيش قمّة «التحليل». وقال: «الطائرة لم تحقق نجاحاً، لأن اسرائيل قد أسقطتها، لذلك اضطر حزب الله لتبني الطائرة لأنها انكشفت». هكذا يتحوّل التحليل الإخباري إلى دعم الحجة الإسرائيلية وتقديمها على المقاومة. ويتساءل قطيش في ختام الحلقة، «هل حزب الله معنيّ بماذا يفكّر اللبنانيون؟» كأنّ اللبنانيين، ببساطة، غير معنيين بمقاومة العدو، برأي قطيش.
بعد ظهر أمس، اختبر قطيش كيف يمكن للكلمة أن تشعل فتيلاً يصعب إطفاؤه. بعدما متّن طاقاته الخطابيّة على الشاشة، فجّرها في ساحة الشهداء... كلمة منه كانت كافية لتهيج الجموع، وتهجم على السرايا. فهل كان فخوراً بنفسه، كصحافي، يا ترى؟
لاحقاً، سألت «الجديد» عضو تيار «المستقبل» راشد فايد إذا كان الرئيس السابق سعد الحريري قد اتصل فعلا بقطيش ونبهه لخطورة ما يفعله، أو وبخه، فلم ينكر فايد ولم يؤكد.
بعدها، أوردت إحدى الشاشات خبراً مفاده أن قطيش لا ينتمي لتيار «المستقبل»، بل هو إعلامي عبر شاشته. اصدر رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة، بيانا أكد فيه أن «الكلام الذي صدر عن بعض المتحدثين (في إشارة للإعلامي نديم قطيش) خلال تشييع اللواء الشهيد وسام الحسن ليس بعلم المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة وخارج عن مسؤوليته». قبل أن يعرف الجميع في حلقة «كلام الناس» أنّ زوجة قطيش، كانت السبب في كلّ ما حصل... فقد أعلن أنّه استشارها، قبل أن يأخذ تلك الخطوة المصيريّة. اعتراف قطيش الخطير تحوّل إلى مناسبة للتندّر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ كتب أحد المعلقين: «يا شباب، مصير البلد كان متوقفاً على رؤية مدام قطيش».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه