تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء عدّة عناوين كان أبرزها التطورات الامنية الاخيرة التي شهدتها العاصمة بيروت وطرابلس ومناطق أخرى من إنتشار كثيف للجيش وإعادة الامن
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء عدّة عناوين كان أبرزها التطورات الامنية الاخيرة التي شهدتها العاصمة بيروت وطرابلس ومناطق أخرى من إنتشار كثيف للجيش وإعادة الامن الى كل المناطق وفرض هيبته بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لقوى 14 اذار، كما تحدثت الصحف عن الزيارة الغير مسبوقة التي قام بها سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن للقصر الجمهوري وتأكيدهم على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ولا سيما الحكومة الحالية.
السفير
صحيفة السفير تناولت التطورات الامنية الاخيرة في لبنان بعد الانقلاب الفاشل الذي قامت به قوى 14 اذار وعودة الهدوء الى العاصمة وإعادة فتح الطرقات.
العاصمة تستعيد حياتها .. وطرق الجنوب والبقاع مفتوحة .. وطرابلس تنتظر
الاتصال الأخير لوسام الحسن بالحريري: أنا في بيروت
وكتبت الصحيفة تقول "يكفي الجيش اللبناني أن كل عائلة قابعة في دوامة الخوف، كانت تود أن ترمي الجيش بأكثر من وردة وحبة أرز. كانت تود أن تعانق كل عسكري يقتحم فوضى السلاح والمسلحين والطرق المقطوعة، من أجل توفير أمن يضمن إرسال طفل أو طفلة الى مدرسة وبلوغ موظف مركز عمله.
يكفي الجيش اللبناني فخراً أنه ما زال العنوان الجامع والصورة الجميلة. الجيش الذي لا يحتاج الى أكثر من قرار سياسي وهيبة ومعنويات. الجيش الذي لا يحتاج الى طائرات وصواريخ بقدر ما يحتاج الى إرادة وشجاعة، أظهر العسكريون أنهم أهل لها وأن شعبهم يستحق فرصة ومتنفساً، بدل أن يبقى أسير الحوار المفقود والاتهامات الجاهزة وهواة الانتحار السياسي ولو على حساب دماء أبرياء، لن يسأل أحد اليوم وغدا عنهم وعن أحوالهم.
يكفي الجيش اللبناني أنه يعيد بحضوره على الأرض، كل المعنى للعلم والبدلة المرقطة. يعيد للدولة شيئاً من صورتها بعدما كادت تضيع في غياهب دكاكين السلاح والمسلحين والمقنّعين الذين تسللوا واتخذوا من قضية استشهاد اللواء وسام الحسن، عنواناً، لاستباحة أمن لطالما جهدت مؤسسة قوى الأمن مع باقي المؤسسات الأمنية، في السعي الى تحصينه برغم الانقسام السياسي العميق داخليا وحجم الحريق الكبير من حول لبنان.
وبينما كانت الأشرفية تلملم لليوم الرابع على التوالي، آثارالجريمة، كشف مرجع واسع الاطلاع لـ«السفير»، أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وضع يده على «داتا» الاتصالات التي أجراها اللواء الشهيد وسام الحسن، قبيل ساعات من استشهاده، وتحديداً منذ لحظة بلوغه أرض مطار بيروت مساء الخميس الماضي حتى لحظة الانفجار قبيل الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة الماضي.
وقال المرجع إنه بعيد وقوع الانفجار، طلب المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي من فرع المعلومات تزويده بالمعلومات تباعاً حول إمكان أن
يكون هناك أي استهداف لشخصية معينة، وقد جاءته المعلومات أن لا شخصية مستهدفة، وفي الوقت نفسه، حاول ريفي الاتصال باللواء الحسن الذي كان يفترض أنه ما زال موجودا في باريس الى جانب عائلته، بعد عودته من برلين، فتبين له أن خط رئيس فرع المعلومات ما زال مقفلا، وقدر أن يكون في مكان لا يستطيع أن يتواصل معه.
وحوالي الساعة الرابعة، تلقى ريفي اتصالا من الرئيس سعد الحريري، وقال له «هل اطمأننت على وسام»، فأجابه ريفي: «وسام مسافر دولة الرئيس»، وعندها قال له الحريري: «وسام تحدث معي صباحا وطمأنني أنه وصل الى بيروت».
وعلى الفور، أرسل ريفي الفريق الذي يتولى تأمين مواكبة الشهيد الحسن، الى ساحة الانفجار، وعادوا اليه قبيل الخامسة تقريبا بساعة يده، ليدرك الجميع أن المستهدف هو وسام الحسن.
عندها، سارع ريفي الى إبلاغ كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس الحريري بأن وسام مفقود وعلى الأرجح أن يكون هو المستهدف بانفجار الأشرفية.
وكشف المرجع أن الحسن كان موضع مراقبة على الأرجح، ليس في بيروت وحدها، بل ربما تعرّض للمراقبة في برلين ومن بعدها في باريس، وحاليا، يجري التركيز على كل الأشخاص الذين تواصل معهم هاتفياً بعد عودته الى بيروت، وخاصة في يوم الانفجار، وهم أشخاص لا يتعدّون أصابع اليد الواحدة، وعلى الأرجح أنه كان سيلتقي أحدهم في مكتب سري كان يستخدمه في منطقة قريبة من مركز عمله في مقر المديرية العامة في أوتيل ديو.
في السياق نفسه، كشف اللواء ريفي عن الإمساك ببعض الخيوط «التي يمكن أن تقود الى كشف الجريمة»، مشيرا أمام وفد من نقابة المحررين أمس الى «ان السيارة المفخخة التي تم تفجيرها هي من طراز «تويوتا راف 4» مسروقة من أكثر من سنة وان الشهيد الحسن ومرافقه أحمد صهيوني كانا يستقلان سيارة عادية (مستأجرة) غير مصفحة من طراز «هوندا اكورد» للتمويه.
وقال ان اللواء الشهيد كان عائدا من أحد المكاتب السرية في المنطقة، الذي كان يجتمع فيه مع بعض الاشخاص الذين يتعاونون معنا في مجال الامن أو إعطاء المعلومات، مشيرا الى انه شخصيا وبعض الضباط الامنيين القادة لديهم مكاتب سرية لكنها إجمالا تكون قريبة من مقر القيادة لسهولة الانتقال منها واليها، ويتم تغييرها كل فترة، ولا يدخلــها في العــادة إلا قلة قليلة من الاشخــاص المهمين بالنسبة الى عملــنا ونحن لا نزور هذه المكاتب كل يــوم بل كل أسبوعين أو ثلاثة، والشهيد وسام كان عنده موعد في هذا المكتـب ويبدو أنه كان مرصودا قبل تغيير المكتب.
ونفى ريفي صحة ما تردد عن حصول انفجارين، مشيرا الى حصول انفجار واحد، وان السيارة المفخخة كانت مركونة الى جانب الطريق وتم تفجيرها في لحظة قاتلة عند مرور السيارة بمحاذاتها تماما لأن الطريق فرعية وضيقة ولا يمكن القيادة بسرعة فيها.
من جهة ثانية، قال ريفي إنه بعد الاتفاق بين رئيس الحكومة ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على تقديم مساعدة تقنية في التحقيق باغتيال الحسن، يصل وفد من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (اف بي آي) الى بيروت في غضون يومين أو ثلاثة أيام من أجل تقديم مساعدة في مجال الادلة الجنائية.
وأشار ريفي الى ان لقاء عقد، أمس، بينه وبين مسؤولين أمنيين في السفارة الاميركية في بيروت تم خلاله الاتفاق على تقديم هذه المساعدة «وقد نلنا موافقة المدعي العام التمييزي القاضي حاتم ماضي، بوصفه مشرفا على التحقيقات للشروع في ذلك».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر ان فريقا من مكتب التحقيق الفيدرالي الاميركي سيتوجه الى لبنان لتقديم المساعدة في ما يتعلق بالتحقيق في اغتيال اللواء الحسن.
وقال تونر في مؤتمر صحافي امس ان واشنطن تشعر بالقلق من تداعيات الصراع في سوريا على الأوضاع في لبنان.
وحول التقارير التي أفادت بتشجيع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ميقاتي على البقاء في القيام بمهامه، قال تونر «إن ما تؤيده الولايات المتحدة هو عمل جميع القادة السياسيين في لبنان معا ومعالجة الشواغل المثارة بشأن هذا الهجوم»، مشيرا إلى أن هناك تحقيقات جارية، وأعرب عن تطلعه لإعلان النتائج واستعادة الهدوء في لبنان.
ولفت تونر الانتباه إلى أن كلينتون أكدت لميقاتي التزام الولايات المتحدة الثابت باستقرار لبنان واستقلاله وسيادته وأمنه. كما أكدت أهمية عمل القادة السياسيين معا في هذه المرحلة الحساسة لضمان أن يسود الهدوء لبنان وجلب المسؤولين عن الهجوم الذى أودى بحياة الحسن إلى العدالة.
بدوره، رأى الرئيس ميقاتي أن الهدف من عملية اغتيال الحسن هو زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي، مؤكدا متابعة التحقيقات في انفجار الأشرفية حتى النهاية كي تتجلى الحقيقة واضحة للعيان، وقال عبر حسابه على موقع «تويتر» ان «الوصول الى معرفة الحقيقة بتفجير الأشرفية هدفنا في أي موقع كنا فيه، فحياة الناس أمانة في أعناقنا».
وأضاف «القاصي والداني يعلم الصداقة الشخصية والمؤسساتية التي كانت تربطني بالمرحوم الشهيد اللواء الحسن»، معتبرا ان «التصرفات غير المسؤولة في الشارع تخدم مخطط المجرمين لإدخال البلد في دائرة الفوضى وجره الى الفتنة».
رسالة الجيش: الأمن خط أحمر
ميدانيا، ليس أبلغ من الرسالة التي وجهها الجيش، أمس، في تأكيده «أن الأمن خط أحمر»، وذلك في مواجهة عبث أمني ضرب في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، العاصمة بيروت ومناطق لبنانية أخرى أبرزها عاصمة الشمال.
هذه المرة اقترن قول الجيش بفعله، فتمكن من إعادة الهدوء إلى الأماكن التي كانت مسرحاً للاشتباكات، ولا سيما في محلة الطريق الجديدة، وفرض على المجموعات المسلحة الاختفاء من الشوارع في العاصمة ومعظم المناطق باستثناء الشمال.
وإذا كانت قيادة الجيش تدرك حساسية المهمة الملقاة على عاتقها، فإن إجماع القوى السياسية، وخاصة «تيار المستقبل» على رفع الغطاء عن أي مسلح على الأرض، أعطى المؤسسة العسكرية مساحة سارعت الى ترجمتها، أمس الأول، أمام السرايا الكبيرة، وفي الساعات الأخيرة، عبر تدابير حازمة، خاصة «في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة».
ولعل مسارعة الوحدات العسكرية إلى فرض الأمن، بالإضافة الى ما أكده قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام العسكريين في بيروت بوجوب التصدي للفتنة وتشديده على الحفاظ على أرواح المدنيين وعلى عدم التساهل مع المخلّين بالأمن، قد طمأن المواطنين وساهم في خفض منسوب القلق والخوف لديهم، خاصة بعدما وجدوا أنفسهم فجأة ضحية مجموعة من العابثين بالأمن ومفتعلي الشغب والفوضى، وأهدافا للسلاح المتفلت، وللقناصة الذين أخذوا يصطادون المواطنين عشوائياً ودونما تفريق في ما بينهم.
وفيما يواجه مجلس الأمن لحظة انقسام غير مسبوقة منذ انتهاء «الحرب الباردة» في مطلع التسعينيات، فإن لبنان تلقى أمس، جرعة دعم دولية، تبدت في «أبهى» حللها، عندما اجتمع ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، في موكب واحد وصورة واحدة في القصر الجمهوري، دعماً للمؤسسات الشرعية وفي طليعتها حكومة ميقاتي، فضلا عن توجيه رسالة واضحة برفض وقوع لبنان في الفراغ وأن لا مانع من البحث عن صيغة حكومية جديدة، ولكن شرط أن يتم ذلك في إطار التشاور والتفاهم وضمن المؤسسات.
وكان الوضع الأمني في بيروت قد هدأ، أمس، حيث تمكنت وحدات الجيش من فرض سيطرتها على أماكن التوتر في الطريق الجديدة وحرج بيروت. فيما شهد الطريق الساحلي في اتجاهي الجنوب والبقاع، بدءا من عصر أمس، حركة سير عادية.
أما في طرابلس، فقد استمرت المناوشات في بعض محاور التبانة وجبل محسن والقبة والريفا، فيما وسع الجيش دائرة انتشاره وأعاد تمركزه في العديد من النقاط الساخنة في محاولة لتبريدها، وبلغ عدد الضحايا الذين سقطوا في المواجهات العسكرية الضارية التي اندلعت في الأيام الأخيرة ثمانية قتلى و38 جريحا."
الاخبار
صحيفة الاخبار تناولت الاحداث الامنية الاخيرة التي شهدتها العاصمة وطرابلس بعد الظهور المسلح لحزب المستقبل ثم إنكفائه بعد عزم الجيش على إعادة فرض الامن كما تحدثت الصحيفة عن الزيارة الاخيرة لسفراء الدول الخمس الكبرى للقصر الجمهوري.
«المستقبل» يسحب مسلّحيه والحكومة باقية
وكتبت تقول "… وفي اليوم الرابع من «غضب المعارضة»، بدا أن فريق 14 آذار يريد التنصّل من المسلحين الذين انتشروا في شوارع بيروت وطرابلس وطريق الجنوب الساحلي. رفع الغطاء عنهم جزئياً، طالباً منهم الخروج من الشارع. فصورة فريق «مشروع الدولة» انكفأت لحساب مسلحيه وقاطعي الطرق، الذين بدوا بلا قيادة مركزية، وبلا عقل يوجّههم لاستثمار عملهم في السياسة. ولم ينتج من اعتداءاتهم سوى الدم الذي أريق من الأبرياء. ويوم أمس، تدخل الجيش بقوة في بيروت، لتنحصر الأعمال المسلحة في طرابلس. أما سياسياً، فدخلت المعارضة القاعات المغلقة، متجنّبة التحرك في الشارع، بعدما بدا واضحاً أن الحكومة تلقّت جرعة دعم دولي وإقليمي كبيرة، مكّنتها من التخطيط لمعاودة عملها الأسبوع المقبل، بعد عطلة عيد الأضحى.
ميقاتي اشترى بقاء حكومته بطربوشه
رميةٌ من غير رامٍ. صحّ ذلك في حجّة وفّرها تيّار المستقبل وحلفاؤه للرئيس نجيب ميقاتي للتمسّك ببقاء حكومته. لا يُصدّق أحد من عارفيه أنه يستقيل تحت وطأة التهديد. أعطب معارضوه قضيتهم، اغتيال اللواء وسام الحسن، عندما أفصحوا بأنهم يريدون السرايا لا رأس ميقاتي فقط.
في واحدة من حالات نادرة، قد تكون الأولى التي عرفها لبنان على نحو كهذا في ممثليها وتوقيتها وسرعتها ومضمونها، قدّم سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، معاً، جرعة دعم للحكومة اللبنانية، سرعان ما تباينت الآراء والاجتهادات في تفسيرها.
أكد السفراء، في بيان مكتوب أمس، دعمهم الاستقرار والمسار السياسي السلمي لأي انتقال للسلطة. نقلوا تعازي دولهم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وأعلنوا الحرص على الحوار الداخلي ودعم جهوده واستمرار عمل المؤسسات والعمل الحكومي.
تلقف كل من فريقي 8 و14 آذار بيان الدول الخمس في مجلس الأمن على طريقته. عدّه الأولون دعماً مباشراً لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي والتمسّك ببقائها. ونظر إليه الأخيرون على أنه يولي اهتمام دولهم بالاستقرار، لا بالحكومة. لكن بيان الدول الخمس أبرزَ، كذلك، تلازم الاستقرار ورفض العنف والفراغ الحكومي.
وبحسب أوساط سفارة دولة كبرى، توخّى البيان المكتوب تجاوز ما اجتهد الأفرقاء اللبنانيون في تفسيره، إلى تأكيد مواقف ثلاثة على الأقل:
أولها، أن السفراء الستة لا يتدخّلون في ما يقرّره اللبنانيون، سواء أيّدوا بقاء حكومتهم الحالية أو أبدلوها بأخرى. وهم يعتبرون التدخّل في أي من هذين الخيارين تطفّلاً في شؤون داخلية لبنانية، ولا تعدو نصيحتهم سوى تحرّك مبكّر ووقائي لتفادي أية أخطار قد يواجهها لبنان تحت وطأة الأزمة السورية.
ثانيها، أنهم يلحّون على الأفرقاء اللبنانيين قَرن أي خطة لانتقال السلطة بمسار سياسي سلمي يعتمد الحوار الوطني أو الآلية الدستورية. لا يوافقون على أي إجراء يتوسّل العنف أو يؤدي إلى فراغ حكومي. وهم، بذلك، يوجّهون رسالة مزدوجة المغزى: معارضة إسقاط الحكومة في الشارع خشية تقويض الاستقرار، كما معارضة التسبّب بفراغ سياسي ناجم عن عدم الاتفاق على حكومة تخلف الحكومة الحالية.
وتبعاً لمعرفة مخضرمة لدى بعض سفارات دول كبرى بالواقع اللبناني وتعقيدات تكوين السلطة فيه ـــ وكانوا قد خبروا أكثر من مرة في السنوات الأخيرة المخاض الصعب الذي يواجهه تأليف حكومة لبنانية يستغرق أحياناً أكثر من ثلاثة أشهر من التجاذب ـــ تمسّكوا بشرط التوافق المسبق على تأليفها.
ثالثها، أن الدول الخمس الدائمة العضوية، وأخصّها الأكثر تحرّكاً في لبنان كالولايات المتحدة وفرنسا، تنظر بارتياح إلى وجود ميقاتي على رأس الحكومة الحالية، بسبب سلسلة سياسات اتبعها في علاقة لبنان بالمجتمع الدولي، ولا سيما النأي بالنفس عمّا يجري في سوريا، واحترامه تعهّداته الدولية. إلا أن هذا التشجيع لا يعكس بالضرورة رضى هذه الدول على وجود حزب الله في الحكومة، والنفوذ البارز والنافر الذي يمارسه عليها وعلى رئيسها، ولا كذلك تصرّفاته ومجازفاته حيال سوريا وإسرائيل في معزل عن الحكومة اللبنانية.
لا يَضير الدول الخمس الكبرى وممثل الأمم المتحدة رؤية حكومة لبنانية بلا وزراء لحزب الله. بيد أنها ترجّح كفّة الاستقرار على ما عداها، بما في ذلك وجود الحزب داخل الحكومة إذا أفضى إلى تعزيز أسباب هذا الاستقرار.
ومهما يكن التناقض الذي أحاط بتأويل بيان الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فمن الواضح أن حكومة ميقاتي لا تستعد أبداً لحزم حقائبها قبل انتخابات 2013 إذا أجريت، ولا يتصوّر رئيسها نفسه يرضخ لضغوط تيّار المستقبل وقوى 14 آذار. لم يُفاجئه بيان المجموعة الدولية بعدما كان قد تبلّغ هذا الموقف، بالمفرّق، من سفراء الدول الكبرى قبل ساعات، ووجد فيه تعزيزاً لوجهة نظره: لا يتمسّك بالبقاء في رئاسة الحكومة، لكنه لن يسبّب فراغاً ينجم عن استقالتها من دون اتفاق مسبق على حكومة وحدة وطنية. استقبل ميقاتي الموقف الدولي بإيجابية وفّرت جرعة إضافية لحكومته بالبقاء تفادياً لتعريض الاستقرار لهزّة، وضمان استمرار عمل المؤسسات الحكومية، ومباشرتها بالتحقيق لكشف قتلة اللواء وسام الحسن، وقد أفرد بيان الدول الدائمة العضوية بنداً خاصاً به.
ورغم التزامه الصمت أمس، والاكتفاء بالتأكيد أن موقفه لا يزال قيد التشاور، لم يُرسل أي إشارة إلى استقالة محتملة. بل شدّد على أنه لم يُفاتح رئيس الجمهورية بها.
يتقاطع هذا الموقف مع ما كان قد سمعه زوّار سليمان في عطلة نهاية الأسبوع، تحت وطأة أعمال الشغب ومحاولة فرض أمر واقع جديد في البلاد يطيح الحكومة من دون التحوّط لخطر تعذّر تأليف أخرى تخلفها.
ما نقل عن رئيس الجمهورية تركّز على ملاحظات ثلاث:
ـــ لم يقل ميقاتي لسليمان إنه في وارد الاستقالة، ولا أظهر استعداداً مباشراً لهذا الخيار، بل ناقشا سبل جبه تداعيات اغتيال الحسن. جلّ ما قاله رئيس الحكومة ـــ وكان قد كرّره في أكثر من مناسبة، في الخارج في أثناء زيارته بريطانيا في تموز وفي الداخل قبل ذلك إلى طاولة الحوار الوطني في حزيران ـــ إن تأليف حكومة وحدة وطنية ينبثق من اتفاق أقطاب طاولة الحوار عليها. عندئذ يتنحّى.
ـــ لا يسع رئيس الجمهورية مطالبة رئيس الحكومة بالاستقالة إذا لم يشأ هو التقدّم بها. وليس في وسعه، تالياً، إرغامه على الاعتزال مهما تكن ضغوط الشارع. في ظروف كهذه، لا يريد سليمان أن يلبس هذا القميص.
ـــ يعرف الرئيس أن تأليف حكومة جديدة يُريحه، ويساعده على إمرار مدة السنة ونصف السنة الباقية من ولايته. يعرف كذلك أنه كابد الكثير مع بعض وزراء الحكومة الحالية الذين وقفوا عقبة في طريق اقتراحات وخطط وتعيينات سعى إليها. بيد أنه يرفض، هو الآخر كميقاتي، استقالة الحكومة قبل أن يكون قد ضَمِنَ مظلة توافق وطني على حكومة جديدة تحظى أيضاً ــ وحكماً ـــ بتأييد عربي وغربي، وتحدّد لنفسها مهمات محدّدة، ولا تكون عرضة لاستهداف آخر.
بفضل سوء إدارة المعارضة المواجهة معه، اجتاز ميقاتي مرة ثانية، بعد 24 كانون الثاني 2011، شغباً سنّياً رمى إلى إطاحته. في المرتين تنصّل تيّار المستقبل من الشغب، وتدخّل الرئيس سعد الحريري أكثر من مرة للجم ما برّره أنصاره بداية بأنه فورة غضب، ثم أضحت عبئاً عليه. هكذا اشترى ميقاتي بقاء الحكومة بطربوشه.
توخّى شغب 2011 منع ميقاتي من المضي في تأليف حكومته، وإرغامه على الاعتذار لإعادة السلطة إلى الحريري، على نحو مشابه لتجربة الرئيس أمين الحافظ عام 1973 عندما انقضّ عليه زعماء السنّة البيروتيون والطرابلسيون للحؤول دون حصول حكومته على ثقة مجلس النواب وإسقاطها قبل مثولها أمامه. كذلك من أجل أن يستعيدوا رئاسة الحكومة منه. إلا أن شغب 2012 ذهب في منحى مغاير، هو إخراج ميقاتي من الحكم بالقوة وتقويض مستقبله السياسي، ودفعه إلى عزلة نهائية في مسقطه وفي مجمل الحياة السياسية، على غرار تجربتين سابقتين مشابهتين، إحداهما مع الرئيس سامي الصلح في آخر حكومة ترأسها خرج بعدها عام 1958 من الحكم نهائياً، والرئيس شفيق الوزان عام 1984 بعد اتفاق 17 أيار قبل سنة. نُظِرَ إلى الرئيسين الراحلين على أن طائفتهما نبذتهما إما لأنهما انقلبا عليها، أو لأنها انقلبت عليهما. لم يصحّ ذاك، ولا ذلك.
لم يقع الرئيس عمر كرامي في تجربة مماثلة رغم أفول كان قد أطبق على جزء أساسي من حياته السياسية في السنوات الأخيرة. بعدما أسقطت حكومته بقوة الشارع عام 1992، عاد إلى رئاسة الحكومة عام 2004، ثم أطيح بالطريقة نفسها بعد سنة."
المستقبل
بدورها صحيفة المستقبل تحدثت عن الزيارة الاخيرة التي قام بها سفراء الدول الخمس الكبرى للقصر الجمهوري وتاكيدهم على ضرورة السلم الاهلي.
سفراء الدول الخمس دانوا اغتيال الحسن وشدّدوا على المسار السلمي
سليمان يبحث مع ميقاتي وأبو فاعور تثبيت الأمن والحوار
وكتبت تقول "شهد قصر بعبدا أمس حركة ناشطة للموفدين الدوليين بدأها سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن مع المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، وتستكمل اليوم بزيارة الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون، وتتزامن مع تحرك رئيس الجمهورية ميشال سليمان لاجراء "مشاورات داخلية" مع الأفرقاء المعنيين حول كيفية الخروج من التوتر السياسي والأمني الحاصل في البلاد. والتقى لهذه الغاية كلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، علماً ان اوساط ميقاتي أكدت أنه سيعاود لقاءاته الرسمية في السرايا الحكومية قريباً "ولن نترك السرايا"، وأنه يبحث في تأجيل زيارته للمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج.
كما علم ان ميقاتي أجرى، بعد زيارته بعبدا، سلسلة لقاءات بعيدة عن الأضواء في منزله في فردان، مع شخصيات ديبلوماسية وسياسية لاستمزاج آرائهم حول الأزمة الحكومية الحاصلة.
أما في ما يتعلق بزيارة سفراء الدول الخمس لبعبدا، فزبدة كلام بلامبلي تكمن في "ادانة جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن، ودعوة جميع الأطراف اللبنانيين إلى الاتفاق على الطريق للسير قدماً، ومن الضروري أن يتم ذلك وفق مسار سياسي سلمي وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الأمن والاستقرار والعدل في لبنان".
واعتبرت اوساط بعبدا ان "زيارة السفراء ملفتة، وتعكس مدى القلق على السلم الأهلي في لبنان، وبالتالي فالساعات المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة ماذا سيحصل على صعيد التغيير الحكومي، خصوصاً ان السفراء نقلوا الى رئيس الجمهورية انهم سيبدأون تواصلهم مع الأطراف المعنية لاقناعهم بأنه من الأجدى فتح باب الحوار والنقاش تجاه أي تغيير في الحكومة بدل إسقاطها بالقوة".
أضافت الأوساط: "أكد السفراء أنهم حريصون على عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، لكنهم متخوفون من تورط لبنان في أزمات المنطقة وحصول فراغ دستوري فيه يؤدي إلى مزيد من من التأزم السياسي والأمني، وبالتالي إذا كان تغيير الحكومة شأناً داخلياً، إلا أنهم يفضلون عدم شلّ المؤسسات الدستورية، وهم ليسوا مع أو ضدّ الحكومة ولكن لا يمكن أن تولد الحلول من خارج مؤسسات الدولة".
وأشارت الأوساط الى ان مجلس الأمن الدولي اتخذ العديد من المواقف التي تحصن السلم الأهلي بدءاً من دعم "اعلان بعبدا" ومعاودة جلسات الحوار وصولاً إلى البيان الذي دعا فيه جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وبالتالي هناك سيناريوهات متعددة لما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة، منها بقاء 14 آذار على موقفها بإسقاط الحكومة بزخم من الشارع، أو نجاح السفراء في إقناعها بأن تقبل بمشاورات رئيس الجمهورية للتفتيش عن الحلول المناسبة ومن ثم الانتقال الى نقاش الحلول عبر المؤسسات الدستورية وليس عبر الشارع.
وفسرت الأوساط معنى المشاورات التي يقوم بها رئيس الجمهورية بأنه "نقاش البدائل عن الحكومة الحالية والامكانات المتوافرة، فحكومة اتحاد وطني يلزمها نقاش مستفيض حول الدور الذي يجب أن تلعبه قبل أن تقدم حكومة ميقاتي استقالتها. علماً ان رئيس الجمهورية بدأ منذ انتهاء جلسة مجلس الوزراء يوم السبت الماضي باجراء مشاوراته بوتيرة سريعة، وستبقى كذلك في الأيام المقبلة، لكن الخروج من الأزمة الحالية منوط أيضاً برغبة جميع الأفرقاء في عدم إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه".
تجدر الاشارة الى ان لقاء سليمان وميقاتي بحث في "تثبيت الأمن والحوار المفتوح للنظر في ما يمكن القيام به لمعالجة الأزمة الحاصلة". أما لقاء سليمان وأبو فاعور فتضمن نقاش وجهة نظر رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط تجاه الأزمة الحاصلة، ومفادها ان جنبلاط ليس مع إسقاط الحكومة منعاً لحصول فراغ في البلاد، لكنه مع فتح باب الحوار مع كل الأطراف المعنية لايجاد الحلول الناجعة.
وكان رئيس الجمهورية تلقى تعزية من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وموقفاً تضامنياً مع لبنان نقله سفراؤها الذين زاروا قصر بعبدا أمس، مع بلامبلي، الذي أكد "ادانة الدول محاولة هز الاستقرار في لبنان عبر اغتيالات سياسية"، مشدداً على ضرورة احالة المسؤولين عن جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ورفيقه على القضاء.
وقال بلامبلي في تصريح: "طلبنا انا وسعادة سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة هذا اللقاء مع فخامة الرئيس لتأكيد تضامننا مع لبنان خلال هذه الفترة الصعبة. وجددنا التذكير بالبيان الذي صدر في 19 تشرين الاول 2012 عن رئيس مجلس الامن نيابة عن كل أعضائه بعد وقوع العمل الارهابي الفظيع في ذلك اليوم، والذي أودى بحياة اللواء وسام الحسن وآخرين وأدى الى اصابة أكثر من 100 شخص في الاشرفية. تقدمنا بالتعازي الى رئيس الجمهورية ومن خلاله الى الشعب اللبناني لهذه الخسارة الاليمة". واشار الى ان "أعضاء مجلس الامن أكدوا في بيانهم تصميمهم على وجوب إحالة المسؤولين ورعاتهم على القضاء، وإدانتهم المطلقة لأي محاولة لهز إستقرار لبنان من خلال الاغتيالات السياسية، وعبّروا كذلك عن تصميمهم على دعم حكومة لبنان لوضع حد نهائي للافلات من العقاب"، داعياً "جميع الاطراف في لبنان الى المحافظة على الوحدة الوطنية في وجه هذه المحاولات".
أضاف: "أكدنا لفخامة الرئيس دعمنا لقيادته وللجهود التي يقوم بها حالياً بالتشاور مع كل الاطراف اللبنانية. ويعود الى الاطراف اللبنانيين الاتفاق على الطريق للسير قدماً، ومن الضروري أن يتم ذلك من خلال مسار سياسي سلمي وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الامن والاستقرار والعدل في لبنان. وسوف نقف الى جانب لبنان خلال هذه الفترة الصعبة".
وبحث الرئيس سليمان مع الرئيس ميقاتي في التطورات السياسية والامنية السائدة على الساحة الداخلية والخطوات الواجب اتخاذها لاعادة ضبط الوضع الامني وابقاء الصراع السياسي بعيداً من لغة الشارع حفاظاً على الامن والاستقرار. وتناول مع الوزير ابو فاعور الاوضاع الراهنة وأهمية التهدئة على مستويي الخطاب السياسي والشارع.
واطلع من رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان على عمل المجلس وبحث معه في مواضيع دستورية. كما اطلع من قائد الدرك العميد جوزف دويهي على عمل الدرك في المخافر في المدن والقرى اللبنانية."
اللواء
صحيفة اللواء ركزت الحديث عن الوضع الامني المستجد في لبنان وفرض الجيش لهيبته على الارض كما تحدثت الصحيفة عن الاجماع والاجتماع الغير المسبوق للدول الكبرى في القصر الجمهوري وتأكيدهم على ضرورة تجاوز المرحلة سليماً والحفاظ على مؤسسات الدولة.
تعويم «أممي» للإستقرار .. ومشاورات المسار الحكومي الجديد
ميقاتي يعاود نشاطه في السراي اليوم .. ووفد (أف.بي.آي) ينضم إلى التحقيقات في إغتيال الحسن
وكتبت تقول "عومت الاتصالات المحلية والعابرة للبنان، عربياً ودولياً، الاستقرار الداخلي، عبر امرين غير مترابطين:
- فك الارتباط بين المشاورات الجارية لمسار حكومي جديد والتهدئة السياسية ضمن آلية تأخذ بوجهة نظر الرئيس ميشال سليمان، بأن المصلحة الوطنية ومصلحة الاستقرار تقضي بالتفاهم على هذا المسار، قبل استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، او قبول هذه الاستقالة كملف مترابط الملفات، تحت سقف عدم تعريض الوضع الداخلي الى أية انقسامات تدفع به الى وضع لا يمكن السيطرة عليه.
- اخراج الوضع على الارض من ضغوطات الخلافات السياسية، او التوترات الكلامية، وضبط النفس بالمواقف، وبالتوازي مع الاجراءات السريعة التي نفذها الجيش اللبناني عند خطوط التماس الجديدة في العاصمة ومحيطها، من الكولا الى قصقص، حيث انهى وجود بعض البؤر المسلحة، واعاد فرض الامن في منطقة الطريق الجديدة، حاصراً ذيول الاحداث، ومطالباً القيادات السياسية بالابتعاد عن التصريحات التي تؤجج الموقف، معتبراً ان نسبة الاحتقان في بعض المناطق ترتفع الى مستويات غير مسبوقة، معيداً التأكيد بأن «الامن خط احمر فعلاً لا قولاً».
وفي الوقت الذي اعلن مقربون من الرئيس ميقاتي انه سيعاود نشاطه اليوم في السراي، تلقى الاستقرار في لبنان دعماً قوياً من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، عبر بيان مشترك ابلغه للرئيس ميشال سليمان سفراء تلك الدول الذين زاروا قصر بعبدا صباحاً، برفقة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي.
واكد بيان الدول الخمس على الادانة المطلعة لاي محاولة لهز استقرار لبنان من خلال الاغتيالات السياسية، وعبر كذلك عن تصميم الدول الكبرى لدعم حكومة لبنان لوضع حد نهائي للافلات من العقاب، ودعوة جميع الاطراف للمحافظة على الوحدة الوطنية في وجه هذه المحاولات.
واكد الوفد دعم الجهود التي بدأها الرئيس سليمان للتشاور مع سائر الاطراف من اجل مسار سياسي سلمي، وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الامن والاستقرار والعدل.
وجاء هذا الدعم الدولي، في وقت واصل فيه الرئيس سليمان مشاوراته، بلقاءين منفردين عقدهما مع كل من الرئيس ميقاتي، والوزير وائل ابو فاعور موفداً من النائب وليد جنبلاط.
ولم يشأ الاثنان الادلاء بأي تصريح، لكن فهم من اوساط الرئيس ميقاتي، ان موضوع استقالة الحكومة لم يطرح، وان الاجواء لا توحي بأي تغيير حكومي قريب، مشيرة الى ان «الستاتيكو» القائم سيستمر على ما هو عليه.
أما ابو فاعور فأكد، في اتصال هاتفي، ان الرئيس سليمان وضعه في اجواء المشاورات التي يجريها، وهي لا تحمل اي جديد بالنسبة لاستقالة الحكومة، وان وزراء جبهة النضال الوطني، ليسوا مع أخذ البلاد للفراغ، ولا نريد ان نلعب لعبة النظام السوري في اخذ البلد الى الفتنة، من خلال اغتيال اللواء وسام الحسن.
غير ان جنبلاط اوحى في موقفه الاسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، بامكانية استعداده للمشاركة في تأليف حكومة جديدة تكون حكومة شراكة وطنية لانقاذ البلاد من الوضع الراهن، شرط حصول توافق جماعي محلي واقليمي.
ورأى ان افضل تكريم للرئيس رفيق الحريري والشهيد وسام الحسن يكون من خلال الابتعاد عن توزيع الاتهامات يميناً ويساراً، وتضييع البوصلة السياسية، والسقوط في الفخ الذي نصبه النظام السوري والذي يريد جر لبنان الى الاقتتال الداخلي بأي ثمن وتحويل الانظار عن الثورة السورية المستمرة.
واوضح ان المستهدف باغتيال وسام الحسن ليس طائفة او مذهباً، بل الدولة واجهزتها الامنية، فكما سبق واستهدف اللواء فرنسوا الحاج والمقدم وسام عيد والمقدم سمير شحادة، استهدف اللواء الحسن، وهذا ما يحتم على جميع اللبنانيين الالتفاف حول الدولة والسير في مشروع تعزيز دورها وموقعها.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان تكرر منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون التي ستلتقي اليوم الرئيسين سليمان وميقاتي بالموقف الذي سبق ان عبّر عنه السفراء الاوروبيون خلال لقاءاتهم الرؤساء الثلاثة، في اليومين الماضيين، لجهة التخوف الدولي من احتمال حصول فراغ في لبنان، من دون أن يعني هذا الموقف أن لديهم مانعاً من تغيير حكومي، على الرغم من أن هدف زيارة أشتون للبنان هو تفقد أوضاع النازحين السوريين على الحدود اللبنانية - السورية.
وأكد مصدر وزاري أن ما جرى أمام السراي الحكومي أمس الأول، جعل الرئيس ميقاتي أكثر تمسكاً ببقاء الحكومة، لافتاً إلى أن سفراء الدول الكبرى أكدوا دعمهم لرئيس الحكومة ولاستمرار الاستقرار.
ولم يستبعد المصدر أن يلتقي الرئيس ميقاتي الذي سيزور المملكة العربية السعودية اليوم لأداء فريضة الحج، عدداً من المسؤولين السعوديين والبحث معهم في التطورات اللبنانية.
إلا أن مصدراً قريباً من رئاسة الحكومة أوضح أنه إذا قرر الرئيس ميقاتي زيارة السعودية، فإن هذا القرار سيتخذ اليوم.
مساعدة FBI
وفي مجال آخر، يصل وفد من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي اف.بي.آي إلى بيروت قريباً لتقديم مساعدة تقنية في التحقيق باغتيال اللواء الحسن، بحسب ما أفاد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وكالة فرانس برس، وقال ريفي أنه «بعد الاتفاق بين الرئيس ميقاتي ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على تقديم مساعدة تقنية في التحقيق باغتيال اللواء الحسن، يصل وفد من مكتب التحقيقات الفدرالي إلى بيروت خلال يومين أو ثلاثة لتقديم مساعدة في مجال الأدلة الجنائية».
وأشار ريفي إلى أن لقاءً عُقد أمس بينه وبين مسؤولين أمنيين في السفارة الأميركية في بيروت تم خلاله الاتفاق على تقديم هذه المساعدة «وقد نلنا موافقة المدعي العام التمييزي (المشرف على التحقيقات) للشروع في ذلك».
وكانت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي أفادت أمس أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي روبرت مولر أجرى اتصالاً بريفي معزياً بمقتل الحسن «ومبدياً استعداد بلاده للمساعدة في التحقيقات». وأوضحت أن وفداً يضم الملحق الأمني في السفارة والملحق القانوني زارا ريفي أمس لعرض «المساعدة العلمية في التحقيقات من أجل كشف ملابسات جريمة اغتيال الحسن».
عودة الهدوء إلى بيروت وتوتر في طرابلس
في غضون ذلك، أعاد الجيش الهدوء إلى أحياء العاصمة بعد ان انتشر في الشوارع والاحياء التي شهدت اشتباكات ليل أمس الأول وصباح أمس، كما نفذ انتشار في مناطق الاشتباكات في طرابلس وتمكن من توقيف عدد من المسلحين، من دون أن يتمكن حتى الساعة من إعادة الهدوء إلى مناطق التوتر في جبل محسن والتبانة، حيث ما زال رصاص القنص سيد الموقف، وما زال المسلحون في حالة استنفار.
وأفادت حصيلة شبه رسمية للأحداث التي حصلت في بيروت خلال اليومين، هي سقوط قتيل و9 جرحى، فيما بلغت حصيلة الاشتباكات في الشمال 8 قتلى بمعدل أربعة قتلى من الطرفين في جبل محسن والتبانة التي أعلنت فعالياتها التزامهم بوقف اطلاق النار، مع الإشارة إلى ان التبانة تتعرض لإطلاق نار من جبل محسن، حيث أعلن رفعت عيد ان لاقرار رمن قبل الحزب باطلاق النار وهو ملتزم بالتهدئة، تاركاً للجيش مهمة ضبط الوضع، وانه اذا حصل اطلاق نار فيكون بمثابة رد فعل شخصي.
وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية أن عدداً من الشبان اقدموا مساء على اشعال الإطارات على الأوتوستراد بيروت - طرابلس في منطقة البترون محاولين قطع الأوتوستراد، فحضرت دورية لقوى الأمن ومنعتهم من ذلك.
وأعلن بيان لقيادة الجيش ان فلسطينيين اطلقا النار بالأسلحة الحربية الخفيفة باتجاه دورية للجيش في محلة قصقص في بيروت، فرد عناصر الدورية على النار بالمثل، ما أدى إلى مقتل أحمد قويدر متأثراً بجراحه وتوقيف شقيقه عبد.
وأكد الجيش انه سيتصدى بكل حزم وقوة للعابثين بأمن المواطنين والمعتدين على الجيش مهما كان انتماؤهم.
يشار إلى ان تبادلاً محدوداً لاطلاق النار حصل أيضاً في ضواحي شاتيلا والطريق الجديدة والمدينة الرياضية أسفر عن اصابة خمسة أشخاص في حين سد محتجون الطرق بإطارات مشتعلة وبالمستوعبات في احياء مختلفة من العاصمة، لكنها ما لبثت ان أزيلت بعد الظهر وبعد أن تمكن الجيش من حسم الوضع ولا سيما في كورنيش المزرعة التي انتشر فيها الجيش بكثافة."