حوارنا اليوم استثنائي لأن الشخص الضيف استثنائي لناحية الرتبة العسكرية التي تبوأها في بلاده سنوات طويلة وهي أعلى رتبة عسكرية في الدولة الفرنسية
باريس – نضال حمادة
حوارنا اليوم استثنائي لأن الشخص الضيف استثنائي لناحية الرتبة العسكرية التي تبوأها في بلاده سنوات طويلة وهي أعلى رتبة عسكرية في الدولة الفرنسية او لجهة الشخص نفسه الذي تقاعد رسميا لكنه ما زال في خدمة الدولة الفرنسية، خصوصا انه كان رئيس الأركان إبان حرب عاصفة الصحراء عام 1991، اما الاستثناء الآخر فهو أنه لأول مرة يتحدث مسؤول عسكري فرنسي سابق بهذه الرتبة الى الإعلام العربي.
المنار التقت رئيس أركان الجيوش الفرنسية السابق الجنرال (جان فلوري) وكان لنا معه الحوار التالي:
ما حجم القوة العسكرية اللازمة لمهاجمة سوريا (عدد الجنود- الطائرات- ألدبابات- الصواريخ)؟
تتألف القوة العسكرية السورية حاليا من 500 طائرة مقاتله 4000 دبابة، وحوالي 320 الف جندي. وإذا قارنا هذه الأرقام بما كان يملكه صدام حسين عندما اجتاح الكويت عام 1990 كان العراق يمتلك 6200 دبابة و650 الف جندي و550 طائره وللتمكن من إحراز النصر مع القليل من الخسائر وضع الحلفاء عام 1991 قوة جوية مؤلفة من 960 طائرة مقاتلة ، و660 الف جندي وقد ساهم النصر الجوي في جعل المعارك الأرضية في حدها الأدنى ، بالنظر لما تملكه سوريا اليوم من المؤكد ان وسائلها أقل خدمة من وسائل الديكتاتور العراقي عام 1990 ولكن دون قبول تركيا لا تملك القوات الحليفة أرض للبدء بعملية برية نحن بحاجة لنفس الوسائل التي استخدمت في العراق إبان حرب عاصفة الصحراء.
كيف ترون مستقبل الأوضاع في سوريا؟
للأسف انا متشائم. بالنسبة لي الحال ليست مسألة حماية الشعب ضد نظام ديكتاتوري كما حصل في ليبيا ، ولكن نحن امام حرب اهلية. في العموم استلم العلويون الحكم عام 1970 بمساعدة الأقليات ( المسيحية، الدروز، الأكراد، الإسماعيليون) وهم يرفضون العودة الى الوضع الذي كان قائما من قبل لأنهم يعلمون أنه بالنسبة لمقاتلي الجيش الحر مصيرهم الموت.
هناك حل يمكن ان يكون عبر تقسيم البلد الى دولة علوية ومسيحية على طول الساحل وهذا الحل تقبله روسيا لأنه يحفظ له المنفذ والتواجد على البحر في طرطوس، ولكن الأكراد السوريين يمكن لهم أيضا المطالبة بدورهم بالاستقلال والاتحاد مع أشقائهم العراقيين لتشكيل دولة جديدة، ما سوف يجر تركيا الى التدخل العسكري. نحن على بركان ويلزمنا وقت.
المخرج الأفضل أن يعلم الطرفان ان حربهم ليس لها مخرج وان الخسائر تزداد يوما عن يوم بالنسبة للجميع ولكن اليوم الذي نرى فيه الجميع يجلسون على طاولة المفاوضات للأسف ليس غدا.
هل يمكن للأطلسي التدخل العسكري في سوريا وتحت اية شروط؟
هناك شرطان ضروريان:
1 – طلب تدخل عسكري من مجلس الأمن الدولي وهذا هو مطلب غالبية الدول الأوروبية الكبرى وهذا يحتاج ان لا تتخذ روسيا والصين حق النقض الفيتو.
2 - التدخل الكثيف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. أوروبا التي لم تتوقف عن نزع سلاحها منذ سقوط حائط برلين ليس لديها حقيقة الإمكانيات لتدخل كبير ضد بلد مسلح بشكل قوي.
في حال طبق هذا الشرطان يجب ان يكون التحالف واسعا بحيث يضم بلدانا عربية و كل هذا في الوقت الحاضر ليس مؤكدا بل ليس محتملا.
ما هي البلدان التي يمكن أن تشارك وبأية وسائل؟
الى جانب غالبية دول حلف الأطلسي ، هناك الدول التي تساند حاليا المتمردين وبالتحديد قطر والسعودية.
هناك كلام عن إمكانية استخدام جزيرة قبرص قاعدة لهجوم بحري وجوي على سوريا؟
موقع جزيرة قبرص يجعلها قاعدة لإدخال عدة وسائل في القتال ولكنها لا تكفي. هناك اليونان أيضا موقعها جيد في الحالتين يجب وضع دفاع جوي جيد لردع أي ردة فعل سورية.
ويمكن للولايات المتحدة عندما تتخذ القرار بالتدخل أن تستخدم قواعدها الموجودة في الخليج مع استخدام الأجواء العراقية (بموافقة الحكومة العراقية أو بغض نظرها) فضلا عن استخدام حاملات الطائرات التي تملكها في المنطقة.
تركيا أيضا لها موقع جيد لكني أشك في رغبة تركيا في تدخل عسكري في سوريا.
في حال قرار من مجلس الأمن أعتقد انه على الحلفاء أن يضعوا خطة عسكرية من دون الأتراك .
هل يمكن لقوات اليونيفل في لبنان أن تلعب دورا ؟
كلا، في أية حال لا. مهمته محددة بوضوح من قبل مجلس الأمن الدولي وهي لن تتغير وتوكيلهم بمهمة مغايرة لن يساهم سوى في زعزعة لبنان الذي لا يحتاج الى هذا الأمر.
كيف ستكون مواقف روسيا والصين وإيران في حال تدخل عسكري أطلسي في سوريا؟
هناك صعوبة في الجواب. المؤكد على هذا السؤال لأن القرارات التي يتخذها رؤساء الدول تعتمد على مصالح بلدانهم ولكن أيضا أحاسيسهم ، نظرتهم الخاصة للأشياء المحيطين بهم، وقوى ضغط يمكن له ان تؤثر .
بالنسبة لروسيا ، حافظ ومن بعده بشار حلفاء منذ وقت طويل وزبائن جيدون لصادراتها من السلاح. زيادة على ذلك يعود الفضل لهما بحصول روسيا وحفاظها على آخر محطة لها في البحر المتوسط عند ميناء طرطوس.
تحت ضربات الغرب فقدت روسيا حليفين آخرين صدام حسين ومعمر القذافي وهي لا تريد أن يعاد نفس المشهد. من ناحية ثانية العلاقات بين الكنيسة الأرثوذوكسية وفلاديمير بوتين ممتازة ويريد حاكم الكرملين ان يؤمن حماية حد ادنى للمسيحيين. وهناك أيضا الجيش الروسي الذي يقيم علاقات صداقة مع شركائه العلويين ولا يريد أن يرى هؤلاء يتعرضون للغزو من قبل تحالف غربي والكرملين عليه أن يأخذ هذا بحسابه.
أعتقد أن موسكو تعرف أن حكم الرئيس السوري ليس طويلا لكنها تريد الاحتفاظ به في قبضتها في حال حصول مفاوضات محتملة عندما يقتنع كل الفرقاء أن الوضع أصبح لا يحتمل بالنسبة للجميع ويجب أن يتحاوروا. ولن تقوم موسكو برفع الفيتو من مجلس الأمن إلا عندما تبدأ مفاوضات تؤدي الى نتيجة، عندها لن تكون هناك قوة تدخل في سوريا ولكن (قبعات زرق) كما هي الحال في يوغوسلافيا.
هناك صعوبة أكثر في تحديد موقف الصين. في الوضع الجيوسياسي الجديد لا تتأخر بكين في وضع مصالحها الإقتصادية قبل مبدئها القديم القاضي بعدم التدخل العسكري في أية دولة ذات سيادة. العلاقات التجارية بين الصين وسوريا ليست مهمة جدا لكن العلاقات التجارية بين الصين وروسيا أصبحت أكثر أهمية ومن اجل ذلك اختارت الصين أن تدعم الموقف الروسي زيادة على ذلك هناك حاجتها للنفط الإيراني وإيران تساند سوريا. هذا الموقف يمكن ان يتغير حسب المعطيات على الأرض وحسب المعطيات الدولية بشكل عام.
هل يمكن للولايات المتحدة ان تهاجم سوريا دون موافقة من مجلس الأمن؟
هذا يبدو لي قليل الإحتمال، خصوصا إذا أعيد انتخاب باراك اوباما، في الحقيقة الولايات المتحدة ليس لديها ما تربحه في دخولها في قلب هذه الحرب الأهلية.
ما هي الوسائل العسكرية التي تحتاجها سوريا لصد هجوم محتمل للناتو؟
هذا يبدو صعبا. لأن الدولتين الكبيرتين روسيا والصين لا تريدان بالتأكيد الدخول في حرب عالمية ثالثة، ولكن أي احتلال عسكري لأي بلد سوف يجد صعوبة في مواجهة حرب عصابات عنيفة ضد المحتل.
هل يمكن للأطلسي الاعتماد على التدخل البري التركي بينما يقوم الغرب بالقصف الجوي؟
هذا السيناريو الليبي ولكن كما قلت سابقا الوضع في سوريا مختلف. لا اعتقد بحصول هذا الأمر.
هل يمكن لتركيا أن تجر الولايات المتحدة الأمريكية الى حرب في سوريا عبر الاشتباكات الحدودية المتكررة بين الجيشين التركي والسوري؟
لا، لن تترك الولايات المتحدة نفسها تجر الى حرب في سوريا ضد إرادتها. في حال ذهبوا فسوف يكون ذلك بملء إرادتهم.
بالنسبة للأتراك فهم سوف يردون بحزم على الهجمات ضد أراضيهم وهذا ما يفعلونه مع حزب العمال الكردستاني في تركيا وفي العراق ولكنهم لن يذهبوا أبعد من ذلك.