بعد ان علمت 14 اذار ان نجيب ميقاتي لن يستقيل بسهولة، كان قرار الاقتحام الذي بدت "القوات" في طليعته
أهم مراحل "محاولة الانقلاب الآذارية" على الدولة كانت موقعة محاولة اقتحام السراي الحكومي التي اتت لتتوج باقي "الاجراءات" المتخذة من هذا الفريق وتشمل العصيان المدني والاعمال المسلحة..
بعد ان علمت 14 اذار ان نجيب ميقاتي لن يستقيل بسهولة، كان قرار الاقتحام ليأتي ضمن الخطوات التي هدد بيان 14 اذار بتنفيذها بعَيد اغتيال اللواء وسام الحسن وهو البيان نفسه الذي حمّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسؤولية دم وسام الحسن.
لم يكن جثمان وسام الحسن قد ووري الثرى بعد، حتى توجهت الانظار الى مكان قريب من مكان التشييع.. إذ إن مجموعات كانت ضمن المشاركين تحركت بشكل مفاجئ. الهدف: اقتحام السراي، ثم احتلاله.. والنتيجة المتوخاة: فرض امر واقع يتمثل في "إحكام القبضة" على رمز رئاسة الحكومة بما يؤدي الى احراج رئيس الحكومة فإخراجه.. مع الاشارة الى ان تعبير "أخرُج" ورد على لسان فؤاد السنيورة متوجها الى ميقاتي اثناء تجمع وداع الحسن قبيل الاقتحام، وجاءت كلمة الاعلامي نديم قطيش لتكمّل كلمة السنيورة حيث دعا الى التوجه نحو السراي.
كان التوجه بشكل منظم حيكَ في وقت سابق وبدأت عملية محاولة الاقتحام من نقطة فيها تواجد ضعيف لقوى الأمن.. في خلال مشهد الاشتباك مع القوى الامنية كانت اعلام القوات اللبنانية شبه طاغية ثم اعلام تيار المستقبل. يبدو ان دور القوات كان اساسيا في هكذا خطوة وقد اتى التحرك القواتي على الارض ليَلي الخطابات النارية لسمير جعجع والقوات التي تقدمت على فئات 14 اذار الاخرى.
يشير مدير مركز الشرق الجديد للدراسات الاستراتيجية الاستاذ غالب قنديل لموقع المنار الى انه "منذ فترة غير قصيرة يتصرف سمير جعجع على انه الزعيم الاول لـ "14 آذار" وهناك نوع من التسليم من قبل الحريري وقيادة تيار المستقبل "لمرجعية" سمير جعجع ووصل هذا التسليم لحد ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية من قبل سعد الحريري"..
لقد بنيت تلك الحسابات بحسب قنديل "على فرضية نجاح الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو وتركيا والسعودية وقطر باسقاط سورية وانطلقت كل أبخرة الحسابات عند المستقبل والقوات على هذا الاساس وبدا جعجع وكأنه يتصرف على طريقة "الامر لي": خطة التحرك، المواقف السياسية، كل البيانات والمواقف التي تصدر، كانت فيها بصمة جعجع واضحة لجهة الاستهداف الصريح والمباشر للمقاومة ولجهة التدخل الهجومي في الحدث السوري، ويبدو ان الرجل صدّق فعلا انه على وشك ان يترشح للرئاسة وان يتربع في بعبدا على رأس الجمهورية بعد انتخابات 2013".
من هم "الطليعيون" في الاقتحام؟؟
من الذي كان الطليعي في اقتحام السراي؟ يقول قنديل "كشفت الاحداث الاخيرة التي وقعت وعملية اقتحام السراي ان القوات خططت وشاركت في تأمين قوة الصدم التي اجتاحت مدخل السراي بعد مهاجمتها لقوات الحرس الحكومي وهي المجموعة الصغيرة التي كانت على مدخل السراي، وكان يوجد الى جانب هؤلاء عناصر من ميليشيا تيار المستقبل.. النائبان نهاد المشنوق ومعين المرعبي كانا يعملان لحث الموجودين على مهاجمة السراي مرة اخرى ومعاودة الكرة اكثر من مرة، وكانت "عصابة" ما يسمى الجيش الحر، فعملية الاقتحام الاساسية نفذها عناصر من عصابة ما يسمى الجيش الحر وعناصر القوات".
وبالتالي يشير قنديل الى ان "المخطط كان مرسوماً لكن لم يستطيعوا احراج الرئيس ميقاتي ولا اخراجه لأن الشعار السياسي الذي طرحوه لم يكن محصنا اخلاقيا.. هم استثمروا دماء وسام الحسن من اجل العودة الى السلطة وليس من اجل اي هدف اخر وهذا لم يقنع جمهورهم بأن يشارك في التحرك".
يلفت قنديل في هذا السياق الى انه عند بدء محاولة الاقتحام "شهدنا مجموعة زمر من افراد منظمين تتجمع حول السراي بينما الجمهور الذي لبى الدعوة الى التشييع وهو اقلية من مجموع ما يمثل جمهور 14 آذار في المجتمع اللبناني قد انفض الى بيوته وبقيت هذه الزمر والشلل التي جاءت لتقتحم السراي".
الامر الثاني الذي يلفت اليه قنديل هو ان "جماعة 14 اذار تحركت على رهان انها تستطيع من خلال التحرك ان تفرض امرا واقعا وبالتالي ان تبدل في الحسابات الغربية، وقد ظهر بوضوح من خلال اجتماع السفراء في قصر بعبدا والاعلان الذي صدر بشأن ممثل الامم المتحدة في لبنان السيد بلامبلي ان الغرب بشكل خاص يتجه الى الاقرار بالفشل في سورية وهو يؤكد على الاستقرار في لبنان، لأن تقدير الموقف الاميركي أساسا والاوروبي ايضا يقوم على قاعدة ان ما يمكن ضمانه من مصالح غربية في لبنان في ظل حكومة الرئيس ميقاتي يشكل ما يلبي الحاجة الضرورية لسياساتهم بعد الفشل في سورية، بينما المغامرة بالتفجير قد تخسّر الغرب كل مواقع نفوذه في لبنان، ولهذا السبب جاء الموقف الغربي على هذا النحو"..
14 آذار في حالة "هستيريا"
لذا فتوصيف واقع 14 اذار هو اننا "امام فريق في حالة هستيريا وحالة انعدام وزن بسبب سقوط رهاناته ولعجزه عن استدراج القوى الوطنية الى الفتنة"، يقول غالب قنديل الذي يضيف "ان ما شهدناه من "غوغاء منظمة" وقطع طرق واعتداء على الناس في طريق الساحل وفي البقاع وداخل بيروت وفي طرابلس ضد المخالفين سياسيا لوجهات نظر هذه الغوغاء وهذا الفريق وهذا التحالف العريض، كان يستدرج فتنة كبرى في البلاد، أَمكن منعها بحكمة قيادات الفريق الوطني بكل اطيافه وكل منوعاته الحزبية والتنظيمية والسياسية وكذلك بسبب متانة وصلابة الدعم الشعبي اللبناني من كل الطوائف للجيش اللبناني ولدوره في حفظ السلم الأهلي، والناس شاهدت كيف جمع تيار المستقبل والقوات للرعاع ولهذا الخليط اللبناني - السوري من المرتزقة لضرب السلم الاهلي واخذ البلد الى الفتنة".
بيار نمور.. نموذج
يشار الى نموذج من المشاركين في هذه الاعتداءات في "رياض الصلح" وهو احد عناصر "القوات" ويُدعى بيار نمور وهو متعامل سابق مع العدو الاسرائيلي..
يقول قنديل "تبين من الوقائع حول وجود احد العملاء الاسرئيليين الذي يدعو الى القتل جهارا فالقوات والنسيج الذي ينتمي الى ميليشيا القوات تاريخيا هو الذي كان حاضرا في مقدمة اقتحام السراي، وهذا العميل الذي كان في عصابة جيش لحد دعا علناً الى القتل، هذا العميل بما تفوه به امام الكاميرا والكلام الذي قاله يؤكد انه ما زال عند ارتباطاته السابقة على الاقل بموقفه السياسي ليس بالضرورة ان يكون شُبك من جديد لأنه "عميل محروق" لحساب الاستخبارات الاسرائيلية طلما انه كشف وحكم عليه سابقا".
استدعاء المشاركين والمحرضين
لكن هنا يتساءل قنديل "لماذا لم تستدع النيابة العامة مثل هذا الشخص لينزل به العقاب، فهو حض على القتل وحرض على الفتنة وحرض على اقتحام مقر حكومي واعلن جهارا انه شارك في ذلك، بل لماذا لم تتحرك النيابة العامة بالنسبة لكل من تفوهوا بكلام تحريضي وفتنوي مذهبي رخيص بمن فيهم نواب كانوا على الهواء مباشرة يتحدثون بلغة فتنوية وبتحريض على العنف والقتل والاقتتال الداخلي أي على ضرب السلم الأهلي وهذا "جرم مشهود" والجرم المشهود يسقط الحصانة أي يجوز للنيابة العامة ان تستدعي نائبا ضبط بالجرم المشهود".
كما تساءل قنديل "عن وعد فخامة الرئيس أن يكون القضاء محصنا في تطبيق القانون لحماية السلم الأهلي إزاء ما شهدناه في هذه المهزلة السوداء والمخزية التي اقترفها تيار المستقبل والقوات اللبنانية"..