ما أثمرت حملة قوى 14 آذار بقيادة حزب المستقبل للإطاحة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلا فشلاً ذريعاً.
د. ابراهيم الموسوي
ما أثمرت حملة قوى 14 آذار بقيادة حزب المستقبل للإطاحة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلا فشلاً ذريعاً.
فمرّة بعد أخرى، يبرهن إئتلاف هذه القوى مدى غرورها وقصر نظرها وعدم نضجها. وقد مثّل فشلها الأخير مثالاً صارخاً على كيفية كون فريق سياسي ما نموذجا يحتذى به على صعيد الإنتحار السياسي.
فقوى المعارضة هذه لم ترقَ إلى مستوى قراءة الخارطة السياسية بالشكل الصحيح، ما حملها على المضي إلى حد محاولة إسقاط الحكومة في الشارع عبر اقتحام السراي الكبير، غافلةً عن التقييم الصحيح للأحداث المناطقية والدولية. كما وأنها جهِلت أن العالم مشغول بقضايا أكثر أهمية في المنطقة.
وكانت نتائج حملة 14 آذار كارثية بكلّ معنى الكلمة. أولا يكفي أن نتذكر صورة خمسة من سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن في لبنان وهم يشددون على موقفهم الداعم للحكومة لنرى مدى الدعم الذي تتلقاه هذه الحكومة لتتجاهل كل التهديدات وتستمر في تحمّل مسؤولياتها؟
أما قائمة الفشل فطويلة طويلة، والخسائر المباشرة وغير المباشرة لا تعدّ ولا تحصى. إلا أن السؤال المتكرر الذي لا يمكن تجاهله هو التالي: ما هي الحسابات التي قامت بها قوى المعارضة وجعلتها تصدّق أنها ستفوز في هذه المرة؟ ولماذا ظنّت هذه القوى أن بإمكانها تخطّي الخطوط الحمر التي رسمتها للآخرين في يوم من الأيام؟
ولا حاجة للقول إن أيّاً من الزمان والمكان لم يكن لصالحهم، كما وأن المزاج الشعبي لم يخدم تحرّكهم أيضا. فجاء تحركهم نتيجة إفلاسهم السياسي وفهمهم السطحي.
أما في ما يخص النتائج التي أحرزوها في هذه المغامرة السياسية الفاشلة، فثمّة عدد من النقاط المريعة:
- أولا، ثمة شعور عام بالضعف والهشاشة اللذان اتّسم بهما تحرّكهم في كل جانب وكلّ تفصيل، ما انعكس في المشاركة الشعبية الخجولة في التشييع على الرغم من أن معظم قادة 14 آذار قد دعوا للمشاركة فيه. وقد أفسد الحدث انعدام التنظيم والتوجيه، فضلا عن الرغبة الجامحة في استغلال الجريمة سياسيا، ما جعل تشييع الشهيد وسام الحسن غائباً بوجود مثل تلك الخطابات المملوءة حقدا.
- وثانيا، فإن هجوم قوى 14 آذار على السراي أسفرت عن جرح عدد كبير من رجال الأمن الموكلين بحماية السراي والحفاظ على أمنه. ناهيك عن الأضرار المادية التي تسببت بها ما يقوّض مجددا تبجّحها بالمصداقية التي تتشدّق بها هذه القوى لبناء الدولة والالتزام بقوانينها. وكان واضحا منذ بداية الأحداث أن الدافع الأساسي وراء هذا الفعل كان ولا يزال الإستيلاء على السلطة بشتّى الوسائل، وبذلك تكون كلّ الوسائل مبرّرة.
- أما ثالثاً، فإن اعتداءات ميليشيا المستقبل العنيفة على الجيش اللبناني في عدد من المناطق اللبنانية وضعت هذه الميليشيا وجها لوجه أمام مؤسسات الدولة ونقضت جميع شعاراتها ومزاعمها حول بناء الدولة بمكوناتها، أضف إلى ذلك قطع الطرقات المنظم ونقاط التفتيش العشوائية التي تم من خلالها تفتيش هويات المواطنين، ما أعاد إلى الذاكرة أيام الحرب الأهلية المؤلمة. وبهذا كله استطاعت قوى 14 آذار في يوم واحد، أن تكسر كل الخطوط الحمر التي وضعتها أكثر الميليشات حنكة خلال الحرب الأهلية.
وقد خانت قوى 14 آذار المبادئ الأساسية التي تشدّقت بها على مر السنين، كما وأثبتت جهوزيتها لفعل أي شيء في مقابل العودة إلى كراسي السلطة. وقد كلّفهم فشلهم ثمنا باهظا، فتآكلت بقايا مصداقيتهم وخيبوا آمال مناصريهم.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه