مقابلة حول المناورات الأميركية الأسرائيلية الأخيرة و المناورات الروسية مع مجموعة الأمن و التعاون المشترك أو دي كابي، و مناورات روسيا النووية الإستراتيجية
للتعليق على المناورات الأميركية الأسرائيلية الأخيرة و المناورات الروسية مع مجموعة الأمن و التعاون المشترك أو دي كابي، و مناورات روسيا النووية الإستراتيجية، إلتقينا الكولونيل طيار فلاديمير دميتريفيتش أولاس النائب السابق في الدوما الروسي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي الذي شرح لنا خلفية تلك المناورات و ما تعنيه لروسيا.
فبرأي أولاس تسعى "إسرائيل" للتذكير بأنها ليست وحيدة في خططها الحربية وأن حليفتها العظمى الولايات المتحدة إلى جانبها في أي مواجهة مقبلة تهدد بها.أما الولايات المتحدة فهي تحاول إسترجاع موقع تأرجح في الشرق الأوسط خاصة في ظل المتغيرات و في إشارة لعدم ثقتها بقدرة و ولاء القوى الصاعدة إلى سدة الحكم في بلدان سقط فيها حلفاء لها مخلصون لسياستها.
ويرصد أولاس تلك المناورات الإميركية الأسرائيلية من جهة و مناورات روسيا و حلفائها من جهة أخرى و تزامنها في ظل تراجع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة مقابل حضور أوسع و أقوى للصين التي باتت تلعب دورا أكثر فاعلية في العالم كما في الشرق الأوسط، و إدراك روسيا ضرورة إستعادة دورها على الساحة الدولية و الإقليمية.
ويرى الخبير العسكري أولاس أن روسيا تدرك أكثر من أي وقت مضى في تاريخها الحديث بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، الحاجة لتعزيز أمنها القومي لمواجهة التحديات المستجدة و المخاطر المتعددة و لحماية الفضاء الروسي الأوروآسيوي الذي تحدث عنه الرئيس بوتين. وتأتي المناورات الأخيرة التي أجرتها روسيا مع دول مجموعة الأمن الجماعي او دي كا بي و مناورات القوات النووية الإستراتيجية و قوات الدفاع الجوي و الفضائي الروسية كلها في هذا السياق.
يضيف فلاديمير أولاس أن القيادة الروسية باتت تدرك بشكل كامل أنه لم يعد أمام روسيا مجال للتراجع الذي شهدته بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي و الذي تبعه التخلي عن عناصر القوة كتسليم القواعد العسكرية كامران في فيتنام لورديز في كوبا و قواعد التواجد العسكري الروسي في أوروبا الشرقية و وسط و شرق آسيا.
ويعتبر ان التوجه الروسي نحو إستعادة حلفاء الفضاء الروسي السوفياتي السابق من دول منظمة الأمن الجماعي او دي كا بي خطوة من خطوات إستعادة روسيا لموقعها الطبيعي. و المناورات النووية الأخيرة أكدت أن روسيا ترى أنها إضافة لقوى أخرى في العالم من غير الممكن أن تسير في إتجاه التطور و النمو في ظل هيمنة ديكتاتورية القطب الواحد.
ويربط أولاس تلك المناورات بالموقف الروسي من أزمات الشرق الأوسط و الوضع المتوتر و الخطير معتبرا ما يحصل اليوم في سوريا ضربة قوية لروسيا، ويضيف: نشاهد التراجيديا التي تحصل أمام أعيننا في الشرق الأوسط. إذا قيمنا الوضع الحالي فهو خطير للغاية نحن نرى أنه بعد إسقاط النظام في ليبيا لم تعد ليبيا موجودة كدولة بل نرى حرب أهلية الكل يتقاتل مع الكل. نرى ما يحصل في مصر نرى ما يحصل في المغرب العربي، نرى الوضع الذي تسعى الولايات المتحدة و الناتو و دول عربية حليفه لهما ان يوجدوه في سوريا و هذا يطلق بالنسبة لنا إشارة تنذار بخطر كبير.
ويقول: كان بإمكان الرئيس بوتين وأوباما أن يتوافقا ولكن الولايات المتحدة ليست مهتمة لتفاهم في هذا المجال، وليست معنية بتفاهم يطفىء هذا الصراع. لماذا؟ لأنه خلف هذا الصراع مع كل ما يجري من ملحقاته في العالم العربي، تقف مصالح عظيمة في الكبر للولايات المتحدة الأميركية و بالتحديد محاولة حل مشاكلها على حساب الأزمة القائمة. فاليوم الأميركان يواجهون أزمات إقتصادية رهيبة، دين داخلي كبير دين خارجي، في الواقع الحديث قائم حول زعزعة النظام المالي المرتكز على أساس الدولار. الذي سمح للولايات المتحدة بإمتصاص كالمكنسة الكهربائية كل ما ينتج في العالم وإستخدامه - توظيفه في إقتصادهم، ذلك عن طريق طباعة الدولارات و بواسطة القوة الحربية حماية و دعم مصالحهم.
يتابع الخبير: اليوم هم لم يعودوا يعتبرون الإقتصاد الأقوى في العالم، نحن نرى كيف تخرجهم الصين من أميركا اللاتينية أفريقيا، الشرق الأوسط، الذي يملك قوة إقتصادية كبيرة و تزداد تراكما هذا يدعو الولايات المتحدة لإيجاد سبل المحافظة على موقعها المتقدم المهيمن كقوة عظمى تطبع العملة العالمية. هذا الدين الرهيب هو السبب الرئيسي لظهور أزمات و صراعات مسلحة في أماكن مختلفة من العالم بهدف حل مشاكلهم الإقتصادية. هم يحاولون زج كل أعدائهم في هذه الصراعات و هذا يتميز به الوضع في الشرق الأوسط. يضعون دول العالم العربي و دول إسلامية في مواجهة بعضهم البعض دون السماح لهم بالتوحد لماذا؟ لانه ظهرت لدى الاميركان أزمة مستعصية. فبعد التدخل العسكري في أفغانستان، و إجتياح العراق، تعرضوا لفشل كبير على الجبهتين الميدانية العسكرية و الدبلوماسية السياسية و تأزم الوضع الإقتصادي الداخلي لديهم من جراء ذلك أدى لتراكم كرة الثلج التي في أية لحظة يمكنها أن تتسبب بإنهيار الإقتصاد الأميركي.
يرى الخبير العسكري ان الولايات المتحدة تغذي صراعا عربيا داخليا دون الحاجة للتورط الميداني بداخله. فهنا تقف مصالح عظيمة للولايات المتحدة خلف ما يجري من صراعات في الشرق الأوسط والعالم العربي. واضح انهم لا يرغبون بإرسال جنودهم إلى هناك، ولكن يرسلون السلاح ويقدمون الدعم الدبلوماسي والتغطية السياسية لهذه المجموعات وهذه العصابات المشكلة التي تتسلل في الوقت الحاضر إلى الأراضي السورية. كما يزجون بتركيا كقوة ضاربة ومتعهد لهم في الشرق الأوسط.
ويشير الخبير الروسي الى انه لإسقاط النظام في سوريا وظف الأميركان عشرات مليارات الدولارات من أموال دول خليجية، و من الواضح أنهم يفعلون كل ما بوسعهم لإسقاط النظام ليضعوا مكانه دمى متحركة أميركية. الأمر الوحيد الذي يمكنه إيقافهم هو تضامن وتوحد كل القوى المناهضة لأميركا والمناهضة للعدوان، إضافة لسياسة متوازنة مدروسة للقيادة السورية.