المسلمون جماعة كبيرة ولديهم ثروة هائلة و لهم شخصيات بارزة وأرصدة معنوية تمكّن الناس من الصمود أمام العتاة.
02/03/2010
« أملي هو أن تكون حياتي في سبيل وحدة المسلمين، و مماتي في سبيل وحدة المسلمين»
الإمام الخامنئي - حفظه الله
مكانة الإمة الإسلامية وقدراتها
مفهوم الوحدة والانسجام الإسلاميين
محاور الوحدة والانسجام الإسلاميين
أولا: التوحيد
ثانيا: الهوية الإسلامية
ثالثا: الدين الإسلامي
رابعا: القرآن الكريم
خامسا: الرسول الأكرم (صلي الله عليه و آله)
سادسا: أهل بيت الرسول (عليهم السلام)
سابعا: الرجل الكبير في التاريخ الإنساني
ثامنا: سنة المعصومين وسيرتهم (عليهم السلام)
عاشرا: اجتماع الكلمة وتصافي القلوب
11- الأخ الديني والشريك في الإنسانية
12- الجمهورية الإسلامية الإيرانية
فوائد الاتحاد والانسجام الإسلاميين
أولا: انتصار المسلمين و عزتهم
ثانيا: التغلب علي المشكلات
ثالثا: تعزيز الاقتصاد والقدرات السياسية
رابعا :السيادة
خامسا: عوامل التفرقة
سادسا: الشرك
سابعا: الشيطان
ثامنا : الجهل و سوء الفهم
تاسعا : العصبية العرقية
عاشرا : أصحاب السلطة
تيارات التفرقة في العالم الإسلامي
أولا: بعض الدول الإسلامية
ثانيا: عدم اهتمام علماء الإسلام بمصالح المسلمين
ثالثا: العناصر العميلة والمندسّة
رابعا: الفرق المختلقة والمزيفة
خامسا: إهانة المقدسات
سادسا: إثارة الخلافات القومية
أخطار التفرقة في الأمة الإسلامية
أولا: إطماع أعداء الإسلام
ثانيا: ظلم الأمة الإسلامية
ثالثا: ضعضعة الإسلام وخيانة المسلمين
رابعا: الغفلة عن العدو الحقيقي
السبل الثقافية
أولا: رسم أبعاد شخصية النبي الأعظم (صلي الله عليه و آله)
ثانيا: اليقظة أمام العدو
ثالثا: تشاور العلماء فيما بينهم
رابعا: ممارسة العلماء لدورهم التنويري
خامسا: عدم التركيز علي الخلافات
السبل السياسية
الاتحاد أمام العدو المشترك
السبل الاقتصادية
رواد الوحدة
أ- آية الله العظمي البروجردي و الشيخ محمود شلتوت
ب- السيد جمال الدين الأسدآبادي
ت- الإمام الخميني (رضوان الله عليه)
مظاهر الوحدة والانسجام الإسلاميين
أولا: عظمة الأمة الإسلامية
ثانيا: أسبوع الوحدة
ثالثا: يوم القدس
رابعا: الأعياد الإسلامية
خامسا: دار التقريب
الاتحاد الإسلامي وآفات التفرقة في العالم الإسلامي
مكانة الإمة الإسلامية وقدراتها
هذه الشعوب المتآخية المتعاطفة و التي هي من أعراق سوداء و بيضاء و صفراء و تتكلم بعشرات اللغات، تعتبر نفسها كلها أجزاء متساوية من الأمة الإسلامية، و تفخر بذلك، و تتوجه كلها كل يوم إلي قطب واحد، و تتضرع إلي الله بلغة واحدة، و تستلهم الدروس من كتاب سماوي واحد.
هذه المنظومة التي تسمي الأمة الإسلامية لها ثقافة غنية و تراث زاخر متألق مشرق إشراقاً استثنائيا،ً و هي تتمتع إلي جانب التنوع الواسع بوحدة و انسجام مذهل نابع من شمولية الإسلام و تغلغله و توحيده الخاص و الخالص في جميع أركان هذه الأمة و أجزائها و مناحيها.
لدي الأمة الإسلامية أدوات عديدة للدفاع عن حق وجودها. المسلمون جماعة كبيرة و لديهم ثروة هائلة و لهم شخصيات بارزة و أرصدة معنوية تمكّن الناس من الصمود أمام العتاة. و للمسلمين ثقافة و حضارة عريقة قل نظيرها في العالم. لديهم الكثير من الإمكانات، و لذلك فهم قادرون قدرة كامنة علي الدفاع. علي العالم الإسلامي اليوم أن يبذل جهوده من أجل عزته و من أجل استقلاله و من أجل تقدمه العلمي و اقتداره المعنوي، أي التمسك بالدين و التوكل علي الله و التيقن من العون الإلهي. « و عداتك لعبادك منجزة»[1] . هذا وعد إلهي لا شك في إنجازه « و لينصرن الله من ينصره»[2] . علي المسلمين الخوض في غمار العمل و النشاط بالاعتماد علي هذا الوعد. ليس هذا العمل مجرد حمل للبنادق بل هو عمل فكري و عقلاني و علمي و اجتماعي و سياسي كله في سبيل الله و من أجل اتحاد العالم الإسلامي. هذا ما تنتفع منه الشعوب و الحكومات الإسلامية أيضاً.
مفهوم الوحدة والانسجام الإسلاميين
المراد بالوحدة أمر بسيط و واضح و هو تعاون الفرق الإسلامية مع بعضها و عدم نشوب التعارض و التضاد بينها. المراد باتحاد المسلمين هو أن لا يلغوا بعضهم و لا يسلطوا الأعداء علي بعضهم و لا يهيمن بعضهم علي بعض عن طريق الجور. معني الاتحاد بين الشعوب الإسلامية هو أن يتحركوا باتجاه واحد في القضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي و يساعدوا بعضهم و لا يستخدموا أرصدتهم و إمكانياتهم ضد بعضهم.
ليس معني الاتحاد بين المسلمين تخليهم عن معتقداتهم الكلامية و الفقهية الخاصة، إنما اتحاد المسلمين له معنيان آخران يجب تأمينهما علي السواء: المعني الأول هو أن تتميز الفرق الإسلامية المختلفة – و لكل منها فرقها الكلامية و الفقهية المختلفة – بالتعاطف و التعاون و التعاضد و التشاور الحقيقي إزاء أعداء الإسلام. و المعني الثاني هو أن تحاول الفرق الإسلامية علي تنوعها أن تقترب من بعضها و تخلق مناخ تفاهم فيما بينها، و مقارنة المذاهب الفقهية الإسلامية فيما بينها. ثمة الكثير من فتاوي الفقهاء و العلماء إذا أخضعت للبحث الفقهي العلمي لأمكن ربما بقليل من التغيير تقريب الفتاوي بين مذهبين.
محاور الوحدة والانسجام الإسلاميين
أولا: التوحيد
في المجتمع التوحيدي الذي يكون فيه المبدأ و صاحب الوجود و سلطان العالم و الحي القيوم و القاهر الذي يسيطر بإرادته و قدرته علي كل الحركات و الظواهر في العالم واحداً، يكون البشر – سواء كانوا سوداً أو بيضاً أو مهما كانت أعراقهم و دماؤهم و عناصرهم و أحوالهم الاجتماعية المختلفة – أقرباء و إخوة لأنهم مرتبطون بالله و بمحلّ واحد، و يستعينون بقطب و كيان واحد. هذه هي النتيجة الحتمية للإيمان بالتوحيد. في هذه الرؤية، ليس البشر فقط مرتبطين ببعضهم إنما إشياء العالم و أجزاؤه و الحيوانات و الجمادات و السماوات و الأرضين و كل الأشياء متصلة و مترابطة ببعضها و كلها ذات صلة بالإنسان. إذن، كل ما يراه الإنسان و يشعر به و يدركه إنما هو أفق و عالم و منظومة واحدة تتموضع في عالم سليم و بيئة آمنة.
ثانيا: الهوية الإسلامية
مسلمو العالم في كل الأنحاء و الأرجاء – سواء في البلدان الإسلامية أو في البلدان التي يشكلون فيها أقليات دينية – يشعرون اليوم بالميل للإسلام و استعادة هويتهم الإسلامية. مثقفو العالم الإسلامي اليوم أعرضوا عن الاشتراكية و المدارس الغربية و راحوا نزعون إلي الإسلام و يطلبون منه العلاج لآلام الإنسانية. قلوب الأمة الإسلامية اليوم تهفو إلي الإسلام بشكل لا سابقة له في القرون الماضية. بعد الهيمنة السياسية و الثقافية الشديدة و الواسعة التي فرضها الغرب و الشرق طوال عشرات الأعوام علي البلدان الإسلامية راحت أنظار الشباب في العالم الإسلامي تتجه نحو الإسلام. هذه حقيقة يعترف بها الغربيون و المستكبرون في العالم أنفسهم. ما يخيف زعماء الاستكبار هو الهوية الإسلامية و شعور المسلمين بإنهم مسلمون. هذا ما يمنح المسلمين الوحدة و التضامن.
ثالثا: الدين الإسلامي
الإسلام من شأنه أن تشعر الأمة الإسلامية بالترابط و الوحدة و أن تشارك هذه الأعداد الهائلة التي تبلغ مليار و مئات الملايين من المسلمين في شتي قضايا العالم الإسلامي.
الوحدة مبدأ أساسي في الدين الإسلامي المقدس. أبدأوا من الذات المقدسة للباري تعالي – و هي أساس الوحدة و مظهرها – و إلي مظاهر و آثار هذه الوحدة التي توجِّه كل ما في عالم الوجود نحو ذلك القطب العظيم المتسامي. «كل إلينا راجعون»[3] . كل شيء يتحرك نحو الذات الإلهية المقدسة: «و إلي الله المصير»[4] . ينبغي أن تقوم الوحدة علي أساس الإسلام و الاعتصام بحبل الله لا علي أساس الأوهام و القوميات الفارغة الخاوية. هذا هو قوام الأمة الإسلامية. ينبغي أن تصب الوحدة لصالح سيادة الإسلام و إلا كانت عبثية فارغة من المعني.
رابعا: القرآن الكريم
يوصي القرآن الكريم المسلمين بالوحدة، و هو يهددهم إن لم يتحدوا و يتضامنوا فسوف تذهب سمعتهم و هويتهم و اقتدارهم أدراج الرياح. و للأسف تشاهد اليوم مثل هذه السلبيات في العالم الإسلامي. المؤامرة ضد العالم الإسلامي اليوم مؤامرة كبيرة. و إذا كانت تحاك ضد الإسلام في هذا العصر مؤامرات منظمة بشدة أكبر فلأن صحوة الأمة الإسلامية أفزعت المسلمين. الاستكبار العالمي و الطامعون بالبلدان الإسلامية و المتدخلون في شؤون الحكومات و البلدان الإسلامية فزعون من وحدة الأمة الإسلامية.
الخطاب في الإسلام هو «يا أيها الذين آمنوا» و ليس: يا أيها الذين تشيّعوا أو يا أيها الذين تسننوا. الخطاب موجه للمؤمنين. المؤمنون بماذا؟ المؤمنون بالقرآن و المؤمنون بالإسلام و المؤمنون بالرسول. و لكل معتقداته المختلفة عن معتقدات الآخر. حينما يقول عزّ و جلّ: «و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا»[5] فإنما يخاطب بهذا المؤمنين ولا يخاطب جماعة معينة من المؤمنين. حين يقول: «و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما»[6] إنما يخاطب كافة المؤمنين و ليس فئة خاصة من المؤمنين. بوسع الإسلام علي أساس هذه الركائز تجفيف أرضيات و جذور الصراعات و العصبيات الدينية التي تعاني منها البشرية كلها.
يقول القرآن الكريم: «و اعتصموا بحبل الله جميعاً»[7] . الاعتصام بحبل الله واجب علي كل مسلم لكن القرآن لا يكتفي بأن يأمر المسلمين بالاعتصام بحبل الله بل يقول إن المسلمين يجب أن يعتصموا بحبل الله بشكل جماعي «جميعاً». الكل يعتصمون سوية. و هذا الاجتماع و هذا الاتحاد واجب آخر إلي جانب الاعتصام. إذن، علاوة علي أن المسلم يجب أن يعتصم بحبل الله فإن هذا الاعتصام يجب أن يكون بمعيّة سائر المسلمين و بالتعاضد معهم. ينبغي معرفة هذا الاعتصام بصورة صحيحة و القيام به بصورة صائبة. تقول الآية الشريفة في القرآن: «فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي»[8] . هذه آية تفسر الاعتصام بحبل الله. التمسك بحبل الله عبر الإيمان بالله و الكفر بالطاغوت.
خامسا: الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله)
الكيان المقدس للنبي المكرم و رسول الإسلام الأعظم (صلي الله عليه و آله و سلم) هو النقطة الأهم في إيجاد الوحدة. و سبق أن قلت إن العالم الإسلامي بوسعه الاجتماع حول هذا القطب. إنه قطب تتجمع فيه كل عواطف المسلمين. إنه قطب المحبة و العشق في العالم الإسلامي. و لاحظوا أن الأقلام المأجورة من قبل الصهاينة تهاجم هذا القطب و توجه له الإهانات لكي تزول تدريجياً أهمية و خطر إهانة الأمة الإسلامية و امتهان العالم الإسلامي. هذه هي النقطة الرئيسية. علي ساستنا و نخبنا العلمية و الثقافية و كتابنا و شعرائنا و فنانينا التركيز علي هذه النقطة ليجتمع المسلمون كلهم و يقتربوا من بعضهم بفضل هذا الشعار.. لا ينظروا إلي مواطن الاختلاف و لا يوجهوا الاتهامات لبعضهم و لا يكفروا بعضهم و لا يحكموا علي بعضهم بالخروج عن حيّز الدين. لتتعطر القلوب في كل الأمة الإسلامية بذكري الرسول و علي حبه، فكلنا عشاق هائمون في ذلك الإنسان العظيم.
سادسا: أهل بيت الرسول (عليهم السلام)
و من العوامل الأخري التي بوسعها أن تمثل محوراً لهذه الوحدة، و يمكن لكافة المسلمين الاتفاق عليها هو اتباع أهل بيت الرسول (ص)، فأهل بيت الرسول مقبولون محبوبون لدي جميع المسلمين.
بمقدور العالم الإسلامي الاتفاق و الاتحاد حول محورين يرتبطان بأهل البيت: الأول المحبة و هو أمر عاطفي و عقيدي و قد أمر المسلمون بمحبة أهل البيت (عليهم السلام) و الجميع يوافقون هذا المعني. بإمكان هذه النقطة أن تكون قطب عواطف المسلمين و مشاعرهم. و النقطة الثانية تعليم الدين و المعارف و الأحكام الإلهية من قب