08-11-2024 02:03 PM بتوقيت القدس المحتلة

"انقلاب ناعم" على الأمانة العامة.. وسعيد يرفض "الحصرية الحزبية"

رفعت «قوى 14 آذار» حدة المواجهة مع الحكومة و«حزب الله» الى سقف مرتفع وذهبت بعيدا في المقاطعة والقطيعة، من دون ان تكون قادرة على رسم طريق العودة، بحيث بدت المعارضة كأنها قطعت تذكرة سفر في اتجاه واحد.

السفير- عماد مرمل

14 آذار رفعت «قوى 14 آذار» حدة المواجهة مع الحكومة و«حزب الله» الى سقف مرتفع وذهبت بعيدا في المقاطعة والقطيعة، من دون ان تكون قادرة على رسم طريق العودة، بحيث بدت المعارضة كأنها قطعت تذكرة سفر في اتجاه واحد.

وتوحي «وثيقة وادي ابو جميل» ان المعارضة ليست مستعدة في الوقت الحاضر لـ«حل وسط»، بل قررت ان تخوض مغامرة سياسية، مفتوحة على كل الاحتمالات، بالتزامن مع «انقلاب ناعم» نُفذ على «الأمانة العامة» لـ 14 آذار ممثلة بشكل أساسي برمزيها سمير فرنجية وفارس سعيد، والمتضامن معهما الياس عطا الله، بعد استحواذ «المستقبل» و«القوات» على مفاتيح القيادة والقرار، ولو مع اعطاء دور شكلي لـ«الكتائب». ويقول منسق الامانة العامة فارس سعيد ان «فريق 14 آذار» يقود ثورة ضد «حزب الله» وما تبقى من النظام السوري، وبالتالي المطلوب أوسع مشاركة في هذا الحراك وليس اختزاله بثلاثي «المستقبل و«القوات» و«الكتائب».

ويشير الى ان قيادة «14 آذار» معنية بالتحاور والتواصل مع الرأي العام وإشراكه في رسم الخيارات وعدم اختصار القرار ببعض المكونات الحزبية، لافتاً الانتباه إلى أن هناك سنّة ليسوا في «تيار المستقبل»، ومسيحيين ليسوا في «الكتائب» و«القوات»، وشيعة ودروزا غير منضوين في أي إطار حزبي، وهؤلاء يشكلون قاعدة واسعة، لا يجوز تجاهلها.  وإذ يؤكد ان الموقف الاعتراضي على طريقة الإدارة لا يصل الى مستوى إطلاق انتفاضة او حركة تصحيحية، يوضح انه كان لا بد من توجيه رسالة احتجاجية عبر الامتناع عن المشاركة في الاجتماع الأخير.

 ويتوجه فارس الى الرموز القيادية في 14 آذار بالقول: وسعوا البيكار وافتحوا ابواب المشاركة والشراكة في إدارة المعركة، بما يتجاوز الحدود الحزبية الضيقة الى المدى الأوسع الذي يتسع لكل تلاوين 14 آذار وأطيافها. على الضفة الأخرى، كانت «قوى 8 آذار» تتعامل ببرودة أعصاب مع «وثيقة وادي ابو جميل»، بينما ترى شخصية بارزة في صفوفها ان هذه الوثيقة لم تقدم جديدا في جوهرها، بل كانت عبارة عن «خلطة» من الأدبيات المعروفة لهذا الفريق المعروف عنه غزارته في انتاج الوثائق بطريقة تجعلها «مستهلكة» وفاقدة للمصداقية. وتعتبر هذه الشخصية ان وثيقة 14 آذار لم تكن سوى قنبلة دخانية، يراد منها حجب الرؤية عما سبق، وبالتالي التغطية على الإخفاقات التي انزلقت إليها المعارضة منذ اغتيال اللواء وسام الحسن، بدءا بالنزول المسلح الى الشارع والمواجهة مع الجيش، مرورا بالعجز عن حشد جمهور واسع في التشييع والمحاولة الفاشلة لاقتحام السرايا، وصولا الى تواضع اعتصامي بيروت وطرابلس وعدم القدرة على استقطاب المجتمع الدولي لمصلحة مطلب إسقاط الحكومة.

وتشير الشخصية البارزة في 8 آذار الى ان المعارضة التي اكتشفت ان الهجوم على السرايا، بما تمثل وترمز إليه، قد ارتد سلبا عليها، أرادت ان نتقل المعركة الى ساحة أخرى، فقررت ان تركز هجومها على «حزب الله» مفترضة ان من شأن ذلك ان يشد عصب شارعها.  وتضيف ان «قوى 14 آذار» تحاول ان تفرض المعادلة الآتية: «الحكومة في يدكم وقانون الستين في يدنا»، سعيا منها الى تحقيق ما تعتبره «توازن الرعب»، على قاعدة انه إذا لم يتجاوب «فريق 8 آذار» مع مطلب تشكيل حكومة جديدة، فان الانتخابات النيابية ستتم حُكما على اساس «قانون الستين»، لكونه لا يزال ساري المفعول في ظل عدم التوافق على مشروع آخر.  لكن الشخصية نفسها ترى ان المعارضة «ترتكب خطأ كبيرا في الحسابات على هذا الصعيد، لان قوى أساسية في 8 آذار أبلغت كل المعنيين قرارا واضحا بمقاطعة الانتخابات، إذا كانت ستتم استنادا الى «قانون الستين»، ما يعني ان الانتخابات لن تحصل في هذه الحال، والفراغ الذي يلوحون به يبقى افضل من إجراء انتخابات على اساس قانون يمنح 14 آذار سلفا الاكثرية النيابية.

وترى الشخصية الفاعلة في 8 آذار ان الحملة الشرسة على الحكومة شكلت حافزا لها ولرئيسها من أجل الاندفاع الى الامام وتفعيل عملها وليس العكس، بل لعله يمكن القول ان مقاطعة 14 آذار للنشاط برلماني قد خدمت هذه الحكومة، لان ذلك أنقذها من استحقاق سلسلة الرتب والرواتب التي قد تنطوي على مضاعفات مالية إذا لم يتم تأمين موارد مضمونة لها. وتعرب هذه الشخصية عن اعتقادها ان مغامرة 14 آذار في دفع البلاد نحو الفراغ ستكون مكلفة لهذا الفريق الذي يجب ان يأخذ في الاعتبار ان أي ازمة من هذا النوع ستنتهي الى تسوية قد تتضمن تعديلات دستورية تخفف من مركزية رئاسة الحكومة لمصلحة رئاسة الجمهورية، تماما كما ان الفراغ الرئاسي الذي تسببت به بعض القوى المسيحية عام 1988 أفضى في نهاية المطاف وبعد مخاض عسكري وسياسي عسير الى اتفاق الطائف الذي أخذ صلاحيات من رئاسة الجمهورية وأعطاها لرئاسة الحكومة. وتعتبر الشخصية الفاعلة ان أفضل ما يمكن ان تفعله الاكثرية الحالية هو التفرج على تخبط خصومها انطلاقا من المثل الشعبي القائل «إذا جنّ عدوك، فافرح له»، مشددة على ان المعارضة «تورطت في مواجهة عبثية، مسدودة الأفق، وإذا أرداوها معركة، فلتكن وليربح الأقوى».


موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه