قد تكون جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن وما حصل في الايام الاولى التالية لوقوعها شبيهة او -هكذا اراد من يقف وراءها- الى حد ما بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
قد تكون جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن وما حصل في الايام الاولى التالية لوقوعها شبيهة او -هكذا اراد من يقف وراءها- الى حد ما بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سواء من حيث ادخال البلد في المجهول واستخدام ذلك بالسياسة والامن مرورا بسعي لنتائج معينة على صعيد الحكومة او الانتخابات النيابية المقبلة وصولا الى رئاسة الجمهورية ربما والضغط نحو معادلات قد تتعلق بسلاح المقاومة وكيفية مواجهة العدو الاسرائيلي.
ولخطورة وهول هذه الجريمة بدأت التحقيقات -ومعها التحليلات- وبزخم كبير منذ الدقائق الاولى لوقوعها، فاستنفرت بالتأكيد كل الاجهزة الامنية والقضائية وصولا الى طلب المديرية العامة لقوى الامن الداخلي الاستعانة بمكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي (FBI) الذي سرعان ما وصل فريق منه للكشف على مسرح الجريمة، وقد تعددت التصريحات للعديد من المسؤولين اللبنانيين بأن هذا الفريق دوره تقني فقط للمساعدة على كشف بعض الخيوط وليس له سلطات سواء لناحية التحقيق مع الاشخاص او غير ذلك مما يعتبر في صلب التحقيقات الجنائية، كما برزت بعض التسريبات الاعلامية حول قدوم فريق تحقيق فرنسي شبيه بالفريق الاميركي دوره تقني ايضا لا يتعداه الى المسائل الجنائية.
وهنا يطرح سؤال بديهي ما الفرق بين الدور التقني للفريق الاميركي ومن ثم الفرنسي والدور الذي تضطلع به فرق التحقيق التابعة للاجهزة الامنية اللبنانية؟ وهل هناك دور تقني لا يتعداه الى الناحية الجنائية؟ وهل يمكن الفصل من الناحية العملية في هكذا جرائم بين النواحي التقنية والجنائية وهل يمكن المنع من التداخل بينهما؟
والسؤال الابرز من الضامن لعدم تجاوز الفريق التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي لدوره التقني البحت وعدم دخوله الى صلب المضمون الجنائي لهذه الجريمة؟ وبالتالي من يضمن عدم سعي الفريق الاميركي (التابع لادارة واضحة التوجهات والسياسات والمبادئ) لعدم توجيه مسار التحقيق -ولو تقنيا- باتجاهات معينة دون اتجاهات اخرى لتحقيق غايات معينة، او لاستبعاد فرضيات على حساب تزكية فرضيات اخرى خصوصا ان جريمة اغتيال الرئيس الحريري لا تزال ماثلة في الاذهان لدى الكثير من اللبنانيين، كيف ان التحقيقات فيها شهدت مراحل في الصعود والنزول والكثير من الضبابية وصولا للتسييس والتزوير والتحريف بغض النظر عن مدى قانونية المحكمة واعمالها منذ تأسيسها الى اليوم (مع الاشارة ان الفساد الذي ضرب مرحلة التحقيق هو الذي أوصل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى هذا الوضع المزري قانونيا).
وبالتأكيد ان كل هذه المخاوف التي تنطبق على دور الفريق الاميركي تنطبق ايضا على دور الفريق الفرنسي المزمع حضوره لـ"المساعدة" في التحقيقات.
وللاستيضاح حول كل هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى امين الهيئة القيادية في "المرابطون" العميد مصطفى حمدان الذي اعتبر ان "المشاركة الفولوكلورية لـ(أف.بي.أي) في التحقيقات يعد خرقا للتحقيق بحد ذاته وتشكيكا بقدرة الامن الداخلي وفرع المعلومات بالتحديد على إجراء هذا التحقيق ولربما التشكيك في التحقيقات السابقة"، ورأى ان "الوزراء الوطنيين في الحكومة يتحملون مسؤولية الاعتراض داخل الحكومة على هذه الخطوة المتسرعة واتخاذ الموقف الوطني السليم في المحافظة على السيادة والكرامة الوطني".
واوضح حمدان ان "الغموض الذي لفّ مهمة هذا الفريق من الـ fbi تحت مبدأ سرية التحقيق يثير الكثير من التساؤلات خصوصاً أن الهمّ الاستراتيجي الأميركي - الاسرائيلي الأول في لبنان دائما هو إلحاق التهم بالمقاومة واستخدام دم الشهداء من أجل شن الحملات الاعلامية التي تشوه صورة الفعل المقاوم على الساحة اللبنانية"، وذكّر ان "التدخل الأجنبي في مسار التحقيقات في الجرائم الكبرى التي حدثت على الساحة اللبنانية كان مساراً لا علاقة له لا بالعمل القضائي ولا الجنائي".
واشار العميد حمدان الى ان "عملية التضليل الكبرى لعلها تلك التي قامت بها لجنة التحقيق الاجنبية بإدارة العميلين ميليس وليمان ومن ثم الكندي بيلمار أدى الى ضياع الحقيقة في معرفة حقيقة من اغتال دولة الرئيس رفيق الحريري وتدرجت عملية الاتهام السياسي من الضباط الاربعة والنظام الامني السوري الى اتهام المقاومة وحزب الله بالتحديد والسير في محاكمة باطلة قضائياً وقانونيا"، وتابع انه "بالتالي اخفاء المجرم الحقيقي الذي ادى الى دمار وسفك دماء اهلنا في الوطن اللبناني".
واكد حمدان ان "هذا الفريق الاميركي الذي صال وجال في مسرح الجريمة لايام قليلة لا يمكن بتاتا الا ان يكون عاملا تضليلياً اساسياً في التحقيق لمعرفة من اغتال اللواء وسام الحسن"، ولفت إلى أن "التسريبات في الإعلام لمسار التحقيق هو عمل يقع في خانة التضليل وعدم كشف هوية القاتل الحقيقي وهذا ما شاهدناه تماماً في مجرى أحداث التضليل والتزوير في معرفة القاتل الحقيقي لدولة الرئيس الحريري الذي لا يزال يحتمي بالتضليل والتزوير لهذا الملف".
والحقيقة ان في لبنان قد يصعب التوقف عن التحليل وطرح السيناريوهات المختلفة لكيفية وقوع جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن وتفاصيل ذلك سواء في وسائل الاعلام او بين اهل السياسة والمواطنين بشكل عام، الا انه من الممكن التنبه لمنع التلاعب الدولي بمجريات هذا التحقيق وتوجيه باساليب واشكال مختلفة تحت عناوين متنوعة، والاسباب الموجبة لضبط سرية واحترافية وعدالة هذا التحقيق عديدة لا تبدأ عند عدم اضاعة الحقيقة في هذه الجريمة كما غيرها ولا تنتهي عند الوصول الى من يقف وراء محاولة ادخال البلد في المجهول.