وبالمقابل أثبتت المقاومة من خلال التجربة بأنها الحل الأمثل لمواجهة الإجرام الصهيوني
نادر عزالدين
"كان من الواضح أن المقاومة قد وصلت عام 1996 إلى مرحلة إنتقالية جديدة مختلفة في نوعيتها على الأرض سواء بنوعية العمليات التي كانت تحصل أو في ارتفاع نسبة الخسائر في صفوف جيش العدو وبداية ترنح الميليشيات المتعاملة معه، فبعد العدوان الأول عام 1993 حصل تطور كمي ونوعي لدى المقاومة التي تبدلت قيادتها وبدا أننا ذاهبون إلى نوع من توازن الرعب حيث امتلكت المقاومة إمكانية استهداف شمال فلسطين المحتلة بالصواريخ في حال تعرّض المدنيون في لبنان لأي قصف صهيوني. وإسرائيل كانت تشهد في ذلك الوقت نوع من المزايدات بين جنرالاتها وقياداتها، وكان بعضهم يسعى إلى رئاسة الحكومة، فظهرت على السطح مقولة "كلما حققت انتصاراً كلما وصلت إلى بوابة الهيكل" بمعنى أن أي رئيس وزراء لديه عقدة مثل بن غوريون وغيره يظنون أنهم إذا حققوا انتصاراً ما سيصبحون في هذا الهيكل فكان البعض يبحث عن انتصار ما".
ويتابع نصرالله "هكذا تمكنت المقاومة في ظل وجود الإحتلال ومن خلف الشريط الحدودي من أن تجتاز فضاء هذا الشريط وتصل إلى مستعمرات تقع على عمق 15 كلم في فلسطين المحتلة، وهذا ما فاجأ الإسرائيلي الذي كان متصوراً أن رد الفعل لن يتجاوز قصف بعض المواقع التابعة لجيشه وعملائه عند الشريط الحدودي. ولكن الإستخدام الذكي للصواريخ هو ما حقق الهزيمة الأولى لإسرائيل عندما اضطرت لأول مرة منذ بداية الصراع العربي - الإسرائيلي أن تطلب هي وقف إطلاق النار وأن تسعى لترتيب تفاهم شاركت فيه المقاومة. وهنا يمكننا أن نتحدث في السياسة ونقول إن المقاومة برزت كجزء من المعادلة ولم تعد مجرّد مجموعات مسلحة تقوم ببعض العمليات، بل أصبحت طرفاً أساسياً ليس على المستوى اللبناني فحسب بل على مستوى المنطقة والصراع العربي – الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا بقيت كذلك. إذاً إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا هم من اعترفوا بوجود المقاومة، وبالتالي أصبحت جزءاً من المعادلة بواسطة سلاحها، فليست الديبلوماسية اللبنانية من أحدثت هذا التوازن ولم تكن قادرة على ذلك أصلاً، وهذا التوازن دفع بالأمور إلى الإندحار الإسرائيلي عام 2000".
"توازن الرعب" يحمي لبنان
ما يميّز رفيق نصرالله هو مجاهرته بعبارة "السلاح للداخل"، عبارة قد تستفز البعض.
وعندما تسأل نصرالله عن هذا الأمر يبادر أولاً بتذكير من يطالب بنزع سلاح المقاومة وتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل بالنموذج المصري، فـ "مصر التي وقعت إتفاقية "كامب ديفد" مع العدو هي حتى اللحظة ممنوعة من بسط سلطتها على كامل أراضيه،ا وهذا ما برز بوضوح منذ بضعة أيام حين طلبت إذناً من مجلس الوزراء الإسرائيلي ليسمح لها بإرسال 500 جندي إلى منطقة "العريش!" فمساحة سيناء التي تبلغ 30,000 كلم مربع، أي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان، ينتشر فيها 1,500 عسكري مصري ببنادق خفيفة! هذه هي "كامب ديفد" التي هيمنت فيها إسرائيل على الإقتصاد والزراعة في مصر، وفرضت عليها شروطاً قاسية حتى بالنسبة لقناة السويس، وكان المطلوب من لبنان أن يوقع اتفاقاً كما فعلت مصر، وهو اتفاق 17 أيار جديد ينص على الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على السيادة اللبنانية. وإن راجعنا ما ورد في اتفاقية 17 أيار (التي يقف وراءها أمين الجميّل) نجد أن لإسرائيل الحق بملاحقة مجموعات تعتبرها خطيرة على الأراضي اللبنانية وأن تطلب من الحكومة اللبنانية مطاردتها، فإن لم يعجبها أحد ما تطلب من الحكومة اللبنانية اعتقاله. من الذي أسقط كل هذا الأمر؟ السلاح .. سلاح المقاومة الذي منذ نشأتها يستخدم في الداخل، وعندما قاتلت المقاومة العدو الإسرائيلي قاتلته في الداخل لتحرير أراضيها، فأوّل عملية حصلت في بيروت أمام مقهى الوينبي في الحمرا، عندما قتل الشاب اللبناني خالد علوان ضابطاً إسرائيلياً ومساعده، ومثلث الصمود في خلدة والعمليات في صيدا والجبل وحتى عمليات الجنوب كانت كلها في الداخل، إلا إذا لم يعتبروا أن هذه الأراضي تقع في الداخل اللبناني، هذا ما يؤكد أن السلاح اليوم هو أمن استباقي ردعي سنبقى نمتلكه حتى تتكوّن لدينا دولة، فعندما يتضح من خلال وثائق ويكيليكس أن ما قام به بعض اللبنانيين يصل إلى ما بعد، بعد الخيانة العظمى ويتم السكوت عن الأمر، هذا يعني أننا نعيش في غابة بعيدة كل البعد عن شكل الدولة".