26-11-2024 06:45 AM بتوقيت القدس المحتلة

مؤتمر "دين الإسلام وحرمة الدم المستباح": حق الإنسان بالحياة مقدس

مؤتمر

الحاج عصام غندور أكد أن "الحروب الدموية والثقافية التي شُنّت وتُشنّ علينا منذ ظهور الإسلام لم تنته بعد، ولن تنتهي ما دام الفرق موجوداً بين النور والظلام، فعلينا أن ندرك ما يراد بنا

نظّم "وقف مركز التنمية الإسلامية في لبنان" مؤتمراً دولياً تحت عنوان: "دين الإسلام.. وحرمة الدم المستباح" في قاعة مجمّع كلية الدعوة الإسلامية (بيروت)، بحضور عميد الكلية؛ الشيخ د.عبد الناصر جبري، والأب سليم مخلوف ممثلاً البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، وممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والعميد جوزيف عبيد ممثلاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمحامي رمزي دسوم ممثلاً العماد ميشال عون، وسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور غضنفر ركن آبادي، وسفير جمهرية العراق د. عمر البرنزجي، وممثلين عن سفراء كل من مصر والجزائر وفلسطين وسورية، وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وممثلين عن الحركات والفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.


السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن ابادي كان مشاركا في المؤتمر بداية افتُتح المؤتمر بتلاوة عطرة من القرآن الكريم، وبعدها النشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة رئيس مركز التنمية الإسلامية؛ الحاج عصام غندور، فكلمة رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين؛ القاضي الشيخ أحمد الزين، ثم كلمة جامعة الأزهر ألقاها الدكتور فتحي عبد الرحمن حجازي، وبعد ذلك كلمة السيد علي أكبر زاده؛ ممثل الشيخ د. محمد علي تسخيري؛ مستشار السيد علي الخامنئي، والختام مع كلمة سفير جمهورية العراق في لبنان؛ د. عمر البرزنجي.


الحاج عصام غندور أكد أن "الحروب الدموية والثقافية التي شُنّت وتُشنّ علينا منذ ظهور الإسلام لم تنته بعد، ولن تنتهي ما دام الفرق موجوداً بين النور والظلام، فعلينا أن ندرك ما يراد بنا، وأن نكون حذرين، وأن نعدّ عدتنا للدفاع عن أنفسنا مما يراد بنا من مسخ وتضليل"، ولفت إلى أن "الخطر لا يأتينا من الخارج فقط، بل هناك أعداء لنا في الداخل ولمشروع الأمة، وهم أشد خطراً علينا من أعدائنا في الخارج، لأن هؤلاء نعرفهم بسيماهم، ونعرف أنهم أعداؤنا، أما أولئك فإنهم يأتوننا متلبسين بجلودنا، مُظهرين حبهم لنا، يتكلمون بلغتنا ويتحدثون بمصالحنا، وألسنتهم معنا وقلوبهم مع أعدائنا.. فهل يستيقظ المسلمون والعرب قبل أن يأتي يوم يفقدون فيه كل أمل".


أما القاضي الشيخ أحمد الزين فقال: لقد خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حجة الوداع فقال: "أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم في بلدكم هذا.. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، كل مسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه". وتابع: لا كرامة ولا سعادة ولا اطمئنان ولا استقرار لإنسان ما لم تتأمن له السلامة لحياته، وحق الإنسان في هذه الحياة هو حق مقدس لا يحل انتهاك حرمته واستباحة دمه. وأضاف: ماذا نقول لمن يطلق الرصاص من بندقيته وهو يهتف الله أكبر ويقتل مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤدي الصلوات الخمس، ويدفع ما عليه من الزكاة أمواله، ويصوم رمضان ويحج البيت، ومع هذه كله نسمح لأنفسنا باستباحة دمه وإطلاق الحكم عليه بالكفر، لأنه ينتمي إذا أحسنا الظن إلى غير ملته؟!
 
كلمة الأزهر:
أما الأستاذ في جامعة الأزهر؛ د. فتحي عبد الرحمن أحمد حجازي، فدعا لأن يهدي الله سبحانه من غالى وأفرط في التكفير إلى الصواب، فإن صنيعه كصنيع الخوارج؛ لم يرضوا بعدالة ولا علم الصحابة، فضلّوا وأضلّوا، وفي هذا العصر نجد شباباً خالفوا العلماء، وطعنوا فيهم، بل كفّروهم.. فضلّوا وأضلّوا. وأضاف: هذا، ولما دُعيت إلى مؤتمر "دين الإسلام وحرم الدم المستباح"، وكانت أحد محاوره "بدعة التكفير.. وخطرها على المجتمع"، اخترت الحديث عن هذا المحور، لأنه رأس استباحة الدماء، فما استباح المغالي دم غيره إلا لأنه كفّره في بداية الأمر، وقد دأب أهل التكفير على دائرة تبدأ بالتكفير، ثم استباحة الدم، ثم التفجير والتدمير، من دون التفريق بين مسلم وغيره.


الشيخ القاضي أحمد الزينولفت حجازي إلى أن التفكير المتعصّب المتعامي لم تسلم منه طائفة من طوائف المجتمع، فكفّروا الحاكم، ثم العلماء على اعتبار أنهم موالون له، ثم كفّروا العامة لأنهم لم يكفّروا الحاكم، فهم مثله في الحكم، وعليه وصفوا المجتمع بالجاهلية، وما أن يتم التكفير يأتي إعلان الجهاد في المجتمعات انتقاماً من المجتمع، فتتفرق الكلمة، وتُستباح دماء الحاكم ورجال الشرطة، على اعتبار أنهم المنفذون لأحكامه، ودماء العلماء لأنهم موالون للحكام، ولعامة المسلمين لأنهم كالترس في وسط رجال الشرطة، والمستأمَنين، على اعتبار أنهم أهل كفر، ولا اعتبار لأمان الحكومة الكافرة لهم، متوهّمين أن قيامهم بالجهاد هو من باب تغيير المنكر باليد، وتبطيق للشريعة، من دون اعتبار للضوابط الشرعية والأعراف الاجتماعية، وكل هذه الأخطار وليدة الحكم بالكفر، فينبغي لهذه الطائفة التي تكفّر كل بر وفاجر العودة إلى روح الشرع وأصوله، والاعتصام بالكتاب والسنة، والعمل على عدم بث الفرقة والفتنة، والتعاون على البر والتقوى، وإحلال الأمن والأمان في المجتمع المسلم، وعدم ترويع الآمنين، وعدم الإفساد في الأرض، فكل ذلك من مقاصد الشرع.

السيد علي أكبر زاده :
من جانبه، السيد علي أكبر زاده، أشار إلى أن "مسألة توحيد الأمة ركّز عليها القرآن الكريم والسنة الشريفة، حتى أننا نجد أن القرآن الكريم يعتبر التفرقة من الكفر، فيقول تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم، يوم تبيّض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}. لا شك أن التقريب بين الآراء والمذاهب هو سبيل فكري لتحقيق التوحيد في المواقف العملية للمسلمين على شتى مذاهبهم".


ولفت السيد زاده إلى أن أهم ما يقف أمام تحقيق التقريب الفكري، وبالتالي التوحيد العملي للأمة، هو التكفير؛ الطامة الكبرى التي ابتليت بها الأمة خلال فترات طويلة، بدأت بالاتجاهات التي حملها الخوارج نتيجة سوء فهمهم للإسلام، وانتهت اليوم إلى أمثلة أعمق انحرافاً وأشد اتساعاً. وقال سماحته: "إن التكفير يسد باب العقلانية في التعامل والمنطقية في الحوار، والحرية في الاجتهاد، وبالتالي لا يبقى مجال لمعاني الأخوة والوحدة، ويُدفع نحو نفي الآخر وحذفه والاعتداء على حقوقه الإنسانية، وبالتالي لحرمانه من حق الحياة، لأنه يؤدي إلى حملات التطهير العرقي والمذهبي بشكل همجي لا تقبله الفطرة الإنسانية، فضلاً عن الشرائع السماوية، وفي طليعتها الإسلام".


كلمة الختام في افتتاح المؤتمر كانت للسفير العراقي في لبنان؛ د. عمر البرزنجي، فشدد على أهمية وضرورة الوحدة الإسلامية القائمة على أساس الحق والعدالة، وصون حرمة المسلمين، وتحريم إهراق دم المسلم، والعودة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بتحريم إهراق دم الإنسان، ومنع تكفير المسلم.