ولكن ما هو ليس معروفاً لكثيرين، وبات محور عدد كبير من البحوث العلمية أخيراً، هو دور المأكولات التي قد تؤدي دوراً وقائياً أو علاجياً للإكتئاب.
تتبع أسلوب حياة جديداً، بحثاً عن الحفاظ على روح الشباب وقوّته؟ ثمة مأكولات قد تكون مفيدة لك لمقاومة شيخوخة الجسم من جهة، ولمحاربة الإكتئاب الذي يؤدي دوراً سلبياً في إظهار علامات العمر
مأكولات تحارب الشيخوخة :
وفق اختصاصي التغذية، فإن الحمية الغذائيّة تخلّف أثراً كبيراً على الجلد. لذا، فان التغذية الصحيحة كفيلة بابعاد علامات الشيخوخة والمحافظة على مظهر أصغر سناً. وفي هذا السياق، ترى الاختصاصيّة الاميركية ملينا جامبوليس، أن اتباع حمية تعتمد على النباتات والمضادات للاكسدة لمساعدة البشرة في مكافحة العوامل البيئيّة، هو الخيار الافضل للسيطرة على الالتهابات المسؤولة عن بروز علامات الشيخوخة في انحاء الجسم. كذلك، تشدد على الابتعاد عن السكر لما يسببه من ضرر لـ"الكولاجين" في الجلد، المساعد في تخفيف التجاعيد.
أما الدكتور نيكولاس بريكون، الخبير في مكافحة الشيخوخة ومؤلف كتاب "Forever Young" (شباب للأبد)، فيشددّ على ثلاثة عناصر، يحسنّ تناولها بشكل منتظم للحفاظ على نضارة البشرة:
¶ الشاي الأخضر: إضافة الى فوائده في الحفاظ على صحة القلب، يحتوي على مادة "البوليفينول" (Polyphenol) المضادة للاكسدة (EGCG) والتي تساعد في إزالة السموم، ومقاومة الأشعة ما فوق البنفسجيّة، كذلك تنشّط خلايا الجلد الميتة. لذا، تناول اكواباً من الشاي الاخضر في اليوم، يضمن الحصول على نتائج مرضية.
¶ الجرجير: غني بالعناصر الغذائيّة الصحيّة، وقد أكدت البحوث العلميّة دوره الواقي من مرض السرطان. كذلك، فإنَّه مفيد ومساعد لبشرة نضرة ومشرقة.
¶ التوت: هذه الفاكهة مهمة لصحة القلب والدماغ. ولكن فوائدها لا تنحصر بذلك، بل تتخطاها لتصل الى حماية البشرة من الشيخوخة عند مستوى الـDNA الخليوية والجزئية. وذلك لما تحتويه من مستويات عالية من "الانثوسيانين" (Anthocyanin) وهو من العناصر النباتيّة الصحيّة الفاعلة. إشارة الى أن التحدث عن التوت يشمل البريّ، الاسود، الاسمر والفراولة.
ومن المأكولات المساعدة في محاربة علامات الشيخوخة والتمتع بشباب دائم:
¶ الافوكادو: تحتوي على زيت طبيعي يساعد في شدّ ترهلات البشرة وترطيبها في العمق. كما أن غناها بالاحماض الدهنية غير المشبعة، أمر صحيّ جداً ومفيد للجهاز المناعي للجسم.
¶ اللبن الخالي من الدسم: من المأكولات الغنيّة بالبروتين والكالسيوم المفيدين لصحة الجسم عموماً والبشرة خصوصاً. كوب من اللبن يحتوي على كمية كالسيوم اكبر من كوب الحليب الخالي من الدسم، وهو مساعد في نمو خلايا البشرة وتجديدها كونه يحتوي على الفيتامين B.
¶ المأكولات المشبعة بالماء: تضمن معدل الترطيب في الجسم، وتالياً وقايته من التجاعيد المبكرة واكتسابها نضارة وحيوية. منها: البطيخ، التفاح، البرتقال، الخيار، الخوخ وأهمها البندورة.
¶ المأكولات الغنيّة بالزنك والسيلينيوم: من اكثر المعادن أهمية للبشرة، لذا فانهما يدخلان في الكثير من مستحضرات العناية بها، إذ يقوم كل منها بتحفيز "الكولاجين" الذي يعتني بشبابها. كما أن النزك مسؤول عن تقوية جهاز المناعة في الجسم، بينما يتولى السيلينيوم تعزيز مرونة البشرة. هذه المعادن موجودة في لحم البقر، الدواجن، المحار، المكسّرات والفاكهة المجففة.
¶ البندورة والجزر: غنية بالمغذيات النباتية ومضادات الاكسدة، كما تحتوي على "البيتا كاروتين" (Beta-carotene) و"الليكوبين" (Lycopene) المفيدين لحماية البشرة من اضرار أشعة الشمس وتجديد الخلايا.
¶ البروكولي: مهمة جداً للبشرة والجسم، لأنها تطرد السموم التي تترسب في مجرى الدم والمسبّبة للمظهر الباهت للبشرة.
¶ الكيوي والبطاطا: اذا كانت الكيوي تحافظ على نقاء البشرة وتعزز عظام الجسم، فان البطاطا تحتوي على مادة البيتا كاروتين المضادة للأكسدة ايضاً، لتجعل البشرة ناعمة ومشدودة.
¶ السبانخ: من المأكولات المتعددة الفائدة، فهي تحمي من الاكتئاب وأعراضه. وتحتوي ايضاً على مادة اللوتين (Lutein) المحافظة على جمال العين وتمنحها اشراقة لافتة. اضافة الى احتوائها على فيتاميني A وB12 المساعدين على الحفاظ على الخلايا الجديدة، وخصوصاً خلايا الدم.
¶الشوكولا الداكنة: اضافة الى دورها في تحسين المزاج، تحتوي على مادتي الـResveratorol والـFlavanols المنشطين لوظائف الدماغ والدورة الدموية، وتالياً ابطاء الشيخوخة.
¶ الروزماري والحبوب الكاملة: الاول من النباتات المحافظة على جمال البشرة لغناها بالمواد النيابية التي تزيد معدلّ الروزماري المسؤول عن ترطيب البشرة وتقوية مرونتها. اما الحبوب الكاملة، فهي غنيّة بالالياف التي تعمل على تجديد خلايا البشرة وتقلل نسبة مادة Glycation التي تخفص معدل مرونة البشرة.
في محاربة الاكتئاب
يأس، حزن، تعب، قلق، خوف. أعراض قد لا تختصر حالة الاكتئاب التي قد تصيب كل فرد منا، وخصوصاً في ظل الاوضاع المضطربة التي نعيشها. علاجها الابرز بات معروفاً: المعالجة النفسيّة والطبيّة من خلال الادوية والعقاقير. ولكن ما هو ليس معروفاً لكثيرين، وبات محور عدد كبير من البحوث العلمية أخيراً، هو دور المأكولات التي قد تؤدي دوراً وقائياً أو علاجياً للإكتئاب.
أكثر من الـ 3 Omega
تساعد مادة الـ"اوميغا 3"، والتي نجدها في جميع أنواع الاسماك، في التغلب على أعراض الاكتئاب. ووفق الدراسات الحديثة، فإن الشعوب المستهلكة للاسماك الدهنية كالتونة والسلمون (Saumon) والسمك النهري، يظهرون أعراض اكتئاب أقل مقارنة بغيرهم من الشعوب. كذلك، بيّنت الدراسات أن الاشخاص المصابين بالاكتئاب، عادة ما يكون لديهم نقص بمادة ال"أوميغا 3". لذا، من الضروري تناول الأسماك الدسمة 3 مرات في الأسبوع على الاقل، شرط عدم تعريضها للحرارة العالية التي تفسد مادة الـ"أوميغا 3". أما لمن يصعب عليه تناول الأسماك بمعدل 3 مرات أسبوعياً، فيمكنه اللجوء إلى الجوز الغني بهذه المادة. كذلك، ينصح بعدم خلط مادة الـ"اوميغا 6" الموجودة في زيت دوار الشمس والذرة وبذور العنب، بمادة الـ"اوميغا 3" الموجودة في زيت الزيتون مثلاً،
لأن الفائدة تنتفي في هذه الحالة.
اختر البروتينات المفيدة :
وهنا، نقصد الاحماض الامينيّة (Amino Acids) المكوّنة لها. هذه الأحماض مسؤولة عن فبركة الهومونات والناقلات العصبية (Neurotransmitters). من بين هذه الاحماض ما يعرف بـ Tryptophane الذي يتحوّل جزيئات صغيرة جداً، لدرجة يسهل معها الانتقال من الدم الى الدماغ والتحولّ الى ما يسمى Serotonine، وهي المسؤولة عن تحسّن المزاج. علماً، أن نقصها في الدماغ يؤدي الى الشعور بالاكتئاب. هذه الجزئيّات مهمة ومفيدة جداً، وتوصف على شكل أدوية لمقاومة الاكتئاب. وهنا، من الضروري الاشارة الى أن مادة الـTryptophane موجودة في مأكولاتنا اليومية كسمك القد المملحّ، البقدونس، نقر الكوسا، الصويا، الحليب المنزوع الدسم (البودرة)، بذور دوار الشمس، وجبنة الـGruyere والـParmesan.
فضلاً عما سبق، ثمة نوعان آخران من الأحماض الأمينيّة هما الـTyrosine وPhenylalanine، المسؤولان عن مادة الـDopamine المحاربة أيضاً للاكتئاب. وهما موجودان في الافوكادو، الموز، بذور اليقطين، الألبان، الجزر، السبانخ والهليون.
وتجدر الإشارة إلى أنه يمنع على كل من يعاني مشكلة Phenylcetonurie الوراثية من تناول الـPhenylalanine لما قد تسببه من أعراض سلبية.
إلجأ إلى الفيتامين B :
يتولى توليد الطاقة للجسم، المناعة، تسهيل عمل الناقلات العصبية، التي من شأنها تدعيم قدراتنا على التركيز، ومواجهة التوتر والتعصيب. للفيتامين B ثمانية فروع، أبرزها الفيتامين B9 المعروف بالـAcid FolicوالـB12.
واشارت دراسة قام بها باحثون من جامعة Tuft في بوسطن، وأجريت على 3000 شخص تراوح اعمارهم بين 15 و39 سنة، ان الاشخاص الذين يعانون أعراض اكتئاب، اظهروا نقصاً حاداً في الـAcid Folic. لذا، طلب منهم تناول المأكولات الغنية بهذه الفيتامينات كالخضر الجافة والخضراء كالسبانخ والبروكولي، وكل انواع السلطات المحتوية على خضر.
تغذّى بالماغنيزيوم :
تشير دراسات عدة الى أن معدن الماغنيزيوم عنصر مهم واساسي للتحصّن ضد عواقب التعصيب السلبية. تناول الخضر الجافة 3 مرات في الاسبوع والحبوب الكاملة. كذلك يمكنك تناول مربعين من الشوكولا السوداء (التي تحتوي على 70% من الكاكاو) يومياً، وذلك كفيل بتوفير حاجات الجسم من الماغنيزيوم وتالياً تعزيز مقاومة الجسم للقلق والتوتر وأعراض الاكتئاب.
ختاماً، نشير الى ان اتباع هذه النصائح فعّال لمن يعاني اكتئاباً بسيطاً او قلقاً او خوفاً، ولمن يريد تخفيف التوتر. لكنه قد لا يأتي بالثمار المرجوة في الحالات القصوى والمرضية، لتبقى المعالجة الطبية واستشارة الاختصاصيين ضرورة لا مفرّ منها لايجاد العلاج المناسب.