وأخذت المواجهة العسكرية ومئات الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على الجنوب تلقي بظلالها وتداعياتها على المشهد الاقتصادي. فحملة "الزوبعة" التي قام بها جيش الاحتلال جعلت المشهد الاقتصادي أكثر قتامة
أشعل العدوان الإسرائيلي على غزة النيران مجددا في المعركة الاقتصادية والاجتماعية التي طالما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إخمادها، حيث كانت حملة العدوان وما ترتب عليها من أهداف انتخابية وسيلة أخرى وظفها نتنياهو لتوجيه الرأي العام بعيدا عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي.
وأخذت المواجهة العسكرية ومئات الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على الجنوب تلقي بظلالها وتداعياتها على المشهد الاقتصادي. فحملة "الزوبعة" التي قام بها جيش الاحتلال جعلت المشهد الاقتصادي أكثر قتامة وستعمق من أزمته، كما أجمع اقتصاديون، بسبب الكلفة المالية الباهظة للحرب والخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد، ناهيك عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات والمباني.
وأفادت تقارير صادرة عن مكتب رئيس الحكومة بأن تكاليف ما أسماه "الحملة العسكرية" خلال ثمانية أيام من الحرب بلغت نحو مليار دولار، يضاف إليها مائتا مليون دولار رصدت لتشغيل منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ، فيما قدرت "مؤسسة التأمين الوطني" أن تغطية تكاليف التغيب عن العمل لجنود الاحتياط البالغ تعدادهم 75 ألفا ممن تم استدعاؤهم للخدمة وصلت إلى نحو ستين مليون دولار.
ورجح الخبير بالاقتصاد السياسي مطانس شحادة أن التداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي ستتكشف في النصف الأول من العام المقبل، حيث سيمكن تقييم حجم الخسائر غير المباشرة التي تكبدها الاقتصاد ومدى صلابته لمواجهتها، في ظل التعويضات التي ستقدمها الدولة للمتضررين مما سيؤدي إلى ارتفاع العجز بالموازنة العامة.
تداعيات وتحديات :
وكتب الباحث الاقتصادي موطي باسوك في صحيفة ذي ماركر أن الحكومة الإسرائيلية عندما أعطت الضوء الأخضر لاغتيال أحمد الجعبري -القيادي في حماس- لم تأخذ على ما يبدو في عين الاعتبار التكاليف المالية الباهظة المترتبة على العمليات العسكرية والمواجهة في الجنوب وتداعيات ذلك على الوضع الاقتصادي والتجاري بالجنوب بشكل خاص وبإسرائيل بشكل عام.
ويرى أن الحكومة المستقبلية التي ستتشكل بعد انتخابات الكنيست في يناير/كانون الثاني 2013 ستواجهها الكثير من التحديات، خصوصا وأن الخزينة العامة للدولة تعاني ضائقة غير مسبوقة تصل لنحو خمسة مليارات دولار.
ووزارة الحرب الإسرائيلية ستطالب بمليار دولار إضافي لتغطية نفقات ما تسميه "العمليات العسكرية"، وهذا سيكون على حساب المستوطنيين. وقد باشرت اللجنة الحكومية برئاسة هرئيل لوكر -التي عينها نتنياهو- مهامها في إحصاء حجم الخسائر التي لحقت بالمباني والمنازل والممتلكات والسيارات، وتم فتح نحو ألفي ملف لتسجيل تعويضات عن أضرار بالممتلكات جراء القصف الصاروخي. وستلتئم لجنة الاقتصاد البرلمانية في غضون الأيام القادمة للمصادقة على الميزانيات التي سترصد لتعويض المتضررين.
خسائر ومخاوف :
في غضون ذلك، تستعد وزارة السياحة لإطلاق حملة ترويجية لتشجيع السياحة إلى منطقة الجنوب وترميم البنى التحتية للمواقع السياحية التي تضررت نتيجة القصف، في مسعى لتعويض الخسائر التي لحقت بالسياحة بإسرائيل وتقدر بنحو 120 مليون دولار.
وبحسب إحصائيات اتحاد أرباب الصناعة والتجارة، فإن القطاع الصناعي في الجنوب تكبد خسائر مباشرة وصلت لنحو مائتي مليون دولار، حيث يوجد هناك نحو 500 مصنع لحقها الضرر جراء تغيير وتراجع وتيرة عملها وإنتاجها، منها عشرات المصانع تضررت بالكامل وتعطلت كليا.
وتكبد القطاع الزراعي في الجنوب خسائر فادحة تقدر بعشرات ملايين الدولارات لانعدام العمل وتأخر جني المحاصيل من الأراضي الزراعية الممتدة على نحو مائة ألف دونم.
ويخشى اتحاد المزارعين في "إسرائيل" من المزيد من الخسائر المستقبلية إذا لم تزرع الأراضي بمحاصيل الشتاء خصوصا وأن مئات الصواريخ سقطت بمناطق زراعية مفتوحة ما زالت تحظر فلاحتها.