يعد مشموشي أنّ العمل إضافة «إلى رصيدي الشخصي والروحاني والانساني لا الفني. وقد عشت هذه الأجواء ليس كفنان وممثل، بل كواحد من أبناء النبطية الذين يحتفون بالذكرى

بعد الممثل السّوري تيسير ادريس والممثل اللبناني عمار شلق، اخترقت الناقة الجمهور الذي احتشد منذ أيام في ساحة مدينة النبطية (جنوب لبنان) لإحياء مراسم اليوم العاشر من محرم. لكن هذه المرة، حملت فوق سنامها الممثل اللبناني مجدي مشموشي، مجسداً للمرة الأولى دور الإمام الحسين بن علي (ع) في العمل التراجيدي الذي يقدم سنوياً في النبطية، تشخيصاً حياً لـ «موقعة الطف» في كربلاء في العراق، التي اسشتهد فيها الإمام الحسين ورهط من آل بيته وصحبه.

كتب كامل جابر في جريدة الأخبار :

مسيرة 400 متر انطلقت من الجامع القديم في حي السراي باتجاه بيدر المدينة المطوق بالحشود «السوداء» التي تعد جزءاً لا يتجزأ من مسرحة «عاشوراء». جسّد هذا الانتقال مشهد انتقال الإمام الحسين (ع) ومن خلفه الموكب الحسيني من المدينة المنورة في السعودية إلى كربلاء في العراق استجابةً للدعوة التي وجهها أبناء المدينة إلى الإمام من أجل نصرتهم، ثم ما لبثوا أن تفرّقوا خشية بطش جيش يزيد بهم. دخل مجدي مشموشي إلى ساحة «الاستشهاد» فوق الناقة التي استقدمت خصيصاً مع ثلاث أخرى من بعلبك وهناك خرّ شهيداً من على صهوة جواد حضّرته له شقيقته «العقيلة» زينب وهي تردد: «ما أجلدني، ما أقسى قلبي، أيّ أخت تقدم لأخيها جواد المنيّة» استجابة لندائه بعد سقوط جميع «فرسانه»: «هل من يقدم لي جوادي؟».

تنقيح واضح جرى هذا العام في النص المسرحي وفي المشهدية التي تولى إخراجها ابن المدينة الفنان حسام الصباح، إذ جرى التخلي عن مشاهد حوارية مطولة، والخروج من التكرار الذي كان يردده أنصار الإمام الحسين (ع)، كلما أتى أحدهم إليه طلباً لإذنه في البروز لمحاربة «الكفار». كذلك، اختصر عدد المستشهدين إلى 12 شهيداً غير الإمام الحسين (ع)، بدءاً من الحرّ بن يزيد الرياحي. هكذا، جُسِّدت فقط الشخصيات الأقرب إلى «سيد الشهداء» من ابنه «علي الأكبر» إلى ابن شقيقه الإمام الحسن «القاسم» فأخيه العباس وطفل الإمام «الرضيع» وانتهاءً به.

«بصعوبة وخوف وإجلال قدّمت هذا الدور الذي لم يكن سهلاً» يقول مجدي مشموشي، مؤكداً أنّها للمرّة الأولى التي «أكون فيها في ميدان محاطاً بالمشاهدين لأجسّد مشاهد من ملحمة تاريخية، وهذا لم يكن هيناً عليّ».

يعد مشموشي أنّ العمل إضافة «إلى رصيدي الشخصي والروحاني والانساني لا الفني. وقد عشت هذه الأجواء ليس كفنان وممثل، بل كواحد من أبناء النبطية الذين يحتفون بالذكرى ويمثلون باحترافية رائعة، وفي مقدمهم حسام الصباح». وتمنى مشموشي أن يبقى هذا المسرح «العاشورائي على كلاسيكيته مع تطويره تقنياً، لكن من الخطأ تغيير النص أو السياق الدرامي. ليس للمقارنة، لكنّ أعمال شكسبير تقدم مثلما هي في لندن وهي تدوم مئات السنين».

 (مع بعض التصرف)