في ظل الجمود السياسي الحاصل في البلد، أطلق رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" في لبنان النائب وليد جنبلاط مبادرته السياسية لتحريك الوضع السياسي خصوصا امام مقاطعة فريق "14 آذار" لهيئة الحوار الوطني.
في ظل الجمود السياسي الحاصل في البلد، أطلق رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" في لبنان النائب وليد جنبلاط مبادرته السياسية لتحريك الوضع السياسي خصوصا امام مقاطعة فريق "14 آذار" لهيئة الحوار الوطني التي يشرف عليها الرئيس ميشال سليمان، في ظل مقاطعة هذا الفريق تحت عناوين مختلفة عمل مجلس النواب واللجان النيابية ضاربا بعرض الحائط مصالح اللبنانيين التي تحتاج الى جهد مضاعف من قبل الساسة لحراجة وضعها لا الى مزيد من التعطيل والعرقلة.
وترتكز اهداف مبادرة جنبلاط على الحفاظ على الاستقرار والسلم الاهلي في لبنان كمدخل لايجاد مناخ داخلي يساعد على التحاور بين جميع الافرقاء لحل الخلافات او لعله للتحاور بين الافرقاء بالحد الادنى لتنظيم الخلاف على مجمل القضايا كي تبقى في اطارها السياسي ولا تتعداه بالانزلاق الى الشارع مع ما يحمله ذلك من تداعيات لا تحمد نتائجها.
وفيما قد يتساءل البعض عن الجدوى من اطلاق هكذا مبادرة طالما ان فريق "14 آذار" يرفض الحوار بشكل مطلق، اقله حتى اشعار ما يأتيه من مكان ما، فإذا كان هذا الفريق يرفض الحوار الذي يدعو اليه الرئيس سليمان فلماذا يلبي دعوة جنبلاط مع العلم ان العلاقة بين بعض افرقاء هذا الفريق وجنبلاط ليست على ما يرام وليست جيدة مع البعض الآخر، بينما قد يرى البعض أن هذه الدعوة مع الاهداف السامية التي تنشدها قد لا تخلو من أبعاد سياسية لها ممكن ان يحصدها اكثر من فريق لبناني، ومنهم صاحب المبادرة اي النائب جنبلاط نفسه ولعل الاخير يعلم ذلك جيدا، باعتبار ان البعض قد يتجاوب معها ليس رغبة في الحوار او الحفاظ على الاستقرار فقط بل ايضا سعيا وراء متغيرات قد تحدثها على صعيد التواصل او التحالفات القائمة او ربما تنتج اتفاقات اخلاقية ومعنوية قد تكون رافعة لوضع البعض ممن يبحث عن مكاسب سياسية.
فما النتائج المرجوة من وراء هذه المبادرة ومن يمكن ان يتجاوب معها فعلا لا قولا فقط؟ وهل سينجح النائب جنبلاط في كسر الجمود في الحالة السياسية اللبنانية ام سيستطيع من جرّ الفريق المقاطع لطاولة حوار تشكل سكة لحل الخلافات او للاتفاق على تنظيمها؟
جنبلاط: لانتظار نتائج الجولات التي يقوم بها وفد "الحزب التقدمي" لطرح المبادرة
حول ذلك استصرحنا رئيس "جبهة النضال الوطني" في لبنان النائب وليد جنبلاط الذي رفض "التحليل والتوقع بنتائج هذه المبادرة"، ولفت الى ان "من لديه الخبر اليقين حول مصير المبادرة وما ينتج عنها هم الافرقاء في لبنان الذين إليهم وجهت المبادرة".
وامتنع جنبلاط في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني عن التعليق على تجديد فريق "14 آذار" في بيان للامانة العامة فيه موقفه الرافض للحوار في لبنان الا بعد مطولة من الشروط، ودعا جنبلاط الى "انتظار نتائج الجولات التي يقوم بها وفد الحزب التقدمي الاشتراكي على مختلف الاطراف في لبنان قبل إطلاق الاحكام والتحليلات".
ناصر: نحاول فتح ثغرة في الجدار المقفل بين الافرقاء اللبنانيين
من جهته رأى أمين سر "الحزب التقدمي الاشتراكي" ظافر ناصر في حديث لموقع "قناة المنار" ان "هدف هذه المبادرة هو محاولة كسر الجمود السياسي الحاصل في البلد ومحاولة تحريك المياه الراكدة وفتح ثغرة في الجدار المقفل بين الافرقاء اللبنانيين"، واضاف ان "أهم شيء ان نخلق جوا جديدا يتصف بالايجابية يستبدل مناخ القطيعة بمناخ الحوار والتواصل خاصة ان المرحلة التي يمر بها البلد دقيقة على جميع المستويات"، داعيا "الجميع الى تحمل المسؤولية الوطنية لان الناس لا تنتظر منا المزيد من السقف السياسي العالي والقطيعة بل تنتظر اي امر ايجابي يريح البلد والمواطن".
وفيما أكد ناصر ان "لا نتائج متوقعة قبل البدء بالمبادرة كما انه لا يمكن توقع ذلك منذ الآن"، أمل ان "يغير فريق 14 آذار موقفه من الحوار بعد لقائه وفد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يجول على الافرقاء طارحا وعارضا مبادرة النائب جنبلاط"، ولفت الى ان "الاجواء تبشر بالايجابية خصوصا بعد اللقاءات مع الرؤساء الثلاثة ومع ممثلي حزب الله"، مشيرا الى ان "لا جدول اعمال جاهزا لعمل الوفد في طرح المبادرة بل الوفد يطلب مواعيد سريعة وعاجلة وحسب نشاط كل فريق تتحدد المواعيد"، متمنيا "الوصول الى ما فيه خير البلد من خلال هذا الحراك".
منيّر: عنوان المبادرة بالشكل جيد لكن مضمونها مفكك وتفتقد للحيوية
وحول نفس الموضوع توجهنا بالسؤال الى الكاتب والمحلل السياسي الاستاذ جوني منيّر الذي اعتبر ان "عنوان المبادرة بالشكل جيد ومرحب به لان لبنان يحتاج في هذا الوقت الى احد يتحرك من الفرقاء"، ورأى ان "مضمون المبادرة التي طرحها النائب جنبلاط مفكك وتفتقد للحيوية وللتفصيل كما وتفتقد لخارطة طريق لتطبيقها"، واضاف "كأن النائب جنبلاط طرح الحوار كعنوان شكلي من دون مضمون او من ضون خطة له لان العناوين التي طرحها بعيدة عن بعضها وغير مترابطة". واضاف ان شكل التحرك ممتاز"، وتابع انه "اذا لم يوجد مضمون فعلي للمبادرة فكيف يمكن الحديث عن نتائج لها".
ولفت منيّر في حديث الى موقع "قناة المنار" الالكتروني الى ان "جنبلاط يتناغم مع المناخ الدولي الذي يريد الاستقرار السياسي في لبنان"، واضاف ان "جنبلاك يعرف ان المناخ الدولي والغربي خصوصا يريد الحفاظ على الستاتيكو القائم في لبنان والمتمثل بالاستقرار السياسي والامني ولذلك فهو يتناغم تحت هذا السقف ويريد ايجاد دور له في هذا الاطار"، ورأى ان "لا شك ان موقف جنبلاط كان حرجا عندما أرادت السعودية تطيير الحكومة الحالية في لبنان بينما الغرب لا يريد ذلك وهو بالطبع اختار الوقوف مع الموقف الغربي لانه يقرأ دوليا واقليميا".
واشار منيّر الى ان "جنبلاط يعتبر من خلال هذه المبادرة انه يلبي موقف الغربيين وكذلك يحافظ على دوره المحوري كلاعب وسطي في الحوار بما يخوله ويعطيه الفرصة في المستقبل في ظل اية حسابات ان يتواصل مع جميع القوى وامكانية التنقل بين مكان وآخر"، واعتبر ان "هذه المبادرة تصب بالدرجة الاولى لمصلحة جنبلاط وليس في مصلحة البلد"، واشار الى انه "صحيح ان من أهداف هذه المبادرة امتصاص الاحتقان والتشنج السياسي في البلد الذي تلا حادثة اغتيال اللواء الحسن الا ان جنبلاط يهدف بصورة اساسية من خلالها ترك اسمه متداولا بين فريقي 8 و14 بما له من دلالات في ظل قدوم البلد على الانتخابات النيابية".
وحول امكانية تجاوب فريق "14 آذار مع مبادرة جنبلاط رغم رفضه الحوار الذي دعا اليه الرئيس سليمان، قال منيّر ان "الحوار في لبنان صعب في القوت الراهن لأن فريق 14 آذار لا يرى ان للحوار أفقا في المدى المنظور كما انه يعتبر نفسه في موضع الخاسر في القوت الراهن في ظل ما يجري في سورية وصمودها بوجه المؤامرة الدولية عليها بالاضافة الى انه خارج السلطة في لبنان"، واضاف ان "فريق 14 آذار يعتقد ان التوازنات الاقليمية والمحلية ليست في مصلحته لذلك فجلوسه على طاولة الحوار يكرس المعادلات القائمة ولذلك فهو يريد تحسين شروطه التفاوضية قبل الجلوس على طاولة الحوار"، وتابع "لذلك كله من غير المتوقع ان يتجاوب فريق 14 آذار مع هذه المبادرة رغم انه يعلم جيدا ان فوزه في الانتخابات المقبلة يحتاج للنائب جنبلاط".
واشار منيّر الى ان "جنبلاط بات حذرا ويخاف الى حد كبير من طرح سمير جعجع حول قانون الانتخاب المبني على اساس الـ50 دائرة لانه يقلل من قدرته الفعلية في الشوف"، ورأى ان "هذا الموضوع زاد من هواجس جنبلاط الفعلية مما قد يكون دفعه ايضا الى فتح قنوات فعلية للحوار خصوصا مع حزب الله وفريق 8 آذار"، وختم "بالنسبة لجنبلاط لا يمكن الحديث عن جديته في انتظار نتيجة هذه المبادرة لان جنبلاط عودنا انه لتحقيق مصلحته يستطيع قلب الطاولة رأسا على عقب".
لا شك ان الحوار في لبنان بكل الظروف والاحوال لا يخلو من الايجابية ايا كانت نوايا الساعين له او المتعاملين معه فهو يكسر الجمود ويفتح ابواب التلاقي ويمنع الجفاء بين ابناء الوطن الواحد، فحتى لو امتنع او استحال التوافق والاجماع لا يمكن على اللبنانيين "الطلاق" بل لا بدَّ بالحد الادنى الجلوس للتباحث في تنظيم الخلاف او الاتفاق على ثوابت ليس اخرها الحفاظ على الاستقرار والسلم الاهلي في البلد.