أكد مسؤول القسم السياسي لدى الأخوان المسلمين في مصر أن الجماعة لن تسمح بإسقاط الإعلان الدستوري. وفي حديث لموقع المنار، أعلن القيادي الإخواني أن العدو هو من سعى للتهدئة في غزة قبل غزة نفسها
القضاء وجزء كبير من الشعب وحتى ميدان ثورة 25 يناير، كلهم هتفوا ضد الرئيس المصري محمد مرسي وضد إعلانه الدستوري الذي صدر في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر. منذ ذلك التاريخ، أشعل الإعلان فتيل أزمة أدّت إلى مواجهات واعتصامات لا تزال مستمرة في ميدان التحرير في القاهرة. الإعلان الذي اعتبره كثيرون تفرداً في السلطة من قبل الإخوان المسلمين ومحاولةً للإنقلاب على ثورة 25 يناير، رأى فيه مسؤول القسم السياسي لدى الأخوان المسلمين في مصر حسام ميرغني تاج الدين حفاظاً على مكتسبات الثورة، مؤكداً في حديث لموقع المنار أن الجماعة لن تسمح بإسقاطه. من جهة أخرى، أعلن تاج الدين أن الحل الوحيد في سورية هو رحيل النظام، واصفاً الرئيس بشار الأسد بالديكتاتور. هذا وأعلن تاج الدين أن العدو هو من سعى للتهدئة خلال العدوان الأخير على غزة، قبل غزة نفسها.
وقد تحدث تاج الدين إلى موقع المنار على هامش مؤتمر "موقف الإسلاميين من القضية الفلسطينية" في فندق كراون بلازا في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث قال رداً على سؤال حول موقف الجماعة من وصف مرسي بالديكتاتور عقب الإعلان، "مرّت ثورة 25 يناير بكثير من العقبات، ولم يتحقق من أهدافها إلا القليل بعد مضي عامين تقريباً على هذه الثورة. وبعد أن أصبح الرئيس محمد مرسي رئيساً للبلاد، لا شك أنه يريد أن يؤسس لدولة المؤسسات، على خلاف النظام السابق الذي كان متفرداً بالسلطة. الرئيس مرسي لم يقصد من خلال المادة الثانية من الإعلان الدستوري ممارسة الإستبداد أو الديكتاتورية ولكنه أراد أن يعجّل بإخراج الدستور والحفاظ على المؤسسات التي تمّ انتخابها كمجلس الشعب ومجلس الشورى. إضافةً إلى ذلك، لا يمكننا اعتبار ما قام به الرئيس مرسي غير طبيعي، فالثورات عادةً تحتاج إلى مثل هذه القرارات الإستثنائية للحفاظ عليها وعلى مكتسباتها".
وفي معرض حديثه، هاجم تاج الدين، الذي القى خلال المؤتمر كلمة المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد بديع، المحكمة الدستورية العليا، قائلاً "لم ينتظر الرئيس مرسي الجمعية التأسيسية للإنتهاء من إعداد الدستور، لأنه قد تسرّب للقيادة المصرية أنه هناك أحكام مسبّقة بحلّ الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى والطعن في الإعلان الدستوري الأول لرئيس الجمهورية وكأننا سنسير إلى حالة من الفوضى وحالة من اللاشرعية. وقد سبق أن صرّحت بذلك العضو في المحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي لأكثر من وسيلة إعلامية، وكأنه من المسموح أن يتمّ الإعلان عن الأحكام قبل صدورها".
كما شدد المسؤول السياسي لجماعة الإخوان المسلمين على تقدير جماعة الإخوان المسلمين لدور القضاء، مذكراً بدفاع الجماعة عن القضاء مراراً وتكراراً، متابعاً أن "الرئيس محمد مرسي اعتقل هو والدكتورعصام العرياني وآخرين لمدة سبعة أشهر تقريباً دفاعاً عن القضاء"، وذلك في إشارة إلى حادثة اعتقال مرسي في 18 أيار/مايو عام 2006 من أمام مجمع محاكم الجلاء وسط القاهرة، أثناء مشاركته في مظاهرات شعبية نددت بتحويل اثنين من القضاة إلى لجنة الصلاحية، بسبب موقفهما من تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2005.
وعن إمكانية تراجع الرئيس محمد مرسي عن الإعلان الدستوري حقناً لدماء المصريين، أكد تاج الدين أن "لا تراجع عن الإعلان الدستوري، لأن هذا الإعلان يبحث عن مصلحة المواطن المصري والشعب المصري ويقوم بتكريس والحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير". لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن حلّ الأزمة التي تعصف بمصر حالياً يكمن في "إعطاء الرئيس محمد مرسي الجمعية التأسيسية مهلة شهرين في حال تمّ إجراء تعديل على بعض المواد أو كان هناك عدم توافق على بعض المواد. نحن نريد توافقاً وطنياً أي أن يسعى كل شخص يمثل فصيلاً سياسياً أو حزباً أن يبحث عن مصلحة مصر أولاً لا عن مكتسبات شخصية".
وتوجه تاج الدين للأطراف التي تقود المعارضة ضد مرسي والإعلان الدستوري متسائلاً: "هل نريد دستوراً للبلاد أم لا نريد دستور؟ بعض الشخصيات البارزة وأنا أذكر بالتحديد عمرو موسى الذي سبق أن وافق على بعض المواد بل هو الذي شارك في صياغة مضمون هذه المواد، هو نفسه اعترض عليها لاحقاً وخرج من الجمعية التأسيسية. إضافةً إلى ذلك، هناك كثيرين ممن انسحبوا سبق أن وافقوا على بعض المواد والآن يتنصلون منها". وتجدر الإشارة إلى أن شريحة واسعة من المصريين تبدي معارضتها للجمعية التأسيسية، معتبرين أنها تحت سيطرة الإخوان المسلمين.
ورداً على سؤال حول اعتبار البعض أن غض النظر الأميركي عما يجري في مصر، هو نتيجة تمرير الرئيس المصري لقرار التهدئة بين "اسرائيل" وقطاع غزة، أجاب المسؤول السياسي لدى الإخوان المسلمين، "من قال ذلك؟ إن سياستنا تجاه العالم الغربي معروفة ومبنية على الإحترام المتبادل، وليس لأميريكا أو غيرها أي سطوة على الشعب المصري أو السلطة في مصر. مصر بدأت مرحلة جديدة وقد أوضح الرئيس مرسي ذلك في العديد من خطاباته، فقد استعادت مصر حضورها الإقليمي والدولي ولن نسمح بأي حال من الأحوال أن يهيمن علينا قرار من الخارج. لعبت مصر دوراً كبيراً وبارزاً في الحفاظ على غزة في ظل العدوان الأخير ونحن وصلنا إلى مرحلة التهدئة، التي سعى إليها العدو قبل أن تسعى إليها غزة".
وفي تعليقه على ماهية العلاقة التي تربط الإخوان في مصر بحزب الله، قال تاج الدين إن "هذا السؤال يحتاج إلى كثير من الإيضاح، ولكن نحن نسعى لأن تكون علاقتنا بكافة الدول العربية والإسلامية وجميع الأطراف على مسافة واحدة وعلى قرب من مصالحنا وقضايانا". أما بالنسبة للموضوع السوري، فقد كان تاج الدين حازماً في رده "الحل في سورية هو أن يرحل النظام السوري، فقد اختار الشعب أن يرحل هذا الديكتاتور". ورداً على سؤال حول إمكانية أن يكون الحوار هو الحلّ في ظل صمود النظام بعد مضي عام وثمانية أشهر على بداية الأزمة، أكد تاج الدين "لا، سينتصر الشعب في النهاية".
تصوير: وهب زين الدين