يرسل الناس يومياً عشرات الملايين من الرسائل النَّصية القصيرة ويستقبلونها في ما بينهم عبر الهواتف المحمولة
يرسل الناس يومياً عشرات الملايين من الرسائل النَّصية القصيرة ويستقبلونها في ما بينهم عبر الهواتف المحمولة. ولكن يبدو أن العصر الذهبي لهذه الرسائل يقترب من نهايته بعد ابتكار تقنيات جديدة تتولى الوظيفة ذاتها مع ظهور الهواتف الذكية.
كانت رسائل الـ«إس إم إس» أحد الابتكارات العظيمة في أوائل التسعينيات، ويتم إرسال عشرات الملايين منها حالياً في جميع أنحاء العالم. لكنّ ظهور التقنيات الجديدة بات يهدد الرسائل النَّصية القصيرة بالزوال.
ونظراً لقصر الجمل فيها وعدد كلماتها التي ليس بالإمكان أن تتجاوز 160 حرفاً (من الحروف والرموز والأرقام والفراغات)، نضطر عادةً إلى استخدام اختصارات في الجمل التي نكتبها.
ويكمُن سبب اقتصار مبتكري رسائل الجوّال القصيرة على هذا العدد المحدود من الحروف في أن مخترعيها حين طوروها في منتصف الثمانينــيات، قاموا بمحاكاة طــول رســائل البطاقات البريدية ورسائل التلكس، التي كانت شائعة في تلك الأيام.
وحين أرســلت أول رسالة نصية في العالم قبل 20 عاماً، وبالتحديــد في الثــالث من كانون الأول فــي العــام 1992، لم يعلم بذلك الكثــير من الناس. كما أن الهواتف المحمــولة المتاحــة حينها كانت باهظــة الثمن، وتكلّف ما يعادل ألفي دولار، بل لم تكن صالحة لإرســال أو استقبال الرســائل النصية. ولذلك لم يتم إرسال الرسالة النصية الأولى من الهواتــف المحمولة، ولكن عن طريق الكمبــيوتر. وأول من أرسلها كانوا تقنــيّي وفنّيي شركة «فودافون» البريطــانية، الذين اختبروا هذه الخدمة لأول مرة، وتراسلوا عبارات في ما بينهم من قبيل «عيد ميلاد سعيد».
وأتاحت بعد ذلك شركات الاتصالات شيئاً فشيئاً خدمة إرسال الرسائل النصية القصيرة، لكن هذه الخدمة كانت متضمَّنة في أسعار الاتصالات العادية في البداية كما تقول المتحدثة باسم شركة «تيلتاريف» لخدمات الإنترنت رافاييلا مول، مؤكدة أن «إرسال الرسائل النصية كان مجانياً في البداية».
ومع ازدهار صناعة الهواتف المحمولة وتجارتها في منتصف التسعينيات، وارتفاع عدد الرسائل المُرسَلَة والمُستَقبَلة بشكل هائل وازدياد الطلب عليها، تغيرت الحال بسرعة وأصبحت الشركات تطلب مقابلاً مالياً على هذه الخدمة.
ففي العام 1996 تم إرسال حوالي 100 مليون رسالة نصية قصيرة في ألمانيا وحدها. وازداد العدد بشكل ضخــم للغاية ليصل في العام 2011، بحــسب تقديرات مؤسســات الشبكة الألمانية للاتصالات، إلى 46 مليار رسالة نصية. ومن خلال السعر الذي يبلغ 10 سنــتات لكل رسالة نصية قصــيرة بالجوّال، تربح شركات الاتصــالات والهواتــف النقــّالة أموالاً طائلة.
لكن العصر الذهبي للرسائل النصيّة القصيرة بدأ بالتلاشي مع انتشار الهواتف الذكــية وظهور طرق جديدة لإرســال الرســائل القصيرة. وباتت شركات خدمات الهواتف المحمولة تشعر بذلك.
ويقول أحد محرِّري مجلة الكمبيوتر الألمانية «سي تي» أورس مانسمان إنه «قد تم تجاوز ذروة استخدام الرســائل النصية وأن خدمات الإنترنت أصبحت تحل محلها بشكل كبير حالياً».
ويتحدث مانسمان خاصة عن برنامج «واتس أَب» في الهواتف الذكية مثــل الـ«آيفون»، الذي ينقل الرســائل عبر الإنترنت مقابل مبلــغ مالي صغــير يُدفع مَرّةً واحدة لا يتجــاوز 89 سنتاً، بحيث يمــكن إرسال عدد غير محــدود من الرسائل النصية وبطول غــير محدود من الجُمَل، كما يمكــن من خلاله إرسال الصور ومقاطع الصوت والفيديو.