دعا مختصون في علوم اللغة العربية واللسانيات في مؤتمر اللغة العربية وآدابها المنعقد بالعاصمة العمانية مسقط إلى ضرورة استحداث منهج نقدي عربي معاصر
دعا مختصون في علوم اللغة العربية واللسانيات في مؤتمر اللغة العربية وآدابها المنعقد بالعاصمة العمانية مسقط إلى ضرورة استحداث منهج نقدي عربي معاصر يتيح الفرصة لآليات نقدية أصيلة لمعالجة النص الإبداعي العربي دون أن نسقط عليه مناهج أخرى منبتة الجذور ولا علاقة لها بالذائقة العربية.
وإضافة إلى المسائل النقدية يناقش المؤتمر الذي تنظمه جامعة السلطان قابوس بالتعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ويختتم أعماله اليوم الاثنين أكثر من أربعين ورقة عمل في الأدب والنحو والصرف والدلالة المعاجم وغيرها.
وأكد المشاركون أن المناهج النقدية الحالية كالبنيوية والأسلوبية والتركيبية والتفكيكية وغيرها رغم إسهامها النوعي في تطوير مسيرة الأدب العربي كثيرا ما تعيق من انطلاق المنجز الإبداعي العربي.
منهج أصيل :
ومن أبرز دعاة تأصيل مناهج النقد العربي، عضو مجمع اللغة العربية أستاذ اللغة العربية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة محمد حماسة عبد اللطيف، الذي وصف المناهج النقدية المعاصرة بأنها منقولة إلينا من الغرب، مؤكدا عدم وجود منهج نقدي عربي واحد نابع عن الثقافة العربية.
ويشاركه الدعوة نحو منهج نقدي عربي معاصر رئيس قسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس، هلال الحجري الذي أكد وجود إحساس عام بين المشتغلين بالنقد العربي بأن ما يقوم به الكثير منهم هو مجرد محاولة لتلبيس مناهج أدبية غربية على نصوص الأدب العربي.
وأوضح أن الممارسة النقدية الحالية يعتريها كثير من الجمود، حيث أكثر بعض النقاد العرب من استخدام الجداول والمعادلات الرياضية والرسومات في نقد الشعر والقصة والرواية لدرجة يتصور فيها المتابع وكأنه يقرأ خريطة أو مساحة جغرافية وليس نصا أدبيا بسيطا يتحدث عن الجمال.
وأشار الحجري إلى أنه رغم ما يعاب على المناهج النقدية المستخدمة من تقييد لفهم النص، تحول الشعر العربي بفضلها من القصيدة العمودية إلى قصيدة التفعيلة وإلى قصيدة النثر وإلى قصائد النصوص المفتوحة.
وأكد أن ذلك التحول في بنية القصيدة العربية لم يكن ليحدث لو لم تكن المناهج الحالية موجودة ومهتمة بتناول بنية النص وإيقاعه الداخلي والخارجي وغير ذلك من المناهج النقدية المستخدمة حاليا.
ضرورة التجديد :
من جهته اتهم أستاذ اللغة العربية واللسانيات بالجزائر عبد الحق عمور النقاد العرب بأنهم ما زالوا يجترون النظريات النقدية الغربية دون وعي لمرجعيتها الفلسفية والمعرفية، ودعا لأهمية أن يكون للناقد العربي معرفة مرجعية باللسانيات حتى يتمكن من الاشتغال على أي نص كناقد يستطيع وضع مقاربة لتحليله.
وأشار عمور إلى أنه حتى الغربيون دعوا إلى التجديد والانفكاك من التقليد مستحضرا الناقد الفرنسي تودوروف أحد مؤسسي منهج (السيمائية النقدية) الذي دعا في كتابه "الأدب في خطر" إلى مراجعة القديم من النظريات النقدية الأدبية.
وأكد الأكاديمي الجزائري على أهمية السعي لاستحداث نظرية نقدية عربية خالصة، ودعا لقراءة التراث العربي للمساعدة على الخروج بآليات نقدية تتوافق مع الموروث برؤية معاصرة وجدية، فقراءة كتابات الجرجاني وابن رشد وابن حيان -كما يقول- ستساعد النقاد العرب على فهم أفضل للنصوص وتأويلها تأويلا مرتبطا بالثقافة العربية.
ويرى خالد بن عايش الحافي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود أن الدعوة لمناهج نقدية عربية جديدة تفرضها الحاجة للتعامل مع معطيات العصر، محذرا من اعتماد النقاد المعاصرين على أدوات قدامى النقاد الذين تعاطوا مع النصوص بأدوات عصرهم، ودعا لتحرير المصطلحات وعدم خلط المفاهيم اللغوية وعدم الإسهاب في التنظير لمنهج ما قبل أن يحسن تطبيقه على النصوص الأدبية المستهدفة.