شهران سيمضيان قبل أن تتقدم أي محاولة جديدة للحلّ السياسي في سوريا. المهلة ليست رهاناً عشوائياً، ولكنها قناعة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف التي تقوم على عناصر واقعية أكثر من التحليل
محمد بلوط
شهران سيمضيان قبل أن تتقدم أي محاولة جديدة للحلّ السياسي في سوريا. المهلة ليست رهاناً عشوائياً، ولكنها قناعة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف التي تقوم على عناصر واقعية أكثر من التحليل. هذه العناصر يشاطره إياها معارض سوري بارز.
شهران يقول الروسي ستنشط خلالهما المعارك وحدها، من دون أي أفق سياسي لدمشق. بعض التأجيل تقني الأصل: استكمال بناء الإدارة الأميركية لجهازها السوري الذي يشهد تغيرات في صفوفه. فردريك هوف المستقيل، هيلاري كلينتون المغادرة نحو قدر رئاسي قد يجعلها تخلف أوباما، وإدوارد دجردجيان، سفير واشنطن في دمشق التسعينات، الذي يدشن مهمته بمحاولة تجديد شبكته السورية القديمة عبر اتصالات، برفقة مسؤولين أمنيين أميركيين حاول إجراءها في باريس الأسبوع الماضي مع بعض قادة المعارضة السورية.
وبحسب المعارض السوري، فقد أبلغ الروس المعارضة أن أحدا لن يكون على استعداد للذهاب إلى أي طاولة حوار أو مفاوضات سواء من المعارضة السياسية الخارجية، أو من المعارضة المسلحة في الداخل، أو حتى من الرعاة الدوليين من أميركيين وأوروبيين، نظرا لوصول كميات كبيرة من الأسلحة إلى جميع الجبهات السورية خلال الأسابيع الماضية. وهو ما أدى إلى ارتفاع عديد مقاتلي الجيش السوري الحر ونوعية الأسلحة التي حصل عليها مؤخراً، لا سيما صواريخ «أرض جو» .
ويتوقع الروس نهاية عام صاخب في دمشق وحولها، بسبب ارتفاع الرهان على الحلّ العسكري أكثر من أي وقت مضى، وعلى استعادة المعارضة المسلحة المبادرة العسكرية في ريف دمشق، ومحاولتها فرض حصار خانق على العاصمة قبل محاولة اقتحامها.
وأبلغ الروس المعارضة السورية أن امتحان المعارضة العسكرية في ريف دمشق لزحزحة النظام بات يفرض نفسه، قبل عودة موسكو إلى محاولة التقارب مع الأطراف الإقليمية والدولية، لا سيما الولايات المتحدة، لاستكشاف احتمالات مؤتمر ثان لمجموعة العمل الدولية في جنيف.
وأبلغ لافروف معارضين سوريين أن ثلاثة لقاءات جرت مع واشنطن ومجلس التعاون الخليجي والأتراك قد أخفقت في التوصل إلى نقاط تقاطع مشتركة حتى الآن. وقال إنه يعمل على التحضير للقاءات ثنائية مع واشنطن لعقد مؤتمر جنيف الثاني حول مجموعة العمل الدولية لسوريا، شرط أن تنضم إيران ومصر إلى الدائمين الخمسة في مجلس الأمن وقطر وتركيا والإتحاد الأوروبي والجامعة العربية.
لكن من غير المنتظر أن تنشط عجلة جنيف الثانية قبل شهر شباط المقبل على الأقل، وذلك بسبب الانشغالات الأميركية والرهانات على الحسم العسكري، إلا أن الروس سيسعون إلى نقل مقررات جنيف الثانية إلى مجلس الأمن واستصدارها بقرار ملزم، من دون أن يتم تظليلها بالفصل السابع وإلزاميته.
وقال وزير الخارجية الروسي لمعارضين «لقد سمعنا كثيرا في الماضي عن قرب محاصرة القصر الجمهوري في دمشق، ولن ندافع عنه، لكننا لن نساعد لا في ترحيل الأسد ولا في الإبقاء عليه، بيد أنه إذا ما استطاع الصمود فهناك أنظمة أخرى في المنطقة قد تسقط قبل أن يسقط نظامه».
وقال معارض سوري إن الروس متمسكون بقوة بالجيش السوري والحفاظ على قدرته على القتال والدفاع عن الدولة في سوريا، ليس دفاعا عن النظام السوري بحدّ ذاته، ولكنهم يعتبرون الجيش السوري الضامن الوحيد لبقاء الأقليات في سوريا.
ويرى الروس أن الجيش السوري لا يزال الممثل الوحيد لكل الاتجاهات والطوائف في سوريا، وقال لافروف للمعارضين السوريين في موسكو إن المعارضة الحالية في أطرها الحالية تنتمي إلى لون واحد من الشعب السوري وفئة سورية واحدة، وقد اضطرت إلى تعيين ممثلي الأقليات تعيينا في المجلس الوطني والائتلاف لعجزها عن ضمهم إلى صفوفها. ويعتبر الروس أن المعارضة الخارجية، بوجهيها القديم في المجلس الوطني والحديث في الائتلاف، قد أخفقت مع صعود جناحها الإسلامي والجهادي في اجتذاب الأقليات أو تمثيلها أو تقديم ضمانات بشأن مستقبلها.
وسمع المعارضون في موسكو توقعات روسية بأن الرئيس السوري سيكون قادرا على فرض نفسه والبقاء قي السلطة حتى الانتخابات في ربيع العام 2014، إذا ما استطاع الحفاظ على مواقعه العسكرية أو تحسينها. ووصف المسؤول الروسي ما تقوم به قطر وتركيا في سوريا بأنه خطر جداً، وأنهما سيدفعان ثمنا غاليا وكبيرا لسياستهما. واعتبر أن الإقدام على إنشاء منطقة عازلة سيكون تصعيدا خطرا بين تركيا وسوريا. وواهم من يظن، بحسب المسؤول الروسي، أنه سيكون قادرا على ضبط حدوده، ومنع الجهاديين من الوصول إلى أهدافهم في المنطقة إذا ما انتشرت الفوضى في سوريا، خصوصا أن الجميع متورط في النزاع من الأردن وتركيا ولبنان وقطر والسعودية. ويعتقد الروس أن أي تصور لحلّ سياسي في سوريا بات بديهيا، ولكنه ينبغي أن يميز ما بين الحوار والمفاوضات، وينبغي الفصل بين ضرورة استمرار الدولة السورية وتغيير النظام.
ويسعى الروس، من خلال اللقاءات مع معارضين سوريين، إلى «بناء قطب ديموقراطي مدني»، وينصحون في لقاءاتهم السورية بالعمل لبناء ذلك القطب، وإلا فإن الطاولة ستنقلب على الجميع لمصلحة الجماعات الجهادية في سوريا.
أما المشهد الدبلوماسي في طهران، فيبدو أكثر هدوءاً واطمئنانا إلى قدرة النظام السوري على الاستمرار في القتال والثبات في ريف دمشق.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه