كشف عقاب صقر ما في جعبته بشأن التسجيلات التي نشرتها «الأخبار»، والتي تثبت تورطه في لعبة السلاح والدم السوريين. أضاف في الوقت الفاصل بين النشر ومؤتمر الشتم والصراخ الذي عقده أمس
كشف عقاب صقر ما في جعبته بشأن التسجيلات التي نشرتها «الأخبار»، والتي تثبت تورطه في لعبة السلاح والدم السوريين. أضاف في الوقت الفاصل بين النشر ومؤتمر الشتم والصراخ الذي عقده أمس، ما يحوّل طلبيات السلاح إلى طلبيات حليب، والقذائف إلى بطانيات وما «يستر عورات نساء سوريا».
كما «الندّابات» اللواتي يُستأجَرن لندب قتيل او ميت، خرج النائب عقاب صقر امس ليرد على التسجيلات التي نشرتها «الأخبار» الأسبوع الماضي، والتي تثبت تورطه في تسليح المعارضة السورية. ظهر صقر في «مؤتمر صراخي»، متوتراً، شاتماً، موزعاً شهادات الارتزاق والتزوير. لم يبحث في مضمون التسجيلات. اندفع إلى الامام، محاولاً التخفيف من أضرار أي تسجيلات إضافية يُمكن ان تُنشر لاحقاً. لحس ما كان قاله قبل أيام لجريدة «الشرق الأوسط» السعودية من إقرار بصحة التسجيلات، مندفعاً صوب الادعاء بأن ما نشرته «الأخبار» «مزوّر بالاجتزاء» بهدف اغتياله سياسياً، تمهيداً لاغتياله جسدياً. أوحى بأن ما جرى ليس سوى فخ نصبه بنفسه، حتى كدنا نصدّق أنه هو بنفسه من سلّمنا التسجيلات للايقاع بنا. نفى ممارسة «تجارة الدم» مستعيضاً عنها بـ«تجارة الحليب». فالرجل لا يعمل إلا في توزيع حليب الأطفال والبقول والبطّانيات في سوريا. مندوب سعد الحريري لدى «الثورة السورية» بدا كمن تنحصر مهمته في توزيع «البيبرونات»، وبلغ به الإسفاف حد القول إنه مشغول بـ«ستر عورات نساء سوريا». إسفاف دفع حتى بعض وسائل إعلام فريق صقر السياسي لحذف العبارة.
ادعى صقر أن تسجيلات سُرِقت من كومبيوتر عائد له في تركيا، وان مدتها، صوتاً وصورةً، تبلغ نحو 500 دقيقة. لكنه لم ينشر هذه الدقائق. قال إن التسجيل الذي ينقل فيه طلبية سلاح من قائد مجموعة مقاتلة في المعارضة السورية، إلى الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى لـ«الجيش السوري الحرّ» لؤي المقداد، لم يكن سوى لـ«المسخرة» على الطلبات التي ترده لقاء الإفراج عن المخطوفين السوريين. «مسخرة» تضيّع وقتاً طويلاً في الاستعلام عن أنواع السلاح الذي لا يتاجر به وأماكن تسليمه، وهو وقت كان يمكن النائب «الانساني» أن يستغله لايصال مزيد الحليب الى الأطفال السوريين. لم يبرر الفارق في الصوت واللهجة ولا اختلاف السياق المنطقي بين مضمون التسجيلات التي نشرتها «الأخبار»، والإضافات التي ظهرت في مؤتمر الشتم أمس. كان عقاب ولؤي يتمازحان في التسجيل. كرر الثاني كلمة «ألو خيي» ذاتها التي قالها في بداية التسجيل، ليُصبح حديثهما مغرقاً في الجدية حول طلبات السلاح. وبعد انتهاء ما نشرته «الأخبار»، يعود الرجلان إلى التنكيت والتهريج. تنكيت يفهم المرء معه كيف أصبح صقر نديماً لسعد الحريري الذي يحب «المهضومين». في تسجيل آخر، يدّعي عقاب ان ما يطلب الحريري حسمه ليس إلا ملف المخطوفين اللبنانيين. لكن فاته أن يبرر ما قاله لؤي عن كون «انو اللي عم بيعانو منو انو يا اخي المنطقة بتسقط واذا سقطت المنطقة بالنسبة الهن يعني متل دومينو بتسقط كل المناطق المحيطة». ما صلة سقوط المنطقة و«الدومينو» بتحرير المخطوفين؟ ولماذا يطلب «الخاطفون» المفترضون «ذخيرة متوسطة»؟ أليس الخاطفون هم أنفسهم من قال صقر إن مطالبهم هي سياسية لا غير، وانهم رفضوا الفدية لقاء إطلاق المخطوفين؟
بدت الإضافات التي وضعها عقاب فوق تسجيلات «الأخبار» أشبه ببيانات سياسية ومحاضرات كان يلقيها على مسمع المتصلين به، سواء كانوا قادة مجموعات مسلحة، او كان المستمع هو صديقه لؤي المقداد: منع الفتنة، الحرص على الشعب السوري، رفض التسليح. طبعاً، كل ذلك خارج تسجيلات «الأخبار» التي تتضمن إدانته. يستمع عقاب لأبو النعمان. والأخير ليس شبيحاً، على حد قول النائب البقاعي، بل قائد مجموعة مقاتلة. يتفقان على كيفية تسليم السلاح ومكانه، ومن سيكون في موقع التسليم. بعد ذلك، يتنبه صقر، في إضافته إلى التسجيل، الى أنه لا يتدخل بالتسليح. وفي تسجيل آخر، يعد قائد المجموعة المسلحة (في تسجيل نشرته «الأخبار») بوضعه على «الجدول»، قبل أن يضيف ـــ في ما استجد من تسجيلات ــ أنه حصل على كميات كبيرة من حليب الأطفال، وثلاثة أنواع من البقول، وغيرها من «المساعدات الإنسانية».
وضع صقر ما نشرته «الأخبار» في سياق استخباري نسجه في مخيلته الواسعة. ادخل حزب الله طرفاً، والنظام السوري، واجهزة أمنية سرقت دقائقه الـ500، ومطبخاً أمنياً وإعلامياً. لكنه، لم يذكر في مؤتمر الصراخ الذي عقده في اسطنبول أنه استمر في إرسال العروض لـ«الأخبار» حتى ليل أول من أمس، مقترحاً وقف نشر ما لدى «الأخبار» من تسجيلات، لقاء مبالغ مالية كبيرة.
إذاً، انتظر صقر أسبوعاً ليخرج بتسجيلات جديدة، يدعي انها استكمال لما نشرته «الأخبار». لماذا أخّر «مؤتمر الفجور» أسبوعاً كاملاً بعد بدء نشر «الأخبار» لتسجيلاته؟ لماذا تأخر بالرد مباشرة، علماً أنه كان في مقدوره إبطال مفعول التسجيلات مباشرة؟ لا سبب لذلك إلا محاولته ـــ عبر بعض أصدقائه ـــ التثبت مما في حوزة «الأخبار» من تسجيلات إضافية، مشدداً على معرفة ما إذا كان بينها ما يكشف طبيعة الدور الذي يلعبه بندر بن سلطان وسعد الحريري. فضلاً عن ذلك، كان عقاب «يأخذ وقته» لإضافة مقاطع صوتية يمكن أي مهندس صوت مبتدئ إظهار الفارق بينها وبين التسجيلات الأصلية. سؤال أخير: لماذا امتنع عن نقاش مضمون التسجيلات أمس، مكتفياً بالصراخ والشتم ووصف غيره بما هو فيه؟ الجواب سيأتي ربما في الأيام المقبلة، لكن بالتأكيد ليس على سنّة «الحمار والمجرم» التي استنّها صقر.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه