في الحديث عن التعاطي الإسرائيلي مع الفصائل الفلسطينية ظلت حسبة الأوراق المبعثرة قائمة عبر ضرب القوى المؤثرة في المجتمع الفلسطيني لكسب الوقت ولأضعاف جبهة الصمود والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي .
علاء الريماوي
في الحديث عن التعاطي الإسرائيلي مع الفصائل الفلسطينية ظلت حسبة الأوراق المبعثرة قائمة عبر ضرب القوى المؤثرة في المجتمع الفلسطيني لكسب الوقت ولأضعاف جبهة الصمود والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي .
هذا الحديث ليس مستغربا على سلوك المخابرات الإسرائيلية التي تعاطت مع اليسار الفلسطيني السلمي في السبعينيات و إلى اليوم عبر الصمت على مؤسساته ونشاطه المجتمعي .
الحال هذا لم يكن متوفرا لفصائل المقاومة التي كان يزج بقياداتها وعناصرها في السجون لفترات طويلة ومتكررة ، هذا التعاطي انطبق أيضا على الحركة الإسلامية بكافة توجهاتها كالتبليغ والدعوة ، و حزب التحرير ثم ظل الترقب حذرا لسلوك حركة الإخوان التي ظلت في عين المؤسسة الأمنية القوة الحقيقية المنافسة لمنظمة التحرير .
هذه القراءة وفرت للحركة مساحة ذهبية للأعداد والبناء ، ومن ثم التربية الممتدة في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية ومنها مناطق الداخل الفلسطيني الذي تعززت فيه الحركة الإسلامية من خلال انتشار ثقافتها الوطنية ذات البعد الإسلامي .
هذا الحال ظل مسكوتا عنه حتى انكشف التنظيم السري والعسكري للإخوان بقيادة الشيخ أحمد ياسين في العام 1983 والذي كان يعكف على بناء منظومة عسكرية قادرة على ضرب الأهداف الإسرائيلية مما أدى إلى اعتقال الشيخ والمجموعة المحيطة به ليعاد الحديث مرة أخرى عن توجهات الحركة في المعتقل ولتتسع مساحة التخطيط لتشمل الضفة الغربية ومدنها .
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في تلك الفترة وتحديدا في العام 1982 وما تلاها من أعوام كانت قد توصلت إلى قناعة خاصة بعد جلاء منظمة التحرير عن لبنان أنها أحكمت السيطرة على المجتمع الفلسطيني لذلك حاولت هذه المؤسسة بناء منظومة قيادة بديلة عبر ما يعرف بظاهرة روابط القرى التي فشلت بسبب الوعي الجماهري وعدم تعاطيه معها .
في تلك المرحلة كانت حركة الإخوان تمضي بصمت تؤسس وتبني قواعدها تحت ما يعرف بنظام الأسرة الذي يحتوي في برنامجه الجانب الثقافي والديني وبناء القوة الجسدية .
ظل الحال هذا حتى أفرج عن الشيخ ياسين في عملية تبادل الأسرى في العام 1985 والذي عكف منذ لحظت إفراجه الأولى ترتيب البيت والانطلاق إلى الإعلان عن ميلاد حركة المقاومة الإسلامية حماس عبر اشتراكها الفعلي في مواجهة الاحتلال من خلال الانتفاضة الأولى عبر الفعل الجماهري والعسكري الذي أثمر عمليات نوعية وضعت الاحتلال أمام مأزق المواجهة خاصة بعد إستمرار الحركة ووجودها الفاعل برغم اعتقال الهيئة التأسيسية للحركة وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين في العام 1989 .
في متابعة الأوراق الإسرائيلية لتلك الحقبة ظلت القناعة لدى المؤسسة الأمنية أن أوضاع الحركة يمكن معالجتها والجهود يجب أن تنصب على الفصائل الفلسطينية الأخرى .
حالة التقدير بإعتراف الرأس الكبير في الأمن يعقوب بيري كانت خاطئة خاصة بعد انتقال الحركة إلى قيادة الفعل العسكري في الأراضي الفلسطينية عبر عمليات نوعية ومنها خطف الجنود مما دفع الإحتلال إلى القيام بخطوة غير مسبوقة تمثلت في إبعاد قيادة الحركة إلى جنوب لبنان .
عملية الإبعاد كانت الخطيئة الكبرى التي ورطت الإحتلال مع حركة بدأت تتجذر عالميتها ، وإنفتاحها على العالم الذي لم يكن يتوفر للحركة من قبل ، والذي تزامن مع انطلاق غير مسبوق للجناح العسكري الذي عرف بكتائب القسام والذي أدخل لمنهج المقاومة في الضفة وسائل جديدة منها العمليات الاستشهادية و التي وضعت مؤسسات الكيان في حرج العجز وعدم القدرة على المواجهة مما دفع الجيش للحديث بوضوح عن عدم قدرتهم مواجهة شخص يبحث عن الموت .
لعبة الحياة التي أدارتها الحركة والتي برزت فيها أسماء كبيرة كالمهندس يحيى عياش وما سبقه من جيل مؤسس لهذا الفكر وما تلاهم من تلاميذ دفع (إسرائيل) للبحث عن مخرج معالجة الواقع المتدهور خاصة مع إتساع رقعة المواجهة مع الإحتلال في إنتفاضة الحجر وعجز المؤسسة الأمنية في مواجهتا .
هذا المخرج كان يجري التحضير له بعيدا عن الأضواء وسمي في ما بعد بالعملية السلمية التي إنتقلت الحركة فيها إلى دور جديد وتعاط مختلف من قبل دولة الاحتلال ومؤسسته الأمنية والذي سنتاوله غدا بإذن الله في الحلقة الثانية من السلسة التي خصصت لقراءة واقع حماس في ظل انطلاقتها ال 25.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه