في مقال الأمس تناولنا الحديث عن حركة جماس من خلال نظرة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووصلنا في مسار الحديث حتى العام 1993 الذي عقد قريبا منه مؤتمر مدريد وما تلاه من تغير في مجريات عمل الحركة
علاء الريماوي
في مقال الأمس تناولنا الحديث عن حركة جماس من خلال نظرة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووصلنا في مسار الحديث حتى العام 1993 الذي عقد قريبا منه مؤتمر مدريد وما تلاه من تغير في مجريات عمل الحركة خاصة بعد عودة قيادة حركة فتح إلى الضفة الغربية وتركيز العمل على بناء السلطة وفق استحقاقات إتفاق أوسلو الذي شكل الحالة المرجعية لشكل التعاطي مع الفصائل الفلسطينية المقاومة وعلى رأسها حركة حماس .
تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حينها أن الحركة تسعى لإفشال عملية التسوية من خلال جهد مركز على المس بالأمن الإسرائيلي وخاصة في عمق بنيته المجتمعية والأمنية .
هذا المس وصل ذروته من خلال مجموعة من العمليات القوية التي نفذها تلامذة المجاهد يحيى عياش الذي بات هدف (إسرائيل ) الرئيس وكذلك أجهزة أمن السلطة مما إنعكس هذا الحال على العلاقة الفلسطينية الفلسطينية والتي بلغت ذروة التوتر فيها بعد قيام السلطة بمحاولة تفكيك الحركة التي فاجأت العالم بموجة عمليات غير مسبوقة على يد المجاهد حسن سلامة ثأرا لدماء الشهيد يحيى عياش الذي ظل في ذهن الإسرائيلي العدو الأكثر إيلاما .
عملية الرد هذه جمعت (إسرائيل ) لها العالم من خلال الولايات المتحدة في مؤتمر شرم الشيخ وبتنفيذ من نظام مصر البائد متفقين على استئصال حماس والتضييق عليها في الساحات العربية والدولية .
هذه الجهود نجحت في إخراج الحركة من الأردن وملاحقتها في بعض دول الخليج حيث أدى هذا الوضع إلى تحول ثقل الحركة السياسي إلى دمشق وتبلور ما يعرف بلعبة المحاور التي قادت فيه حماس جبهة رفض لاتفاقات أوسلو .
هذا الواقع في موازين القوى كانت الغلبة فيه في الداخل الفلسطيني لفتح ، خاصة بعد إغتيال محي الدين الشريف في العام 1996 وتفكيك جيش حماس في الضفة الغربية وما تلاه من إعتقال أو تصفية القائد العام عادل عوض الله .
في هذه الإثناء إعتبرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنها نجحت في تحطيم قدرة حماس في الضفة الغربية ، وأن السلطة تكفلت في معالجة وضع حماس في غزة مما أظهر هذا الواقع جدلا في أوساط قيادة الحركة حول إمكانية تأسيس حزب سياسي عارضته البنية التنظيمية في الضفة الغربية ومضى به بعض من القيادات في قطاع غزه .
هذا الحديث فهمت منه السلطة والكيان الإسرائيلي أن مزيدا من الضغط يمكن أن يجبر الحركة على التراجع إلى مربع تقبل فيه عملية التسوية .
هذا الحديث لم يترجم واقعا وتحولت بنية العمل الحركي إلى نشاط فاعل في الجامعات الفلسطينية التي سجلت فيه الكتل الإسلامية حضورا لافتا ومنظما جعل المؤسسة الأمنية تعيد القراءة مرة أخرى في تعاطيها مع الحركة فشنت حملات إعتقال واسعة متزامنا ذلك مع ما تقوم به السلطة في الأعوام 97 ، 98 ، 99 حتى العام 2000 .
في العام 2000 كانت الولايات المتحدة الأميركية تنشط في متابعة ملف التسوية خاصة بعد نجاح باراك في الانتخاب الإسرائيلية والذي أعطى دفعة لعملية التسوية خاصة بعد قيام النظام البائد في مصر بدور الضاغط على الرئيس عرفات لتحقيق اتفاق مع حكومة باراك .
جهد الولايات المتحدة في هذه الأثناء ومحاولة باراك لتمرير الإتفاق فشلت في كامب ديفيد حيث أعاد هذا الواقع الاعتبار لوضع الحركة من جديد خاصة بعد قيام شارون باقتحام المسجد الأقصى وانطلاق شرارة إنتفاضة الأقصى التي مهدت لخروج قيادات الحركة من معتقلات السلطة مما وفر بيئة حيوية لإعادة بناء أطر الحركة وخاصة العسكري منها .
العام 2000 وما تلاه من أحداث سيتم تناوله في الحلقة الثلاثة غدا إن شاء الله ، والذي فيه سنناقش المتغيرات التي عززت حضور حماس كلاعب أساسي في قيادة العمل الفلسطيني .
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه