يجب أن يُنظر للمرأة بعين الإنسان السامي لتتضح حقيقة تكاملها وحقوقها و حريتها. ينبغي أن يُنظر للمرأة ككائن يستطيع أن يكون سبباً في صلاح المجتمع و تربية أفراد متسامين
"يجب أن يُنظر للمرأة بعين الإنسان السامي لتتضح حقيقة تكاملها وحقوقها و حريتها. ينبغي أن يُنظر للمرأة ككائن يستطيع أن يكون سبباً في صلاح المجتمع و تربية أفراد متسامين،"
الإمام الخامنئي
07/03/2011
الفصل الأول: دور المرأة في المجتمع
أولاً: دور المرأة في المجتمع الإنساني
ثالثاً: الظلم التاريخي ضد المرأة
خامساً: دور الحجاب في التكامل الاجتماعي للمرأة
سادساً: مسؤولية المرأة و دورها
سابعاً: أساس الحركات الاجتماعية النسوية
ثامناً: دور المرأة في التنمية الوطنية
الفصل الأول: دور المرأة في المجتمع
أولاً: دور المرأة في المجتمع الإنساني
قضية المرأة وتعامل المجتمعات معها قضية كانت مطروحة علي بساط البحث بين المجتمعات والحضارات المختلفة منذ القدم. كانت النساء دوماً نصف سكان العالم. قوام الحياة في العالم كما أنه رهن بالرجل فهو رهن بالمرأة بنفس المقدار و بنفس الدرجة. المرأة تتولي بشكل طبيعي أعظم المهام في الخلقة.. المهام الرئيسية في الخلقة مثل الإنجاب و تربية الأطفال تقع علي عاتق المرأة. إذن قضية المرأة قضية علي جانب كبير من الأهمية و قد كانت مطروحة و مهمة منذ القدم بين المفكرين و في إطار الأخلاق و العادات المختلفة للشعوب.
يجب أن يُنظر للمرأة بعين الإنسان السامي لتتضح حقيقة تكاملها وحقوقها و حريتها. ينبغي أن يُنظر للمرأة ككائن يستطيع أن يكون سبباً في صلاح المجتمع و تربية أفراد متسامين، ليتضح ما هي حقوق المرأة و كيف يجب أن تكون حريتها. لينظر إلي المرأة باعتبارها العنصر الرئيس في تشكيل العائلة. فالعائلة مع أنها تتشكل من الرجل و المرأة و كلاهما يساهم و يؤثر في تشكيل العائلة و إيجادها، بيد أن السكينة في أجواء العائلة و الهدوء و السكون السائد في المنزل إنما هو ببركة المرأة و الطبيعة النسوية. يجب أن ينظر للمرأة من هذه الزواية ليتجلي كيف تحرز الكمال و ما هي حقوقها.
ثالثاً: الظلم التاريخي ضد المرأة
تعرضت المرأة للظلم علي امتداد التاريخ و في شتي المجتمعات. و هذا ناجم عن جهل البشر. طبيعة الإنسان الجاهل هي أنه حينما لا يكون هناك إجبار و قهر خارجي، أو لا يكون هنالك في داخله - و هذا نادر جداً - إيمان قوي و جلي و صريح، و لا يكون ثمة في الخارج قانون - أي سيف القانون و هراوته - فعادة ما يتسلط القوي علي الضعيف. و للأسف كان هناك علي مرّ التاريخ نوع من الظلم التاريخي ضد المرأة. و هو علي الأغلب بسبب أنهم لم يعرفوا قدر المرأة و مكانتها. يجب أن تكتسب المرأة منزلتها الحقيقية و ينبغي أن لا يطالها أي ظلم بسبب كونها إمرأة. هذا شيء سيئ جداً. سواء الظلم الذي مورس ضد المرأة و كان اسمه ظلماً، أو الظلم الذي لم يكن اسمه ظلماً لكنه في الحقيقة ظلم، كدفع المرأة نحو التبرج و النزعة الاستهلاكية و التجمل العبثي و التكاليف الباهضة و تحويلها إلي أداة استهلاك. هذا ظلم كبير ضد المرأة. و ربما أمكن القول أنه ما من ظلم فوق هذا الظلم. لأنه يصرفها عن مبادئها و أهدافها التكاملية و يلهيها بأشياء جد صغيرة و حقيرة.
البشر رغم كل ادعاءاتهم و رغم كل الجهود التي بذلها المخلصون و الصادقون و رغم كل الأعمال الثقافية الواسعة التي انجزت في خصوص قضية المرأة لم يستطيعوا لحد الآن التوصل فيما يتصل بقضية الجنسين و قضية المرأة - و تبعاً لها قضية الرجل بشكل من الأشكال - إلي صراط مستقيم و طريق صواب.
بعبارة أخري فإن التطرف و الاعوجاج و سوء الفهم و تبعاً لذلك حالات الاعتداء و الظلم و النواقص النفسية و المشكلات العائلية و المشكلات ذات الصلة بطريقة الاختلاط و الارتباط بين الجنسين لا تزال من القضايا غير المحلولة عند الإنسان. أي إن البشر أنجز كل هذه الاكتشافات في المجالات المادية و في خصوص الأجرام السماوية و في أعماق البحار و راح يتشدق بدقائق الأعمال في علم النفس و التحليل النفسي و القضايا الاجتماعية و المسائل الاقتصادية و سائر المجالات، و الحق أن الإنسان تقدم في كثير من هذه الحقول، لكنه بقي يراوح في هذه المسألة.
خامساً: دور الحجاب في التكامل الاجتماعي للمرأة
في المدرسة الإسلامية ثمة حجاب بين المرأة و الرجل. و هذا لا يعني أن للنساء عالماً منفصلاً غير عالم الرجال. لا.. النساء و الرجال يعيشون سوية في المجتمع و في بيئة العمل. يتعاملون فيما بينهم في كل مكان. يعالجون المشكلات الاجتماعية سوية. يديرون قضايا الحرب سوية و قد فعلوا ذلك. يديرون العائلة و يربّون الأولاد سوية. لكن ذلك الحجاب و المانع يجب أن يبقي بالتأكيد خارج بيئة البيت و العائلة. هذه هي النقطة الأصلية في النموذج الإسلامي. إذا لم تجر مراعاة هذه النقطة كانت النتيجة هذا الابتذال الذي يعاني منه الغرب اليوم. إذا لم تراع هذه النقطة ستقعد المرأة عن الريادة في المسيرة نحو القيم و هو ما حصل في إيران الإسلامية. يرغب الغربيون في ترسيخ هذه الحالة بكل قدراتهم.
ليس قضية الحجاب لعزل المرأة. إذا تصور شخص مثل هذا الشيء بخصوص الحجاب كان ذلك تصوراً خاطئاً و منحرفاً تماماً. الحجاب معناه الحؤول دون الاختلاط غير المقيد و غير المشروط بين المرأة و الرجل في المجتمع. هذا الاختلاط يضر المجتمع و يضر المرأة و الرجل و هو في ضرر المرأة علي الخصوص. الحفاظ علي الحجاب يساعد المرأة لبلوغ مرتبتها المعنوية العليا و لكي لا تعترضها الانزلاقات البالغة الخطورة في الطريق.
أية حركة للدفاع عن المرأة يجب أن تكون مراعاة العفاف ركنها الرئيسي. العفاف عند المرأة وسيلة لسمو شخصية المرأة و تكريمها في أعين الآخرين حتي في أعين الرجال الوقحين غير الملتزمين. عفة المرأة سبب احترامها و شخصيتها. يهتم الإسلام بمسألة عفاف المرأة. طبعاً عفاف الرجل مهم أيضاً. ليس العفاف شيئاً خاصاً بالمرأة. علي الرجال أيضاً أن يكونوا عفيفين. حينما ينزعون الحجاب عن المرأة و حينما يدفعونها صوب التعري و التحلل فسوف يتعرض أمن المرأة نفسها بالدرجة الأولي و من ثم أمن الرجال و الشباب للخطر. من أجل أن تتمتع بيئة الحياة بالسلامة و الأمان و لكي تستطيع المرأة النهوض بمهماتها في المجتمع و يستطيع الرجل أيضاً القيام بمسؤولياته فقد قرر الإسلام الحجاب.
سادساً: مسؤولية المرأة و دورها
المجال في المجتمع الإسلامي مفتوح للمرأة و الرجل علي السواء. و الشاهد علي هذا المعني هو جميع الآثار الإسلامية الموجودة في هذه المجالات و كافة التكاليف الإسلامية التي تحمّل المرأة و الرجل المسؤوليات الاجتماعية بشكل متكافئ. حين يقول رسول الإسلام (ص): «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» فهذا شيء لا يختص بالرجال إذ علي النساء أيضاً الشعور بالمسؤولية و الاهتمام بأمور المسلمين و المجتمع الإسلامي و شؤون العالم الإسلامي و جميع القضايا الجارية في العالم، لأن ذلك واجب إسلامي. نموذج السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها في فترة طفولتها و بعد هجرة الرسول إلي المدينة و في داخل المدينة و في كافة الشؤون التي مرّ بها والدها آنذاك - و قد كان قطباً لجميع الأحداث السياسية و الاجتماعية - دليل علي أهمية دور المرأة في النظام الإسلامي.
علي أساس الآية الكريمة من سورة الأحزاب يتساوي الرجل و المرأة في الإسلام و الإيمان و القنوت و الخشوع و التصدق و الصوم و الصبر و الاستقامة و الصيانة العفاف و ذكر الله. نشاط المرأة في المجتمع مباح و محبذ و مسموح به تماماً و يمكن مزاولته بحفظ الحدود الإسلامية و يوفر نصف الطاقة الفاعلة في المجتمع للمجتمع. حينما يطلب الرجل و المرأة كلاهما العلم سيكون عدد المتعلمين ضعف عددهم مقارنة بما لو طلب العلم الرجالُ فقط. حينما تدرِّس المرأة إلي جانب الرجل سيكون عدد المدرسين و المعلمين ضعف عددهم حينما لا يدرس سوي الرجال. و في النشاط العمراني و الاقتصادي و في التخطيط و التفكير لشؤون البلاد و المدينة و القرية و حتي الشؤون الشخصية في العائلة لا يوجد فرق بين النساء و الرجال. الكل مسؤولون و الكل يجب أن ينهضوا بمسؤولياتهم.
سابعاً: أساس الحركات الاجتماعية النسوية
في أية حركة اجتماعية لا تكون المسيرة صحيحة و لن تؤدي إلي نتائج سليمة إلا إذا ابتنت علي العقل و التأمل و التشخيص الصحيح و المصلحة و الأسس العقلية الصائبة. و أية حركة تنطلق لإحقاق حقوق المرأة يجب فيها ملاحظة هذا المعني بالتحديد. بمعني أن أي حركة يجب أن تقوم علي ركائز رؤية عقلانية و علي أساس حقائق الوجود - معرفة الطبيعة و الفطرة عند المرأة و الرجل و المسؤوليات و المشاغل الخاصة بكل منهما و ما يمكن أن يكون مشتركاً بينهما - و لا تكون انطلاقاً من الانفعال و التقليد. إذا كانت الحركة علي أساس الانفعال و التقليد و القرارات العمياء فستكون ضارة بالتأكيد.
ثامناً: دور المرأة في التنمية الوطنية
إذا أراد البلد إطلاق نهضة بناء حقيقية فعليه تركيز جل اعتماده و نظرته و اهتمامه علي الإنسان و الطاقات الإنسانية. حينما يتعلق الأمر بالطاقات الإنسانية ينبغي الالتفات إلي أن النساء هنّ نصف عدد السكان و نصف الطاقات البشرية. إذا كانت ثمة رؤية خاطئة بخصوص المرأة فلن يكون من الممكن إعادة البناء بالمعني الحقيقي للكلمة و علي نطاق واسع. علي نساء البلد أنفسهن أن يتوفرن علي وعي كاف و ضروري حول موضوع المرأة من وجهة نظر الإسلام ليستطعن اعتماداً علي النظرة المتسامية للدين الإسلامي المقدس الدفاع عن حقوقهن بشكل كامل، و كذلك علي جميع أفراد المجتمع و الرجال في البلد الإسلامي أن يعرفوا نظرة الإسلام حول المرأة و أهمية مشاركة المرأة في ميادين الحياة و ممارسة المرأة لأنشطتها و تعليمها و عملها و مساعيها الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العلمية و دورها في العائلة و خارج نطاق العائلة والمنزل.
بإمكان المرأة أن تطلب العلم و تدرس بمستويات عليا. البعض يخالون أن البنات يجب أن لا يدرسن. هذا خطأ و اشتباه. علي الفتيات أن يدرسن في الفروع المفيدة لهن و التي يرغبن فيها و يتشوقن إليها. المجتمع بحاجة لدراسة الفتيات كما هو بحاجة لدراسة البنين. طبعاً بيئة الدراسة يجب أن تكون سليمة. ليس من لوازم طلب العلم عدم التقيد بالموازين الأخلاقية فيما يتصل بالتعايش بين المرأة و الرجل. إنما يمكن عبر مراعاة الموازين و المعايير بشكل كامل تحصيل العلم و طلبه و الوصول إلي أعلي المدارج.
من المهام الأساسية جداً هي جعل النساء قارئات كتب. لتُبتكر أساليب جديدة تجعل النساء في البيوت يقرأن الكتب. الكتب هي المعارف البشرية التي تعدّ الأذهان لفهم أفضل و تفكير أفضل و ابتكار أفضل و التموضع في الموقف الأصح.
العلم شيء عزيز جداً و أنا انحاز أن تصبح النساء في المجتمع الإسلامي عالمات في كافة الفروع و الحقول. بعض النساء يتصورن أن المرأة إذا درست الطب فعليها دراسة الأمراض الخاصة بالمرأة فقط كقضايا الولادة، و الحال أنه ينبغي علي المرأة دراسة مختلف الفروع الطبية كالقلب و الداخلية و الأعصاب و... هذه فريضة شرعية و اجتماعية.
الإسلام يوافق عمل المرأة. و لا يوافقه و حسب بل ربما اعتبر عملها ضرورياً ما لم يتزاحم مع المهمة و العمل الأساسي للمرأة و هي تربية الأولاد و الحفاظ علي العائلة. البلد لا يمكن أن يستغني عن طاقة عمل المرأة في الميادين المختلفة.
البعض يعملون بالإفراط و البعض بالتفريط. البعض يقولون: لأن النشاط الاجتماعي لا يسمح للمرأة برعاية بيتها و زوجها و أبنائها إذن يجب أن لا تزاول النشاط الاجتماعي. و البعض يقولون: لأن البيت و الزوج و الأبناء لا يسمحون للمرأة بالنشاط الاجتماعي إذن علي المرأة أن تترك زوجها و أبناءها. كلا التصورين خاطئ. يجب أن لا تترك المرأة هذا من أجل ذاك و لا ذاك من أجل هذا.
طبعاً قضية العمل ليست من قضايا الدرجة الأولي بالنسبة للمرأة. مع أن الإسلام لا يمانع من عمل المرأة و توليها المسؤوليات المختلفة - إلا في حالات استثنائية بعضها مُجمع عليه من قبل الفقهاء و بعضها موضع اختلاف - لكن العمل ليس قضية المرأة الأساسية: هل لديها عمل أم لا؟ القضية الرئيسية للمرأة هي تلك التي غابت و اضمحلت اليوم في الغرب للأسف ألا و هي الشعور بالهدوء و الأمن و الشعور بإمكانية تفجير الطاقات و المواهب و عدم الخضوع للظلم في المجتمع و العائلة و في بيت الزوج و في بيت الأب و ما إلي ذلك. الذين يعملون من أجل المرأة عليهم العمل في هذه المجالات.
للفصل الثاني من هذا الموضوع "أضغط هنا"..