بعد النصر المؤزر في غزه والذي رفع من هامات الامة العربية والإسلامية وبث في روح شيبها وشبابها الامل بان تحرير القدس ممكن والصلاة في الاقصى وشيكة وان ما يشاع أن دولة الاحتلال الاسرائيلي
فهمي شبانه التميمي - القدس المحتلة
بعد النصر المؤزر في غزه والذي رفع من هامات الامة العربية والإسلامية وبث في روح شيبها وشبابها الامل بان تحرير القدس ممكن والصلاة في الاقصى وشيكة وان ما يشاع أن دولة الاحتلال الاسرائيلي قوة لا تقهر هو وهم تبدد في ثمانية ايام من الصمود والمقاومة ، تفاؤل المواطنين بالوحدة كان كبيرا بقدر اهمية النصر وعظمته وانبرى المتفائلون يرسمون صورة مثالية لما سيجري ويحصل نتيجة هذه الوحدة المرجوة وما ستحقق لهم من قوة وبأس تمهد لعودة اللاجئين الى اراضيهم وتفتح الحدود والمعابر على العالم وتتخلص من الاحتلال وجنده ومستوطنيه الذين عاثوا في الارض الفلسطينية فسادا ويصبحون احرارا ينعمون بالحرية كغيرهم من شعوب العالم ولكن امالهم بدأت تخبوا يوما بعد يوم فقد كانت خيبتهم الاولى حينما لم يزر أبو مازن ارض غزه وخيبتهم الثانية بعدم اصدار تعليمات للأجهزة الامنية الفلسطينية بإخلاء سبيل كافة المعتقلين السياسيين وإيقاف التنسيق الامني وان تكون اولى مهماتهم الوطنية الدفاع عن مواطنيهم امام جيش الاحتلال وأجهزته الامنيه ، ولكن أي من هذه الامال لم تتحقق فالاحتلال الاسرائيلي وأجهزته الامنية ما زالت تدخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية التابعة للسلطة بطريق ممهده ومحمية دون معارضة او مقاومة بل وبتنسيق مع اجهزة الامن الفلسطينية لاعتقال المناضلين والمشاركين في التظاهرات ضد الاحتلال والداعمين للمقاومة في غزه ، ما زالت عبارة التنسيق الامني سارية المفعول وهي (لدينا نشاط امني) هي عبارة يفهمها الامن الفلسطيني حينما يرسلها لهم جيش الاحتلال وأجهزته الامنية وتعني أن قوات الاحتلال سيدخلون الى مناطق السلطة الفلسطينية ويعتقلون مناضلين "مخربين" وعلى رجال الامن الفلسطيني المتواجدين في مناطق هذا النشاط الامني الاسرائيلي الانسحاب الى مراكزهم وعدم التواجد في المناطق التي ستدخلها قوات الاحتلال للاعتداء على الشعب الفلسطيني الاعزل ومع كل ما جرى في غزه من مقاومة وصمود وتحدي لم يسجل الامن الفلسطيني حالة شرف واحدة لاعتراض هذه القوات الاسرائيلية دفاعا عن المواطنين العزل الواجب حمايتهم من قبل ابنائهم العاملين في الاجهزة الامنية للأسف الشديد .
ان ما يجري على العكس تماما فما زالت قوات الامن الفلسطينية تعتقل ايضا من جانبها المشاركين بالاحتجاجات والتظاهرات ضد الاحتلال ، إذن فقد انتفت اسباب وجود الامن الفلسطيني لعدم قيامه بواجب حماية الشعب وانحازت قيادة السلطة الفلسطينية الى شروط اوسلو والمعاهدات الامنية المرفقة بحماية الاحتلال ومستوطنيه وأن ما يشاع هنا وهناك من حديث عن مصالحة ووحدة ما هي إلا وهم لن يتحقق بوجود طرفي المعادلة فلا بد أن يتراجع احدهما ويسلم للآخر دفة السفينة الامر الذي لن يكون إلا من خلال صناديق الاقتراع وتكون النتيجة فيها إما مقاومة شعبية ورسمية شاملة وبكل الطرق على كل تراب الوطن الفلسطيني او مفاوضات يتبعها مفاوضات واستجداء على ابواب مؤسسات المجتمع العالمي ، لقد كان للشعب الفلسطيني تجربتان الاولى مقاومة والثانية مفاوضات وأما الأولى فكان عنوانها الانتفاضة الاولى التي اجبرت الاحتلال على الهروب الى الامام وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية والخروج من غزه إلا انها للأسف استطاعت أن تلتف على هذه السلطة لتطوعها وتنزع منها صفة الوطنية وتصبح اداة قمع بيدها لقمع شعبنا الفلسطيني وأما الثانية فهي المفاوضات التي اعلن صاحبها انها عبثية ولم تحرز سوى صفرا كبيرا ومع هذا فهم مستمرون لان اتباع المقاومة سيشكل خطرا عليهم وعلى مصالحهم الشخصية .
لقد بات خيار المقاومة خيارا استراتيجيا وكذلك خيار الوحدة الوطنية التي يجب أن يُزال من طريقها كل عوامل التعطيل والتأخير ولهذا فان بوادر الانتفاضة الثالثة لن تكون إلا ضد الاحتلال ومن يدعمه سواء من بعض قيادات الاجهزة الامنية الفلسطينية او بعض القيادات السياسية وعلى العموم فان المعطلين لمسيرة الوحدة معروفون وهم حفنة من المتكسبين الذين يمكن وضعهم في مركبة واحدة لا يزيد مقاعدها عن سبعة وان الكرة الان في يد الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يتحرر من عبودية الراتب وينتفض ليغير من هذا التخاذل ويزيل الخيانة لان الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وليكن لنا في تجارب الاخرين عبرة فلم يسجل التاريخ زوال احتلال او استقلال دون مقاومة وان نهج التفاوض العبثي ما هو إلا سبيل الفاشلين.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه