و شدّد سماحته علی ضرورة إبقاء الجماهیر فی الساحة مردفاً: یتحمّل المثقفون و المستنیرون و الکتّاب و الشعراء و خصوصاً علماء الدین أدواراً مهمة و ممیزة، و علیهم، بشرحهم
الإمام الخامنئي يستقبل المشارکين في «المؤتمر العالمي لأساتذة الجامعات والصحوة الإسلامية في 11/12/2012.
استقبل سماحة آية الله العظمي السيد علي الخامنئي، صباح يوم الثلاثاء 11/12/2012 م، المئات من الأساتذة الجامعيين و النخبة و العلماء المشارکين في المؤتمر العالمي لأساتذة الجامعات في العالم الإسلامي و الصحوة الإسلامية، و أوضح أهمية عنوان « الصحوة الإسلامية» مقدّماً تحليلاً جامعاً لمکانة الإسلام و الشريعة الإسلامية، و کذلک قطاعات الشعب في البلدان الثائرة، و الآفات و الأخطار التي تعترض سبيلهم.
و أشار سماحته إلي دور الخواص و العلماء في المجتمع في إسعاد الشعوب و إنقاذها مؤکداً: من هذه الزاوية فإن مؤتمر «أساتذة الجامعات في العالم الإسلامي و الصحوة الإسلامية» يحظي بأهمية خاصة.
ورأى سماحته أن الشرط الرئيس لممارسة الأساتذة الجامعيين و النخبة و الوعاة دورهم في سبيل سير المجتمع نحو السعادة و الخلاص، هو الإخلاص و الشجاعة و الوعي و العمل الدؤوب و عدم الطمع منوّهاً: الصحوة الإسلامية و رسوخ هذه الصحوة في الأمة الإسلامية حدث کبير قائم أمام العالم اليوم، و قد أفضي في بعض البلدان إلي الثورة و تغيير الأنظمة الفاسدة.
و أکد آية الله العظمي السيد الخامنئي علي أن الصحوة الإسلامية عميقة و واسعة النطاق، و أشار إلي خوف الأعداء من عبارة «الصحوة الإسلامية» مضيفاً: إنهم يبذلون قصاري جهدهم لعدم استخدام عنوان «الصحوة الإسلامية» للحرکة العظيمة الراهنة في المنطقة، و السبب هو أن الأعداء يخافون بشدة من بروز الإسلام الحقيقي الواقعي.
و أکد سماحته قائلاً: إنهم غير قلقين من الإسلام المُستعبَد للدولار، و الإسلام الغارق في الفساد و الارستقراطية، و الإسلام غير الممتدّ في کتل الشعب و شرائحه، لکنهم ترتعد فرائصهم من إسلام العمل و المبادرة، و إسلام کتل الشعب و قطاعاته، و إسلام التوکّل علي الله و حسن الظن بالوعود الإلهية. و لفت: نعتقد أن الحرکة العظيمة الحالية صحوة إسلامية حقيقية لها امتداداتها، و لن تنحرف بسهولة.
و أضاف الإمام الخامنئي مبيّناً سبب تسمية هذه الصحوة بـ «الإسلامية»: شعارات الجماهير الإسلامية في ثورات المنطقة، و دور المؤمنين بالإسلام في تشکيل التجمّعات الواسعة و إسقاط الأنظمة الفاسدة، کلها تعاضد إسلامية هذه الحرکة.
و اعتبر سماحته الدليل الآخر علي إسلامية هذه الحرکة تصويت الجماهير للإسلاميين في انتخابات هذه البلدان مؤکداً: في معظم مناطق العالم الإسلامي حالياً، إذا أقيمت انتخابات حرّة و جيدة، و شارک القادة و السياسيون الإسلاميون في الساحة، فإن الجماهير ستمنح أصواتها للإسلاميين.
و تابع الإمام الخامنئي حديثه بذکر نقاط حول الحرکات و الثورات في المنطقة. و کانت معرفة الآفات و الأخطار التي تهدّد هذه الحرکات و الثورات خصوصاً في مصر و تونس و ليبيا النقطة الأولي التي ألمح إليها آية الله العظمي الخامنئي قائلاً: إلي جانب معرفة الآفات و الأخطار يجب شرح و إيضاح أهداف هذه الثورات، إذ لو لم تکن الأهداف محدّدة فسوف تکون هناک حيرة و ضياع.
و أوضح سماحته أن «التحرّر من شرور الهيمنة العالمية» أحد أهداف الصحوة الإسلامية مؤکداً: ينبغي الإعلان بصراحة عن هذا الموضوع، لأنه من الخطأ أي تصوّر بخصوص إمکانية تصالح الاستکبار العالمي بزعامة أمريکا مع التحرّکات الإسلامية.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: أين ما کان هنالک إسلام و إسلاميون فسوف تسعي أمريکا بکل کيانها و قوتها للقضاء عليهم، و طبعاً قد تتبسّم في ظاهر الأمر.
و شدّد الإمام الخامنئي علي أن ثورات المنطقة يجب أن تشخّص الحدود الفاصلة بينها و بين الاستکبار العالمي ملفتاً: لا نقول إنهم يجب أن يسيروا لحرب الاستکبار، و لکن إذا لم يشخّصوا حدودهم الفاصلة فسوف يقعون في الأحابيل و المخادعات.
و أشار سماحته إلي استخدام الاستکبار العالمي لأدوات المال و السلاح و العلم للهيمنة علي العالم قائلاً: علي الرغم من وجود هذه الأدوات، فإن من أکبر المشکلات الراهنة في العالم الغربي عدم التوفر علي أفکار جديدة تُعرض علي البشرية، في حين يمتلک العالم الإسلامي الأفکار و خارطة الطريق.
وأکد سماحته علي أن الإسلام يمتلک خارطة طريق و أفکاراً جديدة، منوّهاً: هذه المسألة نقطة قوة للعالم الإسلامي، و برسم الأهداف علي أساس هذه الأفکار لن تعود أدوات السلاح و المال و العلم الغربية مؤثرة کما کانت في السابق.
و اعتبر آية الله العظمي السيد الخامنئي أن من الأهداف المهمة الأخري للصحوة الإسلامية محوريّة الإسلام و الشريعة الإسلامية مضيفاً: ثمة مساع واسعة لإظهار أن الشريعة الإسلامية لا تنسجم مع التقدّم و التطوّر و التحضّر، و الحال أن الإسلام يلبّي احتياجات البشر في کل القرون و کل العصور التي تشهد تقدّم الإنسانية.
وأبدي سماحته أسفه الشديد لبعض التيارات المتحجّرة التي توفر بأقوالها و أفعالها الأرضية لانبثاق فکرة عدم انسجام الإسلام مع التقدّم، ملفتاً: المهم هو التفکير الذي يؤمن بتلبية الإسلام لاحتياجات الإنسانية.
و عدّ الإمام الخامنئي بناء النظام من الأهداف الأخري للصحوة الإسلامية، و أشار إلي التجارب التاريخية لمنطقة شمال أفريقيا و التي واجهت الفشل بسبب غياب عملية بناء النظام، مردفاً: إذا لم يجر في البلدان الثائرة بناء نظام و تشييد بنية متينة فإن الأخطار ستحدّق بهم.
و أکد آية الله العظمي السيد الخامنئي علي أن الحفاظ علي دعم الجماهير و مساندتها من القضايا المهمة في ثورات المنطقة موضحاً: القوة الحقيقية هي بأيدي الجماهير، و أين ما کان الجماهير علي رأي و صوت و کلمة واحدة، و يدعمون قادتهم و مسؤوليهم و يساندونهم، فلن تستطيع، لا أمريکا و لا أکبر من أمريکا، أن ترتکب أية حماقة.
و شدّد سماحته علي ضرورة إبقاء الجماهير في الساحة مردفاً: يتحمّل المثقفون و المستنيرون و الکتّاب و الشعراء و خصوصاً علماء الدين أدواراً مهمة و مميزة، و عليهم، بشرحهم أهداف الثورات و العقبات التي تعترض سبيلها و کشف أعدائها، أن يحافظوا علي وعي الجماهير و بصيرتهم.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن التربية العلمية للشباب و التقدم العلمي و التقني من أجل تحقيق الاقتدار، من القضايا بالغة الأهمية في البلدان الإسلامية، و خصوصاً البلدان الثائرة، منوهاً: هذه العملية ممکنة، و تجربتها الفعلية الناجحة هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
و أضاف آية الله العظمي الخامنئي: کانت إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية في أدني المستويات العلمية، لکنها اليوم ببرکة الإسلام و الثورة تقف في المستويات العلمية العليا في العالم، و إحصائيات المراکز العلمية الدولية المعتبرة تؤيّد هذه الحرکة العلمية المتسارعة.
و أکد سماحته قائلاً: يجب أن تستمر هذه التجربة الناجحة في البلدان الإسلامية، و يصل العالم الإسلامي إلي مرحلة يکون فيه مرجعاً علمياً في العالم. و ألمح: لقد أثبت النظام الإسلامي في إيران أنه يمکن تحقيق مکانة و سرعة علمية عالية علي أساس الإسلام و الشريعة الإسلامية.
و أوضح الإمام الخامنئي أن الوحدة من الأمور الأساسية اللازمة للعالم الإسلامي، مردفاً: يحاول الغرب و أمريکا بث الفرقة و الاختلاف بين المسلمين تحت عناوين الشيعة و السنة و القوميات و الشعوب، لذلک ينبغي التحلّي بالوعي و الحذر، و النظر للأمور من هذه الزاوية و اتخاذ المواقف حيال ذلک.
و أکد سماحته علي أن العالم الإسلامي آخذ في التقدّم إلي الأمام علي الرغم من مساعي جبهة الاستکبار و مؤامراتها، ملفتاً: من علامات هذا التقدم حرب الأيام الثمانية التي کان في جانب منها الفلسطينيون الساکنون منطقة جغرافية جد صغيرة اسمها غزة، و في الجانب الآخر الحکومة الصهيونية التي تدّعي امتلاکها أقوي جيش في العالم، و کان الجانب الذي وضع الشروط عند وقف إطلاق النار هم الفلسطينيون. و أضاف : هل کان مثل هذا الحدث ممکن التصديق قبل عشرة أعوام؟.
و قال آية الله العظمي السيد الخامنئي: بارک الله في الفلسطينيين، و بارک الله في حماس و الجهاد الإسلامي و الکتائب الفلسطينية المناضلة في غزة التي أبدت عن نفسها هذه الشجاعة. و أضاف يقول: إنني من جانبي أشکر کل المجاهدين الفلسطينيين علي هذه التضحية و السعي و الصبر. و اعتبر سماحته حرب الأيام الثمانية في غزة درساً مهماً للشعب الفلسطيني و لکل المسلمين مؤکداً: لقد أثبتت حرب غزة أنه لو اتحد الجميع و صبروا في الشدائد فإن وعد الله بالفرج و اليُسر بعد الشدّة سيتحقق.
و أشار الإمام الخامنئي إلي قضية البحرين أيضاً فقال: للأسف نشهد في قضية البحرين صمت العالم الإسلامي، و هذا ناجم عن نظرة خاطئة لهذا الموضوع. و لفت سماحته قائلاً: نظرة البعض لقضية البحرين نابعة من الزاوية المذهبية، لذلک يُعدّ الدفاع عن شعب ثائر علي حکومة فاسدة أمراً جائزاً، إلا إذا کان الشعب شيعياً کالشعب البحريني!. و أکد : النظرة الصائبة لقضايا المنطقة هي النظر علي أساس مقاصد العدو و رؤيته و أدواته و مخادعاته.
و أکد الإمام الخامنئي علي أن موقف إيران من القضية السوريّة ناجم عن هذه الرؤية مردفاً: الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعارض إراقة حتي قطرة دم واحدة من أي مسلم، لکن المذنبين في الوضع الراهن في سورية هم الذين جرّوه إلي الحرب الداخلية و التخريب و اقتتال الإخوة. و ألمح سماحته في ختام حديثه: جميع مطاليب الشعوب يجب أن تتحقق بالأساليب المألوفة البعيدة عن العنف.
في بداية هذا اللقاء تحدّث سبعة شخصيات من العلماء و الأساتذة من البلدان الإسلامية عارضين تصوّراتهم و رؤاهم بخصوص التطوّرات الحالية في المنطقة و الصحوة الإسلامية، و الآفات و المخاطر التي تواجهها. و کان المتحدّثون هم:
- الدکتور منير شفيق، مفکر و منظر من فلسطين.
- الدکتور مجدي حسين، مناضل ثائر و رئيس حزب الشعب المصري.
- الدکتور راشد الراشد، باحث و ناشط سياسي من البحرين.
- الدکتور بابا أينوياي، باحث و وزير الشؤون الدينية الأسبق في السنغال.
- الدکتور علي فيّاض، نائب في البرلمان اللبناني.
- الدکتور عمر الشاهد، أستاذ جامعي و ناشط سياسي من تونس.
- الدکتورة عابد علي، رئيسة قسم العلاقات الدولية بجامعة قائد أعظم في باکستان.
و قد تناول المتحدثون في کلماتهم المحاور التالية:
- الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (رض) کانت البادئة بالصحوة الإسلامية في العالم.
- الوحدة بين المسلمين هي السبيل الوحيد للانتصار علي المؤامرات و المشکلات.
- ضرورة الاستفادة المناسبة من النجاحات و الانتصار و الإمکانيات التي تحققت في الأعوام الأخيرة في العالم الإسلامي و جبهة المقاومة.
- النظام الإسلامي في إيران نموذج لا بدّ منه للتحرّکات و الثورات في المنطقة.
- الإسلام هو أساس التحرّکات و الثورات في المنطقة.
- ضرورة الاهتمام بالشباب في الصحوة الإسلامة و تنويرهم.
- ضرورة اتخاذ مواقف واضحة و صريحة حيال الاستکبار العالمي و الکيان الصهيوني في البلدان الثائرة.
- ضرورة الاهتمام بالتحرّک و التقدم العلمي في البلدان الإسلامية.
- انتقاد صمت المحافل الدولية و العالم الإسلامي حيال المذابح التي ترتکب ضد الشعب البحريني.
- التحلي بالوعي حيال مؤامرة زعزعة الاستقرار و بث الاضطرابات في المنطقة، و خصوصاً في البلدان الثائرة.
و تحدث في مستهل اللقاء أيضاً الدکتور ولايتي الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية، فأشار إلي سابقة تشکيل هذا المجمع و المؤتمرات التي أقيمت لحد الآن، مؤکداً: في المؤتمر العالمي لأساتذة الجامعات في العالم الإسلامي و الصحوة الإسلامية، الذي أقيم تحت شعار «التقدّم، و العدالة، و الديمقراطية الدينية»، و حضره أکثر من 500 من الأساتذة و الباحثين في البلدان الإسلامية، جري التداول و النقاش و تبادل وجهات النظر بشأن أهم قضايا العالم الإسلامي و تطورات المنطقة.
و أوضح الدکتور ولايتي أن من العناوين المهمة لهذا المؤتمر العالمي: تغيّر معادلات المنطقة و تأثير ذلک علي قضية فلسطين، و خصائص النظام الديمقراطي الديني، و ضرورات و أولويات الحکومات الجديدة في العالم الإسلامي، و الفرص الماثلة أمام حرکة الصحوة الإسلامية، و ضرورة الانتفاع من تجارب المفکرين في العالم الإسلامي.