30-11-2024 04:48 AM بتوقيت القدس المحتلة

التهويد والقضية ... و"عرب الجهالين" مثالاً

التهويد والقضية ... و

يشهد السعار التهويدي في الضفة واحدةً من أعلى مراحله المتسارعة. المحتلون يبحثون في أدراجهم المليئة بالمخططات عن ماتحتويه من قراراتٍ سابقةٍ لم تنفذ بعد لإعادة إعلانها ...


عبد اللطيف مهنا - مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية

يشهد السعار التهويدي في الضفة واحدةً من أعلى مراحله المتسارعة.. المحتلون يبحثون في أدراجهم المليئة بالمخططات عن ماتحتويه من قراراتٍ سابقةٍ لم تنفذ بعد لإعادة إعلانها والإشارة ببدء تنفيذها.

هناك حملة تهويدية تتوالى إيقاعاتها بتوالي تسارع دقات طبول إنتخابات "الكنيست" المقتربة الشهر القادم، مسيروها يتخذون منها وسيلةً لإشباع شهوة الإنتقام لدى جمهور مستوطنيهم من القرار الرمزي للأمم المتحدة بقبول فلسطين دولة غير عضوٍ فيها.

وبالإضافة إلى انجازما يمكن تهويده مما لم يهوَّد بعد، يطرحونها كواحدةٍ من جوائز الترضية لهذا الجمهور المزداد غلواً وتطرفاً بغية إلهائه عنما اعتوره من قلق لقاء فشل عدوانهم الأخير على غزة بعد أن فلَّه صمودها و ردته مفاجآت صواريخ مقاومتها.

في أيامٍ معدودةٍ أُعلن عن عطاءٍ، سبقت نية طرحه التوجه الى الأمم المتحدة، لبناء 92 وحدة سكنية في مستعمرة "معاليه أدوميم"، وأعيد طرح عطائين سابقين لأخرى في مستعمرة "عفرات" جنوبي الضفة وبناء تجاري في مستعمرة "هار حوما" في جبل أبوغنيم شرقي القدس، التي يجبر الآن أهلها على هدم بيوتهم بإيديهم بذريعة بنائها دونما ترخيصٍ من سلطات الإحتلال.

كل هذا تزامن مع جاري الإعتقالات وإرتفاع منسوب العدوان اليومي المبرمج على فلسطينيي الضفة، من مثل، اقتحام قوات الإحتلال لمكاتب ثلاثٍ من المنظمات الأهلية ومصادرة حواسيبها والعبث بملفاتها ومحتوياتها، وهي، مؤسسة " الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان"، و"اتحاد المرأة الفلسطينية"، و"شبكة المنظمات الأهلية"، المتوازي مع تكثيف إعتداءات قطعان المستوطنين على المواطنين، كقطع اشجار الزيتون وإتلاف المزروعات في أكثر من قرية ممن صودرت أغلب أراضيها لإقامة مستعمراتهم عليها، وإحراق سيارة فلسطينية في قرية شقبا، إلى جانب تكرارإعتداءاتهم على المقدسات المسيحية بكتابة شعاراتهم المسيئة للسيد المسيح على جدرانها، كما حدث لدير أرثوذكسي في القدس للمرة السابعة على التوالي، وكذا المقبرة الأرمنية في المدينة.

ماتقدم يترافق مع تصعيدٍ في عادة إستسهال قتل الفلسطينيين على الحواجز وأينما راق للجند ممارسة ذلك وتحت أي ذريعة أو زعمٍ، كقتل مجندة لصبي في الخليل بزعم أنه كان يحمل لعبة أطفال ظنّتها سلاحاً! ثم مايعانيه المناضلون الأسرى في معتقلات الإحتلال، إذ يكفي التذكير بأن الأسيران أيمن الشراونة وسامر العيساوي قد تجاوزا في إضرابهم عن الطعام الأربعة شهور ودخلا مرحلة الخطر، وكل ماذكرناه أختتم بقطع أموال عائدات الضرائب الفلسطينية، التي تشكل ثلثي موازنة سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود، وما لهذا من أثرٍ على معيشة الألاف من أسرموظفي هذه السلطة، وإعلان ليبرمان أن عليهم "أن ينسوا فكرة حصولهم على فلس واحد لأربعة أشهر، وبعده سنقرر مالذي سنقوم بفعله" ...

وقد نستطرد، لنصل إلى مثال قد يختصر جزءاً من هذا الذي ينتظره الفلسطينيون، ليس في الضفة فحسب، بل في شتى أماكن تواجدهم المتبقية في كل فلسطين التاريخية المحتلة، إذا ما تسنى للصهاينة إستكمال مخططاتهم التي يرصدونها ويبيِّتونها لهم. إنه بعض مما يواجهه "عرب الجهالين"، هؤلاء المعذبون المصادرة أرضهم بدعوى "أسباب عسكرية"، وحيث لم يحن أوتتوفر بعد إمكانية طردهم منها، يمنع عليهم البناء عليها ويضيَّق الحال عليهم لدرجة أن ثمانين من أطفالهم يسيرون على الأقدام مسافةً لاتقل عن أربعة كيلو مترات للوصول إلى تلك المحذور بنائها والمستعاض عنه بشكلٍ ما، تم تشييده من دواليب السيارات المستهلكة والقش ومسقوفاً بالتنك ويدعى مدرسة !

قد تدعو هذه الحال بعض الواهمين إلى إعادة طرح سؤالٍ لطالما سمعناه منهم، وكم أكلت عملية التهويد الجارية مدحلتها في إنتظار الجواب عليه وشربت، وهو: و ما هو موقف الأطراف التي شاركت لأكثر من عقدين من الزمن في همروجة  المرحومة المدعوة ب" المسيرة السلمية"، والتي سبق وأن نعتها جميعها مع إستمرارها التأكيد على إلتزامها بها ؟!

دولياً ، تكفينا الإشارة إلى الأتحاد الأوروبي، أي لن نخطىء بلا معنى فنذكر الولايات المتحدة، ذلك منا لكون الأوروبيين هم الأكثر نفاقاً والمحاولين عادةً الإيهام باختلافٍ ما في مواقفهم عن الأخيرة، وكنا قد تعرضنا لهذا تفصيلاً في مقالنا السابق ... هؤلاء المختلفون اكتفوا بالإعلان عن "صدمتهم ومعارضتهم الشديدة لتوسيع مستوطنات في الضفة بما فيها القدس وخصوصاً المنطقة A1"!

... عربياً، لامن داعٍ للأجابة فالحال، كما يقولون، يغنينا واقعه المعروف عن السؤال ... أما فلسطينياً  فلقد هدد رئيس السلطة باللجوء إلى" وسائل جديدة للمقاومة"... ماهي؟ إنها لن تعدو ما كان قد جرَّبه طيلة العقدين السابقين، إذ أكمل ما قاله فأجابنا سلفاً، "العنف لن يكون أحدها"!

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه