30-11-2024 04:51 AM بتوقيت القدس المحتلة

مصر: اعتداء على رئيس نادي القضاة.. ودعاوى ضد صحافيين

مصر: اعتداء على رئيس نادي القضاة.. ودعاوى ضد صحافيين

الاستفتاء على مشروع الدستور المصري إتّسم بانتهاكات فاضحة أعادت إلى الأذهان التزوير الذي عرفته الحياة السياسية في مصر أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

 

وائل عبد الفتاح

«الإخوان» يطلقون دولتهم بـ«وديعة مبارك»

نجحت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها في تيار الإسلام السياسي في تمرير مسودة الدستور، بغالبية «وهمية» بلغت 64 في المئة، وذلك في استفتاء اتسم بمشاركة هزيلة لم تتجاوز الـ33 في المئة، وبانتهاكات فاضحة أعادت إلى الأذهان التزوير الذي عرفته الحياة السياسية في مصر أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وفيما بات أمر الاستفتاء على مشروع الدستور المصري محسوما لصالح النظام، فإن المعارضة الوطنية قررت الاستعداد جيداً لمعركة طويلة، وذلك على مستويات عدة، أبرزها خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ضمن قوائم موحدة.

وفي ظل دستور «الإخوان»، برز تطوران خطيران يوم أمس، تمثل الأول في الاعتداء على رئيس نادي القضاة أحمد الزند، من قبل مجموعة مرتبطة بـ«الإخوان»، وتضم عنصراً فلسطينياً على الأقل، في ما يوحي بأن نظام الرئيس محمد مرسي قد أعلن رسمياً الحرب على القضاء، فيما تمثل الثاني بسلسلة دعاوى أحالها النائب العام «الإخواني» طلعت عبد الله إلى التحقيق بحق إعلاميين، من بينهم ابراهيم عيسى وباسم يوسف.

 

ـ1ـ الخبر الأخير: الاعتداء على المستشار الزند.

ردّ الفعل الأول: هذه بشائر الاستقرار.
تفاصيل الخبر أخطر: المستشار احمد الزند رئيس نادي القضاة أصيب في رأسه عندما اعتدت عليه مجموعة (من 15الى 25 شخصا) أثناء خروجه من النادي (الكيان القوي في مواجهة نظام مرسي). المجموعة لم تعد مجهولة بعدما ألقى أمن النادي القبض على ثلاثة من بينهم فلسطيني.

رد الفعل الثاني: الدهشة من وجود فلسطيني ضمن مجموعات (التصفية). كان ظهورها مدهشا بعد ساعات من الإعلان غير الرسمي لنتائج الاستفتاء... هي بشائر «ميليشيات» ما بعد خطف الدستور، ومشاركة الفلسطيني هي ذروة جديدة في الروايات عن دور حركة حماس وحراستها لنجاح الخطة الإخوانية، التي ترافق معها اتساع مساحات الإثارة في قصة حارس خيرت الشاطر، بعد الكشف عن 140 رسالة على هاتف الحارس حول نقل للأسلحة بين غزة ومصر والعكس، بالإضافة إلى شهود عيان تقدموا ببلاغات عن مشاهدتهم الحارس على أعلى إحدى بنايات ميدان التحرير في موقعة الجمل.

ويبدو من تداعيات قصة الحارس ان القبض عليه لم يكن صدفة، فهو إلى فترة قريبة كان احد حراس محمد مرسي قبل وصوله إلى قصر الرئاسة، كما انه تدرب في كتائب القسام، وغالبا القبض عليه كان لإحياء اتهامات للإخوان بالمسؤولية عن فتح السجون وتحطيم ٩٩ قسماً للشرطة وقنص الثوار (بمساعدة عناصر مدربة من حماس)، وهي رواية خفتت بعدم اكتمالها قبل انتخاب مرسي. لكن صراعا غير معلن أعادها ضمن حزمة يختلط فيها الحقيقي بالخرافي عن «التنازل عن سيناء» لحماس، وهي صياغة شعبوية تلعب على عواطف الحساسية والسيادة عند قطاعات من المصريين، لكنها تكشف عن دور العلاقة العضوية بين الإخوان وحماس في تمتين حكم مرسي.

وهنا يأتي قرار وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي بحظر التملك في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية (بامتداد خمسة كيلومترات). وبالرغم من ان القرار آثار غضب أهالي سيناء، إلا انه على المستوى السياسي إعلان وجود لقوى الدولة القديمة (التي تعرف حساسيات السيادة)، لكن لا احد يستطيع تحديد هل الوجود في مواجهة مرسي أم لمواجهته؟


- 2 - في خدمة المرشد
هكذا وصف أعضاء النيابات رئيسهم (النائب العام) في وقفة على مدرج دار القضاء العالي، احتجاجا على «عودة» النائب في استقالته وتأكيده انه «خصوصي» وليس عمومياً. الوقفة إعلان عن الامتناع عن العمل تحت إمرة المستشار طلعت عبد الله لأن تعيينه باطل (وهو ما تأكد في حكم للقضاء الإداري صدر أمس ببطلان التعيين).

النائب العام نقل أعماله من دار القضاء إلى التجمع الخامس. وفي إطار صراع الإرادات وقع على قرار استدعاء صحافيين و مقدمي برامج بتهم إهانة الرئيس وازدراء الأديان وإثارة الفتنة (هوجة أمس شملت إبراهيم عيسي و باسم يوسف) الصراع في القضاء بعد ساعات من الاستفتاء تحول إلى العنف (بضرب الزند)، وسيزداد العنف كلما فشل مرسي في السيطرة على القضاء، وكلما تعطل تدمير المؤسسة. وسيزداد أكثر عندما تنقل جبهة الإنقاذ الوطني صراعها لإثبات تزوير الاستفتاء وبطلان الدستور بالقضاء.

الجبهة لديها وسائل أخرى (خوض انتخابات البرلمان على قائمة واحدة بالإضافة إلى التصدي السلمي للهجمات التشريعية عبر مجلس الشورى الذي يسيطر عليه بعد التعيينات أكثر من ٩٠ في المئة من الإخوان و حلفاء من سلفيين وجهاديين ومتهمين بالإرهاب)

لكن الخطوة الأولى هي القضاء، وهذا ما استعد له مرسي بالتحسين، وهذا حسب أوصاف قانونية سيضع مصر ضمن قائمة الدول التي تقوم بـ«إنكار العدالة».


- 3 - أين التسعة ملايين؟
سؤال طبيعي عن اختفاء هذه الملايين التي شاركت قبل ستة أشهر في انتخابات الرئاسة بين مرسي وأحمد شفيق. وفي ظل مشاركة ١٦ مليون في الاستفتاء، فأين ذهبت بقية الـ٢٥ مليون من المشاركين في آخر اقتراع، من بين ٥٢ مليون لهم حق التصويت؟

هناك تسعة ملايين غابوا غالبا بسبب إعادة إنتاج مناخ مبارك من التزوير وفرض الإرادة ومعرفة النتيجة مسبقاً، بالإضافة إلى تهديدات بالعنف والدم والفرز على الهوية.

تلك الملايين ليست محسوبة لصالح الإخوان ومن حالفهم، لأن «نعم» لم تحصل إلا على ١٠ ملايين هم كل ما استطاع التيار الإسلامي حشده بالخدعة (حول دستور الشريعة أو الاستقرار بعد الاستفتاء) أو بالتزوير أو باستخدام قوة الإدارة. هذه الملايين هي آخر لعبة الصناديق وهي تمثل ٢٠ في المئة من اللعبة ذاتها.

هذه هزيمة على المدى الطويل، وإشارات إلى ان الصراع بين تأسيس دولة الإرهاب و بين تغيير المجتمع ستدفع إلى صدام ليس آخره الاستفتاء.

لا يخجل الإخوان من التزوير، ولا من تشبيههم بنظام مبارك. هو بالنسبة إليهم تلميذ في مدرسة الاستبداد، وهم حافظوا على وديعته من تخلف اجتماعي و قهر سياسي وحياة خارج الزمن، لتكون رأسمالهم في تأسيس دولتهم المستبدة باسم الدين.

لن تحتاج في هذا الصعيد إلى مجهود كبير لتكتشف ملامح وديعة مبارك ولا للتعرف على مهارة الإخوان في استثمارها من دون خجل بل بابتسامة من وجد كنزه الثمين تحت وسادته.

لم يلمس الخجل الإخوان لكن مسهم جنون اللعب بكل ما في وديعة مبارك للوصول إلى لحظة تأسيس الدولة الدينية بكل موروث هذه الدولة من شراسة وقمع ووحشية صنعت الكوارث في تاريخ البشر.

الجنون الإخواني يعيد مصر إلى القرون الوسطى، وعصر ما قبل الدولة، ويدفعها إلى تكرار التجارب المرة لدولة الكنيسة في أوروبا ودولة العصابات الصهيونية في فلسطين.

إنهم يبيعون بضاعة فاسدة ولا يهتمون حتى بجودة «السيلوفان» الذي يداري فسادها.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه