30-11-2024 04:54 AM بتوقيت القدس المحتلة

حركة فتح في تفكير المؤسسة الإسرائيلية (1)

حركة فتح في تفكير المؤسسة الإسرائيلية (1)

من الصعب أن يتناول الكاتب سيرة حركة فلسطينية بوزن حركة فتح في التاريخ الفلسطيني ، ومن الصعب أيضا تفكيك الصورة التي خطتها الحركة منذ نشأتها في العام 1965


علاء الريماوي

من الصعب أن يتناول الكاتب سيرة حركة فلسطينية بوزن حركة فتح في التاريخ الفلسطيني، ومن الصعب أيضا تفكيك الصورة التي خطتها الحركة منذ نشأتها في العام 1965 حين قام شباب عاش الفشل العربي في نصرة القضية الفلسطينية، محاولا و صادقا من خلال تأطير نفسه ضمن حركة وطنية تدافع عن قضية شغلت رأي العالم في ذلك الحين.

منشأ الحركة كتب عنها الكثير لكنهم اختلفوا، قسم عاش مع فكرة الاتهام من أن الأنظمة العربية أرادت لفتح أن تكون إبراء الذمة لأنظمة اتخذت قرارا بأن الملف الفلسطيني سيكون عبئها الذي لا تستطيع معه النصرة لذلك كان الخيار تأسيس جسم فلسطيني توكل إليه مهمة الفشل.

وقسم  آخر رأى في الحركة المخاض الطبيعي لشعب تحت الاحتلال يبحث عن وسيلة للمقاومة والثورة .

هذا الحديث ليس الوحيد في حالة الخلاف على  فتح وإنما ظل زعيمها  الأوحد منذ نشأتها محل خلاف في الحكم على سلوكه وعلاقاته فمن المؤيد من وصل في الحكم عليه إلى حد وصف القداسة ومن المخالف من وصل إلى حد الاتهام المغلظ .

هذه الدائرة من السرد التاريخي في الحكم على فتح ،  تظل فتح ذاتها من يتحمل وزر كتابة تاريخها الذي يزخر بالألغاز و صناديق سوداء التي وجب على الحركة  الوقوف عليها وتفكيكها للخروج براوية دقيقة تساهم في إثراء الرواية التاريخية الفلسطينية .

في القراءة عن حركة فتح ، يصيبك الدوار لحجم الروايات المتضاربة في المرحلة الواحدة ، والحادثة الواحدة حتى أنك حال الحكم على الأشياء تميل إلى العموم قدر الإمكان للتوفيق بين الروايات المختلفة .

في سلسلة المقالات التي سأتناول فيها الحركة حرصت على اختيار جانب يمكن التوثق منه ،  وهو فتح في تفكير المؤسسة الصهيونية والذي يمكن تجميع شتات الحلقات من خلال  ما كتب عن الحركة ومواقفها ،  ومن ثم من المتابعة التي تظل حاضرة في الذاكرة الفلسطينية من خلال العموم مع بعض التفصيل في حقب تاريخية مهمة ترتبط بهدف القراءة .

في استكشاف لمدى حساسية الموضوع وضعت على حسابي الخاص في شبكة التواصل الاجتماعي ،  انهالت علي عشرات الرسائل  الخاصة تطلب مني القراءة وفق تصور أصحابها فالمؤيد يرجوا التنزيه والمعارض يرجوا المسخ إلى أبعد مدى .

هذا المقطع من الكتابة أردته لشعور بأن الكثير قد يغضبه مسار الكتابة لذلك ما أعد به الحيادية ما استطعت وتغليب الصورة دون تناول الأسماء مركزا على عموم الظاهرة لا دقائق التفصيل .

وحتى لا نظل في العموم ففي متابعتي للأوراق الإسرائيلية وجدت منهج الكتابة عن الحركة أخذ أربعة  مراحل بحسب العمر التاريخي للحركة والذي يمكن تلخيصه من خلال الآتي:

المرحلة الأولى: ما بعد النشأة حتى العام 78  ركزت الأوراق الإسرائيلية ومؤسسة الحكم في الكيان على فتح من خلال النظرة العدائية وتحميل الحركة مسؤولية المواجهة مع إسرائيل خاصة لتبني فتح شعار تحرير فلسطين كامل فلسطين عبر الكفاح المسلح  و من خلال التواجد على جبهات عديدة دون وضع ضوابط للأداء العسكري .

المرحلة الثانية: وهي ما بعد العام 1978 إلى العام 90 والذي باتت المؤسسة الصهيونية تتعاطى مع الحركة وفق منظومة "الفحص والتأكد " ، والتي أخذت ذروتها بعد العام 82 من خلال مساعدة أطراف عربية وأجنبية ساعدت في تذليل صورة فتح داخل المجتمع الدولي ومنه إسرائيل ، حيث ساهم في ذلك مجموعة من العوامل التي سنتناولها في سلسلة المقالات القادمة .

المرحلة الثالثة: والتي تمتد من العام 90 حتى العام 2004 والتي باتت إسرائيل تعيش في العلاقة مع فتح على أنها الوحيدة القادرة على فرض تسوية للصراع قادرة على الصمود برغم قناعة اليمين أن العرب لا ضرورة للاتفاق معهم .

المرحلة الرابعة: والتي تمتد من العام 2004 إلى العام 2012 والتي بات يغلب على الأوراق الإسرائيلية منهج الإستبدال والذي يعني أن المؤسسة الإسرائيلية باتت مقتنعة بضعف الحركة وقدرتها على حكم الساحة الفلسطينية خاصة بعد فشل الحركة في أكثر من ملف سيتم تناولها في المقالات القادمة .

هذه المراحل الأربع من عمر الحركة وطبيعة القراءة الإسرائيلية ، من المهم تناولها ، لكن ما يمكن تقديمه عبر سلسلتي هي المرحلة الثالثة والرابعة لعدم التفرغ لهذا الموضوع .

آملا من المتابع التواصل والنقد لإثراء القراءة التي سيكون التفصيل فيها في مقال الغد إن شاء الله .

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه