30-11-2024 04:56 AM بتوقيت القدس المحتلة

الأسرى وقرار حرمانهم من التعليم الجامعي

الأسرى وقرار حرمانهم من التعليم الجامعي

قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في جلستها يوم أمس الثلاثاء والقاضي بحرمان الأسرى من حقهم بالتعليم الجامعي شكّل عقاباً جماعياً للأسرى واستمراراً لسياسة إدارة السجون الإسرائيلية الهادفة إلى التضييق عليهم وال

 
عبد الناصر فروانة
 
ان قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في جلستها يوم أمس الثلاثاء والقاضي بحرمان الأسرى من حقهم بالتعليم الجامعي شكّل عقاباً جماعياً للأسرى واستمراراً لسياسة إدارة السجون الإسرائيلية الهادفة إلى التضييق عليهم والانتقام منهم .

وزعم رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي " أشير غرونيس " في جلسة المحكمة بالأمس وردا على استئناف كان قد تقدم به الأسرى في وقت سابق " بأن حق الأسير في الحصول على تعليم أكاديمي  ليس مضمونا في القانون ولا سيما في القضاء الدستوري ، و" أن تجريد الأسرى من هذا الحق لا يشكل تمييزا غير مشروع " على حد تعبيره .
 
والأخطر أن القرار يُعتبر بمثابة ترجمة قضائية لقرارات سياسية قديمة جديدة كانت قد صدرت في أوقات سابقة من أعلى المستويات ومن رأس الهرم السياسي الإسرائيلي ، بهدف الانتقام من الأسرى رداً على استمرار احتجاز " شاليط " لدى الفصائل بغزة  .
 
هي ليست المرة الأولى التي يُقر فيها القضاء الإسرائيلي قرارات سياسية ويشرعن انتهاكات عديدة بحق الأسرى  مما يعكس مدى استهتار النظام الإسرائيلي بمركباته المختلفة بحقوق الأسرى ومشاركتهم في التضييق عليهم .
 
ففي الثامن عشر من مارس / آذار عام 2009 وردا على فشل المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى ، أقدمت الحكومة الإسرائيلية برئاسة "أيهود أولمرت" بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير العدل آنذاك " دانييل فريدمان " وضمت في عضويتها المستشار القانوني للحكومة، والتي كانت مهمتها دراسة أوضاع الأسرى وتقييمها ومساواتها بأوضاع " شاليط " وإعادة النظر بـ "الامتيازات" الممنوحة لهم حسب زعمهم ، وقد صدر عن هذه اللجنة مجموعة من التوصيات والقرارات التي هدفت للتضييق عليهم والانتقام منهم .
 
ومن بين تلك التوصيات " حرمان الأسرى من التعليم " وقد شرعت فعليا إدارة مصلحة السجون في اتخاذ الخطوات والتدابير لترجمة ذلك ، فحرمت أسرى جدد من الالتحاق بالجامعة ووضعت عراقيل كثيرة أمام استكمال الملتحقين سابقاً ، وحظرت دخول غالبية الصحف والمجلات وصادرت غالبية الكتب ومنعت بث الفضائيات العربية ولم تُبق سوى على القليل القليل منها .
 
وفي حزيران / يونيو من العام الماضي وقبل يومين من الذكرى الخامسة لأسر " شاليط " شن  رئيس الوزراء الإسرائيلي " بنيامين نتانياهو " هجوماً عنيفاً على الأسرى الفلسطينيين مدعيا بأنهم يعيشون بحفلة عبر تصريحاته الشهيرة حينما قال " الحفلة انتهت وسنشدد شروط اعتقال " القتلة " في السجون ، ولن يكون بعد اليوم من بين الأسرى من يحصلون على ماجستير بالقتل أو دكتوراة بالإرهاب ، وكان يقصد آنذاك وقف كافة أشكال التعليم في سجون ومعتقلات سلطاته.
 
تصريحات وصفت آنذاك بالانتقامية والهادفة للضغط على الفصائل الآسرة لـ " شاليط " ، واعتبرت بمثابة " قرار " لكل العاملين في إدارة السجون ومنحتهم الضوء الأخضر للترجمة الفورية واتخاذ مزيدا من العقوبات والإجراءات التضييقية ، والذين سرعان ما نفذوا القرار وأوقفوا كل شيء حتى امتحانات الثانوية العامة ، ومنعوا إدخال كافة الكتب التعليمية والدراسية ومتعلقاتها .
 
وبالرغم من أن قضية " شاليط " قد انتهت وعاد الى بيته وأهله ، وكان من المفترض انتهاء كافة الإجراءات الإستثنائية التي اتخذت عقب أسره بما فيها قانون " شاليط " ، إلا أن الإجراءات استمرت ، والانتهاكات تواصلت وتصاعدت ، وان قرار المحكمة العليا بالأمس بالحرمان من التعليم إنما يندرج في سياق الانتهاكات العديدة والمتواصلة بحقهم والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ.
 
كما وأن قرار المحكمة العليا بالأمس إنما يعكس تهرب " إسرائيل " وتنصلها من تعهدات وتفاهمات سبق واتفق عليها عشية اتمام صفقة تبادل الأسرى في أكتوبر من العام الماضي ، حيث أعلن عن تعهد " إسرائيل " بإنهاء كافة العقوبات والإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها بحق الأسرى عقب اسر " شاليط " وطوال فترة أسره لدى الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة .
 
وكذلك أيضاً عقب التوقيع على إتفاق إنهاء "إضراب الأسرى" في مايو/آيار الماضي بعد ثمانية وعشرين يوما من الإضراب، أعلن حينها عن تعهد " إدارة السجون " بإعادة النظر بحرمانهم من التعليم في ظل انتهاء قضية أسر " شاليط " وعودته لأهله وبيته .
 
وبتقديري فان قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بالأمس ورد القاضي جاء ليفتح هذا الملف من جديد ، وربما يؤدي إلى تسخين العلاقة وتوتيرها ما بين الأسرى و إدارة السجون الإسرائيلية ، وقد يؤدي بالفعل إلى تسريع اتخاذ خطوات إحتجاجية ونضالية داخل السجون لاستعادة حقوق الأسرى التي سلبت منهم " ، لا سيما وأن " التعليم الجامعي " للأسرى حق أساسي نصت عليه المواثيق والأعراف الدولية والتي كفلت للأسرى حق التعليم وممارسة الأنشطة الذهنية والتعليمية ، وان هذا الحق انتزع في إضراب الأسرى الجماعي عام 1992 ويُعتبر أحد انجازات الإضراب بالرغم مما كان يعتريه من مصاعب ومضايقات وعدم السماح بالإنتساب للجامعات الفلسطينية ، وأن الإصرار على مصادرته اليوم من قبل المحكمة العليا إنما يشكل مساساً بالتضحيات التي قدمت في ذاك الإضراب ويشكل خطراً على كافة الإنجازات والحقوق التي انتزعت بالماضي بفعل التضحيات الجسام التي قدمتها الحركة الأسيرة بالدماء والمعاناة ومعارك الأمعاء الخاوية .
 
يُذكر بأن العملية الثقافية والتعليمية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي مرت بمراحل عدة ، وتطورت بفعل نضالات وتضحيات الأسرى ، بدءاً بانتزاع حق امتلاك الدفتر والقلم وعقد الاجتماعات الثقافية ، ومروراً بإدخال الكتب التعليمية والصحف وتقديم الثانوية العامة وصولا لانتزاع حقهم في التعليم الجامعي عام 1992 ، و هي مهدد بفقدان الكثير من تلك الحقوق والعودة للوراء خطوات .

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه