عبود: 14 آذار تحرّض الخليجيين على مقاطعة السياحة
لم يكد «المجلس اللبناني للترويج» يطلق خطّة من أجل تنشيط السياحة تحت شعار «50% حسماً لـ50 يوماً»، حتى تلقّت الخطة ضربة قوية مع تجديد الإمارات العربية دعوتها رعاياها الى تجنّب السفر الى لبنان. ارتدادات التحذير الإماراتي ستتفاعل، بالتأكيد، خليجياً، ما يوجّه ضربة قاضية لآخر آمال إنقاذ الموسم السياحي في 2012
محمد وهبة
غداة إعلان الخطّة السياحية التي أطلقها «المجلس اللبناني للترويج» تحت شعار «حسم50% لمدّة 50 يوماً»، جدّدت الخارجية الإماراتية تحذيرها لرعاياها من السفر إلى لبنان. التوقيت مشبوه، فالإمارات العربية، خصوصاً إمارة دبي، تُعدّ المنافس الأول للبنان، وقد جاءت خطوتها هذه بمثابة تحذير لكل الخليجيين ودعوة مفتوحة للجميع لتمضية عطلة رأس السنة الميلادية هناك... وبذلك، لم تعد المقاطعة الخليجية للبنان سياسية فحسب، بل باتت سياحية أيضاً.
يقفل عام 2012 بموسمه الأخير على «مأساة». القصّة ليست حزينة بمقدار ما هي مدمّرة. لبنان السياحي بات عدوّاً لأشقائه، فيما تحتضر مؤسساته المطعمية والفندقية. لم يكن كافياً بالنسبة إلى دول الخليج أن تُقاطع لبنان «تحت الطاولة»، لا بل ذهبت هذه الدول، مطلع صيف 2012، نحو اعتباره بلداً محظوراً. يومها قضى هذا الأمر على الموسم السياحي الصيفي.
رغم ذلك، لم تشبع هذه الخطوة غرور أشقائه، بل زادتهم إصراراً على مواصلة نهج المقاطعة. وبحسب المعنيين بالملف، فإن هذه الدول قرّرت استكمال برنامجها التدميري «تحت الطاولة وفوقها» حتى آخر موسم. بهذا الإصرار، أصدرت الخارجية الإماراتية بياناً جددت فيه تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان. وجاء في البيان: «تدعو وزارة الخارجية مجدداً مواطني الدولة إلى عدم السفر إلى الجمهورية اللبنانية في الوقت الحاضر إلا للضرورة القصوى. صرّح بذلك سعادة الشيخ عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد وكيل وزارة الخارجية، مؤكداً حرص وزارة الخارجية على رعاية وسلامة مواطني الدولة في الخارج». وأضاف وكيل وزارة الخارجية أن تأكيد عدم السفر إلى لبنان «يأتي مع اقتراب إجازة رأس السنة الميلادية ونتيجة للظروف السياسية الصعبة والحساسة المحيطة بلبنان الشقيق». وطلب من المواطنين «ضرورة الالتزام التام بهذا القرار إلى حين صدور إشعار آخر من وزارة الخارجية، وأخذ الحيطة والحذر في حال سفرهم الى خارج الدولة، والاطلاع على إرشادات ونصائح السفر على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية».
لم يذكر البيان خلفية وأسباب تجديد التحذير، لكن كانت لافتةً الإشارة إلى إجازة رأس السنة الميلادية. وزير السياحة فادي عبود وصف التوقيت بـ«المشبوه»، إذ يأتي بعد «تصريحات فخامة رئيس الجمهورية وقائد الجيش لجهة اعتبار سلامة السائح فوق كل اعتبار». ورأى أنه ليس هناك سبب مقنع للاستمرار بوضع لبنان على لائحة الدول المحظورة لدى الإمارات وغيرها من دول الخليج لأسباب أمنية، «ففي أميركا تحصل يومياً 250 حادثة إطلاق نار، وفي مكسيكو والبرازيل وكولومبيا... كلها دول ليست محظورة رغم أن الأوضاع الأمنية فيها مرتفعة المخاطر أكثر مما هي عليه في لبنان» يقول عبود. واتهم عبّود 14 آذار بتحريض الخليجيين على عدم زيارة لبنان منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة ودولاً أخرى ناسبها الوضع وتضاعف عدد السياح الذين يزورونها جراء مقاطعة لبنان. ودعا المواطنين العرب إلى زيارة لبنان، والدول العربية التي تحذّر رعاياها من القدوم إلى لبنان لإعادة النظر بتوجيهاتها هذه، مذكراً إيّاها بأنها لم تقاطع لبنان في أصعب الظروف، أي في العام 1982 كما في حرب تموز 2006. وأعرب وزير السياحة عن اعتقاده بأن المصلحة هي دافع الإمارات، «فالإمارات تحديداً هي المستفيد المباشر من مقاطعة لبنان، والسياحة هناك أصبحت اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه قبل قرار مقاطعة لبنان... لذلك نقول لهم بكل محبة: ليس لديكم مصلحة في معاداة الشعب اللبناني، وما تفعلونه يؤذي لبنان وشعبه».
هكذا بدا الموسم السياحي الأخير في عام 2012. موسم أعياد الميلاد ورأس السنة لا يحفّزه سوى الطلب المحلي. وبحسب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي بول عريس، فإن الخطوة الإيجابية التي أعلنها مجلس الترويج السياحي والقاضية بإعطاء حسومات 50% لمدّة 50 يوماً لن تنجح في تعافي الوضع المأساوي، لأن القرار العربي بمقاطعة لبنان «أسبابه سياسية، وفيما كان يفترض أن يكون الإشغال 150% في فنادق لبنان، ليس هناك أي خليجي أو عربي».
لكن الأنكى من ذلك أن الأزمة لم تؤثّر في الخليجيين فقط، بل أثّرت في المغتربين اللبنانيين أيضاً، «واليوم أكبر سهرة في رأس السنة بكلفة 500 دولار، فيما كانت السهرات في السنة الماضية تتجاوز 1000 دولار للشخص الواحد». وبحسب بعض العاملين في المطاعم، «كان هناك زوار عرب يأتون بطائرات خاصة لقضاء هذه السهرة خصيصاً في لبنان المميز بحياة الليل... كلهم لم يأتوا»، وهو الأمر الذي يدفع عريس إلى القول: «ننتظر سنة صعبة وإقفالات واسعة في القطاع في عام 2013».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه