08-11-2024 06:30 AM بتوقيت القدس المحتلة

كنائس مصر ترفض الدولة الدينية

كنائس مصر ترفض الدولة الدينية

«الإخوان» يعدّون الطريق لحكومة الشاطر

 
وائل عبد الفتاح

ـ 1ـ
لن نقبل بالدولة الدينية.
الكنائس الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) أعلنت ذلك في خطاب صريح لم تقف فيه موقف الشاكي، ولا الضيف، ولا «الدرجة الثانية».
هاجمت الكنائس في مذكرتها للرئاسة لتكون ضمن وثيقة «التعديلات المقترحة على المواد الخلافية» على الدستور (الذي أعلن عن إنفاذه منذ ثلاثة أيام فقط).
المفترض أن تعد الوثيقة بعد حوار يتفق فيه على المواد المرفوضة وتقدم إلى مجلس النواب بعد انتخابه لتقر (بغالبية الثلثين) في الدستور.
المعارضة لم تصدّق اقتراح الرئيس حول الوثيقة، على اعتبار أنه مناورة لكسب الوقت والحصول على شرعية للدستور الذي مـا زال في نظر «جبهـة الإنقاذ الوطني» باطلاً ويتعامل معه الثوار على أنه «كأن لم يكن»... والشعور السائد: إذا كنت ترى في الدستور عيباً فلمَ لم تعدله قبل الاستفتاء عليه؟ ومن الذي يضمن موافقة الثلثين من مجلس ما زال في علم الغيب السياسي؟ ومن أين ستأتي الثقة في «الإخوان» بعد تفوقهم على أنفسهم في لحس الاتفاقات؟
وحدها الكنائس تعاملت مع اقتراح وثيقة التعديلات، وقررت إعلان موقفها في مذكرة قدمت فعلا إلى محمود مكي النائب المستقيل للرئيس والمستمر مسؤولا عن «الحوار»، إضافة إلى باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس.
المواد المطلوب تغييرها في الدستور تعتبرها الكنائس مثيرة للقلق وتعمل على:
1 ـ تكريس لدولة دينية.
2 ـ أحادية الثقافة وسطوتها.
3 ـ تهديد مبدأ المساواة أمام القانون والتزام الدولة بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التفرقة بين المواطنين.
4 ـ مخالفة مبادئ الشرعية الجنائية والعقوبات لأول مرة بنص دستوري.
5 ـ التحصين من رقابة القضاء والعصف بحصانة القضاة وباستقلال القضاء.
6 ـ تقييد حرية الصحافة واستمرار الحبس في جرائم الرأي المعروفة بجرائم النشر.
7 ـ إهدار حقوق أطفالنا.
8 ـ التراجع عن موقف مصر من حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية الثابت في دستور العام 1923 ودستور العام 1971 وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
9 ـ حذف النص على حظر قيام أحزاب على أساس ديني أو جغرافي وحظر قيام أحزاب أو جمعيات سرية أو ذات طابع عسكري.
المذكرة تفصيلية (١٠ صفحات)، ومكتوبة بحس سياسي لم يخجل من الهجوم على مواد تم تمريرها لبناء مؤسسات تمثل مرجعيات دينية للدولة.
وبالتحديد طلبت الكنائس حذف:
المادة 219 التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب السنة والجماعة».
واعتبرت أن هذه المادة تضع مؤسسات الدولة الديموقراطية تحت ولاية الفقيه وتهدد الاستقرار القانوني والاجتماعي، وهو ما يتعارض مع مقتضيات دولة الديموقراطية والقانون.
المذكرة طالبت أيضاً بتعديل المادة الرابعة، التي تنص على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كل شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية، وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق الأزهر الشريف أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».
واقتراح المذكرة أن تعدل المادة لتصبح «الأزهر الشريف مؤسسة إسلامية جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كل شؤونه، ويتولى نشر وتطوير العلوم والمعارف الإسلامية والدفاع عن وسطية الإسلام وسماحته في مختلف بلاد العالم، ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف في الشأن الإسلامي، كما يعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية اعترافاً بدوره التاريخي، وتكفــل الدولة الاعتــمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، ويحدد القانون طريقة اختياره من بين هيئة كبار العلماء».
أذكى ما في المذكرة أنها أدركت أن الشيطان في الصياغة ولم يجبرها الخوف على الاكتفاء بـ«اكليشيهات» لا تحمل معنى أو تضع فقط في صندوق من حضر الشيطان في الدستور.
ـ 2 ـ
«الوساطة»
هذا هو اسم المناسب للجنة التي شكلت لتدعم ما تسميه رئاسة الجمهورية «الحوار الوطني» ويتم تصويره على أنه حوار بين الرئيس والمعارضة، ويبدو في حقيقته «ديكوراً لتجميل الرئاسة».
الوساطة هي مهمة لجنة ورثت أدوار لجنة «الحكماء» التي فشلت في لحظة الصدام بين الثورة ونظام مبارك. اللجنة سعيدة بمذكرة الكنائس لأنها البادرة الوحيدة التي تشير إلى أنها تعمل، برغم أن المذكرة تتعلق ببند واحد من أجندتها التي تضم إلى جانب وثيقة المواد الخلافية: 
* قانون الانتخابات. 
* حدود صلاحيات التشريع في مجلس الشورى خلال الأشهر الثــلاثة المقبــلة، لكي لا تتم خطة تغيير البيئة التشريعية للدولة. 
* تشكيل حكومة وحدة وطنية وفريق استشاري للرئاسة. 
* الاتفاق على سياسات مواجهة الأزمة الاقتصادية. 
* والنقطة الأخيرة هي الأولى عندما يريد الحكماء الإقناع بالوساطة.
ـ 3 ـ
خيرت الشاطر.
كأنه كلمة السر التي يخفيها الإخوان لتوقيف انهيار الاقتصاد باتجاه الإفلاس. ولأنه لا يحمل معجزة، فالتكوين بالاسم بين حين وآخر ليكون رئيساً للحكومة هو المعجزة أو «تميمة الحظ» التي يتصور «المطبخ السياسي» للإخوان أنها ستعبر بهم الأزمة التي تفاقمت بعد استنفاد احتياطي رصيد مؤسسات (الجيش آخرها).
ماذا سيفعل الشاطر مع وصول الاحتياطي إلى الصفر؟
لا أحد في المطبخ الإخواني لديه إجابة، فهم مشغولون بتجهيز الطريق لحكومة الشاطر، لتعلن بعد ثلاثة أشهر عقب تشكيل مجلس النواب.
حكومة موازية ترتب في الظل، بينما تستهلك تعديلات هشام قنديل على حكومته مزيدا من الوقت، تتحمل فيها تبعات القرارات الاقتصادية وسياسات رفع أسعار استجابة لشروط صندوق النقد الدولي.