30-11-2024 04:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

أهالي اليرموك يراقبون معركة المخيم بحذر:بين التمسك بالبقاء او تكرارتغريبة الرحيل

أهالي اليرموك يراقبون معركة المخيم بحذر:بين التمسك بالبقاء او تكرارتغريبة الرحيل

في مخيم اليرموك، يختلط المشهد الفلسطيني بالسوري، ويتلوّن الحال بين معارك متقطعة وعائلات تعود لتبقى، وأخرى تعود لتلملم ما بقي من بيوتها ثم تشد الرحال مجدداً.

 

أهالي اليرموك يراقبون معركة المخيم بحذر: بين التمسك بالبقاء أو تكرار تغريبة الرحيل

 

طارق العبد

في مخيم اليرموك، يختلط المشهد الفلسطيني بالسوري، ويتلوّن الحال بين معارك متقطعة وعائلات تعود لتبقى، وأخرى تعود لتلملم ما بقي من بيوتها ثم تشد الرحال مجدداً.

من ناحية ثانية، يترسّخ الانقسام الفلسطيني بين الفصائل السياسية التي إما تقف إلى جانب الحراك الشعبي أو مع النظام، بينما تدين الفئة الثالثة بالولاء لأحد الطرفين ولو سراً.

وفي المحصلة، لا يمكن فصل المخيم عن جواره من أحياء دمشق الجنوبية التي باتت ساحة حرب يومية ومعارك كرّ وفرّ بين النظام ومسلحي المعارضة الذين يحشدون من جديد لاقتحام دمشق.

من حي الميدان الدمشقي العتيق إلى الزاهرة فالتضامن ثم المخيم يتبدل الوضع تدريجاً، من هدوء إلى ترقب فاستنفار ثم صمت... ربما يكون صمت استراحة المحاربين، أو صمت ما قبل العاصفة.

وعلى عكس المعتاد تبدو الحركة نشطة يوم الجمعة استثنائيا، فالأهالي ينشطون بحركة الذهاب والإياب خصوصاً في شارع الثلاثين وبوابة المخيم سيراً على الأقدام وفي السيارات بعد تفتيش دقيق من الحواجز الأمنية التابعة للنظام. بعضهم قرّر الاستقرار في المنطقة و«يلي بدو يصير يصير» وآخرون حسموا أمر النزوح من جديد.

«مكتوب على الفلسطيني إذاً أن يعيش تغريبة النزوح من الأجداد إلى الأحفاد»، يقول السائق الذي يتعهد بإيصالك إلى أي نقطة تشاء في المخيم. وفي الداخل، ستنسى للحظات أنك في سوريا، تظن نفسك في رام الله أو نابلس أو غزة.

في الأزقة والحارات الضيقة تختلط صور الزعماء الفلسطينيين وتحضر جميع الفصائل. الفتحاويون يرفعون صور أبي عمار والحمساويون يكتفون بصور الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، بينما تغيب صور خالد مشعل. كذلك تطل صور شهداء المقاومة في غزة إبان العدوان الأخير وصور نايف حواتمة والحكيم جورج حبش وأحمد سعدات وأيضا أحمد جبريل، مع العلم بأن الأخير تتركز صورته في منطقة تدعى الخالصة حيث يقع مقر الجبهة الشعبية - القيادة العامة، وحيث تعرض المقر لاستهداف من نيران «الجيش الحر».

في أحد الأزقة في شارع اللوبيا، يتجه المئات رجالاً ونساءً حاملين ما خفّ حمله وثبتت تدفئته. يشير أحمد، وهو ابن الرابعة والثلاثين عاماً، إلى أنه قرر وزوجته البقاء في المخيم لأن كل سبل النزوح قد سُدّت أمامهم. يضيف الرجل قائلاً «نزحت مع عائلتي لمخيم السبينة ثم جرمانا لكن الوضع كان مأسوياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لا يمكنني تقاسم رغيف الخبز مع أشخاص لا يجدون ما يسدون به رمقهم، لذلك غادرنا إلى مخيم خان الشيح على أطراف العاصمة من دون أن يكون الحال أفضل. حتى اللجوء إلى لبنان يبدو مستحيلاً، فلا أستطيع تأمين عمل هناك هذا إن وصلت بالفعل، فالحصول على تصاريح أمنية يبدو غاية في الصعوبة مع ضيق الحال المالية. كل هذا دفعني للعودة للمخيم مع أول نباً عن سريان الاتفاق الهش بوقف إطلاق النار.

لكن حال أحمد لا تشبه توتر عبد العزيز، الذي صُعق بمشهد الأشلاء المتناثرة في بيته في شارع فلسطين. يقول ابن عكا «لن أبقى دقيقة واحدة في المخيم، أعرف أن النزوح مصيبة لكنه أهون علي من مشاهد الدمار والموت التي رأيتها أثناء الاشتباكات اليومية ومجزرة مسجد عبد القادر الحسيني»، مضيفاً «بالأمس حاول صديقي إقناعي بالبقاء، لكن انفجاراً هز المنطقة في منتصف الليل جعلني أحسم قرار النزوح الممهور بالدم».

من جهته، بدا أسامة متماسكاً وهو يشرح حقيقة المعركة التي وقعت في المخيم بقوله «يمكن الدخول إلى المخيم من عدة أحياء دمشقية مجاورة أبرزها التضامن والحجر الأسود حيث تسيطر كتائب الجيش الحر، التي تعتبر المخيم نقطة مهمة للسيطرة بوجود فصائل الجبهة الشعبية القيادة العامة الموالية للنظام»، ويردف «هكذا دخل المقاتلون بسرعة للمخيم وتراجع عناصر الجبهة بسرعة وصولاً إلى قصف مقرهم وسيطرة الحر على جزء كبير من المخيم، من دون تدخل قوات الجيش والأمن السوري التي اكتفت بقصف الحجر الأسود، بينما تقدم المسلحون ليسيطروا تقريباً على كافة أرجاء المخيم باستثناء مقر البلدية في شارع فلسطين».

يُذكر أن اتفاق التهدئة الذي حصل أوقف دخول الجيش السوري وسمح بخروج المعارضة المسلحة ومعها عناصر الجبهة الشعبية القيادة العامة. وينفي الشاب أن يكون تراجع «الشعبية» قد اقترن بتقدم حماس والجهاد الإسلامي للواجهة.

يُذكر، في السياق، أن حركة «الجهاد الإسلامي» نفت أمس «الافتراءات» التي كانت أشارت إلى مشاركة عناصر من الحركة إلى جانب النظام أو «الجبهة» ضدّ المعارضين في معركة اليرموك.

من جهة أخرى، لا يسيطر فصيلة من دون الآخر في داخل المخيم على تنظيم أوجه الحياة، على حد تعبير أسامة الذي يستشهد بمسيرة «العودة» قبل أيام والتي اختفت منها كل رايات الفصائل، ورفع الجميع العلم الفلسطيني فقط، بينما عملوا على تشكيل فرق تطوعية لتنظيف المخيم ورفع آثار الدمار تمهيداً لعودة بقية الأهالي.

في المقابل، لا يبدي أحد من أهالي المخيم، الفلسطينيون منهم أو السوريون تفاؤلاً باستمرار تحييد المنطقة عن الصراع العسكري المستمر، فهي ليست المرة الأولى التي يتم الزجّ فيها بالمخيم ومن فيه في أتون المعارك المستمرة لاقتحام دمشق خاصة. والأحياء المجاورة، كالحجر وببيلا ويلدا والتضامن، ما زالت مسرحاً يومياً للاشتباكات، حيث تسري توقعات بدخول «الجيش الحر» من جديد وهو ما يحدث بالفعل على أطراف المخيم وبشكل يومي. ما يعني كذلك رداً من الجيش النظامي، لن يكون الأول، وقد سبقته محاولات عدة خاصة في الصيف انتهت بالاتفاق بين فصائل المقاومة على تحييد المخيم. كان ذلك قبل أن يسقط الأخير مع أول رصاصة أو قذيفة هاون سقطت قرب المنطقة التي تعيش حتى اليوم وضعاً إنسانيا صعباً، لكنه يبقى افضل من حال بقية المخيمات التي تحولت المدارس فيها إلى مقار لإيواء النازحين، وعجزت الفصائل ولجان الإغاثة عن دعمها ومساعدتها لا سيما مع ازدياد برودة الطقس والعواصف.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه