تفاجئ بعض المراقبين لدى صدور تقرير يفيد بأن المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط ما زالت ترزح تحت الديون الخارجية بمعدل أصبحت الرقم الثالث 98.85 مليار ريال بنهاية العام 2012.
تفاجئ بعض المراقبين لدى صدور تقرير يفيد بأن المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط ما زالت ترزح تحت الديون الخارجية بمعدل أصبحت الرقم الثالث 98.85 مليار ريال بنهاية العام 2012. رغم أن لغة التقرير حاولت أن تعتبر أن تحتل السعودية رقم الدولة الثالثة المدينة في العالم، بأن الدين العام تآكل وتقلص إلى تلك النسبة.
وقال تقريرٌ أعدّه معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود، إن السعودية ثالث أقل دول العالم في نسبة الدَّين العام للناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أنه يحرّر ذلك موارد مدخرة هائلة كانت توجّه لإراحة الدَّين العام وتخفيضه ويوجّهها لاستخدامات أخرى، يتوقع أن تصب لتمويل استثمارات القطاع الخاص، ثم تعمل على تراكم رأس المال اللازم لعملية النمو الاقتصادي المعزّز طويل المدى والمستدام في البلاد.
وأعاد التقرير الذي نشرته صحيفة الاقتصادية السعودية، التذكير بكلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز أمام العالم في القمة الأولى لدول مجموعة الـ 20، عندما وعد بإنفاق 400 مليار دولار على البنية التحتية للاقتصاد السعودي؛ ليقفز حجم الإنفاق على القطاعات الأساسية بأرقام ونسب غير مسبوقة.
وبيّن أن الميزانية التقديرية للدولة للعام المالي 2013 تجعل السعودية إحدى قاطرات النمو المهمة للاقتصاد العالمي، في وقت لا تزال فيه اقتصادات العالم المتطور تعاني تبعات أزمات اقتصادية عالمية متنوعة، مشيراً إلى أن السعودية لا تزال تلتزم بهدفها الطويل الأجل وهو تحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد مبني على المعرفة.
وأشار إلى أنه قياساً بمعدلات النمو بين عامي 2011 و2012، فقد بلغ معدل التضخم 4.5 في المائة، مشيراً إلى أن هذه المعدلات تبقى متدنيةً مجملاً وضمن النطاق المعروف لمعدلات التضخم المستهدفة في مختلف دول العالم، التي تنتهج سياسات السيطرة على التضخم، حيث تتوخى الدول معدلات تقع داخل نطاق 2 إلى 6 في المائة بغية الحفاظ على استقرار أسعارها ومن ثَم متغيراتها النقدية الأخرى كأسعار الصرف وغيرها.
ولفت التقرير إلى أن ما تم تخصيصه لقطاع النقل في موازنة 2013 للقطاعين المهيمنين على مخصصات الميزانية لسنوات ليست بالقليلة وهما قطاعا التعليم والصحة، وليبلغ ما تم تخصيصه لقطاع النقل والاتصالات بشكل عام 265 مليار ريال مرتفعا بنسبة 653 في المائة عن مخصصاته في 2012 التي بلغت 35.2 مليار ريال فقط، وأنه لا تزال موازنة عام 2013 في مسارها المحفز والممول بسخاء لأهداف الخطة الخمسية التاسعة (2010-2014) بتخصيصها ما نسبته 35 في المائة من إجمالي مصروفاتها على الإنفاق الاستثماري وبمبلغ يصل إلى 285 مليار ريال، وهو ما يعني أن الحكومة أنفقت ما يزيد على 1,4 تريليون ريال خلال السنوات القليلة الماضية وهو رقم مهول جدا في وقت تتراجع فيه أكبر اقتصادات العالم بفعل الأزمات الاقتصادية العالمية.
وقال التقرير، إن المؤشرات الإحصائية أفادت المرافقة لبيان الميزانية لعام 2012 عن قفزة أخرى في الأداء الاقتصادي للسعودية، حيث قدر الناتج المحلي الإجمالي بـ 2.73 تريليون ريال بالأسعار الجارية مقارنة بـ 2.24 تريليونا للعام الذي سبق ناميا بمعدل نمو اسمي بلغ 22 في المائة عن ذلك المحقق في العام السابق 2011 ومسجلا أعلى قيمة تاريخية له على الإطلاق.
ويوضح التقرير أن كلا من الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص قد حققا نموا بمعدلات تبلغ 11.2 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 10.6 في المائة والقطاع الخاص 11.5 في المائة بالأسعار الجارية، كما تم تنقيح معدل النمو الحقيقي لعام 2012 ليصبح 8.5 في المائة بدلا عن 7 في المائة.
ويتوقع أن يشهد النمو الحقيقي معدلا تبلغ قيمته 6.8 في المائة هذا العام، حيث يتوقع أن يشهد القطاع البترولي نموا بنسبة 5.5 في المائة، في حين يبلغ معدل نمو الناتج المحلي للقطاع غير البترولي 7.2 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 6.2 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 7.5 في المائة، حيث يتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 58 في المائة.
كما حققت جميع الأنشطة الاقتصادية غير النفطية نموا إيجابيا بالأسعار الحقيقية، وذلك على النحو التالي: الصناعات التحويلية غير البترولية (8.3 في المائة)، والنقل والاتصالات (10.7 في المائة)، التشييد والبناء (10.3 في المائة)، الكهرباء والغاز والمياه (7.3 في المائة)، تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق (8.3 في المائة)، وفي خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال (4.4 في المائة).
وذكر التقرير أن ميزانية عام 2012 حققت فائضا ضخما غير متوقع بلغ حجمه 386.5 مليار ريـال وهو الفائض التاسع في ميزانيات المملكة الفعلية منذ عام 1983، والثالث على التوالي منذ عام 2010، وشكل فائض عام 2012 ثاني أعلى فائض فعلي على الإطلاق.
وتعزى الفوائض المتزايدة المحققة في الميزانيات الفعلية وفقا للتقرير، إلى استمرار تحسن إيرادات النفط، بسبب انتعاش الاقتصاد العالمي بعد الأزمة وبوادر حلول مشكلات الديون، ومن ثم تواصل الطلب العالمي استقرار الأسعار على مستويات مرتفعة نسبيا لفترات طويلة خلال العام، وكذلك إلى حجم الإنتاج النفطي السعودي المخصص لاستيفاء الطلب المتزايد على النفط عالميا.
ويبقى من غير المرجح أن تتراجع أسعار النفط بحدة لمستويات متدنية في ظل استمرار انتعاش الطلب العالمي على الطاقة، خاصة من قبل الصين والهند والدول الصاعدة حديثا والمشكلات المستجدة على جانب العرض.