رفعت التطورات الأخيرة في سورية، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد العسكري، من مستوى التوقعات حول مستقبل الأوضاع في المنطقة
كتب: الدكتور إبراهيم الموسوي
ترجمة: زينب عبدالله
لقد رفعت التطورات الأخيرة في سورية، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد العسكري، من مستوى التوقعات حول مستقبل الأوضاع في المنطقة. فقد ركّزت وسائل الإعلام المدعومة غربياً حملتها لتضليل الرأي العام عن دقة الأحداث الجارية على أرض المعركة، وكأنها تعود لتكرّر السيناريو القديم الذي عمدت من خلاله إلى وضع تواريخ محددة لما تسمّيه "سقوط النظام".
أما الصدمة الأولى التي تلقّاها خصوم الرئيس السوري بشار الأسد فتمثّلت بنتائج محادثات مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا الأخضر الإبراهيمي الأخيرة مع الأسد، علماً أن الأسد قد أعرب عن نيته في إعادة فتح الحوار والنقاش على الدستور وموادّه، وتشكيل حكومة موسّعة جديدة، إلا أنه رفض وبشكل قطعيّ المناقشة على ولايته الرئاسية، أو التنحي، أو القبول بأي شروط يُمليها عليه أيّ حزب وتتعلّق بهيكلية الجيش وأجهزة الإستخبارات.
وقد تردّدت أصداء مواقف الأسد مجدّداً في موسكو عقب اللقاء الذي جرى بين وزير الخارجية الروسية "سيرغي لافروف" والإبراهيمي في نهاية الأسبوع. وقد كان لافروف كثير الشفافية والصراحة في ترجمة موقف الأسد. فقد دعا المعارضة السورية العسكرية إلى التخلّي عن مطامحها بإسقاط الرئيس الأسد، أو بإلحاق هزيمة كبرى بالحكومة السورية وقواتها العسكرية. وإضافة إلى ذلك، فقد دعا قادة المعارضة إلى القبول بالجلوس إلى طاولة تفاوض والبدء بمحادثات جادة من دون محاولة وضع أي شروط ستؤدي حتماً إلى تخريب الجهود المبذولة للتوصّل إلى حلّ سياسي.
ومن جهتها كرّرت موسكو المواقف نفسها التي أعلنتها منذ بداية الأزمة، وتتمثل هذه المواقف بالتالي:
- ترفض روسيا وبقوّة أي عمل أو تدخّل عسكريّ في الأزمة السورية من قبل القوى الغربية.
- ترفض روسيا جميع الدعوات والمحاولات لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضدّ الحكومة السورية، وتشدّد على جهوزيتها لاستخدام قوة الفيتو بوجه هذا القرار.
- تعتبر روسيا أن تفاهم جنيف مع الأميركيين هو نقطة البداية التي يرتكز عليها أيّ حلّ مستقبليّ في سوريا. فهذا التفاهم لا يتضمّن أيّ بند حول مدّة ولاية الرئيس خلافاً لما تناقله بعض المصادر الغربية والسورية المعارضة.
- وفي الوقت نفسه استطاعت قوات الحكومة السورية أن تنجز خروقات عسكرية جديدة على الأرض. وقد ألحقوا بالمجموعات المسلّحة خسائر فادحة في محافظات سوريّة عدّة خصوصاً في حمص وفي مناطق مجاورة للعاصمة دمشق.
ولا تشير هذه التقديرات إلى أي إمكانية لأن تحرز المعارضة العسكرية إلى مكسب استراتيجي ضدّ القوات الحكومية. إلا أنها ستضع هذه المواجهات كلها في خانة حرب الترقّب التي لا تمنح أيّاً من الطرفين الإمكانية الحاسمة لتحقيق نصر بسهولة. أما الآن، فلدى كلّ الأطراف المعنية تاريخ جديد لتترقبّه، وهو منتصف الشهر الجاري، وانتظار ما قد تفضي إليه المحادثات الأميركية الروسية الجديدة المزمع إجراؤها في جنيف.
ويتوقع المحللون والمراقبون نتائج ملموسة ذلك أن المجموعات المسلحة قد تصل إلى خلاصة مفادها أن حربها لن تأخذها إلى أي مكان، أما القيادة السياسية فتظهر المزيد من المرونة للمساعدة في إيجاد حلّ سياسيّ.