30-11-2024 02:50 AM بتوقيت القدس المحتلة

وأخيرا عدنا الى كرتيا أرض فلسطين التاريخية

وأخيرا عدنا الى كرتيا أرض فلسطين التاريخية

وقفنا على أرضها وتنسمنا عطر هوائها وتنعمت أنظارنا بطبيعتها الخلابة , انها أرض فلسطين الغالية , الارض التي اغتصبت وهاجر أصحابها منها قسرا


اسامه مبارك

وقفنا على أرضها وتنسمنا عطر هوائها وتنعمت أنظارنا بطبيعتها الخلابة ، انها أرض فلسطين الغالية ، الارض التي اغتصبت وهاجر أصحابها منها قسرا ، هذه الأرض الطيبة التي ارتوت بعرق من حرثها وزرعها من أجدادنا ، فأنبتت سنابل خضراء تتموج يمينا تارة ويسارا تارة اخرى .

انها قريتنا انها بلدنا انها أرضنا انها زرعنا  انها فلسطيننا، على أرضها سنحيى وفي ارضها سنموت بإذن الله.

قرية كرتيا ، تقع في رقعة مستوية من الأرض في المنطقة الساحلية بفلسطين التاريخية ، كان يجتاز طرفي القرية الجنوبي والغربي ( وادي المفرد ) الذي ينحدر من الفالوجة شرقا.

وقفت على أرضها شامخ رافع الرأس عاليا وقولت لها ها نحن عدنا يا غالية، كانت قدماي تتبختر على منطقة  مرتفعة تسمى ( سطح القلعة ) والتي رويت عنها حكايات .

كانت وقفتنا يختلط بها القلق والشجون والحيرة والفرح معا ، نظرت على امتداد بصري الذي كان ينهم الطرق والبساتين وبقايا مقبرة قديمة غطتها الحشائش العطشى بين شجر ( الكينا ) ، كان بجانبي بعض الأقارب و اكبرهم يدعى ( ابو الفهد)

وأنا أجول ببصري لاحظت أهل القرية المقابلة لنا ، يزرعون الخيام ، تعجبت من ذلك وسألت كبيرنا ( ابو الفهد ) ، ماذا يفعلون لماذا يزعون الخيام ، فكانت الاجابة ، هذه خيام العودة يا ابن العم.

فعندما اغتصبت فلسطين وهاجر أجدادنا  قسرا حملوا خيامهم وتنقلوا بها من مهجر الى مهجر ، اما اليوم فنحن نزرع هذه الخيمة في أرضنا في سهلنا وجبلنا ، ولن يقتلعوها مرة اخرى .


اذن فلنتعرف على هذه القرية الوادعة * كرتيا *

كرتيا قرية عربية فلسطينية ، كانت تتبع قضاء غزة قبل سنة ( 1948م ) و تقع شمال  شرق غزة  و تبعد عنها حوالي    ( 29 ) كيلومتر ، وهي على بعد كيلو متر واحد شمال غرب الفالوجة، ترتفع ( 100 ) متر عن سطح البحر ، تحيط بأراضيها قرى *حتا *الفالوجة من الشرق ، عراق سويدان وبيت عفا من الغرب ، السوافير الشرقية من الشمال.

كان في القرية مسجد ومدرسة ابتدائية ،اقيمت سنة ( 1922م) وكان فيها ( 128) تلميذ ، كانت اغلب الزراعة بعلية .

تملك القرية من الأراضي (13،346) اراضي زراعية ، ولم يسرب منها أي شبر لأحد غريب ، يوجد بها أرض مشاع (363 ) دونم ، المجموع ( 13،709 ) دونم .

التعداد السكاني للقرية و في عام ( 1948 ) *** 589 *** نسمة ، وتعداد اللاجئين متها عام ( 1998 ) ***9،759 *** نسمة ، عدد البيوت عام ( 1948 ) *** 390 *** بيت .

العائلات التي سكنت قرية كرتيا : العائلات الكبيرة : الخالدي ، مغاري ، ابو ناجي ، السالمي ، الحلو .

العائلات من أصول مصرية : الشاعر ، ابو سعدة ، الدريني ، أبو لمضي ، بدر ، جبران ، أبو عيشة .

العائلات الوافدة من القرى والمناطق القريبة وسكنوا القرية اواخر الحكم العثماني واثناء الأنتداب البريطاني  وكانت أعدادها قليلة جدا: شعفوط ،سلامة ، ابوخريس ، حمد ، أبوسل ، مكازي ، التلاوي ، غريب ، أبو الدبر ، أبو محفوظ ، الأطرش ، أبو حان ، الحميدي ، سمور ، الرفاتي ، ابو عبيد ، درويش ، غبن .

اغتصاب القرية : كانت قرية كرتيا تعيش بهدوء ووداعة ، الا أن القدر أراد لها غير ذلك ، بدخول الصهاينة حولوا هدوء القرية الى صرخات وفزع وعويل ، فكانت الانفجارات والرشاشات وأزيز الطائرات وبكاء وصرخات ونداءات ودماء وجرحى وشهداء وحرائق ودخان .

دخل لواء ( كفعاتي ) الصهيوني ارض القرية ونفذ بها عمليتين على الجبهة الجنوبية في المنطقة المحيطة بالقرية ، خلال الأيام العشرة بين هدنتين الحرب .

في يوم ( 17- 18 /تموز – يوليو /1948 م ) قبل أن تدخل الهدنة الثانية حيز التنفيذ ، وكان اقتحام القرية  رغم دفاع اهلها المستميت الا انهم احتلوها، وقد نشب فيما بعد قتال ضار مع القوات المصرية التي وصلت الى مشارف القرية بدبابتين ، وكانت على وشك اختراق الدفاعات الصهيونية من الجنوب ، ولكن العدو كان لدية وحدة مزودة بأسلحة مضادة للدروع  ( غيرت سير المعركة كما جاء في رواية الهاغانا ، كانت تحتمي وراء سياج من الصبار ، أصابت احدى الدبابات اصابة مباشرة ، فأوقفت بذلك التقدم المصري .

 في الساعة السابعة مساء اليوم ذاته ، دخلت الهدنة الثانية حيز التنفيذ ، ( وكان العرب بالأمس واليوم عند كلمتهم حتى مع عدوهم  ) أما الأعداء فكانوا ولا زالوا ينكثون العهود !! .

فكان الاحتلال والإحلال والاغتصاب لهذه القرية الوادعة مع باقي قرى ومدن فلسطين ، التي لازالت قابعة في مكانها ، كالعروس التي تنتظر الفارس .


المغتصبات الصهيونية على ارضي القرية .
ثمة ثلاث مستعمرات صهيونية هي ( كومميوت  التي أسست سنة ( 1956 ) و  رفحا  التي أقيمت سنة ( 1953 ) و نهورا التي أقيمت سنة ( 1956 ) على جزء من أراضي القرية وعلى جزء اخر من أراضي الفالوجة ) .

تسمية القرية : يقال بأن سبب التسمية كرتيا  بهذا الاسم ، هو نسبة الى ابنة الملكة * هيلانة *  التي كان اسمها * كرته * ، فقد كانت الملكة * هيلانه* في بيت جبرين وكانت كرتيا  تابعة لها ، فأرادت الملكة * هيلانه * والدة الإمبراطور الروماني * قسطنطين  الكبير * أن تبني لابنتها قصرا في أعلى مكان في القرية ، يدعى * سطح القلعة * و ومع مرور الزمن حرفت الكلمة من كرته الى كرتيا .

ولكن على الأرجح هي كلمة يونانية بمعنى * القوة والحكم * وقد ذكرها * ياقوت الحموي * في كتابه * معجم البلدان * باسم  * قرتيا * ، وقد أقام الصليبيون في أرضها قلعة * غيلاتي * ، وقد فتحها صلاح الدين الأيوبي ، وفي سنة ( 699 ) هجري نزل كرتيا السلطان * محمد قلاوون * في طريقه لمحاربة المغول .

اذن هذه القرية الجميلة الوادعة ، التي لم ولن تمحى من الذاكرة الا بعودتنا الحقيقية لها .

ما دفعني للكتابة عن هذه  الحبيبة ، ما حدث معي قبل عدة أيام  ، بعد صلاة الفجر ، توسدت السرير ، ويبدوا أنني ذهبت الى عالم اخر لا أدري هل هو رؤية  أو حلم ؟

المهم أنني عشت لحظات فرحة جميلة على أرض بلادنا ، أرض قريتنا ، أرض اجدادنا وابائنا ، كان شعور العودة لا يوصف ، ومعي بعض اقاربي ، تذوقت طعم العودة الى أرض الآباء والأجداد.

فما كانت الا خيوط الشمس وزقزقة العصافير ، تدق على شباكي الزجاجي، لأصحوا من نومي وأنا فرح أشعر ببهجة داخلية لا توصف .

فهل يا ترى ما رأيته في الحلم هو نسخة لما سيتحقق على أرض الواقع وأراه بعيني وأشعر به أتلمس دفء المكان . الله أعلم.

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه