29-11-2024 07:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

الاتفاق الذي أنقذ أميركا من "الهاوية المالية" يبطىء نمو اقتصادها

الاتفاق الذي أنقذ أميركا من

سمح الاتفاق الذي اقره الكونغرس الاميركي في اللحظة الاخيرة مساء الثلاثاء للاقتصاد الاميركي بتجنب الوقوع في ’الهاوية المالية’ لكنه قد يسهم في ابطاء النمو

تعد ازدياد حجم البطالة من المشاكل الأكبر التي تواجه أميركاسمح الاتفاق الذي اقره الكونغرس الاميركي في اللحظة الاخيرة مساء الثلاثاء للاقتصاد الاميركي بتجنب الوقوع في 'الهاوية المالية' لكنه قد يسهم في ابطاء النمو. ووفقا لرأي العديد من الاقتصاديين فان هذا الاتفاق، الذي سيترجم بزيادة معدل الضريبة على الاسر الاكثر ثراء وزيادة قيمة الاشتراكات عن التقديمات الاجتماعية المحسومة من الرواتب، سيقلص بقوة نزعة الاميركيين الى الاستهلاك في 2013.


علاوة على ذلك فان تبني خطة خفض النفقات العامة ارجىء الى وقت لاحق. كما انه ستكون للغموض الذي ينجم من ذلك ومن تطبيق هذه الخطة في وقت لاحق، تاثيرات سلبية على معدلات النمو. والاتفاق الذي تمت الموافقة عليه ليل الثلاثاء/الاربعاء 'يخفف من عبء الموازنة المرتبطة بالاقتصاد لكنه لا يلغيه'، بحسب ما قالت وكالة التصنيف الائتماني موديز انفستورز سيرفيس. ولو لم يتم التوصل الى اتفاق لكانت الضرائب ستزداد بقوة بالنسبة لكل الاسر ولكانت تخفيضات كبيرة جدا في نفقات الدولة ستدخل حيز التطبيق.
وبحسب غالبية التقديرات، فان اجمالي الناتج الداخلي في الولايات المتحدة سيرتفع بوتيرة اقل في 2013 مما كان عليه في 2012، وسيبقى نمو العمالة بالتالي ضعيفا.


وهكذا، فقد اشارت ارقام وزارة العمل التي نشرت الخميس في واشنطن الى ان اعداد الوافدين الجدد الى البطالة في الولايات المتحدة سجلت في الايام الاخيرة من العام المنصرم قفزة كبيرة. من جهته توقع مكتب آي.اتش.اس.غلوبال انسايت الاستشاري ان يسجل اجمالي الناتج الداخلي 'نموا بنحو 1.7 بالمئة' في العام 2013 بعد حوالى 2 بالمئة في 2012، كما اعلن احد خبرائه الاقتصاديين غريغوري داكو.
واعتبر داكو ان هذا النمو ضعيف وادنى بكثير من قدرة الاقتصاد الوطني الاميركي، لكن ذلك يبقى برأيه افضل مما كان يمكن ان يحصل في غياب اتفاق: في تلك الحالة 'كنا عدنا للوقوع في الانكماش'.


ومن وجهة نظر اقتصادية فان التأثير الاكبر للاتفاق ينجم من عودة قيمة الاشتراكات الاجتماعية المحسومة من الرواتب لتمويل معاشات التقاعد، الى مستواها الطبيعي (6.2 بالمئة). وهذه الاشتراكات كانت خفضت الى 4.2 بالمئة في 2011 و2012 بهدف تحريك النشاط الاقتصادي. ورأى داكو ان ذلك سيقلص الاستهلاك بواقع 113 مليار دولار. وقال لوكالة فرانس برس 'هذا هو الاجراء الذي سيطال العدد الاكبر من الناس'، معتبرا ان ذلك سيؤدي الى خسارة معدل النمو الاقتصادي في البلاد 0.4 نقطة مئوية في 2013.
وعلى سبيل المقارنة، فان زيادة معدل الضريبة على الاميركيين الذين يفوق دخلهم السنوي 400 الف دولار، من 35 بالمئة الى 39.6 بالمئة، لن يكون لها برأيه سوى تأثير ضعيف. وقال ايضا 'الدولار بالنسبة اليهم ليس هو الدولار نفسه بالنسبة لشخص يكسب 50 الف دولار' في السنة.


من جهته رحب صندوق النقد الدولي بالاتفاق ولكنه اعتره غير كاف. وقال المتحدث باسم الصندوق غيري رايس في بيان 'اننا نرحب بالاجراءات التي اتخذها الكونغرس الاميركي للحؤول دون زيادات الضرائب وتخفيضات النفقات العامة القاسية'.
لكنه اضاف ان 'عدم تحرك الكونغرس كان سيطيح بالتحسن الاقتصادي' في البلاد. وتابع 'لكن لا يزال الامر يتطلب المزيد لاعادة وضع المالية العامة الاميركية على مسار مستدام من دون الاساءة الى التحسن الاقتصادي الهش'. وقال المتحدث 'ينبغي خصوصا تبني خطة متكاملة باسرع وقت تسمح في الوقت نفسه بضمان زيادة موارد الدولة والتحكم بزيادة نفقات الضمان الاجتماعي على المدى المتوسط'.


ورأى رايس اخيرا انه من 'الاساسي' ايضا ان ترفع الولايات المتحدة 'بسرعة' السقف الاعلى المسموح به قانونا لمديونيتها العامة الذي تم بلوغه الاثنين، وان يعمل البرلمانيون على ازالة 'المخاوف التي لا تزال قائمة' و'المتعلقة بتطور موازنة الدولة الفدرالية على المدى القصير'. وفي حين دعا صندوق النقد الدولي الى الاسراع في تبني 'خطة متكاملة' لايجاد حلول جذرية لمشاكل المالية العامة للدولة الفدرالية، اعتبر مارك زاندي الخبير الاقتصادي في شركة موديز اناليتيكس ان زيادات الضرائب وتخفيضات النفقات العامة التي ستتقرر ستؤدي الى ابطاء عملية ايجاد فرص عمل جديدة والى ابطاء الاقتصاد مقارنة بما كان يمكن ان يحدث في ظل ابقاء معدلات الضريبة والنفقات عند مستوياتها في 2012.


وقال ان 'النتيجة هي ان الاقتصاد الاميركي لن يتحسن سوى بنسبة تفوق 2 بالمئة بقليل في 2013، بما يعادل نسبته في 2012 تقريبا'.
اما زميله غريغوري مايكل، من مؤسسة بي.ام.او كابيتال ماركتس، فرأى ان النمو سيتقلص بواقع 1.4 بالمئة مقارنة بما كان يمكن ان يكون عليه، وذلك جزئيا بسبب زيادة قيمة الاشتراكات في التقديمات الاجتماعية الملقاة على عاتق الموظفين.
وطالبت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني الولايات المتحدة بتبني مزيد من الإجراءات التي من شأنها خفض العجز الضخم في الموزانة العامة للبلاد.


ورأى خبراء موديز أنه رغم توصل الحزبين لاتفاق بشأن اعتماد ضرائب بشكل معتدل يعد خطوة أخرى من قبل الحكومة لكبح العجز في الموازنة، إلا أن الوكالة أكدت أنها لا تزال تنتظر المزيد من الإجراءات لخفض هذا العجز الهائل.
وجاء في بيان الوكالة الذي نشرته مساء الأربعاء بالتوقيت الأمريكي والذي يتضمن تقديراتها للوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة أنه لن يصبح من الممكن رفع التصنيف السلبي المستقبلي إلى درجة 'مستقر' إلا إذا اتخذت الولايات المتحدة مزيدا من الخطوات في سبيل خفض العجز في الموازنة.


وتدرج موديز الولايات المتحدة ائتمانيا في الوقت الحالي تحت أفضل تصنيف ائتماني وهو 'ايه ايه ايه' ولكن من الممكن خفض المصداقية الائتمانية للبلاد من خلال هذا التصنيف السلبي المستقبلي. وهددت وكالة موديز الولايات المتحدة بأنه إذا لم تبذل واشنطن مزيدا من الجهود لخفض العجز في موازنتها 'فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على التقييم الائتماني لها' وأنها إذا أرادت الولايات المتحدة الاحتفاظ بهذا التصنيف الأمثل، فعليها أن تظهر توجها ملموسا نحو خفض ديونها.


وتمنح وكالة فيتش الائتمانية إلى جانب موديز الولايات المتحدة أفضل تصنيف ائتماني، أما وكالة ستاندرد اند بورز فقد سحبت البلاد من هذا التصنيف. وبشكل أعم، فان الاقتصاديين يتفقون على القول ان اجواء الغموض المحيطة بتطور السياسة المالية والضريبية للبلد ما زالت تثير قلق الشركات على الرغم من الاتفاق. وبالتالي فان هذه الشركات ستتجاهل مشاريعها الخاصة بالتعاقد مع موظفين جدد وتلك المتعلقة بالاستثمارات كما فعلت في 2012. ورأى داكو ان 'الشركات لا تزال حتى الان تفتقد الثقة الكبيرة'.