وورد في الكتاب "لم يكن مغنية يأخذ أحداً من حراسه الشخصيين أو سائقيه عندما يتوجه الى المنزل، وكان التعرف اليه صعباً للغاية، حيث كان يتخفى دائماً ولا تظهر له صور حديثة أو ظهور علني ما.."
كشف كتاب تحت عنوان "العمليات الكبرى لجهاز الموساد الإسرائيلي" وصدر عن دار النشر الأميركية "هاربر كولينز" للمؤلفين مايكل بارزوهار ونيسيم مشعل، عددا من العمليات التي نفذها "الموساد" في الدول العربية. وتحدث الكاتبان عن عملية اغتيال القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، حينما "كان متوجها إلى إحدى الشقق السكنية الفخمة في حي كفرسوسة وسط دمشق، والمقدمة له من رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد"، حسب ادعاء الكتاب.
وبحسب الكاتبان، كانت بانتظاره في الشقة امرأة كان قد تزوجها مغنية سراً تدعى نهاد حيدر في الثلاثينات من عمرها. كانت نهاد تعلم بمجيئه دائماً قبل وصوله إما من بيروت أو من طهران، ولم يكن مغنية يأخذ أحداً من حراسه الشخصيين أو سائقيه عندما يتوجه الى المنزل، وكان التعرف اليه صعباً للغاية، حيث كان يتخفى دائماً ولا تظهر له صور حديثة أو ظهور علني ما، خاصة أنه كان قد أجرى عملية جراحية لوجهه، بالتالي صعب الأمر على المخابرات الغربية والاسرائيلية للتعرف عليه، ولكن قبل توجهه الى دمشق قام أحد عملاء الموساد بتصوير مغنية عبر هاتفه النقال، وأرسل الصور على الفور الى تل أبيب للتأكد من هويته، وكان فريق عملية التنفيذ في دمشق بانتظار الاشارة كي ينفذوا العملية، وعند خروج مغنية من عند زوجته، ركب سيارة "ميتسوبيشي باجيرو" فضية من النوع الرياضي متعددة الاستخدامات، حيث كان مقرراً أن يلتقي بممثلين عن الاستخبارات السورية والايرانية.
وتحدث الكاتبان عن لائحة من الأعمال المنسوبة الى مغنية، التي جعلته الرجل الأكثر طلباً للمخابرات الأميركية قبل أحداث 11 ايلول، وكذلك للمخابرات الاسرائيلية. وكان مغنية بالنسبة للاسرائيليين والأميركيين "ارهابياً كبيراً"، ورغم ذلك لم يستطع أحد أن يقتفي أثره، حيث كان شبحاً، يضيع أثره بعد كل عملية، وهو بدوره كان يتجنب المصورين والحوارات التلفزيونية، وقد كانت الاستخبارات الغربية على اطلاع دائم بنشاطاته، الا أنها بقيت جاهلة بظهوره العلني، وعاداته، ومخابئه.
الشيء الوحيد الذي كان معلوماً بالنسبة اليهم هو أنه ولد عام 1962 في قرية بجنوب لبنان، كان في مراهقته قد انتقل الى حي فقير في بيروت أغلب ساكنيه من الفلسطينيين، ومن أنصار منظمة "التحرير الفلسطينية". كان مغنية قد ترك المدرسة والتحق بحركة "فتح"، ثم أصبح أحد عناصر الحرس الشخصي لأبو اياد نائب عرفات، وأصبح أحد أفراد "القوة 17" وهي وحدة الأمن الخاصة لحركة "فتح"، تشكلت في منتصف السبعينات، وترأسها علي حسن سلامة الملقب بالأمير الأحمر. وعندما شنت اسرائيل الحرب على لبنان في الثمانينات، تم نفي من بقي حياً أو غير معتقل من منظمة التحرير الى تونس، الا أن مغنية فضل البقاء والانضمام الى صفوف "حزب الله".
وبحسب الكتاب، أنه عندما علم الموساد بأن مغنية سيكون في دمشق، بدأ بنشاط هائل المستوى للحصول على التفاصيل من كل مصادرها، بما فيها المخابرات الأجنبية، وطرحت أسئلة مثل: هل سيأتي مغنية حقاً إلى دمشق؟ وإذا ما كان سيأتي فعلاً، ما الهوية التي سيختارها؟ في أي سيارة سيأتي؟ أين سيقيم؟ من سيرافقه؟ أي وقت سيصل إلى الاجتماع المرتقب للقاء المسؤولين السوريين والإيرانيين؟ هل السلطات السورية ستكون على علم بوصوله؟ هل "حزب الله" يعلم برحلته المخططة؟.
في الليلة التي سبقت العملية، سافر عملاء الموساد الثلاثة إلى دمشق من عدة مدن مختلفة: أحدهم جاء من باريس، والثاني من ميلانو، والثالث من عمان، وكان الثلاثة يحملون جوازات سفر مزورة تشير إلى أنهم رجال أعمال ووكلاء سياحة. وهناك التقوا مع بعض عملاء الموساد من دمشق، حيث أخذوهم إلى كاراج مخفي، ووضعوا المتفجرات في سيارة أجرة. وكانت في انتظار مغنية فرقة من العملاء مهمتهم إخبار الرجال الثلاثة بخروجه من شقة زوجته السرية. وكان الرجال الثلاثة قد وصلوا إلى المطار بعد تجهيز السيارة التي من المقرر أن يتم تفجيرها من مسافة بعيدة عبر وسائل إلكترونية بعد أن أوقفوها في المكان الذي من المفترض أن يوقف مغنية فيه سيارته، وفعلاً تم تفجير السيارة عند خروجه بتاريخ 12 شباط 2008.
واشار الكاتبان إلى أن "المخابرات السورية بالتعاون مع نظيرتها اللبنانية قد ألقت القبض على العميل الذي كان يعمل لمصلحة الموساد لمدة عشرين سنة براتب سبعة آلاف دولار، وقد كان في الخمسينات من عمره، كان يزور سوريا بين الفترة والأخرى في مهمات للموساد، وقد تبين أنه كان يحمل أدوات تصوير دقيقة، كان يستخدمها لملاحقة مغنية وجمع معلومات عنه".