30-11-2024 03:49 AM بتوقيت القدس المحتلة

التيار الحر يفوز بموافقة حلفائه.. والقوات والكتائب محرجان

التيار الحر يفوز بموافقة حلفائه.. والقوات والكتائب محرجان

«الأرثوذكسي» سيد القوانين في «الفرعية».. و«المستقبل» و«الاشتراكي» يواجهانه

«الأرثوذكسي» سيد القوانين في «الفرعية».. و«المستقبل» و«الاشتراكي» يواجهانه
 
ايلي الفرزلي

تربّع مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» الانتخابي على عرش المشاريع والاقتراحات التي طرحت على طاولة اللجنة الفرعية للانتخابات، أمس. حتى أن اللجنة لم تتردد في كسر العرف والبدء بمناقشته كمشروع أول، برغم اعتراض أكثر من نائب، انطلاقاً من ضرورة إعطاء الأولوية للمشروع المرسل من الحكومة لكونها تشكلت بالمعنى القانوني على أساسه.

من دون مقدمات صار مشروع الحكومة، المبني على النسبية مع 13 دائرة، خارج النقاش النيابي، أو بشكل أدق، في ذيل الأولويات، بعدما تخلى عنه أهل الأكثرية الحكومية، وتحديداً «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«أمل». قبلهم كان الرئيس نجيب ميقاتي قد فعل الأمر نفسه، فيما بقي رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحيداً في تأييده.

أما «الكتائب» و«القوات» اللذان كانا قد رميا الكرة في الملعب الأكثري، آملين أن يرفض «الارثوذكسي» من قبل حلفاء «العونيين»، فقد فوجئا بموقف إيجابي قلب كل التوقعات وأظهر «المستقبل» و«الاشتراكي» وحيدين في خانة رافضي الإجماع المسيحي. وهي إشكالية تواجه الطرفين المسيحيين اللذين يفترض بهما أن يسوّيا موقفهما مع حليفهما «الأزرق» الذي ما يزال ملتزماً، للمفارقة بتأييد الاقتراح الذي تقدّما هما به (الخمسون دائرة).

«الإجماع المسيحي».. من يحدده؟

قبل ذلك، حاول النائب أحمد فتفت أن يقول، في الجلسة الأولى، إن هذا الإجماع على «الأرثوذكسي» لم يتحقق أصلاً، مشيراً إلى أن زميله المسيحي في اللجنة النائب سيرج طورسركيسيان يرفض المشروع، وكذلك النائب بطرس حرب وغيرهما من النواب المسيحيين المستقلين. وهو ما جعل النائب علي بزي يطرح عدداً من الأسئلة في هذا السياق، رأى فيها أعضاء اللجنة في «14 آذار» رفضاً للقانون «الأرثوذكسي» من قبل «كتلة التنمية والتحرير». بالنسبة لـ«حزب الله» كان الأمر واضحاً. وهو بالفعل كرر ما سبق وقاله مراراً بأنه يسير خلف «التيار» في موضوع قانون الانتخاب، معلناً صراحة تأييده للمشروع.
الفترة الفاصلة بين الجلستين الصباحية والمسائية كانت كافية لإعلان «أمل» دعمها للمشروع رسمياً، حيث تردّد أن اتصالات أجريت بين «التيار» والرئيس نبيه بري بواسطة «حزب الله» حسمت الدعم الأكثري لمشروع «الارثوذكسي». أما بالنسبة للإجماع المسيحي، فسلم معظم الحاضرين بأن تمثيله يتحقق، بشكل واسع، تحت سقف الصرح البطريركي أي من خلال البطريرك الماروني بشارة الراعي ولجنة بكركي الرباعية.

«التيار» و«المستقبل»: لا توافق

عند هذه المرحلة قرر «التيار الحر» رمي كل أوراقه خلف الاقتراح المقدم من نوابه، معلناً صراحة أنه مشروعه الوحيد. لم يبال في اتهامه بالتراجع عن توقيعه على مشروع الحكومة، فأعلن النائب ابراهيم كنعان لـ«السفير» رفض «التكتل» النقاش في أي قانون آخر.
انطلاقاً من هذا الموقف المستجد لـ«التيار»، خلطت الأوراق كلها. لم يعد البحث عن قانون توافقي ممكناً، فوقف «تيار المستقبل» و«التيار الحر» على طرفي نقيض. أصرّ كل منهما على موقفه، بعكس حلفائهما، الذين يفضلون البحث في مخارج أخرى، في الأساس، ولم تكن موافقتهم على «الارثوذكسي» إلا نتيجة عوامل عدة، حكماً ليس الاقتناع به من بينها.
وبعدما كان رفض «المستقبل» للمشروع يهدّد بإسقاطه حتى لو حاز، عددياً، على أكثرية أصوات النواب، انطلاقاً من تأكيد الجميع على ضرورة إقرار قانون انتخابي توافقي، أسقط «التيار الحر» هذه المعادلة. وأكد أن هذا التوافق لن يكون ممكناً بعد الآن، لأنه حكماً لن يكون جزءاً من أي اتفاق على قانون غير قانون «الأرثوذكسي».

انطلاقاً من ذلك، ومع افتراض صمود «الأرثوذكسي»، فإنه وحده سيكون القادر على الحصول على أغلبية أصوات النواب في الهيئة العامة. وفي ظل دعوة رئيس «القوات» سمير جعجع، لعقد جلسة نيابية عامة لبتّ مسألة قانون الانتخاب، فإن أي مطالبة من قبل «التيار»، على سبيل المثال، بالتصويت على المشروع قد تجعله قانوناً نافذاً، إلا إذا انقلب كل من «القوات» و«الكتائب» عليه، إرضاءً لـ«المستقبل».

قد يكون من المبكر الحديث عن سيناريو مفترض للجلسة العامة، ولكن سرعة الاتفاق على «الأرثوذكسي» في اللجنة الفرعية، في جلستها المسائية أمس، جعل منه الخيار الأكثر ترجيحاً.

لم يكن الدستور عائقاً أمام من أراد الاستشهاد به لدعم وجهة نظره، فكان المشروع بالنسبة لـ«المستقبل» مخالفاً له ويمكن بالتالي الطعن به (يتقاطع مع موقف رئيس الجمهورية)، فيما كان بالنسبة لـ«التيار» تطبيقاً للدستور نفسه.
المفارقة، التي ظهرت أمس، إن في اللجنة أو في مواقف العماد ميشال عون ونواب «التيار» لا مبالاتهم باتهامهم بالطائفية. كانوا مباشرين في إشارتهم إلى أنه في البلد الطائفي، فإن قانوناً انتخابياً طائفياً هو وحده القادر على تأمين المناصفة والشراكة الفعلية بين المسلمين والمسيحيين، تمثيلاً لا عدداً فقط. أي بكلام آخر، فإن الطائفية مستمدة من الدستور نفسه، ومن يعترض عليه، عليه أولاً أن يغيّر النظام الطائفي.

موعد مع «الخمسين دائرة»

بالرغم من أن حصيلة اليوم الأول من اجتماعات اللجنة أفضت إلى الاتفاق على صيغة المشروع المبني على انتخاب كل طائفة نوابها، إلا أن ذلك لن يمنع من استمرار البحث في المشاريع الباقية. وعليه، فإن اللجنة ستبدأ في جلستها الصباحية اليوم مناقشة اقتراح «الخمسين دائرة وفقاً للنظام الأكثري»، الذي ما يزال الخيار الأول بالنسبة لـ«القوات» و«الكتائب»، بالرغم من أن الاتفاق بشأنه يقتصر على المعارضة، بعكس «الأرثوذكسي» الذي تؤيده جميع الكتل باستثناء «المستقبل» و«الاشتراكي».
السؤال الأساسي الذي سيطرح في مداولات اللجنة هو: هل توجد إمكانية لخيار أوحد متفاهم عليه؟ إذا كانت الإجابة بلا، وهي الأكثر ترجيحاً، فإن اللجنة ستقدم تقريراً في نهاية مداولاتها يظهر المواقف من كل الخيارات التي طرحت بحسب قوة كل منها.

المداولات سرية.. برغم الاعتراضات

وكانت الجلسة الصباحية، قد عقدت في قاعة اجتماعات لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب، برئاسة رئيس لجنة الادارة والعدل روبير غانم وفي حضور النواب: أحمد فتفت، سامي الجميل، سيرج طورسركيسيان، جورج عدوان، أكرم شهيب، علي فياض، علي بزي، ألان عون وآغوب بقرادونيان.
وأعلن غانم، في نهايتها، أنه تم الخوض في منهجية العمل، بالنسبة لسرية المداولات، وللوقت المحدد والابتعاد عن الأمور الخلافية قدر الإمكان والتركيز على الامور التي تجمع بين اعضاء اللجنة».
أضاف إن من واجبنا الوصول إلى جامع مشترك يكون النافذة التي تخرق الجدار الموجود بين اللبنانيين اليوم، وهذا شيء مهم في الظرف الداخلي والاقليمي الراهن.
وذكّر أن مهمة اللجنة هي تنفيذ القرار الصادر عن اللجان المشتركة وهي محصورة في المادتين الأولى والثانية من مشروع الحكومة الوارد إلى المجلس، وتتعلقان بآلية الانتخاب، نسبي او غير نسبي او أكثري، وثانياً في عدد الدوائر وبعدد الأعضاء.
بدوره، قال فياض: «نحن مع مجتمع مفتوح، ولذا ادعو الى مصارحة الرأي العام بكل المداولات».

أضاف: «ان كل اكثرية او صيغة نظام اكثري في هذا البلد تسمح للأغلبيات بمصادرة حقوق الاقليات، كما اكدت على معيارين انطلقنا منهما في مقاربتنا لموقفنا من النظام الانتخابي، هما ضرورة أن يتسم هذا النظام بالتوازن، وبمعنى آخر أخذ مقتضيات العيش الوطني بالاعتبار، وثانياً نحن نتفهم مطلب المسيحيين في حاجة الناخب المسيحي الى تحسين شروط اختياره للمرشح المسيحي».

اما طورسركيسيان فقال: صحيح أننا مع كل ما صدر عن اجتماع بكركي، لأن الذين حضروا هذا الاجتماع يمثلون المسيحيين، ولكن يجب الا يغيب عن البال ان هناك مسيحيين خارج عباءة بكركي، ومنهم شريحة واسعة، ولهم رأي قد يكون مختلفاً مثل الوزير ميشال فرعون ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، وهناك اولويات لدى كل فريق، وقد طرح كل وجهة نظره».
وأكد عدوان على ضرورة «ألا تستهلك هذه اللجنة الوقت، داعياً بري إلى تحديد موعد للجلسة العامة لمناقشة قانون الانتخاب والتصويت عليه في أسرع وقت، لأن الهيئة العامة وحدها تضع الجميع أمام مسؤولياتهم والتصويت علناً على أي قانون يريدونه».
كما أيد عدوان موقف فياض الرافض لسرية المداولات. وبالرغم من أنهما أعادا طلب رفع السرية في الجلسة المسائية، إلا أن طلبهما لم يحظ بالأغلبية المطلوبة، فأبقت اللجنة على قرارها القاضي بعدم التسريب.