في المقال السابق تم الحديث عن المرحلة الواقعة بين العام 2000 إلى العام 2004 والتي خلصنا فيها أن الحكومة الإسرائيلية بعد تولي شارون سدة الحكم كان القرار لديه تغيير قواعد اللعبة من خلال اغتيال كافة القيادات
علاء الريماوي
في المقال السابق تم الحديث عن المرحلة الواقعة بين العام 2000 إلى العام 2004 والتي خلصنا فيها أن الحكومة الإسرائيلية بعد تولي شارون سدة الحكم كان القرار لديه تغيير قواعد اللعبة من خلال اغتيال كافة القيادات الفلسطينية والتخلص من الرئيس عرفات ، تاركين هذا الموضوع لما ستكشف عنه التحقيقات الفلسطينية .
هذا الواقع الجديد لفتح من غير" الختيار" وضعها في أزمة البدائل المشتعلة أصلا ، لكن حدة الخلاف عند الاختيار بين الفرقاء دائما تفرز الأشخاص الأقل قوة على الأرض ، هذا بالضبط ما حدث مع الرئيس عباس مع إضافة لعوامل القبول الدولي وحتى الإسرائيلي في حينه .
الرئيس عباس لما يحمله من منهجية سياسية معلنة وعلاقات دولية واسعة أرسى لدى الدول الغربية أملا جديدا خاصة في ما يتعلق بإعادة الوضع لما قبل انتفاضة الأقصى .
هذا الأمل بدأت خطواته على الأرض من خلال الحديث عن تهدئة تبدأ من غزة وتمضي لتطال الضفة الغربية من خلال منهجية عفو عن المطاردين الذين ينتمون لحركة فتح مع السماح للأجهزة الأمنية بإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية خاصة الأجهزة التي ترتبط بمظلة التنسيق الأمني .
تدرجت الخطوات ونجح المطبخ الأمني في حركة فتح تحييد الكثير من المطاردين عن حركة المقاومة المباشرة ليبرز لدينا ظاهرة لم تكن مألوفة سابقا وهي تحول البعض القليل من المطاردين لحركة إنفلات أمني تجاوزت الحدود المألوفة في الشارع الفلسطيني .
هذا الانفلات لم يكن وليد هذه اللحظة بل بدأ في عهد الرئيس عرفات حين تحولت البندقية الفتحاوية إلى دائرة الاستعمال من خلال تجنيدها في ضرب المعارضين للرئيس كما حصل في مدينة رام الله ، أو ما سبقها في قطاع غزة من خلال تصفية بعض القيادات الأمنية التي كانت تعارض دحلان .
هذه الفوضى العارمة لدى فتح تحولت في الشارع الفلسطيني إلى نقمة كبيرة على الحركة والتي ضاق الناس بها ذرعا بعد أن تجاوز حجم الفساد لدى بعض المنتسبين إليها إلى حد الجريمة الوطنية .
في ظل هذه الأوضاع كانت القراءة الإسرائيلية تفيد بأن فتح لا يمكن التعويل عليها ، وأن الرئيس الجديد لا يملك من أوراق القوة ما يطوع به الواقع الجامح إلا إذا نجح في السيطرة على الأجهزة الأمنية والتي كان أغلب رجالاتها في الضفة الغربية يعيشون حالة من التوجس من المستقبل الذي ينتظرهم .
في خطوات القيادة الجديدة لفتح كانت الرؤيا ترتيب هيكلة الأمن مع الذهاب السريع إلى انتخابات فلسطينية تعيد الاعتبار لمنصب الرئاسة الذي ظل مطعونا في شرعيته وشريعة كافة مؤسسات السلطة في الداخل الفلسطيني والعالم .
هذا الطرح لقي قبولا عالميا وفلسطينيا لكن ظهر متغيرا مهما وهو قرار حماس بالمشاركة في الانتخابات من خلال حجم محدد .
المعطى هذا فتح النقاش لدى الكيان حول النسب المتوقعة التي قد تحظى بها الحركة ، القراءة لدى الأطراف جميعا سجلت لحماس نسبة لا تتجاوز 37 % مما جعل القبول الإسرائيلي يمضي تحت قاعدة الاحتواء والتدجين لحركة ظلت ترى في حسابات دولة الاحتلال كعائق أساسي للتهدئة في المنطقة .
مضت الانتخابات تحت سقف الرؤيا المتفق عليها ولكن فتح أضافت لضعف بنيتها التنظيمية حالة من الصراع الكبير والذي شوهد من خلال عدم القدرة على صياغة قوائم موحدة في الانتخابات التشريعية .
هذا الشقاق أتاح لأطراف كثيرة التدخل للملمة الأوضاع ولمواجهة حماس التي دخلت في الانتخابات بثقل غير مسبوق وبسقف خالف ما أعلن من أنه محدد ومضبوط .
الانتخابات كانت نزيهة ، وكان مسارها غير مسبوق في المحيط العربي ، مما سجل للرئيس عباس هذا السلوك ، فكانت النتائج صاعقة وقعت على رأس من اعتقدوا أن الفوز حليف فتح .
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه