في المقال السابق تناولنا مرحلة مهمة من تاريخ فتح ، والتي أعقبت رحيل المؤسس ياسر عرفات عام 2004 التي تولى فيها الرئيس محمود عباس دفة القيادة
علاء الريماوي
في المقال السابق تناولنا مرحلة مهمة من تاريخ فتح ، والتي أعقبت رحيل المؤسس ياسر عرفات عام 2004 التي تولى فيها الرئيس محمود عباس دفة القيادة ، مناقشين أهم المظاهر التي ترتبت على ذلك خاصة خسارة الحركة في الانتخابات التشريعية مما فاجأ دولة الاحتلال وفتح على حد سواء لتوقع سيطرة الأخيرة على مؤسسة التشريع بأغلبية مريحة.
الأغلبية والفوز لم يتحققا لفتح، لذلك أوكل أمر تشكيل الحكومة لحركة حماس التي لم تكن جاهزة لهذا الخيار، ولم تكن مستعدة له حتى من الجانب النفسي.
بدأت المشاورات وكان القرار الحازم لدى فتح أن الشراكة مع حماس أمرا مستحيلا ، وأن عبئ الحكومة على حماس تحمله وحدها ، حيث تزامن هذا القرار مع إعلان إسرائيلي فوري بأن أي كيان سياسي تقوده الحركة سيتم حصاره ومقاطعته إلا إذا تحققت شروط أممية جهزت لنحر حماس سياسيا.
هذا النحر كان مخططا له خاصة في الخطة البديلة التي وضعت بعد إعلان نتائج فوز حماس، لذلك استدعي للتنفيذ أطراف عربية كمصر، وبعض الدول وبشراكة مع مفترض للسلطة العميقة.
فتح في هذا المخطط مارست دورها في تعطيل حكم حماس، من خلال دولتها العميقة وخاصة في الجانب الأمني ، ومن ثم مما رسة سحب صلاحيات الحكومة لصالح مكتب الرئيس.
النتيجة التي تحققت بدأ المواجهة على الصلاحيات من اليوم الأول لتسلم الحكومة العاشرة مهمتها، هذا التنازع حولته فتح لمنهجية لإسقاط حكم حماس مستغلة ما يعرف بنقابة العاملين العموميين لتأطير حالة من العصيان الوظيفي، ومن ثم نشر حالة من الفوضى الأمنية غير المسبوقة عبر مليشيات مسلحة تخطف النواب، وتهدد الوزراء، وتحمي حالة الانفلات، مضافا إليها حالة من شلل كامل في سلوك الأجهزة الأمنية .
في متابعة المرحلة هذه كان الانطباع لدى المراقب أن هذا الجهد يأتي في سياق مخطط كبير يستهدف الحالة الفلسطينية الجديدة، لذلك فإن االحديث لم يكن غائبا عن الأوراق الإسرائيلية والتي تحدثت عن مخطط يجمع أركان دولية كصحيفة معاريف، وإسرائيل اليوم، والقناة الثانية العبرية .
كما برز في هذه المرحلة دور غزة على الضفة، ونشط الجناح الأمني فيها من خلال ما بات يعرف بمطبخ دحلان الذي دخل بقوة في إفشال الحكم الجديد مستعملا كافة الأدوات فارضا على القطاع حكما خلفيا من خلال سيطرته المطلقة على كافة مفاصل القطاع .
الأجواء هذه جاءت في ظل عملية خطف شاليط وما أعقبها من تصعيد إسرائيلي استهدف قيادة حماس ونوابها والوزراء مما مهد لاتفاق شكلت فيه حكومة الوحدة الوطنية بالشراكة مع فتح والتي وواجهت بحصار دولي ومعارضة إسرائيلية .
العلاقة الداخلية لم تهدأ بل تحول منطق الحوار فيها إلى لغة مواجهة عسكرية في الشارع خاصة في القطاع ، كان رأس الحربة فيها دحلان الذي وصف في الأعلام الإسرائيلي (بأسد غزة )، واقع المواجهة كان يقف خلفه حالة من الأسناد المباشر من أطراف عديدة بالمال والسلاح لتحديد حاكم غزة ، حيث كانت تشير تقارير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن دحلان مع الغطاء والدعم يستطيع حسم غزة.
هذا الواقع أدخل القضية الفلسطينية في أزمة حرب أهلية راح ضحيتها مئات الشباب، وكلف القضية الفلسطينية نكسة انقسام لا زال قائما بل تجذر ليصبح واقعا حقيقيا على الأرض.
في مفهوم الربح والخسارة الضيق، تلقت فتح ضربة عنيفة بعد سيطرة حماس على غزة، حيث أضر ذلك بصورتها في العالم وشكل التعاطي الإسرائيلي مع حركة لا تحكم نصف الشعب في الداخل الفلسطيني.
الواقع الجديد أدخل فتح في أزمة داخلية خاصة في تحميل مسؤولية الفشل، لذلك بدأ الحساب والمنافسة بين الأجنحة المتصارعة في فتح يأخذ شكل التناحر على كسب القوة في الضفة الغربية.
الصراع أضعف من فتح الضفة لصالح دحلان، خاصة بعد نجاح الأخير بناء شبكة علاقات قوية في الضفة من خلال كم الأموال التي يملك موجها ذلك نحو تجهيز تياره للسيطرة على المؤتمر السادس للحركة للتمهيد لوراثة عرش السلطة الذي كان يسعى إليه بقوة.
إسرائيل في هذه المرحلة تحقق لها ما لم تحلم به، تفككت بنية الشريك، وعزلت غزة عن الضفة، وسادت الفرقة بين الشركاء، ثم تحولت بعد ذلك إلى متفرد في رسم العلاقة مع السلطة من خلال رؤية سيتم تناولها في الحلقة قبل الأخيرة غدا إن شاء الله.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه