نجحت إسرائيل في الوصول إلى بغيتها، وطن مقسم، وأشقاء على مذبح التناحر، وتدخل دولي سافر في فرض توجهات المرحلة، ولعب مكشوف غير مسبوق من دول في دعم تيار على تيار.
علاء الريماوي
نجحت إسرائيل في الوصول إلى بغيتها، وطن مقسم، وأشقاء على مذبح التناحر، وتدخل دولي سافر في فرض توجهات المرحلة ، ولعب مكشوف غير مسبوق من دول في دعم تيار على تيار.
فتح وعلى إيقاع هذا الخليط الذي ألم بالساحة الفلسطينية، ذهبت باتجاه خطوة مهمة طال انتظارها، وهي ترتيب البيت الداخلي عبر انعقاد ما بات يعرف بمؤتمر فتح السادس، الذي أشعل حربا بين قطاعات الحركة ومحاورها حول العضوية وسماتها، فعلت لكنة الاتهام والاتهام المضاد، فخرج المرحوم هاني الحسن عن صمته واصفا فتح "بالحركة المسروقة" لصالح دول لم يسمها.
حكاية السرقة لم تكن سوى عبارة مخففة لواقع نجح فيه التيار الدحلاني بصناعة جملة من التحالفات التي أفرزت مجلسا ثوريا غيب كثيرا من وجوه الحركة المهمين لعدم انضوائهم تحت أي من مراكز القوى المتجاذبة .
هذا الحديث بدوره كان الناظم لبناء اللجنة المركزية التي أعيد تركيبها من خلال توليفة التحالفات المتحكمة أصلا بالحركة ، دون الوصول إلى صياغة قادرة على نظم الحركة وفق أطر و منهجية عمل .
في إسرائيل كان التعليق على هذا الإجراء مهما خاصة وأن الوجوه المرتبطة بالتشكيلة الجديدة في أغلبها قريبة من القطاع الأمني ، مع التأكيد على أن إسرائيل كان لها حضورا في منع كثير من الشخصيات الدخول إلى الضفة الغربية .
هذا الواقع الجديد وضع فتح أمام معضلة تجذير الانقسام عن الشتات ، والاهم القبول بحالة الانقسام عن غزة والتي أفرزت دعما لتوجهات الرئيس خاصة في مسألة القبول بحكومة سلام فياض وإفرازاتها الأمنية في الضفة الغربية ، والتي قرأت في حينها بأنها منهجية غالبة لا تجديد فيها ولا مراجعة .
ثبات الحالة زاد من دعم الكيان الإسرائيلي لما يعرف نظريا بدولة المؤسسات مع ظهور غير مسبوق لمنهجية جديدة للتعاطي مع قطاع غزة الذي ظل دحلان يمسك بخيوط المشهد فيه ، حيث كشفت بعض من الأوراق الإسرائيلية أن بعض من قيادات هذا المحور كان على تنسيق كامل في الحرب على قطاع غزة في العام 2008 ، ثم ما تلاه من أحداث مهمة تستهدف إسقاط حكم حماس .
هذا الدور لدحلان شجعه للقيام بدور معارض للرئيس محاولا الانقلاب عليه ، أو التمهيد لوراثته عبر السيطرة على مراكز القوة في الضفة الغربية، لكن أشرعة دحلان في الضفة كانت أضعف من موج كان ينتظر الإنتقام حين تلوح الفرص .
دحلان في لعبة الخيارات كان الشخص الأكثر تفضيلا لدى إسرائيل خاصة في بورصة الأسماء المتوقعة لخلافة الرئيس عباس .
تغيرت الحكومة الإسرائيلية وذهب حزب كاديما واولمرت وتكشف لدى الجمهور الفلسطيني حلقات مهمة من العلاقة الإسرائيلية بقيادة فتح والتي وكانت تنوي التوصل إلى تسوية هي الأخطر في نتائجها ومحتواها على الثوابت الفلسطينية من أي حراك تفاوضي سابق .
المعطيات ونتائجها هذه وبحسب التسريبات التي ساقتها الجزيرة وفرت للمتابع الوقوف على منهجية فتح ، التي أشعلت على الساحة الفلسطينية نقاشا عميقا أظهر مدى الانقسام والخلاف على الأرض الفلسطينية .
الحكومة الجديدة في إسرائيل لم ترى في فتح شريكا قويا ، بل أمعنت في التركيز على المناكف سلام فياض الذي رفعت أسهمه المشاريع الدولية في الضفة الغربية .
هذه الأسهم إستثمرها الرجل لبناء علاقات وثيقة مع الأمن ، و قيادات من فتح ، وكثير من مراكز القوة في الضفة الغربية ، حتى بدأت أصوات كعزام الأحمد تدق جدار الخزان بأن فتح في ظل فياض باتت مهمشة في الضفة الغربية .
هذا الإحتقان على السيد فياض أفرز نوعا من الصراع الخفي والذي انتهى بتلويح فتح من خلال الشارع أن أيام حكومتك محدودة ، خاصة بعد عزوف كثير من الدول الداعمة لمشروع الدولة التخلي عن دعم مشروعها الذي بات مستحيل التطبيق .
نتنياهو في تحليله لبيئة ما أنجز في الضفة كانت القراءة الغالبة لديه ولأجهزة أمنه بأن الضفة الغربية لا يمكن لها الجنوح لإنتفاضة جديدة، وأن أولويات النظام السياسي القائم باتت منشغلة في توفير فاتورة الرواتب ، وأن فتح يحكمها نظام الفكر الواحد الذي لا يؤمن بالمواجهة ولا بالمشاكسة التي يمكن أن تقفز على التوجهات الأممية الرافضة التصالح مع حماس .
هذا الإطمئنات كانت تسنده جملة من التصورات أهمها مستوى تأثير النظام المصري السابق ، وحجم التفاهمات الأمنية المتبادلة ، والأهم غياب التصور لدى فتح عن منهجية تحكم حراك فتح في مرجلة ما بعد القناعة المتشكلة على أن حكومة نتنياهو ومعها الولايات المتحدة لن تعطي الفلسطيني تسوية ولا دولة .
النتيجة السوداوية عن توجهات إسرائيل سنقلنا للحلقة الأخيرة عن مستقبل فتح بعد هذا المخاض العسير والمهم مربوطا بالقراءة حول مستقبل فتح مع الملفات الإستراتيجية في المرحلة القادمة في العين الإسرائيلية.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه