جورج إبراهيم عبد الله حر طليق في بيروت مساء الاثنين المقبل.
محمد بلوط- السفير
جورج إبراهيم عبد الله حر طليق في بيروت مساء الاثنين المقبل.
جاك فرجيس، محامي الدفاع عن المعتقل السياسي اللبناني، قال لصحيفة السفير إن وزارة الداخلية الفرنسية طلبت منه الحضور صباح الاثنين المقبل إلى الوزارة لإبلاغه رسميا قرار إبعاد موكله عبدالله إلى لبنان في اليوم ذاته.
وخلال الساعات المقبلة يطوي جورج إبراهيم عبدالله (29 عاما)، نصف حياته تقريبا، في السجن الفرنسي، في سبيل قضية المقاومة الوطنية اللبنانية من دون أن «ينحني أمام من أرادوا الانتقام منه وإذلاله بإطالة أمد سجنه» كما قال محاميه فرجيس «لأنه كان يدافع عن كرامته ولأن الكرامة تخيف في عالم الأقزام».
وأمام عبدالله ثلاثة أيام فرنسية مملوءة، قبل أن يشتم نسائم الحرية بين عائلته وأهله وأصدقائه الكثر في لبنان و«يلاقي عائلته المؤلفة من تسعة أشقاء وشقيقات» كما قالت رئيسة حملة إطلاق سراحه سوزان لومونسو، والذين منع من لقائهم طيلة أعوام السجن، ولم يقيض له خلالها سوى مقابلة والدته، قبل وفاتها أما والده فقد توفي من دون أن يتمكن من لقائه.
وقالت لومونسو إنه فور إبلاغه بالقرار بدأ ليل أمس بتوضيب صناديق الكتب التي قام بتجميعها في ثلاثة عقود من السجن «ليهب جزءا منها إلى بعض رفاق السجن، وأخرى يحملها إلى لبنان لاحقا». وأضافت إن عبدالله قد ابلغ رسميا بموعد أخير مع المحكمة التي قررت إطلاق سراحه وإبعاده إلى لبنان و«طلبت منه المحكمة أن يكون على أهبة الاستعداد لتلقي القرار رسميا عند التاسعة من صباح الاثنين المقبل عبر لقاء متلفز عن بعد» بين باريس، حيث مقر المحكمة، وسجن لنمزان جنوب غرب فرنسا قبل إحضاره إلى العاصمة.
ومن حيث المبدأ وفور إبلاغه القرار رسميا سيتم نقل المعتقل السياسي اللبناني من سجنه الفرنسي صباح الاثنين المقبل في طائرة من مطار «بو» إلى مطار باريسي، وينتقل إلى القنصلية اللبنانية برفقة أمنية فرنسية مشددة حيث يقوم القنصل في باريس بتسليمه «جواز مرور مؤقتا» كوثيقة سفر، كي تتمكن السلطات الفرنسية من تنفيذ قرار الترحيل فورا إلى لبنان، علما أن نص قرار إطلاق سراحه المتخذ في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي يشترط ترحيله قبل الاثنين في 14 كانون الثاني.
وحتى مساء الأمس لم تكن السلطات القنصلية اللبنانية في باريس، ولا السفارة اللبنانية قد تبلغت رسميا طلبا من السلطات الفرنسية باستصدار «جواز مرور» للمواطن جورج إبراهيم عبدالله، لتقوم بدورها بإبلاغ الأمن العام اللبناني بموعد وصول المبعد إلى بيروت كإجراء تقليدي في حالة المبعدين. وتقول مصادر إن «جواز المرور» قد يكون وثيقة السفر الرسمية الأولى التي ستحمل اسم جورج إبراهيم عبدالله الحقيقي. وكان عبدالله يحمل جواز سفر جزائري مزورا لدى اعتقاله في ليون في العام 1984.
ونفى جاك فرجيس أن تكون السلطات الفرنسية قد اقترحت نقله إلى الجزائر أو أي بلد آخر «نظرا إلى موافقة الحكومة اللبنانية، بل مطالبتها في الآونة الأخيرة، باستعادته إلى لبنان».
وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد طرح قضيته أمام السلطات الفرنسية، كما دافع عنها مرتين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقلما حدث أن تدخلت الحكومة اللبنانية لاستعادة سجين لبناني، وقلما أن عانى لبناني من إجحاف ومطاردة قضائية كما عانى جورج إبراهيم عبدالله الذي كان يقترب من اختتام 30 عاما من السجن من اجل قضية المقاومة الوطنية اللبنانية، ونقلها إلى ساحة أوروبية بعد اجتياح إسرائيل للبنان في العام 1982 .
وكان عبدالله قد أدين بتهمة قتل الكولونيل الأميركي شارل راي، احد مسؤولي الاستخبارات الأميركية في باريس، وياكوف بارسيمنتوف احد عملاء الموساد في العام 1982. لكن الفضل الكبير في إطلاق سراحه يعود إلى حملة تضامن يسارية فرنسية ولبنانية عنيدة حولت عبدالله إلى رمز لمقاومة التعسف القضائي في فرنسا، وتناوبت قلة منهم على التظاهر تحت نوافذ وزارة العدل والداخلية، في مناسبات طلبات إطلاق سراحه (الثمانية)، منددة بسجنه من دون مبرر بعد انقضاء عشرين عاما عليه.
«القرار بإطلاق سراحه يؤخذ متأخرا كثيرا» يقول فرجيس، «عشرة أعوام أو أكثر بسبب جبانة ونذالة حكامنا أمام الأميركيين وخضوعهم للضغوط الأميركية بعدم إطلاق سراحه».