يغادر رئيس الجمهورية القبرصي ديميتريس كريستوفياس الحكم بعد نحو شهر، وقد أسهم في تمتين العلاقات بين قبرص ولبنان الذي طالما اعتبره القبارصة بوابتهم الى الشرق.
مارلين خليفة -السفير
يغادر رئيس الجمهورية القبرصي ديميتريس كريستوفياس الحكم بعد نحو شهر، وقد أسهم في تمتين العلاقات بين قبرص ولبنان الذي طالما اعتبره القبارصة بوابتهم الى الشرق، وسيسجل كريستوفياس أنه وقّع اتفاقيات ذات أهمية ملموسة للبلدين أبرزها ما يتعلق بالبحث والإنقاذ واتفاقيات تعاون في بعض المجالات العسكرية.
لكنّ الرئيس القبرصي لم يظفر في زيارة اليوم الواحد الى لبنان أمس في تقديم حلّ نهائي لمسألة ترسيم الحدود البحرية وتحديد الحدود الاقتصادية الخالصة بين البلدين نهائيا تبعا للاتفاقية المعلّق إبرامها منذ عام 2007، ولم ينجح بالتالي في الدخول في عمق الملف النفطي بين البلدين ومن أبرز نقاطه كيفية استثمار الحقل اللبناني القبرصي المشترك (الرقم 3) الذي يختزن كميات هائلة من الثروة الطبيعية ويتطلب استثماره توقيع اتفاق بين لبنان وقبرص لتقاسم الثروة بينهما.
أبعد من الحلول التي تتطلب وقتا ومفاوضات، يقول مصدر مطلع لـ«السفير» انه «ينبغي تقوية العلاقات مع الجارة الأوروبية الأقرب لنا وهي طالما كانت تدور في الفلك المصري، ومع غياب الدور المصري في قبرص بدأت "إسرائيل" بتعبئة هذا الفراغ وهذا لا يصبّ في مصلحة العرب ولا لبنان الذي ينبغي أن يبقى مدخل قبرص وأوروبا الى الشرق الأوسط».
وكان لبنان قد رفض عبر قنواته الديبلوماسية أي وساطة قبرصية لإدارة التفاوض مع "إسرائيل" حول تصحيح الاتفاقية الموقعة بين البلدين (بين قبرص و"إسرائيل")، لأن لا إمكانية للتفاوض مع دولة لا يعترف بها لبنان أصلا، من هنا دخلت الولايات المتحدة الأميركية على خطّ الفصل في المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها كونها دولة مؤثرة في مجلس الأمن الدولي.
وكان الاقتراح الأميركي الأخير في ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة يقضي بوضع خط فصل يعطي لبنان ثلثي المساحة المتنازع عليها مع "إسرائيل" (وهي 860 كيلومترا مربعا) الى لبنان أي ما يعادل 500 كيلومتر مربع للإفادة من الثروات الموجودة في باطنها، في حين يعطى الثلث المتبقي أي 360 كيلومترا مربعا الى "إسرائيل" لاستثمارها بحسب ما يشرح مصدر مسؤول مطلع على التفاصيل التقنية للملف.
ويلفت النظر الى أن «هذا الأمر لا يزال اقتراحا أميركيا وهو حل مؤقت يسري الى حين الاتفاق النهائي على الحدود النهائية، وفي حين طلب لبنان استكمال التفاوض حول الثلث المتبقي، فإن "إسرائيل" لم تعط جوابها النهائي بعد وتوقفت الأمور عند هذا الحدّ في نهاية عام 2012».
قناعة الوفد التقني الأميركي بوجوب إعطاء لبنان ثلثي المساحة المتنازع عليها جاء نتيجة الحجج المتينة التي قدمها المفاوض اللبناني بحسب قول المصدر المذكور، الذي يشير الى أنه «من وجهة النظر الدولية فإن مساحة الـ850 كيلومترا مربعا لا تزال مساحة متنازعاً عليها لأن لبنان كان أودع الأمم المتحدة خريطة تبين أن حدوده تصل الى النقطة (23) في حين أودعتها "إسرائيل" خريطة أخرى تشير الى أن حدود منطقتها الاقتصادية تصل الى النقطة (1) وبالتالي فمن وجهة نظر الأمم المتحدة فإن المنطقة الواقعة بين النقطتين (1) و(23) هي منطقة متنازع عليها». لكن، هل يمكن الاستثمار في هذه المنطقة، وخصوصا بعد أن أعطت الحكومة اللبنانية الضوء الأخضر للشركات الراغبة بالاستثمار؟ يقول المصدر إنه «لجهة القانون الدولي لا يمكن العمل ضمن المساحة المتنازع عليها في حين أن التنقيب مسموح في شمال النقطة الرقم (1) الذي ينتهي بها خط الفصل بين لبنان وقبرص». وبالتالي ثمة دور يمكن أن تلعبه قبرص في هذا الشأن بأن تقنع "إسرائيل" بإصــلاح الخطأ أي بتعديل الاتفاقية التي قضمت فيها "إسرائيل" جزءا من المنطــقة الاقتصادية الخاصة بلبنان وهذا ما لم يتحقق لغاية اليوم.